أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - تأثير استفتاء اسكتلندة واستفتاء كاطالونيا المرتقب على الاستفتاء في الصحراء















المزيد.....


تأثير استفتاء اسكتلندة واستفتاء كاطالونيا المرتقب على الاستفتاء في الصحراء


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 16:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كما كان متوقعا ارخى الاستفتاء حول تقرير المصير باسكتلندة بظلال قاتمة حول المصير الذي ينتظر الحل النهائي لقضية الصحراء المغربية ، حيث الاكيد ان نتائج الاستفتاء كيفما كانت ستكون ، ستعطي لبريطانيا الدولة الديمقراطية ، المزيد من الجرعات لدعم مبدأ تقرير المصير لحل النزاعات الترابية بالعديد من مناطق العالم ، خاصة تلك التي بجدول اشغال اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة مثل الصحراء المغربية . ان بريطانيا التي تتخذ مواقف معارضة لمغربية الصحراء ، مثل التقرير الذي اعده شارل طانوك البريطاني بصفته مقررا للجنة الشؤون الخارجية حول حقوق الانسان في الساحل والصحراء بالبرلمان الاوربي ، وتدعم حل الاستفتاء وتقرير المصير ، وتساند البوليساريو دوليا وأمميا في جميع الخطوات التي يقوم بها ، والتي يستقبل بها اليوم حزب العمال الحاكم وفدا يمثل الانفصاليين ، سوف تذهب بعيدا في تأييدها لتقرير المصير بالصحراء ، ما دامت انها لم تتردد في تمكين شعب اسكتلندة الذي انظم اليها منذ اكثر من ثلاثمائة سنة من التعبير الحر عن ارادته في تقرير مصيره بخصوص الاستقلال او الاستمرار ضمن الدولة البريطانية . ان بريطانيا التي التجأت الى ما ينصص عليه ميثاق الامم المتحدة بخصوص تمكين سكان المستعمرات من تقرير مصيرها بنفسها ، سوف لن تتردد في اتخاذ مواقف اكثر جذرية من القضية الوطنية بمجلس الامن وبالأمم المتحدة ، خاصة وأنها لم تخشى شيئا من تعبير شعب اسكتلندة عن ارادته الحرة .
فهل يعقل ان بريطانيا التي راهنت على مصير اقليم اسكتلندة الذي انظم اليها منذ اكثر من 300 سنة ، ستقبل بالمقترح المغربي الفاشل حول الحكم الذاتي الذي بقي في رفوف المخزن منذ 2007 ، ولم تتجاوب معه اية دول في العالم ، وخاصة وان التحاق الصحراء بالمغرب لم يتعدى 39 سنة خلت وليس 300 سنة كما هو الشأن لإقليم ليكوس .
وبالرجوع الى الارتسامات وردود الفعل المختلفة بخصوص تأثير استفتاء اسكتلندة على الاستفتاء بالصحراء ، اعتبر التّعتيميون والتّحنيطيون والتسطيحيون ( محللو السطح ) ، ان نتائج الاستفتاء الاسكتلندي هي تعبير تام وصريح عن رفض الانفصال وإنشاء الكيانات الصغيرة ، وان الخلاص من هذه المرض الذي يهدد العديد من الدول ، يكمن في الوحدة . لكن ان ما غاب عن هؤلاء ، ان قرار الوحدة بين اسكتلندة وبريطانيا لم يكن بقرار اداري ، بل كان بواسطة الاستفتاء وتقرير المصير ، اي ان التاج البريطاني الذي اجرى الاستفتاء ، كان سيقبل بنتائجه حتى ولو كان التصويت لصالح الانفصال . ان حجج المعتمين من رفض الاسكتلنديون الانفصال عن بريطانيا ، دفع بهم الى المطالبة بإلغاء الاستفتاء بالأقاليم الجنوبية والتمسك فقط بحل الحكم الذاتي الذي يعتبرون انه لقي ( تأييدا دوليا ) رغم ان لا دولة بالعالم ، خاصة الدول الكبرى المتحكمة في القرار الدولي ، قد ساندته على حساب تقرير المصير . فهل وحدة اسكتلندة مع بريطانيا كانت نتيجة استفتاء شعبي حر ونزيه ، ام انها كانت بقرار اداري لحكومة لندن ؟
ان الدرس المستفاد من الاستفتاء الاسكتلندي بالنسبة للمجتمع الدولي ممثلا بمجلس الامن وبالجمعية العامة للأمم المتحدة ، ليس هو النتيجة ، بل ان المهم هو المسطرة التي تم بها تحقيق نتيجة الاستفتاء . واذا نحن تأكدنا من ان هذه المسطرة هي مسطرة الاستفتاء ، فان ما ينتظر تحديد مستقبل الصحراء المغربية سوف لن يخرج عن مسطرة الاستفتاء ، اي ان سكان الصحراء هم وحدهم المؤهلين بتحديد مصير الاقليم من خلال استفتاء نزيه وحر وديمقراطي ، وتحت اشراف الامم المتحدة بخصوص البقاء ضمن الدولة المغربية او اختيار الانفصال . وهذا يعني ابعاد حل الحكم الذاتي الذي ترفضه البوليساريو وترفضه جميع قرارات مجلس الامن خاصة القرار الاخير 2152 الذي نصص فقط على تقرير المصير واستبعد بالواضح المكشوف الحكم الذاتي .
إذا كان اجراء الاستفتاء وليس نتائجه باسكتلندة يعد ضربة قوية لمقترح الحكم الذاتي بالصحراء ، فان استفتاء اقليم كطالونيا الاسباني في 9 نوفمبر القادم سيكون جحيما على مغربية الصحراء ، وضربة موجعة لمقترح الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتبه . ان اسبانيا التي كانت تستعمر الصحراء المغربية منذ اكثر من 300 سنة ، وهي مدة التحاق واندماج اسكتلندة بالدولة البريطانية ، ووقعت مع المغرب وموريتانيا اتفاقية مدريد في سنة 1975 التي بمقتضاها تم اقتسام الصحراء كغنيمة بين الرباط ونواكشوط ، حيث تعترف الاتفاقية للمغرب وموريتانيا بالإدارة ( ادارة الاقليم ) وليس بالسيادة ، وتحتضن اكبر جالية صحراوية انفصالية ، ويساند شعبها و منظماتها السياسية والنقابية والحقوقية مبدأ الاستفتاء وتقرير المصير بالصحراء ، سوف تذهب بعيدا في معارضتها لمغربية الصحراء ، مع تجاهل المقترح المغربي بحل الحكم الذاتي ، بذريعة التمسك بالقرارات الدولية ، وهي هنا تشير الى قرارات مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنصص على الاستفتاء ، والى قرار محكمة العدل الدولية الصادر في سنة 1975 والذي يجسد السيادة في الاستفتاء وتقرير المصير ، رغم اعترافه بوجود علاقة بيعة مع سلاطين المغرب التي كانت الصلاة تقام باسمهم حتى في المناطق الثورية التي كانوا يشوهونها حين كانوا يوصفونها بمناطق السيبة . وهنا لا بد من الاشارة الى اقامة الصلاة باسم السلطان المغربي في مناطق الثورة ، والثائرة على الحكم المخزني المريض ، هو دليل على مغربية الصحراء ، ودليل على الوحدة الترابية للمملكة ، وان تلك الثورات لم تكن ابدا ضد الوحدة الترابية للمغرب ، بل كانت ضد الملك الضعيف الذي يفتقر الى شروط الحكم وشروط امير المؤمنين .
إذن السؤال ماذا ينتظر مستقبل الصحراء المغربية بعد الاستفتاء الاسكتلندي وبعد الاستفتاء الكاطالوني المرتقب في 9 نوفمبر من السنة الجارية ؟
اذا عدنا الى تتبع التحولات التي حصلت وتحصل بالعديد من مناطق العالم ، ادركنا ان مصيرا قاتما ينتظر القضية الوطنية ، وقد عبر عن هذا المصير الملك محمد السادس في الخطاب الاخير ( خطاب 11 اكتوبر ) الذي القاه بالبرلمان عند افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية حين حذر من الافراط قائلا " ان قضية الصحراء واجهت خلال هذه السنة تحديات كبيرة تمكنّا من رفعها ، بفضل قوة موقفنا ، وعدالة قضيتنا ... غير انه لا ينبغي الاكتفاء بكسب هذه المعركة ، والإفراط في التفاؤل .. " وأضاف " ان الوضع صعب والأمور لم تحسم بعد ، ومناورات خصوم وحدتنا الترابية لن تتوقف ، مما قد يضع قضيتنا امام تطورات حاسمة .. " . اليس الخطاب الملك اعتراف بمأزق وفشل للسياسات المتبعة في تدبير القضية الوطنية منذ 1975 ؟ الم يرجعنا الخطاب الملكي الى المربع الصفر لما قبل المسيرة الخضراء ؟ إذن من المسؤول عن هذا الفشل الذي راكمه المغرب طيلة 39 سنة من الدبلوماسية المشلولة في المحالف الدولية وحتى العربية ؟
اذن ما هي المخاطر التي تنتظر ملف القضية الوطنية ، باعتبار ان خطاب الملك كان تشاؤميا وليس مفرحا في انتظار الآتي الذي سيحسم الصراع بما يتعارض ومغربية الصحراء ؟
عند عودتنا شيئا ما الى الوراء ، وبالضبط الى شهر ابريل 2014 ، سنجد ان اكبر خطر يتهدد الوحدة الترابية للمغرب ، هو عندما اعتبر الامين العام للأمم المتحدة السيد بانكيمون ان قضية الصحراء تدخل ضمن ملفات تصفية الاستعمار التي تناقشها اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ، وإضافة الى هذا التدخل المنحاز ، وجه بانكيمون الدعوة الى مراقبة دولية لحقوق الانسان بالصحراء ، وهو ما يعني توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل هذه المادة ، ثم توجيه الدعوة الى مراقبة استغلال الثروات الطبيعية ، و اشراك الاتحاد الافريقي خصم المغرب ، لتطبيق ومراقبة قرارات مجلس الامن بخصوص قضية الصحراء المغربية ، رغم ان المغرب ليس طرفا في هذا الاتحاد . بل ان مكمن الخطر الواضح ، هو حين يهدد بانكيمون بتدخل مجلس الامن بالإمساك بالقضية الوطنية ، ومن يدرس القانون الدولي ، سيستنتج التهديد المبطن للامين العام للأمم المتحدة باللجوء الى خيار الفصل السابع من الميثاق .
امام هذا الوضع الخطير الذي استشرفه الملك في خطابه ، حاول المخزن ان ينتفض ضد هذه التوجهات المهددة للوحدة الترابية للمغرب ، فكان ان شكك في الدور الذي يقوم به مبعوث الامين العام للأمم المتحدة السيد كريستوف رووس ، حين اشترط ثلاثة شروط لاستقبال واستئناف ممثل الامين العام لمهامه ، وهي شروط تعجيزية ، لان البث فيها ليس من اختصاص السيد كريستوف رووس ، بل ان النظر فيها يعود الى مجلس الامن . تتكون الشروط المغربية التي وعد رووس بالإجابة عليها في غضون اسبوعين ، ومرت الى الآن حوالي ستة اشهر ، دون ان يحصل المخزن عن هذه الاجابة ، من :
-- تحديد طبيعة المبعوث الخاص
-- عدم تغيير مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان بالصحراء ، مع حصر وظيفتها فقط في مراقبة وقف اطلاق النار
-- التزام مجلس الامن بعدم ادراج قضية الصحراء ضمن الفصل السابع من الميثاق ، وبقاء معالجتها دائما ضمن الفصل السادس
ان هذه الشروط التي قدمها المخزن للسيد رووس تتنافى بالمطلق مع مضامين اتفاق 1991 القاضية بوقف اطلاق النار ، والشروع في اعداد مسطرة تنظيم استفتاء حر ونزيه ترعاه الامم المتحدة . ان انبثاق هيئة المينورسو ( هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية ) انشأت لهذا الغرض لا غير ، والمخزن يتعامل معها من هذه الحقيقة ، حيث مقرها يتواجد بمدينة العيون .
بعد خطاب بانكيمون امام مجلس الامن والداعي الى مشاركة الاتحاد الافريقي في مراقبة تطبيق قرارات الامم المتحدة بشأن نزاع الصحراء ، بادر هذا الاتحاد استجابة لدعوة بانكيمون الى تعيين جواكين شيسانو رئيس الموزنبيق الاسبق والمعروف بتأييد المطلق لجبهة البوليساريو ، مبعوثا للاتحاد الافريقي في الصحراء ، وهو التعيين الذي اعترض عليه المخزن بسبب موالاته للجزائر وللانفصاليين ، وبسبب ان الاتحاد الافريقي هو طرف في النزاع ، وبسبب ان المغرب ليس عضوا في هذا الاتحاد .
ان ما ينبئه مستقبل القضية الوطنية لا يبشر بخير . ان عودة احزاب اليسار ويسار الوسط في السويد الى الحكم ، وهي الاحزاب التي كانت وراء دعوة الحكومة السويدية للاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، يعني الاحتمال الاكيد للاعتراف بالجمهورية الصحراوية من قبل اول دولة اسكندنافية ، وهذا قد يسهل اعتراف دول اخرى من نفس المجموعة الاسكندنافية بهذه الجمهورية . كذلك يجب ان نتوقع اعتراف البرازيل خلال نهاية السنة الجارية او في بداية السنة القادمة بالجمهورية الصحراوية ، وهذا كذلك سيشجع دولا اخرى من نفس القارة بالاعتراف بهذه الجمهورية .
واذا عدنا الى القارة الاوربية فان جميع دول القارة تعترف بالبوليساريو التي لها بها مكاتب اعلام ومكاتب تحرير ، ونفس المكتب يوجد بواشنطن وبالأمم المتحدة .
اذا عدنا الى جميع قرارات مجلس الامن منذ انطلاق الصراع بالصحراء ، سنجد انها تنصص على الاستفتاء لتقرير المصير ، وبالرجوع الى القرار الاخير 2152 ، نجده يعترف بالاستفتاء فقط مع تشطيبه بالكامل لحل الحكم الذاتي الذي اصابه الصدأ في رفوف المخزن .
وما دامت قضية الصحراء تناقش سنويا من قبل اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ، فان المنتظم الدولي يعتبر قضية الصحراء قضية تصفية استعمار ، ومن ثم فان جميع التوصيات التي ترفعها هذه اللجنة الى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، تجد قبولا منقطع النظير ، ويتم التصويت عليها بالا يجاب .
إذن من المسؤول عن ضياع الصحراء المغربية ؟ من المسؤول عن الوضع المأساوي الذي اضحى عليه المغرب اليوم ، بعد ان كان بالأمس قبلة يحج اليها كبار الساسة في العالم للتشاور واخذ النصيحة ؟
لماذا لم تم تهميش المغرب ، ولم يستدعى لحضور مؤتمرات دولية خاصة بالأمن العربي والإقليمي المغاربي ، في حين حضرت الجزائر ، مصر ، قطر ، السعودية ، تونس ، الامارات ، تركيا ، اسبانيا ، ايطاليا ، المانيا ، بريطانيا ، الولايات المتحدة الامريكية ، اضافة الى الاتحاد الاوربي والأمم المتحدة ، كما حصل في لقاء وزراء خارجية هذه الدول بواشنطن يوم الاثنين الماضي 22 / 09 / 2014 .
لماذا تم تهميش المغرب ولم يتم استدعاءه لحضور مؤتمر جدة في 11 / 09 / 2014 ، ولم يتم استدعاءه في مؤتمر باريس في 16 / 09 2014 ، مع العلم ان من حضر من الدول مفروض فيهم انهم اصدقاء المغرب ؟
ان هذا التهميش ليس له من تفسير غير تراجع مكانة المغرب في المحافل الدولية ، وتفسيره كذلك دليل على شلل ما يسمى ب ( الدبلوماسية ) المغربية .
ان المواجهة اليوم لم تبق مع البوليساريو ولا مع الجزائر ، بل اضحت مع المجتمع الدولي ومع قرارات مجلس الامن والأمم المتحدة . ان السبب في كل ما حصل هو العشوائية والتخبط وفقد البوصلة ، واستعمال قضية الصحراء في شراء الذمم ، وفي تصفية الحسابات وفي الاغتناء غير المشروع .
لقد ادت المواقف المتناقضة وغير المفهومة للمخزن ، بالمجتمع الدولي الى التشكيك في صحة مغربية الصحراء ، ومن ثم ادراج معالجتها ضمن قضايا تصفية الاستعمار . وهنا نطرح السؤال : كم عدد الدول التي تعترف بمغربية الصحراء ؟ ، الجواب لا احد . لكن كم عدد الدول التي تعترف بالجمهورية الصحراوية ؟ بل حتى الدول التي سحبت اعترافها بالجمهورية تعهدت بالتزام الحياد ما دام ان القضية هي بيد مجلس الامن ، والأمم المتحدة ، وهذا يعني انها مع الاستفتاء لتقرير المصير بالصحراء ، وإلاّ لو كان حقا قد قدمت خدمة للمغرب وللقضية الوطني ، لكان لها ان تعترف بمغربية الصحراء ، بل ان مجلس الامن وبانكيمون يتصرفان في القضية الوطنية دون استشارة او حتى اخبار الرباط ، وكان هذا حين عين بانكيمون وبموافقة مجلس الامن الكندية كيم بولدوك دون اخبار المغرب ، كما تجلى هذا التصرف المشين ، في امتناع مجلس الامن ومنه بانكيمون عن الجواب على المذكرة المغربية التي تحدد شروط استئناف السيد كريستوف رووس لمهمته . ورغم كشف المجلة الامريكية " فوراين بوليسي " عن انفاق المغرب لما يفوق 20 مليون دولار امريكي منذ 2007 لفائدة اللوبيات التي تشكل قوة ضاغطة داخل الكونغريس ، فان الوضع لم يزد إلاّ استفحالا . فهل سيرضخ المخزن لقرارات الامم المتحدة ومجلس الامن التي حددت شهر ابريل من سنة 2015 ، كسنة حاسمة في قضية الصحراء المغربية ؟ واذا تعمقت عزلة المخزن الذي اصبح لوحده يواجه المنتظم الدولي ، هل سيرضخ للأمر الواقع ( امساك مجلس الامن بالملف تحت البند السابع ) ام انه سيقاوم الى آخر رمق ؟ واذا كان لا مفر من الانفصال على طريقة تيمور الشرقية ، لماذا اضاع المخزن اكثر من 200 مليار دولار دون حسيب ولا رقيب على الصحراء منذ بداية الصراع والى اليوم ؟
اذن من المسؤول عن ضياع الصحراء ، هل المخزن ام الشعب ؟
ان قضية الصحراء بالنسبة للمغرب قضية حياة او موت ، فكلما اتجه المغرب نحو الصحراء ، كان في ذلك قوة المغرب . لكن كلما اتجهت الصحراء نحو المغرب ، كان في ذلك هلاك المغرب . ان جميع السلالات حكمت المغرب من الصحراء ، وسقطت من الصحراء كذلك . فهل هذه المرة التي تتجه فيها الصحراء نحو المغرب ، ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الاجيال القادمة ؟
ان قضية الصحراء اضحت عاملا اساسيا في الفرز بين تشكل الدولة التقليدي التي هيمن فيها المخزن واستحوذ على السلطة والجاه والنفوذ ، ومارس الظلم والاستبداد ، وسيطر حتى على الملك الذي يوظفه في تحقيق مآربه الشخصية باسم الدفاع عن المخزن والدولة ، وبين الفرصة المواتية لبناء الدولة العصرية الديمقراطية المدنية . ان المخرج الوطني للقضية الوطنية يكمن في بناء الدولة الديمقراطية ، دولة المؤسسات وليس دولة العائلات والعشائر ، دولة القانون وليس دولة الظلم ، دولة العدالة وليس دولة الاستبداد ، دولة ربط المسؤولية بالمحاسبة ، وليس ربط المسؤولية بالمزاج . فحين سيشعر المواطن الصحراوي ، انه حر يتمتع بالحرية والكرامة وبالعدل والمساواة ، وبإنسانيته التي تحميها القوانين الشرعية والوضعية والدولية ، فلا شيء سيدفعه الى الانفصال عن وطنه ودولته ، لكن حين يشعر بأنه مجرد رقم في معادلة ليست من صنعه ، فلا نتوقع اكثر من حقه في الدفاع عن الانفصال والاستقلال .
ان مصائب المغرب ومصائب الصحراء المغربية ، هي في النظام المخزني الخارج عن جميع الاعراف الديمقراطية . ان حل القضية الوطنية ، هو في قتل المخزن عدو الانسانية والديمقراطية ، بل لا بد من محاسبته ومحاكمته عن جميع الجرائم المافيوزية في حق الوطن والمواطنين ، ولا بد من تتريكه من الاموال التي جمعها بدون وجه حق .
ان جميع الاهانات التي تعرض لها المغرب منذ العشرية الاولى من الالفية الثالثة والى الآن سببها المخزن . واسألوا لماذا الغى الملك زيارته الى الامم المتحدة حين رفض بانكيمون استقباله لبحث قضية الصحراء ، وطبيعة مهام المبعوث الاممي السيد رووس الذي يناصر الاستفتاء وتقرير المصير ، ومن كان وراء اطلاق البيدوفيل دنيال كلفان ، ومن كان وراء الدخول الى حجرة ( جزيرة ) ليلى وما صاحبها من استنجاد المخزن بكولين باول وزير الخارجية الامريكية ، وتسليم دركيين معتقلين ورؤوسهم مغطاة بأكياس من البلاستيك من قبل الاسبان الى الحدود المغربية ، واسألوا واسألوا كثيرا لتكتشفوا اكثر .
ان السؤال الذي يثير الحيرة والارتباك ، هو لماذا كان الصحراويون في كل يوم يمر على القضية الوطنية ، إلاّ وتتسع وسطهم ، قاعدة الانفصاليين المطالبين بالانفصال ؟ وهل الصحراويون وصل بهم الضيق الى حد المطالبة بالانفصال والارتماء في احضان البوليساريو المدعومة من قبل الجزائر ، مع العلم انهم احفاد احمد الهيبة ماء العينين ثائر الصحراء ؟ ثم لماذا لم تبزغ الى السطح دعوات الانفصال إلاّ بعد ان شرع المخزن في التنكيل بالصحراويين الوحدويين الذين انقلبوا الى انفصاليين ؟
ان ما تسبب فيه المخزن من خلال تجاوزات غير المأسوف عن ذهابه ادريس البصري ، وإدارته التي لا يزال منها من يتحكم في رقاب العباد والبلاد ، لا يمكن له إلاّ ان يشجع دعوات الانفصال التي تتسع يوما عن آخر ، ولا يمكنه إلاّ ان يقنع المؤسسات الدولية بحجية الانفصاليين على حجية الوحدويين ، كما ان السياسات المتضاربة للمخزن في العامل مع القضية الوطنية والمتراوحة مرة مع الاستفتاء وتقرير المصير ، ومرة بوصف الصحراء بالاسبانية وليس المغربية ، ومرة التناقض الصارخ بقبول اتفاق الاطار بشقيه الحكم الذاتي والاستفتاء ، ثم القبول بالحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ،،، لخ جعل المجتمع الدولي يشكك في جميع الاطروحات المخزنية ، ويركز فقط على حل الاستفتاء وتقرير المصير ، وهذا ما تترجمه جميع قرارات مجلس الامن ، وتترجمه توصيات اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، حيث تحظى بالتصويت بالغالبية المطلقة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة .
ان اجراء الاستفتاء باسكتلندة ، وكيفما كانت ستكون نتائجه ، والاستفتاء المرتقب في 9 نوفمبر بإقليم كاطالونيا ، سيرخي بظلال قاتمة على القضية الوطنية التي بخلاف الاقليمين السالفين ( اسكتلندة وكاطالونيا لم يسبق لمجلس الامن ولا للجمعية العامة للأمم المتحدة ان اصدرا قرارا بشأن تقرير مصيرهما ) ، فان جميع القرارات التي اصدرها مجلس الامن ، كانت تنصص على الاستفتاء وتقرير المصير ، والقرار الاخير 2152 واضح ، خاصة حين شطب بالكامل على حل الحكم الذاتي الذي اقترحه المخزن .
فهل سيطلع المخزن الى الجبل ، ويستمر في رفض استقبال مبعوث بانكيمون السيد رووس بدعوى عدم تلقيه جوابا مقنعا وواضحا عن استفساراته وشروطه التي تخرج عن نطاق اختصاص رووس ، وتؤول الى اختصاص مجلس الامن ؟
وهل اصبحت المواجهة اليوم ، بين المخزن الذي فرط في الصحراء كما فرط في الصحراء الشرقية ، وتنازل عن سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ، وبين مجلس الامن والأمم المتحدة الواضحين في قراراتهما ؟
وبعد رفض استقبال الملك من قبل بانكيمون للنقاش في تحديد مهمة رووس ، وحول المقترح المخزني بحل الحكم الذاتي ، ماذا لو لجأ مجلس الامن الى معالجة القضية الصحراوية طبقا للفصل السابع من الميثاق الاممي ؟ وماذا اذا قرر مجلس سحب المينورسو ( بعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية ) ، وترك الباب مشرعا نحو العودة الى الحرب بالمنطقة ؟ وماذا اذا اشتعلت الحرب ، وهذه المرة ستكون خطيرة ، وحينها سيتدخل مجلس الامن بالقوة لفرض تطبيق جميع قراراته بشأن القضية الصحراوية ؟ وماذا اذا انفصلت الصحراء عن المغرب ، وتم تأسيس جمهورية صحراوية تفصل حدوده التاريخية عن موريتانيا ، وتبعده عن عمقه الافريقي الذي يعترف بالجمهورية الصحراوية ( الاتحاد الافريقي ) ؟
والسؤال من سيحارب في الصحراء : هل الشعب الفقير المقموع والمغلوب على امره الذي منه يتكون الجيش والقوات العمومية ، ام ان هذه المرة سنجد في الصفوف الامامية بالصحراء آل الفاسي والمخزن اللذان يستنزفان لوحدهما الخيرات والثروة الوطنية التي يبحث عنها الملك اليوم ؟
اذا ذهبت الصحراء ، وهي قضية وقت ، على الشعب ان ينزل الى الشارع لمطالبة المخزن بالحساب فيما آلت اليه القضية الوطنية من فشل يهدد مستقبل وحدة المغرب ، ووحدة شعبه . ان قضية الصحراء هي البوابة الرئيسية للدخول الى الدولة الديمقراطية القادرة وحدها على امتصاص نزعات الانفصال والتجزئة ، وان ما ينتظر القضية الوطنية من مؤامرات خطيرة ابتداء من ابريل 2015 و 2016 ، لا بد ان يصاحبه تهيئ وتحضير شعبي ، تضمه كتلة تاريخية جماهيرية تتكون من الشعب ومن قوى التغيير الحقيقية ، معتمدين السلم في تحقيق المطالب المشروعة بمختلف الطرق والوسائل المتحضرة التي تعترف بها الامم المتحضرة والأمم المتحدة . لقد قطع المغرب منذ العشرية الاولى من الالفية الثالثة والى الآن 999 ميلا ، ولم يبق له غير ميل واحد لبناء الدولة المدنية الديمقراطية . ان الامم المتحدة ، ومجلس الامن ، والمحكمة الجنائية الدولية ، ومنظمات حقوق الانسان الدولية ، والمجتمعات المدنية والديمقراطية ، تجعل من المستحيل على المخزن اطلاق ولو رصاصة واحدة على المتظاهرين السلميين ، وان اطلقها وسقط شهداء ، ستكون حتمية نهايته الاكيدة ، مع ما سيعقب ذلك من محاكمات ، كما سيكون عاملا في تسريع انفصال الصحراء عن المغرب . الآن يستحيل خلق تزمامارت جديد او معتقلات سرية جديدة ، النقطة الثابتة 1 و 2 و 3 ، او قلعة مكونة او الكمبليكس ... لخ . ان لجوء المخزن الآن الى منع جميع انشطة الجمعيات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني ، ليس دليلا على قوته ، بل انه دليل ملموس على ضعفه .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة صاحب الجلالة ، معارضة صاحب الجلالة
- ولّى زمن الخوف ، فإذا جنّ الليل ، سدّد طلقاتك بلا تردد
- حين تخلى المخزن عن مسؤولياته
- القمع بالمغرب
- الشعب الصحراوي - الصحراء الغربية -- الاستفتاء لتقرير المصير ...
- بدأ العد العكسي لنزاع الصحراء ( الغربية )
- مخزن = اقطاع -- فاشية -- اعدام -- ارض محروقة
- ظهور المذاهب السياسية والصراع الطبقي في الاسلام
- الى ... ك الخليفة ... ميتا
- تقرير قانوني -- فبركة الملفات الكبرى -- محنة قادة الكنفدرالي ...
- هل لا زال لمثيْقِف ( المثقف ) اليوم وعي طبقي
- سبعة واربعون سنة مرت على النكسة - هزيمة 5 جوان 1967 -
- - الائتلاف من اجل التنديد بالدكتاتورية بالمغرب -
- الاسس البنيوية والازمة الراهنة للوضع الاقتصادي والاجتماعي ال ...
- بانكيمون يعين الكندية كيم بولدوك على رأس المينورسو
- تطور اساليب القمع بين الاستمرارية والتجديد
- العنف الثوري
- قراءة لقرار مجلس الامن رقم 2152
- فاتح ماي : اسئلة واجوبة
- النهج الديمقراطي ورقصة الحنش ( الثعبان ) المقطوع الرأس


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - تأثير استفتاء اسكتلندة واستفتاء كاطالونيا المرتقب على الاستفتاء في الصحراء