أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - إشكالية البحث عن الهوية في ظل عالم عولمة متعدد الهويات














المزيد.....

إشكالية البحث عن الهوية في ظل عالم عولمة متعدد الهويات


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 21:34
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إن البحث عن هوية الإنسان يمر عبر سلسلة من الارتباطات والتشابكات المادية والمعنوية والروحية والتي في جلها مرتبطة روحيا بالذات الإنسانية التي ترفض التخلي عن هذا الثابت لديها مقابل مشروع لم تتبين جديته ولم يثبت عمليا ويقينيا أن قادر على أن يحمل الإنسان على التضحية بها وتجاوزها مع كل فشل نراه للمفهوم تطبيقيا على أرض الواقع وبالتجربة الحسية, فهو يبنى قناعته ليس بناءا على مقتضيات فكرية فقط بل على موائمة بين الذات المنفردة والموضوع الخارجي وبين الذات التي تنادي بها الكونية ونفس الموضوع ومن ثم المقارنة بين النتائج فهو ليس بذاك الكائن الغبي اللا واعي لحقائق كونه ووجوده وليس صنفا من جنس متماثل بالخصائص العامة والخاصة بحيث يمكنه ان يفقد خاصيته لمجرد أن يكون امامه فكر نظري يريد أن يبرهن مصداقية خالية من برهان مؤكد.
يقتضي موضوع التجرد مستلزم أول وهو قدرة الأنا على تجاوز حقيقتها التكوينية, فهي تمثل لها أسس البرمجة الذاتية ومنبع التصورات الإمكانية من عدمها فلو توصلت الذات إلى القدرة على تجاوز البرمجة والتخلي عن وظيفة التصور اللا ممكن يكون بالإمكان القول بإيجاب عن أن الذات يمكنها ان تتجرد عن هويتها, ولكن يبقى سؤال اكثر إلحاحا عندما تجرد موضوع من وصفه الخاص بالتأكيد تتبدل أيضا الماهية وتغير في الشكل الوجدي المرتبك به التصور الماهوي إذن لا بد من صنع ذات جديدة غير تلك التي حاولنا تجريدها من هويتها, إنها ذات أخرى مصنوعة ومصنعة أيضا بمواصفات خاصة ونظام تشغيلي جديد, وهذا يعني لنا بالضرورة قتل الذات القديمة أو بالأقل إخراجها من الوجود الفاعل والمنفعل.
إذن لا يمكننا أن نقول أننا نجحنا في تغير معطيات الذات وأن تغير الهوية وتجريدها من أسسها ممكن, بل نحن نجحنا في أدلجة ذات جديدة وإيجادها على النحو الذي يتوافق مع مفهوم أخر يتجاوز الذات القديمة والأصلية وإنما المستجيب الحقيقي لها ليست ذات الإنسان الموجود إنها براءة اختراع مبتكرة, أنتجها فكر ونظرية ولم تنتجها وقائع التكوين ولا شكلتها حركة الزمان ومستحقه ولم يكتشفها الوعي وهي لم تكتشف بوعيها الذاتي تلك المتطلبات التي فرض الزمن قوانينه عليها, أنها قيمة خارج الزمن وهميه تلك الهوية المجردة من الذات والذات المتجردة من هويتها.
إن العولمة نتاج إنساني صنعها ويصنعها بشر، وهي نموذج عملي يعتريه ما يعتري أي نموذج بشري من النقص ومن الحساسية العملية، كما أنه طبعاً لن يكون نموذجاً ختامياً وسيأتي بعد العولمة نموذج متجاوز عليه ومناقض للكثير مما فيها وهنا نشهد ما بعدية جديدة قد تتطلب تجريد أخر, ومسخ أخر للهوية يجب على الإنسان أن يكون في حالة تبدل حقيقي مع الظروف لا صانع لها ولا مدبر لكيفية التغلب والاستجابة للتحديات, عليه أن يتبدل وجوديا كلما ركبت حركة الفئة النخبوية من تصوراتها على الإنسان أن يكون دوما على أهبة التبدل ومسايرة الأفكار كأنه جرذ مختبر أو معادلة كيمائية تتغير بتغير العوامل المساعدة, عليه أن يكون مسخ لا قيمة له في عالم لا يقيم للإنسان قدرا مهما قدر اهتمامه بنتائج المراهنات بين قوى الصراع الكبرى على حلبة كون محدود ومحكوم باللا أبدية.
أن فكرة كون العولمة كائن معرفي نموذجي وبشري يعطيه طبع التحرك والتبدل والتغير وينفي عنه الثبات والكمال، ومن هنا فإن التعامل يجب أن يكون في حدود شروط الفعل البشري المنبثق من فهم حقيقي لمعنى أن تتجرد من إنسانيتك فالهوية هي صورة الماهية ومظهرها الخارجي, والفعل البشري ليس خارجا عن أحكام التلقي والاستجابة للمتلقيات والمحفزات السلوكية وهذا يعني أن العولمة يجب أن تتجاوز مفهوم التجرد ومفهوم الانحياز للأنا الذاتية ولحرية هذه الأنا في مقابل الأخر، والتعامل معها إنما يكون بأخذها مأخذ التفهم أولاً والنقد ثانياً والتحاور معها مباشرة بعد ذلك.
أن فرص التحاور البيني ممكنة جداً ،بل إنها ميسورة وسلسة إلى أدق الحدود بمجرد الاعتراف بحق الوجود وعلى إنه نظام معقد ومركب وعميق، ولكنه ليس مستحيلاً وليس مخيفاً، كما أنه ليس نظاماً متكاملاً وليس حصيناً إنه قابل للاختراق بل إنه مفتوح للاختراق ومبتني أصلا على إمكانية التكيف والتطور, وأن في العولمة أخطار تتهدد هذا الوجود إن تم التعالي عنها وأخذ الأمور خارج محاولة الفهم الحقيقي، وهي أخطار كثيرة ليس علينا فحسب، وإنما على أصحابها أنفسهم أيضاً وضحايا العولمة ونظامها الاقتصادي كثيرون جداً مما يعني أن العولمة تحمل بذور مشكلاتها من داخلها وهي طبعاً من مسببات موتها لأنها لا تعترف إلا بالوجه الواحد.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنماط الأحلام وتنوع الصور الحلمية
- الفعل البيويلوجي أثناء التحلم أو الحلم
- الحلم في دائرة الفهم العلمي
- علاقة الأحلام بالعقل ونظامه التشغيلي
- الحلم ومحدد الزمن
- الأحلام صور عقلية منتجة
- إشكالية الحداثة في تجسيدها للواقع الما بعدي
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح1
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2
- سلعو وشنه , قصة قصيرة
- التجديد الفكري واعادة قراءة الفهم الديني
- الكتب والصحف في النص القرآني
- مفهوم التناقض والتضاد
- الحاجة والضرورة اختلاف مفاهيم ودلالات
- النظام الأثري وقيمه
- التنظير و النقد الفكري


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - إشكالية البحث عن الهوية في ظل عالم عولمة متعدد الهويات