أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيهانوك ديبو - في رباعية أوباما: سوريا- كرديا















المزيد.....


في رباعية أوباما: سوريا- كرديا


سيهانوك ديبو

الحوار المتمدن-العدد: 4586 - 2014 / 9 / 27 - 21:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في رباعية أوباما: سوريا- كرديا
سيهانوك ديبو
ملخص تنفيذي
كلمة أوباما الموجهة إلى الشعب الأمريكي والعالم في العاشر من الشهر الحالي والتي أكدت على وجوب محاربة الإرهاب في كل من العراق وسورية حيث تم توصيف وجوب الضربة بأنها ستكون بسبب دخول داعش مرحلة متقدمة وتشكلها الخطر على الأمة الأمريكية وخاصة بعد جز رقاب كلا من الصحفيين الأمريكيين. تم اعتبارها نقطة تحول في الأزمة السورية وخاصة بعد ترجمتها في الثاني والعشرين من أيلول الحالي إلى عشرات الغارات الجوية الموجهة لمواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام- داعش.
الحديث عن النظرة الأولى والعامة إلى خطاب أوباما لم يكن مؤثرا وخاصة بُعيد الخطاب نفسه؛ وخلافها فقد توقع الكثير من المتابعين بأنها لن ترق إلّا وتشابه نظيرتها المتعلقة بتوجيه ضربة جوية إلى النظام في آب العام الماضي بسبب استعمال الكيماوي وتبعياتها بإيجاد تسوية للملف الكيماوي السوري وبإصرار من الدب الروسي الذي ( لَفْلَفَ) الموضوع برمته على طريقة المدد الغيبي. والضربات الأمريكية على مواقع التنظيم الإرهابي لم تكن مفاجئة بل كانت غير متوقعة في المُعطى الزمني سيّما أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد وصف أن العمليات العسكرية الموجهة إلى تنظيم داعش في سوريا سوف يتم التحضير لها لمدة ثلاثين يوماً يلي يوم الخطاب، وهذا بحد ذاته له عدة احتمالات مركبة؛ منها المتعلق بالشأن السوري العام وتناول الدول العالمية والإقليمية للشأن، وما مؤتمر جدة الأول والثاني إلا تأكيد على انقسام الرؤية في تناول الأزمة السورية وبشكل واضح؛ حيث انقسمت الدولية ( الثانية) إذا استطعنا تسميتها بالثانية واعتبار الأولى محددة بالروس وإيران والصين وغالبية مجموعة البريكس، فَمِن حيث النظرة الاجرائية قد انقسمت المجموعة الثانية إلى ثلاثة مجموعات تكاد تكون مترابطة شكليا، الأولى وهي الأكثر فاعلية وتضم إلى جانب أمريكا مجموعة الدول الخليجية، والثانية أحادية الفعالية أي المستعدة أن تكون حليفا ميدانيا للضربة السماوية في العراق فقط وهذه الدول ضمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا؛ ويعتقد أن فعاليتها الأحادية تنجم بسبب افتقار الضربة إلى المشروعية القانونية أي غير المشرعة في الجمعية العمومية وتحت بند الفصل السابع كما حدث مثلا في كوسوفو في تسعينيات القرن الماضي، والثالثة نستطيع تسميتها بالمجموعة المترددة والسلبية وتضم تركيا وقطر وهي المجموعة الأكثر تواطؤ مع حركية داعش والنصرة؛ والأخيرة أي النصرة باتت على طاولات الديبلوماسية الترك- قطرية ومحاولتهما شرعنة النصرة وزجها في إشكالية المصطلح المُصَّر على إيجاده وتوليفه وفق الموجة الجديدة المقبلة عليها الأزمة في سوريا، وتواطؤ هذه المجموعة مع داعش بات أمرا واضحا للعيان رغم الاصرار التركي على النفي بشكل الإيجاب؛ أي إعلانها مؤخرا بأنها سترحِّل ألف مقاتل أجنبي داعشي من أراضيها وتزامن هذا الترحيل المزمع مع إعلان مجموعة جديدة سميت نفسها بتجمع كتائب الجيش الحر واستعدادها دخول الحرب مع الفصائل المعتدلة من الجيش الحر ووحدات حماية الشعب التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية والمعلنة في العشرين من كانون الثاني من العام الحالي، هذا التجمع الجديد يُنظر إليه أنه صناعة تركية جديدة تم تبديل عماماتها وحَفِّ ذقونها فقط.
الضربة على مواقع التنظيم في سوريا كانت غير متوقعة- زمنيا ويمكن استخلاص ذلك لأسباب محددة جدا أهمها التحولات الميدانية والأوضاع المتعلقة بكوباني وتَوّقع سقوطها في يد داعش، وخطأ المراقبين في التقدير بعد أن تم تدارك الهجمة ذات الكثافة العالية جدا من قبل داعش واتخاذ وحدات حماية الشعب خطوات أدت فيما بعد إلى وقف الزحف الداعشي والذي لم يرق هذا المشهد لتركيا المنتظرة حتى اللحظة وكل اللحظات القادمة سقوط كوباني من أجل دخولها الحلف المتشكل وانتقالها من المجموعة الثالثة إلى الأولى وفق التصنيف المذكور وإنشاء منطقة عازلة بمشاركة دولية وبإشراف تركي مباشر تحقق لتركيا حلمها القديم- الجديد إعادة السلطنة العثمانية الأردوغانية وإفشال مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية .
في ظل تداخل جزئيات المشهد الأوليّة للضربة الجوية على داعش؛ يمكن استشفاف رباعية أوباما بأنها ستكون مقوضة ومُضَعِّفة ومحجمة لتمدد داعش دون أن تقضي عليه سورياً، وفي المقابل من المحتمل اضعافه إلى الحد الأدنى في العراق خاصة في ظل اتفاق شبه دائم على انهاء كل دور لداعش في العراق. وإذا ما تم حساب عدد التوماهوك المُصّوَب وعدد قتلى داعش فناتج عملية الضرب تحيل إلى وجوب أكثر من عشرة أعوام حتى يتم تصفية داعش؛ في حال تم منع أية حالات التحاق جديدة إلى صفوف داعش!!
لكن لماذا يصبح الأمريكي والأوربي؛ داعشي؟
في مؤلفه " اللّا منتمي " لكولن ولسون في العام 1956 يتطرق فيها إلى جملة من الأمور يؤكد من خلالها مسألة وظهور ظاهرة اللانتماء التي يعانيها الفرد الغربي دون أن يحدد ماهيتها؛ لكنه يسردها في الظواهر التي آلت إليه حيوات الفرد الغربي واستحالة تعايشه مع الجماعة المجزأة أصلاً بدون توضيحِ الأسباب التي شكّلت ظاهرة الانتماء نفسها؛ حتى غدى به الأمر إلى توصيف الفرد الأمروأوربي بأنه هيئة متحركة أو لباس متحرك دون روح وفعالية. فَمٌ يتحرك لا ينطق، وفمه معد لاستقبال كل شيء يحفظ ميكانيكيته دون ديناميكيته. وتأتي رواية (الغثيان) لجان بول سارتر، كأبرز مثال على هذه الحالة، فقد جاء على لسان البطل: "... ليس الغثيان داخلي، إنني أحس به في خارجي، هنالك في الحائط، في الحمالات، في كل مكان حولي.."، وكذلك نجد الحال في اللامنتمي عند ديستويفسكي وفريدريك نيتشه وهنري باربوس وكافكا وفي " الشيخ والبحر " لأرنست همنغواي.. وغيرهم، كما يقول كولن ولسن، وقد عبروا عن المشكلة اللا انتمائية بالكتابة عنها تارة، وفي عيشها تارة أخرى، فاللامنتمي إنسان يشعر بانعدام قيمة الحياة التي يعيشها ويشعر بتفاهتها وخلوها من المعنى، والحال يكاد نفسه في الحالة الرمزية التوظيفية لجيمس أوريل في كتابه الشهير "مزرعة الحيوانات "، والأمثلة تعدت الكتب والروايات إلى ستاتيك الميدان، ولعله من المفيد الإشارة إلى الرفض الشبابي في العام 1969 لأنظمة الحكم الأمريكي وطرق إفادة المجتمع وتناول الظواهر المجتمعية؛ دليل أخاذ على رفض هذه التنميطية المحكمة على الفرد ورفض طريقة امتثال المجزئ المجتمعي ببيروقراطية تفرغ المحتوى الأنسي وتجَمِّل البناء الاجتماعي في الظاهر رغم قبح المشهد داخلاً. والمنحى ذاته يمكن اعتبار " حركة احتلوا وول ستريت" والتي فاقت أعدادها ملايين الشخوص والأفراد؛ جُلَّ تحركها من أجل رفض الحالة التجزيئية والتي تفضي بكافة أشكالها إلى اللاانتماء. إنه منطق الذكاء التحليلي الذي يُدار وفقه المجتمع في الأنظمة الغربية الليبرالية. منطق ينظر إلى الإنسان أنه مجرد آلة ضمن منظومة من الآليات البشرية أو البراغي الآدمية المنتظمة خدمةٍ في خدمةِ الفئة الحاكمة.
وظاهرة اللانتماء في المجتمع الأمروأوربي تشكل في المعنى العميق نتوءا وتمددا في الانتماء إلى ظاهرة أخرى تقابلها في المنطق وتعاديها ضرورة، فالفرد الليبرالي المتمتع بحقوق وواجبات وقانون يضمن هذه الحقوق وتلك الواجبات وربما قاربت كل شيء في المنحى الخارجي لكنها نسيت أنسية الإنسان، وعمليات الحرية الممنوحة للفرد الليبرالي ما هو إلا وهم في افتقاد الكلية الحياتية إلى الشعور بالحياة نفسها والشعور بالإيكولوجية بأن الإنسان جزء من الطبيعة وليس سيداً لها كما هو معلوم في الفلسفة الليبرالية والشعور بالنسوية الحرة والمواطنة الحرة والانتماء الحر. كل هذه الأمور بل النتائج دفعت إلى الظهور القسري لآفة الانتماء إلى (الظاهرة العكس) أو – مثلا- إلى داعش. والتناغم الفوري مع المعد سلفا من قبل الحداثة الرأسمالية في تكوين الفرد الفردي وليس الندي يدل بشكل كيفي بأن عدوها هو الملاذ المفترض الذي سيحقق أُنسيتهم الضائعة في آلات الربح الأعظمي وفي متاهات الاحتكارات فوق العالمية. فليس للأمريكي المنتمي إلى داعش أية مشكلة مسبقة مع روج آفا، وليس للفرنسي الهارب من وجه ليبراليته إلى تنظيم القاعدة أية عداوة مسبقة مع كوباني؛ في حال لو سمع بها أصلا. وإنما يُساق عبر مجموعته الجديدة وعبر مئات الخلايا اليقظة في أوربا وأمريكا لاستقبال المشردين واللاجئين والمواطنين الأصليين ومن ذوي الأصول اللاتينية والآسيوية والأفريقية والإشارة لهم أن القضاء على الشر له عدة مراحل ولكل مرحلة معركة ومعركتكم الآن في سوريا وروج آفا. ومثل هذا التصور المزروع في أدمغة الملتحقين لا يحتاج إلى عناء كبير، فَهُم في حالة متقدمة لتقبل مثل هذا الإيحاء. وبالتأكيد أن أنظمة الحداثة الرأسمالية تسمح لمثل هذه الأفعال أن تتم؛ فلها أيضا مقصد من مثل هذه (الشركات المساهمة) ومن أبرز هذه المقاصد أن مستقبل أوربا وفي المئة عام مقبلة سيتغلب عليها اللون الدخيل على اللون الأصلي وخاصة في شبه انعدام تأسيس الأسرة وقلة حالات الزواج والتحديد المكثف في ظاهرة الإنجاب والنزوع إلى المثلية وإلى ظواهر خارجة عن الطبيعة، وهذه كلها من شأنها أن تهدد وجود الأصليين لصالح المواطنين غير الأصليين والمحتفظين بأديانهم واعتقاداتهم، فمن المرجح جدا أن تصل النسبة الديموغرافية للأوربيين المسلمين وفي أوربا بداية العام 2100 إلى 55% . وأن تصل إلى 70% في العام 2150، مثل هذا الأمر يدركه الغرب الليبرالي ويفتش عن كل حل يمنع ظهور مثل هذه المشكلة. ومن أجل التدارك يتم التنسيق مع تلك الشركات؛ بالإضافة إلى صلاحها أيضاً في منطق إدارة الأزمات المتوقعة والحالية والمستقبلية. ويجب أن لا ننسى هنا أن التنين التكفيري صناعة محضة للمؤسسات الدينية التي تستمد أيدولوجيتها من مؤسسيها الأوائل ومنهم أبو الأعلى المودوي وسيد قطب، ولن توفر براغماتية التنين أي طريق يمهد لها التمدد بعد البقاء.
رباعية أوباما
هي خطة من أربع مهمات تقوم بها الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها من أجل مواجهة داعش لتعود بذلك هذه القوى العظمى إلى المنطقة من جديد بعد الخروج منها وانسحاب القوات الاميركية من العراق. هذه المرة الدخول سيكون في شكل مختلف حتى لا تقع أميركا في الخطأ نفسه في حروبها السابقة سواء في أفغانستان أو في العراق.
المهمة الاولى هي تكثيف الغارات الجوية ورصد تحركات قادة داعش في العراق وسوريا.
المهمة الثانية هو استخدام خبراء ومستشارين عسكريين لتطوير التنسيق بين أميركا والعراق عسكرياً، ليصبح التواصل مع القوات العراقية النظامية والبشمركة، سهلاً، ومن أجل دارسة قدرة القوات خصوصاً بعدما خصص أوباما 25 مليون دولار كمعونات عسكرية للعراق، ويندرج أيضاً في هذا العنصر تدريب المعارضة السورية كما هو مزمع وقد أفاد البيت الأبيض أكثر من مرة أن مبلغ 500 مليون دولار تم رصده لتدريب المعارضة ( المعتدلة) وستبدأ أميركا أولاً بتعزيز المعارضة العسكرية، بدلاً من توجيه الضربات الاستراتيجية، وستقوم بمساعدة قوية للكتائب المعتدلة أكان بالسلاح النوعي أو الخطط والاستراتيجية، وعندما يحين موعد ضربات جوية ستكون أميركا جاهزة بعيدا عن أي إذن سوري، وفي الوقت نفسه سيواصل الاميركي سعيه إلى حل الازمة السورية سياسياً.
المهمة الثالثة تنشيط التحالف الذي تقوم به أميركا مع الدول والحلفاء من أجل قطع أي تمويل لـداعش فضلاً عن غرف عمليات استخباراتية تجمع المعلومات عنها وعناصرها في العالم، والتصدي لأي تعبئة جديدة تنقل مقاتلين إلى العراق او سوريا، أما على الدول العربية مهمة مواجهة التطرف بالاعتدال الاسلامي.
المهمة الرابعة تأمين المساعدات للمدنيين الأبرياء الذين تعرضوا إلى ارهاب داعش كي يستمروا ويحافظوا على بقائهم مهما كانت طوائفهم.
هذه خطة أوباما التي أعلنها ورصدت تفاصيلها الصحف ومراكز الاعلام العالمية والمعلنة في الثاني عشر من أيلول الحالي، لكن وبقليل من المقارنة بين ما تم الاعلان عنه وما يتم فعليا على أرض الواقع وخاصة في المتعلق بالجانب السوري نرى بأن الكثير من التعديلات قد طرأت على خطة أو رباعية أوباما وهذه مسألة تثير الكثير من الأمور وخاصة بعد مراقبة الميدان في كوباني وتحرير وحدات حماية الشعب للكثير من البقع الجغرافية الجديدة كما حصل في بلدة السلوك وبلدة مبروكة وتوجهها إلى تل أبيض بعد المقاومة الاستثنائية التي أبدتها في كوباني ضد داعش وجعلت زحفها إلى المدينة أمراً شبه مستحيل؛ من المتوقع أن هذا الأمر لم يرق لتركيا وربما أيضاً لأمريكا التي تصر حتى اللحظة أن لا تحب الكرد السوريين على حد تعبير موقع ناشيونال بابليك الأمريكي.
لن يكون الأمريكان - مرة أخرى- ومَنْ معهم مِنَ الحلف الأربعوني المزمع تشكيله؛ جادين في اقتلاع شوكة النكاية عند داعش ولجم بقائها ومنع تمددها، إذْ لم يكونوا جادين مسبقا في هذا الأمر بالنسبة لمنبتها القاعدة في أفغانستان والعراق، وخطاب أوباما الذي دعا بشكل واضح إلى إضعاف التنظيم وليس القضاء عليه؛ دليل مؤد إلى هذه النتيجة، وما الخطوات الأولية للغارات الجوية – حتى اللحظة- لم تؤثر وبشكل مباشر على أماكن ومواقع داعش الظاهرة والمعلومة والتي يتجاهلها الصاروخ التوماهوكي.
وبمعنى آخر وبحسب منطق إدارة الأزمات وإبقاء القوى المتنافرة متوازية دون اللجوء إلى التغيير يبقى هو الأمر المرجح في السياسة الاستراتيجية التي ستعتمدها أمريكا مع حلفائها المعلنين بإضعاف التنظيم في منطقة معينة( العراق) و السماح لها بالتمدد في أُخرى( سوريا).
وبالرغم من إيذان الضربة (السماوية)، لكن أمريكا تبقى محرجة في أمرين لم تبت الأمر بهما على الأقل في الوضع الظاهري وهما:
1-( احراج أخلاقي) مسألة التعامل مع النظام؛ حيث أنه من غير المرجح أن يتم التعاون معه ومن غير المعقول وفي وجود فيتو مشترك : روسي وصيني ضد الضربة القائمة واعتبارها خارجة عن الشرعية الدولية وهذا إذا تم فربما على حساب قضايا القرم والتيبت!!
وفي هذه الحالة يمكن أن يتم البحث من تحت الطاولات؛ وهذا هو شأن الشرق ومصيره المُصيَّر منذ عشرات السنين؛ دائما من تحت الطاولة. وهذا ربما يفسر تقاعس ألمانيا وفرنسا وبريطانيا عن الضربة الجوية على داعش في سوريا حتى اللحظة.
2- ( احراج سياسي)مسألة التعامل مع القوى الفاعلة الأخرى على الأرض السورية ومنها وحدات حماية الشعب المجربة في التصدي لهمجية داعش طيلة العامين المنصرمين؛ خاصة في ظل الفيتو التركي على الوحدات وادعاءاتها المتكررة والفوبيا التي تعانيها لمجرد ذكر العمال الكردستاني أو الأحزاب التي تتوافق معها بشكل إيديولوجي. وبطبيعة الأمر كان هذا هو الموقف التركي الرافض للفيدرالية الكردية في شمال العراق " وقتها ". ومثل هذا الأمر من المرجح أيضا أن أمريكا وفي عملية بحثها الدؤوب عن المعارضة المعتدلة- بالتأكيد في كل المصطلحات السياسية لن يتم العثور على مصطلح المعارضة المعتدلة- يمكن تلافي هذه المسألة وخاصة إذا تمت المقاربة بين (النهج الثالث) المعتمد من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي ومجموعة الأحزاب المؤتلفة في الإدارة الذاتية الديمقراطية وبين مصطلح " المعارضة المعتدلة" ولعل الإشارة إلى " بركان الفرات" و " نهروان الشام " قد يكون ملبيا في هذا المنحى.
من المهم بشدة الإشارة إلى أن ضربة أمريكا لا تمتلك مقومات فاعليتها - حتى اللحظة- وخاصة في الإخفاق الناجم عن إيجاد استراتيجية تقوم على وجود قوى مُدربة وفاعلة على كل الأرض السورية وبالأخص في مناطق نفوذ داعش. وهذه المسألة وبهذه الصيغة غير الكافية ربما ستتجاوز الثلاثة أعوام القادمة التي تحدث عنها أوباما.
وفق ما هو معلن من أرض المعركة في كوباني فإن الضربات السماوية لن تؤدي إلى التخلص من داعش نهائياً. ستضعفها زمنيا؛ ستقوضها مرحليا؛ ستعرقل عملها آنيا. لكن لن تقضي عليها دون أن يتم التنسيق الكامل والمعلن مع وحدات حماية الشعب والمرأة.
رباعيات الخيام
سمعت صوتاً هاتفاً في السحر
نادى من الغيب غفاة البشر
هبّوا املأوا كأس المنى قبل أن
تملأ كأس العمر كفّ القدر

هذه إحدى الرباعيات التي نُسبت إلى عمر الخيام الشاعر والفيلسوف والرائي الذي عشقه من الغرب ومن الشرق. ورباعيات الخيّام هي نوعٌ من الفنّ الفارسي يسمّى "دو بيت" والدو بجميع اللغات الآرية تعني اثنين أي بيتين من الشعر. والرباعية مقطوعة شعرية مكتوبة باللغات التي كانت موجودة في فارس، وسميت بالرباعيات بسبب بنائها المُكوَّن من أربعة أشطر، يكون الشطر الثالث فيها غير ملزم بالوزن وبالقافية بينما الثلاثة الأخرى مقيدة. وأعتقد أن مسألة الإطلاق في الشطر قبل الأخير لم تكن عبثية؛ إنما لها العلاقة بأنه يحق للإنسان أن يجرب الأشطرْ الأربعة؛ حيث أن ثلاثة منها ورعة وواحدة منها تخص الشؤون الحياتية والملذات وإلى ما ذلك من مجون. والرباعيات المنسوبة إلى الخيام هي في أغلبها مكتوبة من قبل أصدقاء الخيام أو من سمعه وهو يتغنى برباعياته، وهذا ما جعل بعض النقاد أن غالب الرباعيات هي منسوبة إلى الخيام ولم تكن له. وحجة هؤلاء أن الخيام كان عالما جليلا بينما أغلبية رباعياته تدعو إلى المجون والتمتع بالحياة. لقد أكد ذلك أيضا المستشرق الروسي زوكوفسكي حيث أنه أرجع اثني وثمانين رباعية إلى أصحابها؛ وما تبقت لم يستطع أن يجد لها صاحب.
وعلى العموم وفيما نسب إلى الخيام فإن رباعياته تنقسم على نفسها في فكرتين متناقضتين يدعو إليهما في الآن نفسه:
الأولى؛ أن الإنسان هو ابن حاضره فقط؛ فيجب أن ينسى الماضي وفي الوقت نفسه أن لا يقلقه مخاوف المستقبل.
الثانية؛ أن لا ينسى لحظة أن الموت نصيبه لذا نجده يركز على الفناء ويدعو تذكرها، وكي يخفف من هذه الفكرة يدعو إلى الفكرة الأولى أيضا.
وبالعودة إلى رباعية أوباما التي تعاكس كل الرباعيات القديمة الخيّامية والجديدة الشرق أوسطية والقادمة باللون الكردي؛ نجده يخاف من الماضي ولا ينسى مثل كل الشعب الأمريكي أحداث الحادي عشر من أيلول، حيث تُرّجح أنها في الظاهر؛ ردة الفعل القاعدية على المؤسسيين الفعليين للقاعدة نفسها بل وانقلابهم عليها في أفغانستان، ولا ينسى تجربة العراق وفشل السياسة الأمريكية في شقيها؛ فقدان الكثير من الجنود الأمريكيين في العراق وفشل معظم خططها التي أرادتها كي تكون. ولعل هجوم مئات من عناصر داعش وهروب عشرات الألوف من الجنود النظاميين العراقيين في غزوة داعش على الموصل، والهروب اللاحق للبيشمركه في شنكال. كلها أمور استدعت (في الظاهر أيضا) عودة أمريكية – ميدانية إلى العراق وربما في سوريا أيضا وكل هذا الخذلان مدعاة للخوف بالنسبة لإوباما وللساسة في البيت الأبيض أيضا.
والرباعية الجديدة في روج آفا هي رباعية كوباني: العشق والمقاومة والتصدي والانتصار. وهذه الرباعية قد خطها الشعب المقاوم والإرادة المجتمعية المقاومة في روج آفا، وتنشدها وحدات حماية الشعب والمرأة؛ رباعية الشمس والحياة. وأية رباعية مكتوبة دون رصاصة ال YPG ستكون في أحسن أحوالها منسوبة ومشكك بها وفيها ومنها.
المتشبث بالأرض مقاومةً ودفاعا؛ من المؤكد أن يملك مبادرة التحرير؛ والنتائج تكون مرهونة من في الأرض وليس من في السماء فقط.



#سيهانوك_ديبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الموشور الكردي
- داعش: مستأجرا؛ أم مستباحا، أم موجودا
- حقيقة الصراع في روج آفا، باسبارتو لم ينهي مهمته بعد
- سوسيولوجيا الثورة في روج آفا
- السياسة الديمقراطية هي السياسة الجديدة، أنكيدو الذي خان غابة ...
- أوجلان: قائد وقضية
- باكور : الثورة؛ الانتخابات ؛ التغيير.
- باكور: الثورة؛ الانتخابات؛ التغيير
- في ثالوث الأمة الديمقراطية
- جعجعة في زمن الثورة
- في فلسفة العقد الاجتماعي ....الماهية والنشوء و التكون
- القضية الكردية في الأمة الديمقراطية
- جنيفا2 التسوية الكبرى بدلاً من المبادرة الكبرى؟
- ركن الزاوية في روج آفا: الادارة الانتقالية المشتركة
- الخواصر الرخوة– سورياً؛ كردياً لقاء قرطبة ومؤتمر جنيفا2
- الموانع و الضرورات في مسألة المشاركة الكردية المستقلة في جني ...
- استحقاق جنيف2 بين واقع النظرة الدولية والمتوقع المحلي والإقل ...
- الكرد بين اتفاقية لوزان 2 و جنيف 2
- الحرب و السلام .....سورياً
- لماذا نتبنى مفهوم الإدارة الديمقراطية ؟


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيهانوك ديبو - في رباعية أوباما: سوريا- كرديا