أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - نمط الإنتاج الرأسمالي















المزيد.....

نمط الإنتاج الرأسمالي


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 4586 - 2014 / 9 / 27 - 19:16
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نمط الإنتاج الرأسمالي

يسيء الكثيرون الإعتقاد في أن نظام الإنتاج الرأسمالي يتم في أكثر من نمط (Type) واحد أو شكل (Form) واحد، فمنهم من يعتقد أن الفاشية أو النازية قامت على بنية تحتية رأسمالية، وآخرون يعتقدون أن دولة الرفاه (Welfare State) قامت أيضا على نظام إنتاج رأسمالي .
هذان المعتقدان لا يتفقان مع نظام الإنتاج الرأسمالي الذي عرفه ماركس وكتب عنه آلاف الصفحات في التعرف عليه وتعريفه. ما قاله لنا كارل ماركس هو أن النظام الرأسمالي ينطلق أساساً من المتاجرة بقوى العمل[Labour Power] المتجددة في أجساد العمال يومياً وتجميد (Crystallization) هذه القوى في بضائع وأدوات ذات قيمة استعمالية بقصد مبادلتها في السوق لخلق نقود جديدة لم تكن موجودة من قبل وهي الطريقة الوحيدة للإغتناء ومراكمة الثروة . ولذلك يترتب على من يشرع في المتاجرة بقوى العمل أن يملك رأس المال الكافي لشراء أدوات الإنتاج أو الماكنات اللازمة، وتأمين الأرض حيث يتم بناء المصنع، وتأمين أو شراء المواد الخام، واستئجار أعداد من العمال لإضافة قوى العمل المكتنزة في أجسادهم إلى المادة الخام كيما يكون هناك بالتالي سلعة ذات قيمة استعمالية يمكن مبادلتها في السوق . استكمال كل هذه العملية المعقدة والمكلفة لا يتوقف عند دفع الإنتاج إلى السوق بل يتوجب بالإضافة إلى كل ذلك توفير الأسواق الكافية لمبادلة كامل الإنتاج كي يستمر المصنع في الإنتاج وإلا غرق في إنتاجه وتوقف وتعطلت نهائياً عملية الإنتاج الرأسمالي .
إذاً الشروط التي يتوجب توافرها مقدماً لقيام نظام إنتاج رأسمالي حيوي ومستمر هي .. (1) رأس مال كبير ، (2) أرض ومبان مناسبة ، (3) أدوات إنتاج أو ماكنات ، (4) طاقة صناعية وقود أو كهرباء ، (5) مواد خام ، (6) عمال مأجورون ، (7) سوق واسعة
غياب أي شرط من هذه الشروط السبعة كفيل بتعطيل عملية الإنتاج الرأسمالي نهائياً وإلغائها تماماً بالتالي .

معاهدة فرساي [Versailles Treaty] في نهاية الحرب العالمية الأولى 1919 أعادت تقسيم العالم بين الدول الاستعمارية الكبرى، دول التحالف المنتصر بريطانيا وفرنسا، ولم تترك متنفساً للرأسمالية المتقدمة في ألمانيا المهزومة ولا حتى للرأسمالية النامية في إيطاليا غير المشاركة في الحرب . ترتب إذّاك وقد سُدّت الطريق أمام النظام الرأسمالي في كل من ألمانيا وإيطاليا أن تكون هناك ثورة اشتراكية في كل من البلدين غير أن جهود المخابرات البريطانية الحثيثة في محاصرة الثورة الإشتراكية التي بدأت في روسيا حالت دون ذلك . فبدل أن توفر بريطانيا متنفسا للرأسمالية النامية في إيطاليا عمدت مخابراتها إلى تنظيم منظمة فاشية برئاسة صحفي مغمور عميل لها اسمه بنيتو موسوليني[Benito Mussolini] . وبالتآمر مع الملك نظمت المخابرات البريطانية مسيرة من الفاشيين لاحتلال روما في اكتوبر 1922 لقطع الطريق على الثورة الإشتراكية فكان أن عين الملك موسوليني رئيساً للوزراء خلافاً للنظام . وهكذا سُدّت الطريق على إيطاليا لأن تكون رأسمالية أو اشتراكية، فما كان لها إلا أن تكون فاشية، لا إشتراكية ولا رأسمالية .
أما ألمانيا وقد أُنتزعت منها مستعمراتها وسدت عليها كل المنافذ للتطور الرأسمالي فقد تحولت من إمبراطورية إلى جمهورية فايمار [Weimar] 1919 ـ 1933 يحكمها الحزب الاشتراكي الديموقراطي بعد أن شارك بقايا الجيش المهزوم، كتائب الحرس الأبيض للرأسمالية [Freikorps] في اغتيال الثورة الإشنراكية واقتراف أفظع المجازر في ميونيخ 1919، وقاد حزب كاوتسكي وبيرنشتاين موئل الخيانة التاريخي للطبقة العاملة، قاد ألمانيا بالتعاون مع المخابرات البريطانية ضد الشيوعيين وعبر انهيارات اقتصادية كبرى، من الديموقراطية الليبرالية إلى النازية الهتلرية في العام 1933 . وهكذا تعاون الحزب الاشتراكي الديموقراطي مع المخابرات البريطانية في سد طريق التنمية أمام ألمانيا الاشتراكية وألمانيا الرأسمالية فلم يُسمح لألمانيا إلا سلوك الطريق النازية .
المراقبة الدقيقة والدؤوبة لأحداث العقد الثالث من القرن العشرين في أوروبا تبين بما يقطع الشك باليقين أن إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية لم يسمح لهما بالتطور على النمط الرأسمالي أو الإشتراكي للإنتاج، دون أن يحتاج المرء إلى التفرس في طبيعة النظام الإقتصادي في كليهما .
قاعدة الإنطلاق لنظام الإنتاج الرأسمالي هي المتاجرة بقوى العمل لدى البروليتاريا . فهل تحقق ذلك في ألمانيا النازبة وإيطاليا الفاشية ؟ الرأسمالية الألمانية بدأت بالتراجع حالما أقام الإشتراكيون الديموقراطيون جمهورية فيمار نظراً لفقدان الأسواق الخارجية ورافق ذلك بالطبع تعميم البطالة وانهيار المارك وهو ما انعكس في الانتخابات النيابية في تزايد أعداد نواب الحزب النازي . ففي انتخابات 1928 كانت حصة الحزب النازي 12 مقعداً فقط من مجموع 577 مقعداً وفي انتخابات 1930 أصبح لديه 107 مقعداً بزيادة 95 مقعداً وفي انتخابات 1932 كسب النازي 123 مقعداً إضافياً وأصبح لديه 230 مقعداً ليكون الحزب الأول في الرايخستاغ [Reichstag] أو البرلمان ويزيد على الحزب الاشتراكي بمائة مقعد .
إن دلّ ذلك الفوز النازي على شيء فإنما يدل على الإنهيار الإقتصادي الإجتماعي المروّع الذي قاد الحزب الإشاراكي الديموقراطي ألمانيا إلية حيث الرأسمالية الألمانية قبل فيمار لم تعد تعمل وأن اشتراكية هذا الحزب لا تمت إلى وسائل الإنتاج بصلة وهي "إشتراكية" مزورة لا تعمل إلا في الحرب على الشيوعيين وعلى العمال .

فماذا كانت طبيعة الإقتصاد النازي ؟
أعلن هتلر مراراً وتكراراً أنه ضد الرأسمالية ويكره الرأسمالية وكان صادقاً فيما يقول . فالدولة النازية لم تعد تتاجر بقوى عمل العمال ولذلك هي بالقطع ليست رأسمالية، وبهذا المعنى قصراً هي مثيلة للدولة الإشتراكية الأمر الذي سمح للحزب النازي بادعاء الاشتراكية ؛ الفرق الرئيسي بينهما هو أن الدولة الاشتراكية تنفق فائض الإنتاج في التوسع في الإنتاج كمّاً ونوعاً لصالح العمال تحديداً، بينما الدولة النازية تجمد فائض الإنتاج في الأسلحة ولعل الدولة السوفياتية بعد الإنقلاب على الاشتراكية في الخمسينيات تعلمت من هتلر تجميد فائض الإنتاج في الأسلحة . الفرق بين الدولتين هو أن الدولة السوفياتية فيما بعد 1953 تتسلح للإعتداء على العمال في شعبها بينما الدولة النازية تتسلح للإعتداء على الشعوب الأخرى ونهب ثرواتها . ومن هذه الزاوية تحديداً تُدان الدولة السوفياتية بالخيانة الوطنية ولا تدان الدولة النازية .
الأسلحة ليست بضاعة ولا تستهلك في السوق المحلية وليست بحاجة إلى التصدير ويمكن مراكمتها إلى ما لا نهاية . وعليه يمكن القطع هنا أن نظام الإنتاج في النازية أو الفاشية ليس نظاماً رأسمالياً ولا تتوافر فيه دورة الانتاج الرأسمالي الكلاسيكية (نقد ـ لضاعة ـ نقد) إذ لا يعود إنتاج الأسلحة بالنقد على الدولة . ولذلك تلجأ الدولة النازية إلى استهلاك قيمة النقد المتداول في السوق عن طريق طباعة النقود الخالية من كل قيمة . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تحول الدولة أكداس الأسلحة لديها لثروة عن طريق الغزو المسلح ونهب ثروات الشعوب الأخرى، وقد نجح هتلر في نهب ثروات معظم شعوب القارة الأوروبية خلال الأعوام 1938 و 39 و 40 .
النظام الذي يعتاش على طباعة النقود الفارغة من كل قيمة وعلى نهب ثروات الشعوب الأخرى ليس بنظام رأسمالي بأي صفة من الصفات . النظام الرأسمالي يصدر فائض الإنتاج لديه المتحقق من عمل عماله إلى المحيطات ويستبدله بالمواد الخام، يبادل قيمة مقابل قيمة بغض النظر عن التعادل بين القيمتين . أما النازية فلا تصدر إلا القتل والدمار كي تنهب ثروات الشعوب الأخرى دون مقابل .
فشلت الرأسمالية الألمانية الإمبراطورية في استكمال شروط النظام الرأسمالي السبعة أعلاه فكان البديل هو "النظام" النازي اللارأسمالي، الذي يعيد العالم ستة عشر قرناً إلى الوراء فتكون برلين هي روما القديمة التي استعبدت كل العالم القديم . ومن هنا كان هتلر يعد العالم ب (الرايخستاع لألف عام) .

وماذا بشأن دولة الرفاه [Welfare State] ؟
مثلما كانت قد فشلت الرأسمالية في ألمانيا وإيطاليا في تحقيق كامل الشروط الضرورية وأولها الأسواق الخارجية لقيام النظام الرأسمالي المتكامل وانحرفت لذلك إلى الفاشية أو النازية، فشلت الرأسمالية العالمية في الإحتفاظ بمحيطاتها بعد أن نجحت كافة الدول المحيطية في التحرر والاستقلال بفعل الثورة العالمية للتحرر الوطني 1946 ـ 1972 . وإذا كان بإمكان إيطاليا وألمانيا انتهاج الطريق الفاشية أو النازية في عشرينيات القرن المنصرم إلا أن ذلك لم يعد ممكناً بعد الحرب العالمية الثانية وانقلاب ميزان القوى الدولي . ثم ما كانت الدول المحيطية لتنجح في التحرر والاستقلال لتعود إلى ما كانت عليه قبل تحررها . مراكز الرأسمالية العالمية وقد سُدّت كل المنافذ لتصدير فائض الإنتاج المتحقق فيها والتخلص منه ما كان لها سوى إنفاق مثل هذا الفائض في رفاه الشعب بعد أن لم يعد ممكناً تحويله إلى المزيد من الأسلحة . إذّاك انحلت الدولة الرأسمالية وحلت محلها دولة الخدمات أو دولة الرفاه . دولة الرفاه لم تكتف بإنفاق فائض الإنتاج بل امتدت يدها إلى الأصول وهو ما دفع بالمؤسسات الرأسمالية إلى الرحيل من المركز إلى الأطراف فيما يسمى بالعولمة .
توقف النظام، أي نظام، عن التمدد [Expansion] ، وهو ما رآه ماركس النبض الحيوي للرأسمالية، يعني موت النظام كما تقضي قوانين المادية الديالكتيكية . النظام الرأسمالي بإدارة دولة الرفاه بدأ بالتوقف عن التمدد لأن فائض الإنتاج لم يعد عليه بأية فائدة ولذلك بدأ بالموات مع قيام دولة الرفاه وإنفاق كامل فائض الإنتاج على الخدمات العامة للشعب
إعلان رامبوييه [Rambouillet] 1975 لقادة الدول الخمسة الأغنى [G 5] في العالم وتأكيدهم على أن القيمة [Value] تكمن في نقودهم وليس في البضاعة إنما هو اعتراف قاطع بموت النظام الرأسمالي حيث القيمة في الإنتاج الرأسمالي تتبلور في البضاعة وليس في النقود التي لا قيمة لها قبل مبادلتها بالبضاعة .

نظام الإنتاج ليس نظاماً رأسمالياً لا في الدولة النازية أو الفاشية ولا في دولة الرفاه .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البورجوازية في التاريخ
- رسالة مفتوحة ثانية إلى سعد الحريري
- في السياسة والاقتصاد
- في بيتنا تروتسكيُ
- الشيوعيون ليسوا وطنيين
- برهان غليون يرثي انحلال الطوائف
- رسالة مفتوحة إلى سعد الحريري
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع 5)
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع 4)
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع 3)
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع 2)
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع)
- الماركسية والخارجون على القانون
- الماركسية هي دستور الحياة وناموسها
- ماو تسي تونغ صمت دهراً ونطق كفراً (3/3)
- ماوتسي تونغ صمت دهراً ونطق كفراً (2/3)
- ماوتسي تونغ صمت دهراً ونطق كفراً (1/3)
- الديموقراطية السوفياتية المثلى
- السياسيون لا يُستشفَون
- الحزب الشيوعي يخون الثورة مرة واحدة فقط


المزيد.....




- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - نمط الإنتاج الرأسمالي