أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود أبوالخير احمد - التحولات الاجتماعية وإنعكاساتها على الثقافة التنظيمية: دراسة ميدانية للمحاكم الإبتدائية بالإسكندرية















المزيد.....


التحولات الاجتماعية وإنعكاساتها على الثقافة التنظيمية: دراسة ميدانية للمحاكم الإبتدائية بالإسكندرية


محمود أبوالخير احمد

الحوار المتمدن-العدد: 4586 - 2014 / 9 / 27 - 19:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



عَمِلت العولمة بإعتبارها عملية تشتمل على مجموعة من التحولات التى تتم فى عالم الحياة اليومية، والتى طالت مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وبما لها من إيجابياتٍ أوسلبيات؛ على تقليص المسافات وتحقيق الإندماج العالمى بتحويل العالم الى قرية صغيرة، وكذا على تكثيف العلاقات الاجتماعية على مستوى العالم وجعل الأحداث المحلية تتشكل بفعل الأحداث العالمية والعكس، وذلك بفضلِ الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، وظهور اقتصاد الشبكات، والإنتقال الى مجتمع المعلومات العالمى؛ فقد فرضت تلك التحولات على المجتمع المصرى ظهور قيم وممارسات اجتماعية واقتصادية وثقافية جديدة، نفذت إلى أنساق المجتمع كافة، بأفراده وتنظيماته، بما فى ذلك المحاكم الإبتدائية، وما تشمله داخلها من ثقافة تنظيمية، وبما فيها من هيكلٍ للقيم ونسقٍ للعلاقات الاجتماعية، وهو الأمر الذى يستدعى ضرورة إحداث تغيير فى الثقافة التنظيمية السائدة داخل تلك المحاكم، حتى تستطيع أن تتواكب مع تلك التحولات.
وبِناءً عليه، تحددت مشكلة الدراسة وأهميتها النظرية: فى دراسة التحولات الاجتماعية التى حدثت فى المجتمع المصرى منذ مطلع الألفية الثالثة، وإنعكاساتها على الثقافة التنظيمية داخل المحاكم الإبتدائية؛ وذلك فى ضوء التصور النظرى لكلٍ من نظرية تشكيل البنية لأنتونى جيدنز، ونظرية الممارسة لبيير بورديو؛ ومن هنا تظهر الأهمية النظرية للدراسة فى محاولتها سد أحد ثغرات التراث النظرى فى علم الاجتماع، وكذا إختبار بعض قضايا الإطار النظرى لكلٍ من تلك النظريتين، وكذا فى محاولتها تقديم مجموعة من القضايا الجديرة بالبحث فى المستقبل.
كما تحددت إشكالية الدراسة الراهنة وأهميتها التطبيقية: بِناءً على ما أحدثته العولمة من تحولات اجتماعية وثقافية وتكنولوجية، وظهور تحولات فى عالم العمل، كالإنتقال الى اقتصاد المعرفة، وما تركه ذلك من أنماطٍ لاستخدام العمالة، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والإتصالات واقتصاد الشبكات؛ والتى باتت تحدث بمعدلاتٍ غير مسبوقة، ولم تعد آثارها تقتصر على مستوى العالم فحسب، بل وعلى المستوى المحلى بتنظيماته كافة، وكذا على مستوى الحياة اليومية للأفراد؛ ونظراً للفجوة الواضحة بين معدل التحول المذهل فى التقنية والمعلومات والإتصالات، فى ظل العولمة وتجلياتها الحالية والمستقبلية، وبين معدل الإستجابة لتلك التجليات داخل التنظيمات الاجتماعية عامة، والمحاكم الإبتدائية بصورةٍ خاصة، فمن هنا يظهر التحدى المجتمعى فى حدوث خللٍ واضح فى الثقافة التنظيمية، بما تشمله من قيمٍ للعمل وتمكينُ للعاملين وفجوةٍ معرفية، داخل ذلك النوع من التنظيمات، مما يؤكد ضرورة تشكيل ثقافة تنظيمية جديدة تتواكب مع تلك التحولات، بحيث يمكن من خلالها تدعيم قيمُ العمل، وتمكين العاملين، وتقليل الفجوة المعرفية بينهم.
كما تتضح الأهمية التطبيقية للدراسة فى محاولتِها لتوفير مجموعة من النتائج الموضوعية التى يمكن أن يسترشد بها صانع القرار فى توسيع دائرة خياراته، عندما يحاول وضع سياسة جديدة للثقافة التنظيمية.
هذا وقد تحددت أهداف الدراسة فى ثلاثة أهداف تمثل أولها: فى محاولة الكشف عن التحولات الثقافية التى شهدها المجتمع المصرى منذ مطلع الألفية الثالثة، والتى لها صلة بالثقافة التنظيمية، وإنعكاساتها على منظومة قيم العمل داخل المحاكم الإبتدائية.
وجاء الهدف الثانى: للتعرف على ملامح التحولات التكنولوجية التى شهدتها المحاكم الإبتدائية منذ مطلع الألفية الثالثة، وإنعكاساتها على تمكين العاملين داخلها.
فى حين جاء الهدف الثالث: للتعرف على ملامح التحولات المعرفية التى شهدتها المحاكم الإبتدائية منذ مطلع الألفية الثالثة، وإنعكاساتها على تقليل الفجوة المعرفية داخلها.
وقد إستند الباحث فى الدراسة الراهنة الى مجموعة من المفاهيم التى تبين الإطار التصورى للدراسة، كان أبرزها مفهومى التحولات الاجتماعية، والثقافة التنظيمية؛ وقد حاول الباحث وضع تعريف إجرائي للتحولات الاجتماعية، بحيث يمكن من خلالِه رصد بعض مؤشراتها، والتى مر بها المجتمع المصرى منذ مطلع القرن الحادى والعشرين، وتَمَثَل فى ثلاثةِ عناصر هى: التحولات الثقافية والتحولات التكنولوجية و التحولات المعرفية.
كما حاول الباحث أن يضع تعريفاً إجرائياً للثقافة التنظيمية، يمكن من خلالِه رصد مؤشرات الثقافة التنظيمية داخل المحاكم الإبتدائية، وتَمَثَل فى ثلاثةِ عناصر هى: قيم العمل وتمكين العاملين والفجوة المعرفية.
وفى السياق ذاته فقد استفادت الدراسة الراهنة فى إطارِها النظرى من كل من: نظرية تشكيل البنية لأنتونى جيدنز، ونظرية الممارسة لبيير بورديو؛ وذلك إستناداً على دراسة التحولات الاجتماعية بإعتبارِها ممارسات يتم من خلالها تشكيل واقع الحياة اليومية، مع النظر الى الثقافة التنظيمية بإعتبارِها بناء يتشكل من مجموعة من القواعد والمصادر، التى تحدد ممارسات الأفراد، وكذا بأنها تتضمن مجموعة من المطالب والأهداف التى يسعى هؤلاء الأفراد الى تحقيقها، داخل المحاكم الإبتدائية؛ وهكذا فى إطار علاقة جدلية حاولت الدراسة إثباتها والتدليل عليها، بِناءً على مجموعة من المسلمات والمفهومات والقضايا النظرية التى تم إستخلاصها من كلتا النظريتين.
هذا وقد تحددت الإجراءات المنجية للدراسة الراهنة، فى كونها تنتمى الى ذلك النوع من الدراسات الوصفية التحليلية ( كمية وكيفية )، لكونها تتبع الخطوات المنهجية لذلك النوع من الدراسات، والتى تبدأ بتحديد المشكلة وصياغة الأهداف، وإنتهاءاً بتحليل البيانات وتفسيرها؛ كما إعتمد الباحث على منهج المسح الاجتماعى كطريقة عامة للدراسة، لكونه أكثر الأساليب المنهجية ملائمة لها، وكذا على طريقة تحليل البيانات الجاهزة؛ هذا وقد إعتمد الباحث فى الدارسة الراهنة على أداتى الملاحظة بالمشاركة، والإستبيان عن طريق المقابلة، والذى تضمن أربعة محاور، لتحقيق أهدف الدراسة والإجابة على تساؤلاتِها.
هذا وقد تم تطبيق الدراسة الراهنة على المحاكم الإبتدائية بالإسكندرية، لكونها تعد محاكم كلية، حيث تجمع بين صفتى المحاكم الجزئية، ومحاكم الإستئناف، وهو ما يثرى دراسة ذلك النوع من التنظيمات، لكونِه يشتمل على العديد من خصائص التنظيمات القضائية؛ وقد تم تطبيق الدراسة الراهنة على عينةٍ قُوامها مائة مفردة، باستخدام طريقة العينة العشوائية الطبقية، وذلك لكون مجتمع الدراسة ينقسم الى مجموعة من الأقسام والفئات المهنية، تتمثل فى القضاة والخبراء والكتبة.
هذا وقد جاء تقسيم الدراسة على نحو يساعد على تحقيق أهدافها، حيث تكونت من بابين يضم كُلٍ منهما ثلاثة فصول، وقد جاء الباب الأول لتحديد "الإطار النظرى والمنهجى لدراسة علاقة التحولات الاجتماعية بالثقافة التنظيمية "، والذى إنقسم بدورهِ الى ثلاثة فصول تخص الدراسة النظرية، تشمل: الفصل الأول ويتعلق " بمنهجية دراسة علاقة التحولات الاجتماعية بالثقافة التنظيمية فى مصر "، والذى تضمن الصياغة التصورية لموضوع الدراسة، ثم التصميم المنهجى لها، وأخيراً تحديد الكيفية التى سيتمُ بِناءاً عليها تحليل البيانات وتفسير النتائج.
أما الفصل الثانى فتمثل فى " الإطار النظرى لدراسة التحولات الاجتماعية وإنعكاساتها على الثقافة التنظيمية " والذى تضمن بين جنباتِه توضيحٌ للمسلمات والمفهومات والقضايا النظرية التى تم إستخلاصها من كل من نظرية تشكيل البنية لأنتونى جيدنز، ونظرية الممارسة لبيير بورديو، مع توضيح المبررات النظرية والمنهجية لاختيار ذلك الإطار النظرى دون غيره، منتهياً بوضع تصنيفاً للتراث النظرى والدراسات السابقة؛ هذا وقد جاء الفصل الثالث بعنوان "التحولات الاجتماعية وإنعكاساتها على الثقافة التنظيمية: تحليل نقدى للتراث والدراسات السابقة"، وذلك بهدف الوقوف على أهم الدراسات السابقة التى تناولت المتغيرات الأساسية للدراسة، سواء فيما يتعلق بالتحولات الاجتماعية أو الثقافة التنظيمية؛ وبهدف التأكيد على الأهمية النظرية للدراسة الراهنة، ولبيان الثغرات التى تحاول الدراسة سدها، والإضافة التى تضفيها للتراث النظرى فى علم الاجتماع.
ويأتى الباب الثانى بعنوان " التحولات الاجتماعية والثقافة التنظيمية: الدراسة الميدانية "، والذى تضمن ثلاثةِ فصول، كان أولها الفصل الرابع ، وجاءَ بعنوان " التحولات الثقافية وقيم العمل فى المجتمع المصرى "، وفيه حاول الباحث توضيح التحولات الاجتماعية والحراك الاجتماعى داخل المحاكم الإبتدائية، وكذا قيم العمل السائدة داخل ذلك النوع من التنظيمات، فضلاً عن واقع المشاركة فى العملية القضائية بالمحاكم الإبتدائية، وأخيراً تحديد الممارسات السلبية المرتبطة بالعمل داخل المحاكم الإبتدائية؛ ثم تلا ذلك الفصل الخامس، وقد جاء تحت عنوان " التحولات التكنولوجية وتمكين العاملين داخل المحاكم الإبتدائية بالإسكندرية "، وفيه تم تناول بيئة العمل التنظيمية وتمكين العاملين بالمحاكم الإبتدائية، وكذا الحاسب الآلى وعملية تمكين العاملين داخل المحاكم الإبتدائية، بالإضافة الى معوقات تمكين العاملين، منتهياً بتحديد الكيفية التى يمكن من خلالها دعم تمكين العاملين بالمحاكم الإبتدائية.
وجاء بعد ذلك الفصل السادس بِعنوان " التحولات المعرفية وتقيل الفجوة المعرفية داخل المحاكم الإبتدائية فى الإسكندرية "، وتم فيه تناول التحولات المعرفية وتعميم نظام تكنولوجيا المعلومات فى المحاكم المصرية، وتلا ذلك استخدام وسائل الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات داخل المحاكم الإبتدائية، وكذا عوامل الفجوة المعرفية ومظاهرها داخل المحاكم الإبتدائية، إنتهاءاً بتوضيح الكيفية التى يمكن من خلالِها دعم تبادل المعرفة والخبرات داخل المحاكم الإبتدائية بهدف تقليل الفجوة المعرفية داخلها.
ثم توصلت الدراسة فى فصلِها السابع فى خاتمة الدراسة الى " النتائج العامة للدراسة وتفسيرها"، وتم فيه إستعراض النتائج العامة فى ضوء أهداف الدراسة، ثم الدلالات النظرية لنتائج الدراسة وتفسيرها فى ضوء القضايا النظرية للدراسة، فضلاً عن الدلالات التطبيقية لنتائج الدراسة، والتى عَمِلت على تحديد مجموعة من التوصيات العلمية المتعلقة بالمجتمع المصرى مع تحديد الجهة المسئولة عن تنفيذ تلك التوصيات، وكذا الآلية التى عليها أن تقوم بها لتحقيق ذلك، إنتهاءاً بالتوصيات التى تخص مجال علم الاجتماع وتناول القضايا الجديرة بالبحث فى المستقبل.
1- نتائج الدراسة:
أ‌- النتائج العامة فى ضوء أهداف الدراسة:
1) تبين من خلال نتائج الدراسة الميدانية أن معدل الحراك الاجتماعى داخل المحاكم الإبتدائية، يكاد يكون ثابتاً، وذلك لكون أن طبقة العاملين بذلك النوع من التنظيمات شبه مغلقة؛ هذا فضلاً عن ندرة تمثيل المرأة فى المناصب القضائية.
2) أثبتت نتائج الدراسة أن العولمة وما نَتُجَ عنها من تحولاتٍ ثقافية أدت الى حدوث إختلالات فى قيم العمل السائدة داخل المحاكم الإبتدائية، حيث زادت القيم السلبية فى العمل، على عكس ما كان متوقعاً أن تؤدى إليه تلك التحولات بالمجتمع المصرى، ولم تعدُ أن تكون تلك التحولات مجرد تحولات ظاهرية، دون وجود إنعكاسٌ إيجابىٌ لها على قيم العمل التى يتم ممارستها بالمحاكم الإبتدائية.
3) نتيجة للعولمة وما نتج عنها من تحولاتٍ تكنولوجية، أصبح المجتمع المصرى اليوم فى حاجة الى تنمية رأس المال البشرى داخل تنظيماتهُ كافةً، بما فى ذلك المحاكم الإبتدائية، أكثر من حاجته الى تنمية رأس المال المادى، خاصة وأن إستيعاب تلك التحولات ( التكنولوجية ) والتوافق معها ساهم فى عملية تمكين العاملين داخل المحاكم الإبتدائية.
4) كشفت الدراسة عن أن التحولات التكنولوجية وما نَتُجَ عنها من استخدامٍ لوسائل الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وما نتج عنها من تدفقٍ للمعلومات داخل المحاكم الإبتدائية، أدى إلى جعل فئات العاملين ذو المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمهنى والتعليمى المرتفع (كالقضاة)، يكتسبون هذه المعلومات بمعدلات أسرع من الفئات ذات المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمهنى والتعليمى المنخفض، وبالتالي تتجه فجوة المعرفة بين فئات العاملين المختلفة إلى الزيادة بدلا من النقصان؛ وعليه فإن الفجوة المعرفية القائمة بين العاملين داخل المحاكم الإبتدائية تعمل على إنتاج اللامساواة الاجتماعية - الإنتشار غير المتساوى اجتماعياً للمعرفة.
ب‌- الدلالات النظرية لنتائج الدراسة وتفسيرها:
إنطلقت الدراسة من ثلاث قضايا نظرية، تم تناولها بالفصل الأول- منهجية الدراسة -، وهى القضايا التى تم إستخلاصها من الإطار النظرى، ومن تناول تيار البحث والدراسات السابقة بالنقدِ والتحليل؛ ويحاول الباحث فيما يلى أن يربط بين النتائج العامة للدراسة وبين تلك القضايا، كالتالى:
القضية الأولى: أدت العولمة الى فرض منظومة موحدة للقيم الإنسانية:
1- أبرزت الدراسة أن الثقافة التنظيمية وما تشمله من قيمٍ للعمل داخل المحاكم الإبتدائية تتشكل بِناءً على ممارسات وأفعال العاملين داخلها، والتى تتشكل فى ذات الوقت فى إطار السياق الاجتماعى والثقافى العالمى والمحلى، وهو ما أدى الى إيجاد نوعٌ من التجانس الثقافى والفوضى الثقافية فى آنٍ واحد، وهو ما يدلل أن العولمة لم تعمل على فرض منظومة موحدة للقيم الإنسانية داخل المحاكم الإبتدائية؛ وهو ما يتفق مع الطرح الذى قدمه جيدنز حول "محدودية الفعل الإنسانى"، فالأفراد يصنعون مجتمعاتهم وثقافتهم، ويشكلونها بأفعالهم وممارساتهم الاجتماعية المختلفة، ولكنهم يقومون بذلك بإعتبارهم فاعلين مشروطين تاريخياً، ومحكومين بظروف مجتمعاتهم وخلفياتهم التاريخية، ولا يقومون بها فى ظل ظروف من اختيارهم.
2- كما أبرزت الدراسة أن المجال القضائى يُعد أحد مجالات المجتمع المصرى، هذا وتتشكل المحاكم الإبتدائية من مجموعة من الأقلام (المجالات)، ومنها قلم النسخ، وقلم الجدول، والقلم المدنى ... الخ، هذا ويمتلك كل فرد داخل ذلك المجال رأس مال يحدد مكانته داخل ذلك المجال، سواء كان رأس مال اجتماعى أو ثقافى أو رمزى، ولتلك النتيجة دلالة نظرية فيما يخص الطرح الذى قدمه بيير بورديو فى نظريته عن الممارسة، حول فكرة " الفضاء الاجتماعى ورأس المال"، حيث يرى بورديو أن العالَم الاجتماعى يمكن إدراكه كفضاءٍ متعدد الأبعاد ، وفى ذات الوقت فإن ذلك يتفق ما طرح بورديو حول "الهابيتوس" والمتمثل فى الطابع الثقافى والاجتماعى للتنظيم، وكذا لكل فرد من العاملين به.
القضية الثانية: فرضت العولمة وما نَتُجَ عنها من تحولاتٍ تكنولوجية سريعة، إلغاءً لحدود الزمان والمكان:
عملت العولمة على إضفاء الزخم والكثافة على العلاقات الاجتماعية المتداخلة والمتبادلة، وتكثيف الوعى بالعالم وجعله كقريةٍ صغيرة، وكذا على دمج الزمان والمكان، وهو ما ظهر فى وجود شبكات التواصل الاجتماعى ( Facebook ) بين العاملين داخل المحاكم الإبتدائية، وأدى ذلك الى تدعيم علاقات العمل (الرسمية ـ غير الرسمية) بين أعضاء التنظيم، ولتلك النتيجة دلالة نظرية تتعلق بما طرحه جيدنز حول وجود " نموذجٌ للنظام الكونى " يتم من خلالهِ تكثيف العلاقات الاجتماعية على مستوى العالم، والتى تربط المجتمعات المحلية المميزة بطرق تجعل الأحداث المحلية تتشكل بفعل الأحداث التى تقع على مسافة بعيدة والعكس صحيح.
القضية الثالثة: أدت العولمة الى الإنتقال الى اقتصاد المعرفة:
لم تؤدى العولمة وما نتج عنها من تحولات معرفية الى الإنتقال الى مجتمع المعرفة أو اقتصاد المعلومات، داخل المحاكم الإبتدائية، ويدلل على ذلك عدم تعميم استخدام وسائل الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات داخل المحاكم الإبتدائية، ولتلك النتيجة دلالةٌ نظرية تتعلق بما طرحه جيدنز ، حيث ذكر أنه لا يمكن فصل فكرة المخاطرة والعالم المنفلت عن فكرة الإحتمال أواليقين، وأن المخاطرة أصبحت هى القوة الدافعة للمجتمع ليتحول نحو تحديد مستقبله، حيث أننا لم نعد نعيش فى مرحلةٍ تسيطرُ عليها الصناعات التحويلية - كما كان فى الماضى - وإنما أصبحت تسيطرُ عليها المعرفة وتكنولوجيا المعلومات.
ج: الدلالات التطبيقية لنتائج الدراسة والتوصيات:
من خلال العرض السابق، لأهم ما توصلت إليه الدراسة من نتائج، يستطيع الباحث إستخلاص مجموعة من التوصيات والمقترحات العلمية، التى يمكن أن يسترشد بها صانع القرار، فيما يخص الثقافة التظيمية، وتحديداً تدعيم قيم العمل، وتمكين العاملين، وتقليل الفجوة المعرفية داخل المحاكم الإبتدائية، وكذا حول كيفية تفعيل الإهتمام بتلك القضايا؛ مع عدم الإكتفاء بوضع مجموعة من التوصيات المجردة، وإنما العمل على تحديد أهم الجهات المسئولة عن تنفيذها، وتقديم آليات مقترحة لكيفية تنفيذ ذلك على أرض الواقع، كما يلى:
أ‌- الحكومة:
1- ضرورة أن تقوم وزارة العدل بدعم جهات التفتيش الإدارى، داخل المحاكم الإبتدائية كافة، من خلال إقامة الدورات التدريبية اللازمة لهم؛ مع التأكيد على أن يتم إختيار المفتشين الإداريين على أساس الكفاءة والخبرة والدرجة العلمية، وليس الوساطة والمحسوبية؛ وأن يتم ربط طبيعة العمل بالتخصص العلمى لكل عامل.
2- ضرورة أن تقوم وزارة العدل، بإصدار تعليمات تحدد طبيعة العلاقة بين أعضاء الهيئات القضائية، وبين الجهات المعاونة لها من العاملين داخل المحكمة.
3- ضرورة أن يقوم المركز القومى للدراسات القضائية بإقامة دورات تدريبية، وفقاً للإحتياجات والمتطلبات الوظيفية للعاملين كافة؛ وذلك فى مجالات تكنولوجيا الإتصالات والحاسب الآلى، واللغات الأجنبية.
4- ضرورة أن تقوم وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة الإتصالات، بتوفير قاعدة بيانات خاصة بوزارة العدل، وعلى مختلف درجات التقاضى، بشكلٍ يمكن من خلالهِ تيسير إجراءات التقاضى عن بعد، والتى منها الإطلاع على الأوراق والمستندات المتعلقة بكلِ قضيةٍ، وكذا الأحكام والقرارات المختلفة لتلك القضايا.
5- ضرورة أن تقوم وزارة العدل بتعميم استخدام وسائل الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالمحاكم الإبتدائية كافة، وخاصة نظام البصمة الإلكترونية، ونظام الجلسات والجداول المميكنة، مع ربط ذلك بقاعدة للبيانات.

ب‌- السلطة التشريعية ( مجلس النواب ):
ضرورة أن يقوم مجلس النواب - بعد إنعقاده - بتعديل قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978م، وذلك لتوفير الحافز المناسب ( مادياً وأدبياً )، للعاملين الذين يحصلون على درجات علمية أعلى من التى عينوا عليها، أثناء الخدمة؛ وكذا بتعديل بعض مواد قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968م، وهى المادة رقم 104، حتى يتم التحقيق مع الموظف من قِبل سُلطة التحقيق الإدارية بالمحكمة، وبيان مدى تقصيره وإخلاله بنظام الجلسة، ثم توقيع الجزاء المناسب لذلك، إن ثبت تقصيره.
ت‌- منظمات المجتمع المدنى:
ضرورة أن تقوم منظمات المجتمع المدنى، وخاصة نادى القضاة ونقابة المحامين بإعداد دورات تدريبية للمواطنين عن الثقافة القانونية، بهدف خلق وعى مجتمعى لدى أفراد المجتمع بحقوق وواجبات كل منهم، وتدعيم مبدأ المواطنة النشطة؛ وكذا توفير ما يحتاجه أعضاء كُلٍ منهم، من إصداراتٍ ونشرات وكتب وقوانين.



#محمود_أبوالخير_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود أبوالخير احمد - التحولات الاجتماعية وإنعكاساتها على الثقافة التنظيمية: دراسة ميدانية للمحاكم الإبتدائية بالإسكندرية