أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - أيوب التوراتي وفاوست جوته ( دراسة مقارنة ) (1)















المزيد.....

أيوب التوراتي وفاوست جوته ( دراسة مقارنة ) (1)


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4587 - 2014 / 9 / 28 - 11:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أيوب التوراتي وفاوست جوته
( دراسة مقارنة )
(1)

مأساة أيوب
بعد طوفان نوح يراجع الرب ضميره ويقرر أن لا يعود إلى فعلته مرة أخرى :
21 فتنسم الرب رائحة الرضا. وقال الرب في قلبه: لا أعود ألعن الأرض أيضا من أجل الإنسان، لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته. ولا أعود أيضا أميت كل حي كما فعلت .
ولكن ما سيفعله بأيوب أكثر من لعنة وربما اسوأ من الموت .فمزاجية الرب ليس لها حدود ، فهو يغضب حين يريد ويرضى حين يريد !وسنغض الطرف عن الخلق الجديد الذي نشأ بهذه السرعة
بعد الطوفان المهول !!

رحلة مع سفر أيوب :

1 كان رجل في أرض عوص اسمه أيوب. وكان هذا الرجل كاملا ومستقيما، يتقي الله ويحيد عن الشر
2 وولد له سبعة بنين وثلاث بنات
3 وكانت مواشيه سبعة آلاف من الغنم، وثلاثة آلاف جمل، وخمس مئة فدان بقر، وخمس مئة أتان، وخدمه كثيرين جدا. فكان هذا الرجل أعظم كل بني المشرق !!
(التعجب من عندنا )
إذن كان أيوب رجلا تقيا ولديه ثروة غير معقولة في ذلك الزمن ، ولا نعرف ما حاجته إلى خمسمائة أتان ) حمارة) !( ربما كانوا يشربون حليب الأتن ) كما أن كاتب التوراة يعد البقر بالفدان . والفدان كما هو معروف مساحة من الأرض تقدر ب 4200م مربع . ويمكن أن يطلق على النير الذي يوضع على رقبة الثوريين للحرث ، ويمكن أن يكون المحراث نفسه ( حسب الوسيط ) فكيف يمكن أن يستخدم في تعداد البقر ؟! ربما خطأ ترجمة ) .
كانت حياة أيوب رغيدة وهنيئة قبل أن يقع تحت مكيدة الشيطان واختبار الرب ، فقد جاء يوم شاء فيه أبناء الرب أن يمثلوا أمامه وجاء الشيطان معهم :
1 :6 و كان ذات يوم انه جاء بنو الله ليمثلوا امام الرب و جاء الشيطان ايضا في وسطهم.
ويجري الحوار التالي بين الرب والشيطان :
1 :7 فقال الرب للشيطان من اين جئت فاجاب الشيطان الرب و قال من الجولان في الارض و من التمشي فيها
1 :8 فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدي ايوب لانه ليس مثله في الارض رجل كامل و مستقيم يتقي الله و يحيد عن الشر
1 :9 فاجاب الشيطان الرب و قال هل مجانا يتقي ايوب الله
1 :10 اليس انك سيجت حوله و حول بيته و حول كل ما له من كل ناحية باركت اعمال يديه فانتشرت مواشيه في الارض
1 :11 و لكن ابسط يدك الان و مس كل ما له فانه في وجهك يجدف عليك
1 :12 فقال الرب للشيطان هوذا كل ما له في يدك و انما اليه لا تمد يدك ثم خرج الشيطان من امام وجه الرب
يظهر الله في النص باسمه الإلهي ( الله ) (والرب ) وبأسماء أخرى في اللاحق من النص ،ويفترض أن الله هنا هو الإله اليهودي التوراتي يهوه ، الذي يطلق عليه في التوراة أسماء مختلفة .
لا نعرف من النص من هم أبناء الله هل هم من البشر أم من الملائكة . تفاسير الكنيسة تقول أنهم من الملائكة ،ومن المعروف أن الشيطان ملاك جميل كان مكرما عند الله . وكذلك لا نعرف الحال التي ظهر فيها الله ، لكن مثول بنيه أمامه يوحي أنه جالس على العرش !
يتضح من النص العلاقة الحميمة بين الشيطان والله ، فهو ( الله ) يعتبره من بنيه ، ولم يتحدث إلا معه دون الآخرين ، وهذه مكرمة من الله أن لا يتحدث إلا معه، ولو لم يكن كذلك لطرده من بين الملائكة الآخرين ،ولما تحدث إليه بهذه الحميمية ، سائلا إياه من أين جاء ( أي عن أخباره مما يوحي بالإطمئنان عليه ) وإجابة الشيطان بأنه كان يتجول ويتمشى في الأرض ، يوحي بالحرية المتاحة له في الأرض بأن يتجول ويذهب أينما شاء ، بل ويفعل ما يقدر عليه ، فها هو الله يسأله
ويطلب إليه بل ويوصيه بعبده أيوب بأن يجعل قلبه عليه .
نفهم من هذا الكلام أن الشيطان عطوف وصاحب قلب كبير يمكن أن يوظفه في محبة الآخرين ورعايتهم ، حتى أن الله يطلب منه ذلك . غير أن الشيطان يبدو
عارفا بأسرار القلوب حين يجيب بأن الأمر ليس مجانيا عند أيوب كما يعتقد الله ،
فالمسألة تتعلق برعاية الله له ومباركة أعماله ، وإذا ما توقف عن ذلك فإن أيوب سيشتمه علانية ( في وجهك يجدف عليك ) ! وبدلا من أن يجيب الله الشيطان بأنه أدرى بعبده منه ، نراه يتخلى عن أيوب ويطلق يدي الشيطان في ماله وعياله ، في محاولة منه لمعرفة مدى ايمان أيوب به . وهنا يتضح أن قدرة الله على المعرفة ليست مطلقة ، وإلا لعرف مدى إيمان أيوب دون تعريضه لهذا الإختبار الفظيع .
وحسب هذا الفهم الشيطاني فإن جميع الفقراء وخاصة الذين لا يملكون ولو بقرة من مثيلات أبقار أيوب يكفرون بالله ، طالما أن الإيمان مقترن بالثروة الممنوحة من الله !
والتدقيق في الجملة السالفة يشير إلى أن الشيطان غير قادرعلى أن يفعل ذلك وحده ، فهو يأمر الله أن يبسط يده ويمس كل ما لدى أيوب . وهنا يبدو التعاون ( التآمر) بين الله والشيطان لمعرفة مدى إيمان أيوب واضحا . ولا نعرف ما إذا كان الشيطان هو الذي يغوي الله ، أم أن الله ضالع في المؤامرة ، لأنه غير قادر على معرفة مدى إيمان أيوب دون إنزال المصائب به .
يستجيب الله ويلبي الطلب الشيطاني على الفور ، فيرفع بركته عن أيوب ويسلمه إلى الشيطان مشترطا شرطا واهيا أن لا يمد يده إليه ، وهذا الشرط يتخلى عنه الله فيما بعد :
12 فقال الرب للشيطان: هوذا كل ما له في يدك، وإنما إليه لا تمد يدك. ثم خرج الشيطان من أمام وجه الرب .
أول ما فعله الشيطان هو أنه قام بتسخير ( السبئيين ) فنهبوا الأبقار والحمير وقتلوا الغلمان :

13 وكان ذات يوم وأبناؤه وبناته يأكلون ويشربون خمرا في بيت أخيهم الأكبر
14 أن رسولا جاء إلى أيوب وقال: البقر كانت تحرث، والأتن ترعى بجانبها
15 فسقط عليها السبئيون وأخذوها، وضربوا الغلمان بحد السيف، ونجوت أنا وحدي لأخبرك .

سنضطر إلى وقفة هنا يفترض أن تكون في الهامش :

يلاحظ هنا أن الشيطان سخر السبئيين (نسبة إلى سبأ ) وسبأ كانت مدينة في اليمن القديم ، وهذا يعني أن نوحا يمني والأحداث تجري في اليمن كما أشار العديد من الباحثين أن أحداث التوراة تجري في اليمن، وأن التوراة يمنية ، وأحداثها تجري في جنوب شبه الجزيرة العربية . وبعد عودتي إلى المعجم الوسيط ،وجدت أن كلمة سبأ تعني :" اسم رجل يجمع عامة قبائل اليمن . وفي المثل : تفرقوا أيدي سبأ . وأيادي سبأ ضرب بهم المثل في التفرق ، لأنه عندما غرق مكانهم وذهبت جناتهم ( يقصد بعد انهيار سد مأرب ) تبددوا في البلاد ، فأخذت كل طائفة منهم طريقا . "
(الوسيط ص 413)

ويبدو أن جنة عدن وطوفان نوح كانا في اليمن أيضا أو في المنطقة حسب ما يوحي به النص . وليس غريبا أن نجد في اليمن اليوم مدينة تحمل اسم عدن ( بفتح الدال وليس تسكينها كما في عدن الجنة )
وطالما أننا خرجنا عن المنهج المألوف في البحث الأكاديمي بالخروج عن صلب الموضوع ، فلا بأس من أن نذهب إلى الموسوعة العربية الميسرة لنرى ماذا ورد عن سبأ :
سبأ :" دولة ظهرت في شرق اليمن في المنطقة المعروفة باسم صرواح ومأرب .فسميت البلاد باسمها ، وإليها تنسب الحضارة واللغة والديانة السبئية ، ورد ذكرها في التوراة في قصة زيارة بلقيس لسليمان في القرن العاشر ق.م. استمرت حضارة السبئيين فترة طويلة ، ورغم انتقال العاصمة إلى مناطق أخرى ، بقيت لبلاد سبأ أهميتها ، طالما كان سد مأرب يؤدي وظيفته .وظلت للعاصمة مأرب مكانتها كمركز ثقافي وتجاري هام في جنوب الجزيرة العربية . حتى قبيل ظهور الإسلام ، عندما تهدم السد ولم يهتم أحد بترميمه حتى الآن ."

(الموسوعة المذكورة ص 956)
تطرقنا في مقالة سابقة إلى اسطورة سليمان الذي لم يوجد في التاريخ حسب معظم المؤرخين والآثاريين حتى الإسرائليين منهم ، الذين اعتبروا وقائع التوراة متخيلة وليست تاريخية .

عودة إلى النص التوراتي :

وقبل أن يكمل الرسول كلامه دخل رسول آخر ليقول :

16 وبينما هو يتكلم إذ جاء آخر وقال: نار الله سقطت من السماء فأحرقت الغنم والغلمان وأكلتهم، ونجوت أنا وحدي لأخبرك .
( نار سقطت من السماء ) ؟ ! هل أسقطها الله أم الشيطان ؟ يفترض أنه الشيطان بعد أن أطلق الله يده .
ويتكررقدوم الرسل المخبرين عن المصائب :
17 وبينما هو يتكلم إذ جاء آخر وقال: الكلدانيون عينوا ثلاث فرق، فهجموا على الجمال وأخذوها، وضربوا الغلمان بحد السيف، ونجوت أنا وحدي لأخبرك
هل كان الشيطان في حاجة لأن يحضر فرقا كلدانية من العراق أيضا ؟
18 وبينما هو يتكلم إذ جاء آخر وقال: بنوك وبناتك كانوا يأكلون ويشربون خمرا في بيت أخيهم الأكبر
19 وإذا ريح شديدة جاءت من عبر القفر وصدمت زوايا البيت الأربع، فسقط على الغلمان فماتوا ، ونجوت أنا وحدي لأخبرك

وأمام هذه المصائب لم يجد أيوب إلا أن يمزق ثيابه ويقص شعره غضبا وحزنا وحدادا :
20 فقام أيوب ومزق جبته ، وجز شعر رأسه، وخر على الأرض وسجد .
ورغم أن فعل أيوب ينم عن غضب وحزن شديدين رغم سجوده ، إلا أن كتبة التوراة
يصرون على أنه تقبل أمر الرب :
21 وقال: عريانا خرجت من بطن أمي، وعريانا أعود إلى هناك. الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركا
وبدلا من أن يتقبل الرب هذا الكلام المعبرفعلا عن إيمان أيوب .. نراه يخضع للمشيئة الشيطانية
ثانية ويطلق يد الشيطان في جسد أيوب هذه المرة .
يتبع
(2)



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الألوهة الواحدة رغم تعدد المفاهيم والمظاهر .
- وحدة الوجود في المفهوم الحديث المعاصر حسب محمود شاهين ( أنا ...
- النص الكامل لقصة - أبناء الشيطان - كما صدرت في حلتها الأخيرة ...
- بعد شهر من اشتراكي في الحوار المتمدن !!
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (9) وأخيرة
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (8)
- أنا واحد كذاب !!
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (7)
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (6)
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (5)
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (4)
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (3)
- محنة العقل الحديث ومحنة المثقف !
- في محنة العقل العربي !
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (2)
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (1)
- ملكة السماء تنشد سحر جمالها للأديب !
- ابن الله ( الفصل (12) من الملحمة الأدبية ( رحيل معلن إلى رحا ...
- المسيح الصوفي والبطل التراجيدي (2)
- الألوهة الذبيحة في المسيح الإله (3)


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - أيوب التوراتي وفاوست جوته ( دراسة مقارنة ) (1)