أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - علاقة الأحلام بالعقل ونظامه التشغيلي















المزيد.....

علاقة الأحلام بالعقل ونظامه التشغيلي


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4586 - 2014 / 9 / 27 - 23:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العقل والحلم

شكلت الأحلام جزءا مهما من تأريخ الوجود لإنساني ومصدر من مصادر المعرفة أو مصدر مساعد لإنتاجها ,ليس هذا فقط ,بل كانت للأحلام في تطورها وتشكلها وتنوعها مدار اهتمامه الإيجابي لما تشكله من محورية مهمة في غيبيات الإنسان التي سعى من خلاها للاكتشاف والموائمة معها أو الخشية منها مما يدفعه لابتكار التصرفات التي تمثل رد الفعل على هذه الخشية منها.
حتى أن الإنسان من ضمن سعيه الدائم التأريخي في أكتشاف المعرفة حاول وبعدة وسائل ومن خلال تسخير معرفته الدينية والعلمية أحيانا سعى للتحكم فيها أو أنتاج أحلام وفق قياساته أو التقليل من بعض الأثار التي تشكل له خرق أو خشية من فعلها و ردة الفعل التي يتوقع منها.
لذا كان عليه أن يبحث في سلسلة طويلة ومتتالية من التساؤلات ويفسر الكثير من المظاهر والمقولات ويربط بينها وبين الفلسفة وعلم النفس والدين والغيب في توليفة تشعبت واشتبكت وتداخلت فيما بينها دون أن يصل إلى قناعة أو يقين حاسم جازم عن الكثير من اجابات الأسئلة.
ما هو مفهوم الأحلام كظاهرة وكيف يمكن تفسير تكوينها أو حتى كيفية تذكرها ,اسئلة محيرة عن عالم فيه الكثير من الغرابة والكثير من المجهولية سواء في جهة أساسيته أو في المعطيات التي نتعامل بها وأيضا أو في النتائج التي ترشح من خلال تجربة الحلم أو الخوض في دراسته أو البحث في جزئياته.
ان معظم دارسي الاحلام يصفونها كونها نشاط نفسي يفسر ويوضح الكثير من النشاطات اللا واعية للنفس الإنسانية وقد وجدت من خلال الدراسة ان هذه المذاهب السلوكية التي تفسر الاحلام تذهب لتبريرها وتوضيحها نحو عاملين مهمين .
أ‌- اللاوعي المكبوت والمكنون
ب_ اثر الحاجات والرغبات الإنسانية والتي يعجز الانسان عن التعامل معها.
وتنقسم كل مجموعة إلى مفردات متنوعة حسب معطياتها ومؤدياتها أو كيفية وقوعها أو مبرراتها أو منشأها الطبيعي نفسي أو عقلي, وكل مجموعة فرعية تتميز بخصائص تفردها على مستوى تقرير شكليتها أو مظهرها بالتعاطي الإنساني معها, فليس كل الأحلام ذات طبيعة واحدة أو ذات إيحاء واحد وهذا ما جعل البحث فيها ذو طبيعة حذرة ومستصعبة أحيانا لتداخل ما هو عقلي بما هو نفسي بإعتبار إن الأثنين يلعبان دورا أساسيا في تصنع الحلم وإيجاده.
والحقيقة ان التشابك بين المفاهيم والمحددات التوصيفيه هي المسؤولة عن هذا الخلط بين نشاط العقل ونشاط النفس باعتبارهما قوتين فاعلتين في اثرهما على ما يظهر من سلوكيات وترجمات حسيه عند الانسان ,حتى في الواقع العملي عندما يتصرف الانسان تصرف سلوكيا حسيا فأن فعل النفس والعقل يشتركان بقدر او بأخر في صياغته وفهمه وتبريره وقياسه .
البحث هنا لا بد أن يجيب على السؤال الأساسي في هذا كله ,أين وكيف ومتى يكون العقل فاعلا جوهريا ومرتكز في استيلاد صورنا الحُلمية؟ أو التدخل في أسس وحيثيات الطريقة التي تتكون فيها أو تظهر بها للذاكرة من خلال ألية التذكر أو أن يتم تغيبها أيضا في دهاليز النسيان.
يظن الكثير من المختصين أن الحلم شأنه شأن الإبداعات التي يقوم بها الإنسان في وجودة المتواتر وفي مجاله ومركزين على عامل الخصوصية لدى كل فرد فيما يتعلق بالصيرورة أو حتى ترجمة تلك الأحلام وتجسيدها على هيئة مدركات ومحسوسات ذهنية، من ثم تحويل الصور الحلمية الذهنية حول مواضيع معينة إلى مواد حسية تتعامل مع مفردات الوعي الظاهر، ومن هذه الجزئية المتعلقة بالوعي يمكننا القول عليه إن الحلم في ذلك يشبه واقع هؤلاء المبدعين.
ففي الحلم يبتدع النظام العقلي بإيعاز من النظام الحسي وأحيانا خارجه دوافع منتجة لتشكيلات من صور وحتى حركات فعلية أو دوافع سلوكية تصور لنا، أو تُصيغ لتصوراتنا شكل صور حقيقية في ساعة تكونها ولا يشترط أن تكون حقيقة متماثلة للواقع أو مطابقة للقبول العقلي، لكن العقل في وقتها لا يرفضها لأنها غير عقلانية أو لأنها خارجة عن الواقع.
ومن هنا تأتي خصوصية الحلم لدى كل منا التي تنحصر بالتنوع على خط منفتح لا حدود له وباللا واقعية في أحيان كثيرة والدليل الأكبر في ذلك أن أحلامنا لا تتشابه وقد لا تتكرر بنفس التفاصيل كقاعدة عامة، حتى وإن تشابهت إبداعاتنا وطرق تنميتها وفي خطوطها التي نترجم معانيها حسب القواعد العقلية.
أحلامنا لن تتشابه ولو كان الواقع غير ذلك لرأينا تشابه في نمطية أحلام الناس ولو قسمناهم لفئات محددة تتصف بعوامل ومباعث متشابه في طور ما يستنتجه علماء النفس من قواعد تفسر نسقية هذه الأحلام، ومن ذلك كله يمكننا القول بان كل حلم من أحلامنا لا يخلو من إبداع وتفردً اللحظة وعلاقة هذه اللحظة بالعقل أولا بشقه اللا واعي، وهو في ذلك يتقاطع إلى حد كبير مع أحلام اليقظة من حيث كينونة الرغبات في مادته الفكرية وتحكم العقل الواعي، هنا فقط يمكننا أن ندرك أن سبب تأويل الأحلام وتفسيرها مرتبط بالوعي فيحولها من رمزية إلى حدوثية في الوقت الذي تُعد فيه أصلاَ رمزية لا حدوثية.
مسائل مثل الحب والكراهية وغيرها من التوصيفات لا يمكن فصل العقل عن مدارات وأطر الفعل النفسي بل ان هذا الفعل له درجات وتأثيرات متبادلة ومتشابكة في صياغتها والتعبير عنها ,كما اننا لا ننكر ان لقوى النفس الحسية والناطقة اثار واستحقاقات وهي المسؤولة في الغالب عن تسجيل وصيغه الفعل السلوكي لكن ليس بعيدا عن العقل وسلطته الحاكمة .
ومن هنا لابد من دراسة كلا القوتين الفاعلتين واثرهما في فهم الاحلام كونهما رموز ومعطيات واشارات يشتركان في صياغتهما على مستوى الذات والآخر ولأن إنكار دور العقل وتصوير الأحلام على أنها مجرد فعل أو إنفعال نفسي تسيطر به النفس على الوعي الباطن ليترسب بالذاكرة المتحركة فيبقى في أطار الصورة الذهنية حتى يقرر العقل أما أستحضارها بموجب سبب وعلة أو رفضها بموجب نفس الأسباب قول يبتعد عن العلم والمنطق .
يستند هؤلاء مثلا على أن العقل البشري في أحيانا يتعامل مع الأحلام كما يتعامل مع الذكريات, ففي الذكريات المؤلمة والقاسية والتي لها أثر سلوكي قوي على الفرد يحاول أن يتجاهلها ولا يسمح لأي عوامل أن تدفع بها للظهور في حالة دفاع ذاتي نفسي ضد الألم أو تجنبا من الخوف وهذه حالة شائعة ومعروفة ومؤشرة, في الحلم يقوم العقل أيضا بدور قمعي تجاه هذه النمطية من الأحلام التي تشكل أسبابها تماثلا مع أسباب الذكريات المؤلمة أو يحاول جاهدا استظهار الأحلام الجميلة وأحيانا تصوير واقع جميل اكثر مما هو فيه حقيقة.
في الصورتين هنا يحصر بعض الدارسين و المختصين بالشأن النفسي دور العقل في هذه المرحلة تحديدا, أما ما سبقها فيتركون للنفس الحسية وبواطن الوعي اللا حسي أن يلعب الدور الكلي في تصنيع وتشكيل الحلم وكأن العقل يقف متفرجا دون أن يكون له دور في سيرورة الحدث الحلمي أو تحديد اطاراته.
في دراسة شخصية لبعض أحلام الأشخاص الذين اتابعهم صادفني نموذجين يمكن الاستنتاج منهما على حقيقة دور العقل ,الأول من ضمن أحداث ما كان يرى في حلمه أن يرتكب جريمة الزنا في محرم, بمجرد أن عرف أن من يمارس معه الحلم محرم قفز من نومه مستيقظا مرعوب لهذه الرؤية التي وهي في عالم اللا واقع رفض عقله أن يقبلها لأنها أساسا يرفضها في الواقع.
أما الحالة الثانية كانت تتعلق بشخص يرى نفسه في حالة صلاة وتعبد لكنه وهو في الرؤية يكتشف كما هو الواقع الفعلي أنه غير مهيأ لها وأنه متنجس فيقطع الصلاة يردد بكلمات الأستغفار ليستيقظ لأن عقله يرفض الاستمرار في الحلم بالشاكلة التي كان عليها, هنا العقل حاضر وإن بصيغ فعل لا واعي لكنه قادر على التحكم والأستحكام في تصوير وتكوين الرؤية الحلمية.
وفاقد العقل بصورة كليه او جزئيه يفقد القدرة على الحلم بدرجه او اخرى او قد تكون احلامه بمستوى معين من الطرح الشكلي والكيفي مما يعزز قاعدة ان العقل هو الذي يمارس أليه الحلم والاستحلام وأكيد بوازع حسي نفسي ولكن من يعطيه الشكلية الرمزية يبقى نظام العقل بما يمتلك من قدرة تصوير وفرز وتقرير حتى لو كان الحلم غير عقلاني أو خارج عن تقريراته ,ومن هنا فإن بعض العلماء والمختصين يدرسون على أن خصيصة مهمة تميز الإنسان عن الكتلة الحيوانية بأنه كائن يحلم أو كائن قادر على أنتاج معرفة من خلال الحلم .
حتى البدن المادي الذي يمثل الوعاء والحيز الطبيعي الذي يجمعهما له فروض واشتراطات خاصة في تجسيد واقعه الحلم كما ان العامل الخارجي وتعامل القوى الحسيه معه له ايضا الاثر الفاعل والاكيد في موضوعية وشكلية الحلم , ومن المؤكد ايضا ان ما يجمع هذه العوامل جميعها ويصهرها في شكل مجموعات رمزيه ويطرحها للخارج كنشاط نفسي هو العقل ونظامه التكويني .
ان قوى النفس الحسيه وقدرة البدن على التأثير عليها ومجمل تفاعلات النفس مع العوامل الفاعلة الخارجية والذاتية هي التي تحفز وتشغل عواملها داخل النظام العقلي الادراكي بشقيه الفاعل الارادي والمنفعل ايضا خارج اللاوعي العقلي ,فيستجيب له هذا النظام بفاعلية ليترجم عبر تصورات منتزعة من الذاكرة العميقة والحديثة ,ومن المؤكد ايضا ان يتم ذلك وفق قدرة وقوة الحس على صياغة شكلية الحلم ونمطيته لكن ليس خارج ارادة العقل .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلم ومحدد الزمن
- الأحلام صور عقلية منتجة
- إشكالية الحداثة في تجسيدها للواقع الما بعدي
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح1
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2
- سلعو وشنه , قصة قصيرة
- التجديد الفكري واعادة قراءة الفهم الديني
- الكتب والصحف في النص القرآني
- مفهوم التناقض والتضاد
- الحاجة والضرورة اختلاف مفاهيم ودلالات
- النظام الأثري وقيمه
- التنظير و النقد الفكري
- مصطلح الأثرية
- الحوار ومبدأ التواصل ح1
- الحوار ومبدأ التواصل ح2
- عن حوار الجدران ح1


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - علاقة الأحلام بالعقل ونظامه التشغيلي