أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - فضيلة يوسف - محاكمة اسرائيل لجرائم الحرب















المزيد.....


محاكمة اسرائيل لجرائم الحرب


فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 20:31
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


اجمتعت محكمة Russell في 25 أيلول في بروكسل، بلجيكا، للنظر في الادعاءات بارتكاب الجيش الإسرائيلي لجرائم حرب وتوفر النية لإبادة جماعية ضد سكان قطاع غزة خلال عملية الجرف الصامد. كنت من بين المدعوين لتقديم شهادته أمام لجنة تحكيم ضمت Michael Mansfield, John Dugard, Roger Waters, Ken Loach: Vandana Shiva, Richard Falk, Ahdaf Soueif, Ronnie Kasrils. في اليوم التالي، قدمت شهادتي في البرلمان الأوروبي جنباً إلى جنب مع الصحفي الإسرائيلي David Sheen ومحمد عمر، وهو صحفي من قطاع غزة. (تم منع اثنين من المدعوين الآخرين من قطاع غزة، مدير لجنة حقوق الإنسان راجي الصوراني والمخرج أشرف المشهراوي، من مغادرة القطاع الساحلي المحاصر من قبل النظام المصري) ،ألقيت تصريحات معدة يوم 25 أيلول أمام محكمة Russell وهذه هي:
وصلت إلى قطاع غزة في بداية وقف إطلاق النار الإنساني لمدة خمسة أيام في 14 آب. وكنت قادراً على الوصول غير المقيد إلى السكان الذين تحملوا وطأة الغزو البري الاسرائيلي في الحدود الأكثر تضرراً في القطاع مع وقف العنف، أماكن مثل خزاعة، الشجاعية وبيت حانون ورفح، والقرى المحيطة ببيت لاهيا. سجلت شهادات العشرات من سكان هذه المناطق، وقمت بتوثيق جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات المسلحة الإسرائيلية. شكّلت الفظائع نمطاً لا يمكن إنكاره ،مما يدل على أن الجرائم التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في غزة خلال عملية الجرف الصامد كانت نتاج سياسات عسكرية معلنة، أو على الأقل قواعد اشتباك مكّنت القيام بمجازر وعمليات إعدام بإجراءات موجزة، وتدمير مساكن المواطنين بالجملة، واستخدام المدنيين كدروع بشرية، والاختطاف. سأذكر أكبر تفاصيل ممكنة عن هذه الفظائع ، للسماح لأعضاء لجنة التحكيم الحكم بأنفسهم.
وجدت وزميلي Dan Cohen تحت أنقاض المنازل المدمرة المحيطة بحقل مفتوح مغبّر يصطفّ مع المنازل التي دمرت في الشجاعية، خريطة مغلفة للمنطقة التي خلفها غزو الجنود الاسرائيليين في صندوق ذخيرة. هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عرضها علناً. لقد تم تحليلها بمساعدة من Eran Efrati ، وهو مقاتل سابق في الجيش الإسرائيلي قدّم شهادته في وقت سابق اليوم عن مقابلاته مع المشاركين في مجزرة الشجاعية. تم إنتاج الخريطة عن طريق شركة إسرائيلية ولكن كما ترون في الزاوية العليا اليسرى، الخريطة مؤرخة وفقاً للمعايير الأمريكية، وليس الاسرائيلية، "7/17/14" بدلاً من "17/7/14 " وهذا يثير تساؤلات بالنسبة لي حول المساعدة الواردة من وكالة الأمن القومي الأمريكي لإسرائيل ، وخصوصاً ما كُشف عنه مؤخراً حول العلاقة طويلة الأمد بين وكالة الامن القومي والجيش الإسرائيلي.
تقدّم الخريطة الموجودة أمامكم دليلاً أنه ليس الجنود بمفردهم كانوا قادرين على وضع خطوط حمراء "غير مرئية" خاصة بهم فقط، بل كان هناك سياسة واضحة لتحويل مناطق في وسط الشجاعية إلى مناطق خالية حيث يمكن قتل المدنيين ببساطة لكونهم هناك.
تظهر باللون البرتقالي، في المركز العلوي من الخريطة، هذه العبارة: "Tzir-Hasuf"، أو " مسحناها ". دمّرت جميع المنازل على طول هذا الطريق، وفي الحقيقة ،سوّيت معظم المنازل في المنطقة بأكملها المعروضة على الخريطة بالأرض.
يظهر في الزاوية العليا اليمنى من الخريطة، بحروف عبرية حمراء، هذه العبارة: "Hardufim." وهو رمز للمناشدة عبر أجهزة الراديو يشير إلى الجنود الذين قتلوا في القتال. استخدمت هذه العبارة أثناء عملية الرصاص المصبوب لتحديد المناطق التي يمكن أن المدنيين الفلسطينيين قتلوا فيها ، وفقاً ل Efrati . ويبدو أنها كُتبت في الشجاعية بعد خسارة لواء غولاني 13 جندياً خلال اشتباكات مساء يوم 19 تموز، - عندما أُطلقت "Hardufim" عبر أجهزة الراديو للجيش الاسرائيلي -، قبل أن يحتلوا المنازل في الشجاعية في صباح اليوم التالي، عندما تم إعدام سالم الشمالي البالغ من العمر 22 عاماً والذي يظهر الآن في شريط الفيديو سيئ السمعة . تشير العلامات أن"خط الانتقام" الذي وصفه Efrati اليوم موجود بالفعل. أخذني زميلي محمد عبد الله ، الذي قام بتصوير إعدام الشمالي إلى المكان الذي وقع فيه الحادث. وعلى حد علمي، وقعت عمليات القتل في منطقة إلى الشمال من خط "Hardufim".
يُشار في الطرف الشرقي من المنطقة الوسطى بالحروف العبرية واللون البرتقالي إلى "ملعب لكرة القدم" التقيت محمد فتحي العرعير. كان منزله كهفاً واقعياً ،مفروشاً بأريكة واحدة. في الفناء الخلفي لمنزل آل العرعير، أُعدم أربعة من إخوته. أحدهم هو حسن العرعير، المعوق عقلياً، ولم يكن لديه فكرة بسيطة أنه على وشك أن يُقتل. قال محمد العرعير أنه وجد أغلفة رصاص بجانب رؤساء أفراد أسرته عندما اكتشف جثثهم المتحللة.

تسكن عائلة الشمالي في المنزل المجاور تماماً، واحدة من أكثر المناطق تضرراً في الشجاعية. وصف هشام ناصر الشمالي( 25 عام ) لي ما حدث عندما قرر خمسة من أفراد عائلته البقاء في بيتهم لحراسة الآلاف من الدولارات من خلال مخازن الملابس التي يعتزمون بيعها. قال الشمالي :"عندما اقترب الجنود من المنزل يمتشقون أسلحتهم خرج والدي من المنزل رافعاً يديه وحاول الحديث معهم باللغة العبرية. وأضاف :"أنه لم يتمكن حتى من إنهاء الجملة قبل أن تُطلق النار عليه" .(نجا والده من الحادث) .
في خزاعة الى الشرق من خان يونس، وصف عدة شهود تجميع الجنود للسكان المحليين في وسط المدينة عندما احتلوا المنطقة يوم 23 تموز، ثم سألوا عمّن يتحدث العبرية. عندما تقدّم رجل يبلغ من العمر 54 عاماً للإجابة ، أطلقوا النار عليه في القلب.
عندما قابلت عائلة أبو سعيد جنوب مدينة رفح، وجدت المزيد من الأدلة على استهداف المدنيين الفلسطينيين الذين تحدثوا العبرية بوحشية. قال لي محمود أبو سعيد (19 عام) :عندما وصل الجنود الإسرائيليون إلى منزل عائلته الواقع في الضواحي الشرقية للمدينة، سألوا على الفور عن أي شخص يتحدث العبرية. عندما أجاب والده، عبد الهادي أبو سعيد، بالإيجاب، أطلقوا عليه النار في صدره (نجا بأعجوبة).
قال لي العديد من الشهود عن حادث مماثل وقع في خزاعة، شرقي خان يونس - حيث وقعت أكثر المجازر المُريعة في الحرب - قام الجنود الإسرائيليون بتجميع الذكور المقيمين في وسط المدينة وسألوا عمّن يتحدث اللغة العبرية. قيل لي من قبل عدد من الشهود أنه عندما تقدّم رجل في منتصف العمر إلى الأمام، وأجاب ،تم اطلاق النار عليه في صدره وقُتل. هذه الفظائع تشكل نمطاً تقشعر له الأبدان.
وعودة إلى الشجاعية، التقيت أفراداً من عائلة الشمالي، أقارب سالم، الرجل البالغ من العمر 22 عاماً الذي تم إعدامه أمام الكاميرا. وأٌعدم أربعة من عائلته بالرصاص، وفقاً لجيرانهم، وآل العرعير.
وفي الوقت نفسه، في رفح، قتل الجنود الذين احتلوا منزل عائلة أبو سعيد بالرصاص اثنين من الشبان الذين حاولوا الفرار تحت القصف الاسرائيلي الكثيف صالح الصريبي وعلاء أبو شباب، تم قنصهم من الجانب الآخر من الشارع. وأفاد سليمان والد صالح الصريبي ، أن ابنه (22 عام ) قُتل أثناء محاولته إنقاذ أبو شباب، الذي وجده ينزف في الشارع.
قال لي والد صالح :"عندما أقوم ببناء منزل، يقصفه الإسرائيليون. عندما أحاول توفير لقمة العيش لعائلتي، يدمر الاسرائيليون عملي. عندما أنجبت طفلاً، قتله الإسرائيليون ".
في خزاعة، وصف لي شهود عيان من السكان المحليين مئات الضحايا الذين هاجمهم الجنود الإسرائيليون أثناء فرارهم من المدينة أثناء أيام الحصار الستة. وكان من بينهم غدير ارجيلة ، وهي فتاة مصابة بالصرع ( 16 عاماً) قذفتها من كرسيها المتحرك قذيفة دبابة أثناء فرارها وراء أهلها على الطريق المؤدي إلى خارج المدينة. نجا هاني النجار من خزاعة فقط ليعثر عند عودته إلى منزله على ستة جثث - خمسة جثث في الحمام وواحدة في المطبخ - عندما عاد إلى المنزل ، وجد الجثث مكبلة اليدين ، شُقّت حناجرهم بالسكاكين التي اعتاد على ذبح الدجاج بها، ومليئة بالرصاص، ثم أضرمت النار بها. كان الحمام مغطى بالدم المجفف وقطع من اللحم عندما زرته ، كان بعض الرجال على الأقل من مقاتلي الجهاد الإسلامي الفلسطينية ، وفقاً للصحفي Jesse Rosenfeld. لا يقّل إعدام المقاتلين الأسرى والعزل كجريمة حرب عمّا لو كانوا من المدنيين. أجريت أنا وDan Cohen مقابلة مع اثنين من المتطوعين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، أحمد عوض( 25 عاماً )، وعلاء الكوسفي ( 24 عاماً)، اللذان عملا مع طواقم الإسعاف طوال فترة الحرب، وسيصدر الفيديو عنهما في المستقبل القريب. وأشاروا إلى دخولهم خزاعة أثناء حصار المدينة لتسلم جثة محمد العبادلة، وهو رجل محلي تم ربطه إلى شجرة بواسطة ذراعيه وتمزيقهما بالرصاص. عندما وصلا إلى الموقع ، أمرت مجموعة من الجنود الإسرائيليين أحد الزملاء المتطوعين بالخروج من سيارة الإسعاف، والمشي خمسة أمتار إلى الأمام، ثم إشعال قداحة السجائر. عندما فعل ذلك، أطلقوا عليه النار في القلب والساق، وقتلوه أمام زملائه.
قال لنا المتطوعون من اللجنة الدولية في وقت لاحق أنهم وجدوا ميتاً في خزاعة متيبس الأعضاء، وعاقداً يديه فوق رأسه دلالة على استسلامه ، وجسده مليء بالرصاص. ثم اكتشفوا عائلة كاملة ( رجال ، نساء، أطفال ) تحللت أجسامهم بشكل سيئ وكان عليهم دفنهم بجرافة في مقبرة جماعية. كانت الغالبية العظمى مصابة بأعيرة نارية في الرأس والصدر.

في بيت حانون، وهي مدينة حدودية شمال قطاع غزة تعرضت لقصف إسرائيلي شامل ، التقيت عبد الرحمن، وهو مزارع يبلغ من العمر 50 عاماً دُمّرت بساتين البرتقال، ومزرعة النحل، وحقول القمح الخاصة بعائلته ومنزله المكون من أربعة طوابق وقطيع الماشية أثناء عملية الجرف الصامد. قال لي عبد الرحمن كيف مُنع جيرانه من أسرة وهدان، من إخلاء منزلهم من قبل القوات الإسرائيلية، الذين حذروهم أنه سيتم إطلاق النار عليهم إذا غادروا. وقال :أتذكر أن الجيش الإسرائيلي ألقى منشورات على بيت حانون تحذر سكانها وتدعوهم إلى ترك منازلهم قبيل الغزو البري. وبعد أسبوع من محاصرة سبعة أفراد من عائلة وهدان، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية منزلهم، مما أسفر عن مقتل سبعة أفراد، بما في ذلك غنى وهدان البالغة من العمر يومين. جميع الناجين من العائلة من الذكور تم اختطافهم والتحقيق معهم لعدة أيام في السجون الإسرائيلية.
هل تم استخدام عائلة وهدان كدروع بشرية ؟ هذا سؤال مفتوح وشرعي. وأنا وثّقت حالات في مناطق أخرى لا يمكن إنكارها ، تم فيها استخدام المدنيين كدروع بشرية من قبل الجنود الإسرائيليين. على مشارف رفح، على سبيل المثال، جرّد الجنود محمود أبو سعيد البالغ من العمر 19 عاما من ملابسه وأوقفوه أمام النوافذ في منزله في حين قاموا بقنص جيرانه. في خزاعة، قال لي أفراد من عائلة النجار أن الجنود أجبروهم على الوقوف في زوايا سطح منزلهم المقابل للمواجهة لمدة يوم كامل. وفي قرية أم النصر شمال القطاع، قال أفراد من عائلة مسمح، المدهون وجراد لي أنهم أُجبروا على الجلوس في وسط المدينة لمدة ثلاث ساعات 6:30 حتي 9:30 يوم 18 تموز مسافة 100 متر أمام الدبابات الإسرائيلية .
في معظم الحالات، التي استخدم فيها المدنيون كدروع بشرية اختطف واقتيد أفراد منهم إلى سجون داخل إسرائيل لمدة أسابيع من الاستجوابات القاسية. عفيف جراد (32 عاماً) وشقيقه البالغ من العمر 26 عاماً، وأحمد، من أم النصر قالوا لي انهم اختطفوا بعد استخدامهم كدروع بشرية في 18 تموز، وتم سجنهم على التوالي لمدة ثمانية و 16 يوما في سجن عسقلان. تعرضوا خلالها للضرب على طول الطريق، ثم اُستجوبوا عبثاً حول كتائب القسام. "لم يُسمح لنا بالنوم. وكنا نجلس على الكراسي لمدة ست ساعات ونجلس في السجن ، ثم يعيدونا الى الكراسي بعد ثلاث أو أربع ساعات. لم نكن نعرف إذا كانت الدنيا ليلاً أو نهارا. حدث الشيء نفسه لمحمود أبو سعيد من رفح، الذي اختطفه الجنود واستخدموه كدرع بشري، ومكث في السجن عدة أيام قبل إلقائه في معبر ايرز. وكان مصاباً بالصدمة عندما التقيته، سقط عدة مرات بينما كان يلقى شهادته. وقال لي هاني النجار عندما التقيته أن عدة أعضاء من عائلته قد اختطفوا وكانوا لا يزالون في السجون الإسرائيلية.

سبّب اجتياح القوات الإسرائيلية للشجاعية ورفح خسائر مدمرة لسكان هذه المدن بالفعل. ومع ذلك، فإن عدد القتلى ومستويات التدمير ارتفعت بشكل كبير في هذه المناطق بفضل السياسة الإسرائيلية شبه السرية المعروفة باسم توجيه هانيبال.
تأسس توجيه هانيبال عام 1986 في أعقاب اتفاق تبادل الأسرى مع منظمة جبريل حيث بادلت اسرائيل 1150 سجيناً فلسطينياً مقابل ثلاثة جنود إسرائيليين. وسط رد فعل سياسي غاضب، صاغ الجيش الإسرائيلي إجراءات ميدانية سرية لمنع الخطف في المستقبل. وأخذت العملية المقترحة اسمها من الجنرال القرطاجي الذي اختار تسميم نفسه بدلاً من أسره من قبل العدو. وقد تم تصميم هذه السياسة ليس فقط للقضاء على خاطفي الجندي، ولكن على الجندي نفسه، إذا لزم الأمر. في الشجاعية ورفح، تم تطبيق توجيه هانيبال ليس فقط لقتل جنديين اسرائيليين عمداً ، وحرمان ذويهم من فرصة الدعوة إلى إطلاق سراحهم في عملية تبادل للأسرى مثيرة للجدل سياسياً، ولكن كآلية للانتقام من السكان المدنيين أيضاً.
أثار إلقاء القبض على الرقيب شاؤول اورون من كتائب غولاني بعد هجوم كتائب القسام على جنود مدرعة في الشجاعية ، خلفت خمسة قتلى من الجنود استخدام توجيه هانيبال. تذكر تامر عطش من داخل أنقاض منزله، التكثيف الفوري لأعمال العنف في أعقاب الحادث والقذائف التي تدفقت فجأة على الحي الذي يقيم فيه. وصف مشاهدة جيرانه يقعون "مثل الذباب"، على حد قوله، شهد بعضهم يقفزون من الطابق الرابع بعد اشتعال النيران في منازلهم. بعد انتهاء القصف، تم تسجيل 120 قتيلاً " شهيداً" على الأقل، مع جثث أخرى مدفونة تحت الانقاض.


في رفح، تمت استثارة توجيه هانيبال بعد القبض على الملازم هدار غولدين، وهو ضابط في كتائب جفعاتي "وحدة نخبة المظليين "101 في كمين لكتائب القسام ، وهو ما أدى أيضاً للاعتداء على خزاعة. كان يوم 1 آب، قبل 30 دقيقة من عقد اتفاق لوقف إطلاق النار الإنساني ، وكانت وحدة غولدن احتلت منزلاً في منطقة ابو الروس الى الشرق من رفح. ويعرف هذا اليوم الآن في رفح بيوم الجمعة الأسود.
بمجرد أن دوّت "هانيبال"! عبر أجهزة الراديو للجيش الاسرائيلي، قصف الجيش رفح تقريباً باستخدام جميع أسلحة الدمار المتاحة له، من "القنابل الغبية" (500 رطل) التي تطلق من طائرات F-16 إلى صواريخ مروحيات الأباتشي والقصف البحري لغارات بطائرات دون طيار وقذائف الهاون. مزّقت الجرافات المنازل بالقرب من المنطقة التي وقع فيها القبض على غولدن بينما قصفت الدبابات أي شيء في الأفق. وفي غضون ساعات، أُلقي ما لا يقل عن 500 قذيفة مدفعية ومئات الصواريخ على المدينة ، كلها تقريباً في المناطق المدنية.
في النهاية، قُتل" استشهد " ما لا يقل عن 190 شخصاً ، بينهم غولدين، على ما يبدو، على الرغم من أن حالته غير واضحة وقت القبض عليه. عندما هدد الجيش الإسرائيلي بقصف مستشفى النجار في رفح، اضطروا لإخلاء المئات من القتلى والجرحى إلى المستشفى الكويتي ، وعيادة أسنان صغيرة، حيث قال لي الدكتور سامي الهمص انه اضطر لتنفيذ عمليات البتر والعمليات في الممرات، وتخزين أجزاء الجسم والجثث في برادات البوظة وفريزرات اللحوم.
كان العقيد Ofer Winter قائد كتائب جفعاتي من ترأس المجازر في خزاعة ورفح. Winter شخصية هامة لاعتبارات لجنة التحكيم ، ليس لأنه اعترف باستدعاء توجيه هانيبال عند إلقاء القبض على غولدن في 15 آب في مقابلة مع يديعوت أحرونوت فقط ، ولكن بسبب العقلية والوعي الذي يجسده.
Winter خريج "بني ديفيد"، وهي مدرسة دينية لعبت دوراً محورياً في تعبئة صفوف ضباط السلك العسكري من القوميين الدينيين الملتزمين بمنظور يهودي مسيحي للمجتمع والقتال. وهو واحد من الصهاينة المتدينين الذين يشكلون الآن 40٪-;- على الأقل من ضباط الجيش. انه ينظر الى الفلسطينيين ليس بالضرورة كسكان غير معادين لإسرائيل أو كمقاتلين من العدو، ولكن كأعداء لله يجب أن يتم تدميرهم في الحرب المقدسة - "حرب الضوء ضد الظلام"- كما قال.
في الرسالة التي أصدرها لقواته قبل عملية الغزو البري على غزة في عملية الرصاص المصبوب، أعلن Winter، "اختارنا التاريخ أن نكون على حافة حادة لحربة لمحاربة العدو الإرهابي في غزة "الذي يشتم ،ويشوه وينتهك إلهة اسرائيل".
هذه رؤية معيارية بين القوميين المتدينين الذين يخدمون على نحو متزايد في صفوف الضباط في الجيش الإسرائيلي. في مقابلة مع يديعوت " 15 آب "- انتصار Winter في وسائل الإعلام – أثبت ما كان في رأيي مشهد الإبادة الجماعية، كما وصفها السكان المدنيون في غزة كهدف للقوات تحت قيادته. " هناك في كل بيت تقريباً ابن أو قريب شريك في الإرهاب"، كما اعلن Winter. "كيف يرّبوا أطفالهم في المنزل مع المتفجرات؟ في النهاية، كل شخص يحصل على ما يختار "وأضاف: "نحن نمزقهم إرباً".
أريد أن أختم حديثي بنقطتين: أولاً، لا يمكننا معالجة الجرائم التي وقعت في غزة هذا الصيف دون دراسة السياق التاريخي والسياسي لعملية الجرف الصامد . تمارس مستويات غير مسبوقة من العنف ضد سكان غزة تعكس مسار الصهيونية وهي من المتطلبات المنطقية لها. الصهيونية حركة استيطانية استعمارية طالبت بطرد جماعي للفلسطينيين من ما هو الآن إسرائيل ويتم عزلهم بشكل دائم في قطاع غزة، حيث 80٪-;- من السكان هم من اللاجئين، من أجل تعزيز النقاء العرقي الإسرائيلي. طالما يقاوم السكان المعزولون هذا النظام من الهندسة الديموغرافية، يصبح الاحتلال أكثر حقداً عليهم. ولذلك فإن الفظائع التي شهدناها للتو في غزة لم تحدث من فراغ، هي انعكاسات المسار التاريخي للصهيونية.
الآن اسمحوا لي أن أوضح نقطة أخيرة: لقد سمعنا عن سكان غزة طوال هذه الجلسة كضحايا وكبشر يعانون سوء المعاملة بشكل لا يوصف. هذا صحيح - هم في الواقع ضحايا يعانون كثيراً. ولكنهم أيضاً يقاومون ويصمدون المقاومة والصمود ليست مجرد كلمات، ولكنها سبل الحياة. اذا كنا نستطيع معالجة معاناتهم يمكننا أيضاً احترام قوتهم. إذا كانوا يستطيعون المقاومة في غزة فإننا نستطيع أيضاً ويجب أن نقاوم.
مترجم
Max Blumenthal



#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة : المكافآت والعقاب
- باولو فيريري والوعد بالتربية الناقدة
- اسرائيل :الاستيطان والغرب المتوحش
- الاقتصاد السياسي للفصل العنصري الإسرائيلي، وشبح الإبادة الجم ...
- التضحية بالفقراء ( من غزة لأمريكا )
- دولة الجبناء
- لماذا نرفض الخدمة في الاراضي الفلسطينية المحتلة
- غزة:كسر آخر المحرمات
- جز العشب في غزة
- فشل في غزة
- اسرائيل تستخدم فيديو من 2009 لتبرير تدمير مستشفى الوفاء
- عائلة غزاوية دمرتها القنابل الإسرائيلية
- مجزرة ريشون لتسيون - قاتل غزة
- توجيه هانيبال: كيف قتلت إسرائيل جنودها وذبحت الفلسطينيين لمن ...
- ثلاثة أسئلة لحماس
- الأساطير القاسية حول المعلمين
- إعادة تشكيل عيد العمال
- لماذا خان العرب غزة
- ابن الموت - محمد ضيف-
- نظرة تاريخية لمجزرة غزة 2014


المزيد.....




- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - فضيلة يوسف - محاكمة اسرائيل لجرائم الحرب