أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح2















المزيد.....

أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4585 - 2014 / 9 / 26 - 23:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في النص نشهد علاقة جدلية بين الرؤيا المجردة من مقدمات تصورية سابقة وبين التبين الذي يقوم عليها وينشأ منها,للوصول إلى التصديق اليقيني بما في النقل من قواعد منظمة للطلب بالتبين دون ما تقديس رجعي لما عند الأخر من بيان جاهز لا يعوض ولا يمكن أن يكون بديلا عن الأراءة الذاتية بالحواس والمدركات التي خلقها الله لتكون أداة البيان ووسيلة من وسائل التبيان.
القضية الثانية والقاعدة الأرتكازية التي تقدم منهج حقيقي للخلاص من أزمة الفهم هي البحث عن الموائمة بين المنهج وبين الرسالة دون أن الأعتماد على الجاهز الحاضر من الفهم والمنهج بما عندي كفرد أو عند الأخر ولو ثبت نجاح أحدهما أو كليهما في معالجته لقضية ما أو مجموعة قضايا في زمن محدد أو أزمان متعدده وكذلك الحال ينطبق على المكان والحال دون إمتحان ذلك عمليا وعلميا بالعرض والفحص وهذه العملية مرتبطة بما سمي بالجهد البشري أو المجاهدة الفكرية القائمة على قاعدة البحث عما هو حق وهو لايعني بالضرورة الرفض أو التقليد فهذه كلية مختلفة لا يمكن إدراكها إلا بعد الأمتحان والفحص ولكن على قاعدة أن كل منهج قابل للتطبيق أو الأبعاد ذاتيا بالقدر الذي يقترب أو يبتعد مع جوهر النقل ومضمون القصدية العقائدية للدين.
وحتى ما نتاوله من مفهوم الحداثة ليس لنا أن نتقبله ككل بدون فحص ولا نرفضة بحجة أن الهدف الوضعي المعلن من وراء طرحه هو أعلان موت الرب بل علينا الخوض في قراءته على النحو الذي يمكن من خلال القراءة أن أكتسب منه ما يعزز عندي التوصل إلى مواطن القوة فيه التي تعين وتساعد على أكتشاف الخلل أو في حالة عدم توافق بعض خطوطه مع الروحية الدينية الأصلية البناء على مكمن العجز هذا وأظهار علتها وبذلك يتحصل منه على جانبيين:.
أحدهما معزز للأخر في قبول أو رفض منهج الحداثة على تبرير منطقي قائم على الحجة والبرهان لا مجرد الرفض المتعنت,وهو ما يعني أن الجهد البشري الفكري والمعرفي لا بد وأن يحتوي شيء من الصحة وقادر على المطابقة طالما أنه صدر من عقل غايته الإنسان وهي نفس الغاية التي ينطلق إليها الفكر الرسالي الديني.
البحث عن المنهج ليس فقط عملية تجريبة بحد ذاتها ولكن في الحقيقية هي عملية إستكشاف لمنهج أخر من خلال الأحتكام فقط على النتائج ومقاربة هذه النتائج مع الغائية الرسالية من الدين,فالدين كما نفهم هو معاملة بينية حدودها البشر والبشر,والبشر مع الله,هذه المعاملة لها أفتراضات ومقدمات وعليها نتائج وخلاصة من خلال فهم ما إعتمد الله عليه في معياريته الخير والرحمة والعدل والإحسان.
ولذلك كان الرسول صل الله عليه وأله وسلم في دعوته الناس لم يرفض كل ما عندهم من أساسيات بل شجع القائم منها الموافق لروح العقيدة بقولته المشهورة ((إنما بعثت لأتتم مكارم الأخلاق)) وهي بلا شك دعوة صادقة لا تعني إن الأرض خالية من الجيد منها ولا تعني الرفض التام لكل الماضي ولكل التراث حتما.
بل أن دعوته كان إنقلاب على ما هو غير موافق فقط لروح الرسالة,فالتجديد الذي نسعى له الأن لابد أن يمر من خلال نفس الفهم إتمام ما هو صالح والأنقلاب على ما سواه لاقدسية لأحد ولا تقديس لقضية إن لم يقدسها الله أصلا.
القضية الجوهرية الثالثة والتي لابد أن تأخذ أولية عند العقل الديني في محاولته الخروج من أزمة المنهج هي قضية الأجتماع على القواعد المشتركة البينية ومن ثم أتخاذها قاعدة في معالجة القضايا الخلافية,وهذه هي من مقدمات المنهج الرسالي ومؤكد عليها في النصوص الدينية فلا يمكننا أن ننطلق في المعالجة من مواقع نحن مختلفون عليها أصلا لأن ذلك يقود إلى إتساع الهوة وإتساع عوامل التفريق.
إن أختيار نقطة البداية يجب أن تكون جامعة وأن تكون مجمع على نتائجها والأحتكام إليها في كل المعالجة دون أن نضطر إلى الأبتعاد عن عوامل قادرة بمفردها على أن تكون القاسم المشترك بين الفرد والأخر,والله تعالى يقول في هذه الكلية نصا منهجيا لا يلغي الأخر ولكن يحتوي المجموع على قاعدة الصدق في النية للقضاء على عوامل الفرقة والأختلاف{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}آل عمران64.
إذا كانت كلمة السواء تجمع أهل رؤى مختلف على أحقيتها فمن الأولى أن تكون أنجع وأصح بين أهل رؤية واحدة أصلا وسبيلا مناسبا للجمع والتوحد على ما هو واحد أصلا.
الإيمان لا ينحصر في جو نفسي معزول عن الحياة،بل هو الدافع الأكبر للتحرك وسط الحياة وللتفاعل الواعي والهادف مع أجزائها ومفرداتها,ومع الناس والمواقف وهذا ما نقرأه في الكثير من النصوص الاسلامية التي قرنت الايمان بالعمل في علاقة عضوية متداخلة لا تلغي الأخر بل تسعى إلية وتتحاور معه مستندةً إلى هدفية ألإنسان من وجوده{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}هود88,هنا نشهد ما للبينة والحجة من دور في عملية الأصلاح والتجديد لما بُلي ولم يعد قادرا أن يلبي منطق تجدد الحاجات.
إن الأنطلاق العملي في المعالجة وإكتشاف المنهج الملائم والمناسب له قاعدة أرتكازية مهمة تكون مفصلية حين يحاول المسلم التعامل مع التحديات بأستجابة واعية لا مجرد إسقاط ذاتية شخصية له على الأحداث ليفعل فعلا يراد منه أن ينتج قيماً جديدة, هذه القيم إن لم تستمد من الدين الحق ومن قواعده المتوافقة مع العقل السليم تصبح عامل إرتداد وإفساد ليس للجهد البشري فحسب بل إفساد للطرح الإسلامي ذاته.
وعندما نطبق هذا المفهوم الاسلامي على الواقع،فاننا نستطيع ان نكتشف الآثار السلبية لاختلال التوازن في هذه العلاقة,فلو ان المسلم تحرك ميدانياً ودخل ساحة العمل بدون الرصيد الايماني المطلوب فانه لا يكون عاملا بحق للإسلام،لأن اعماله ستكون صادرة من رغبات ذاتية يريد من ورائها أن يُلبي حاجة النفس واهواءها،وإن كان مظهرها اسلامياً,وهو سيصطدم حتماً بالمصلحة الاسلامية ،لأن هذه المصلحة لا تحقق رغباته الذاتية،مما يجعله يتجاوز مصلحة الاسلام ويُسيء إلى العمل الاسلامي إرضاءً لرغباته وأهوائه,وبذلك بدل أن يكون عنصر عمل صالح،فانه سيتحول إلى مصدر إفساد وازعاج داخل الوسط الاسلامي أو المجتمع بشكل عام.
وقد ابتلي واقعنا بالكثير من هذه الحالات، لاسيما في أجواء العمل السياسي، حيث تبرز الذات الشخصية بشكل مؤثر على الانسان العامل، فيسقط ضحية الاغراء،وينسى قيمة دوره الرسالي المطلوب، وينقلب إلى أنسان يتخذ من جو العمل الاسلامي عنواناً يخفي تحته رغباته وتطلعاته الشخصية ومطامحه الذاتيه وهو حقيقة ما حصل عند معاوية بقولته المشهورة.
إن القواعد المشتركة نجدها في الإيمان بالدين كما هو أصلا لا كما نفهم الدين نحن من خلال قراءتنا ولا من خلال ما وصلنا من قراءات,نعم علينا أن نمارس النقد الذاتي ومن ثم الإتساع به نحو نقد التراث ونقد القراءات المختلفة لمناهج العلاج والمعالجات السابقة أو المستحدثة,نقد مبني على غاية كبرى سامية تخرج الذات والمصلحة الذاتية والتحزب والفئوية من إطارها لتنطلق إلى مصلحة الإنسان الشاملة الكلية,وهذه المعالجة كما قلنا تبدأ من الداخل لتأخذ بالتوسع قطريا مرتكزة عل نواة واحدة مركزيه أصلها أرادة الله كما هي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2
- سلعو وشنه , قصة قصيرة
- التجديد الفكري واعادة قراءة الفهم الديني
- الكتب والصحف في النص القرآني
- مفهوم التناقض والتضاد
- الحاجة والضرورة اختلاف مفاهيم ودلالات
- النظام الأثري وقيمه
- التنظير و النقد الفكري
- مصطلح الأثرية
- الحوار ومبدأ التواصل ح1
- الحوار ومبدأ التواصل ح2
- عن حوار الجدران ح1
- عن حوار الجدران ح2
- المادية الفكرية والنتيجة المستخلصة ح1
- المادية الفكرية والنتيجة المستخلصة ح2
- العقلانية التأريخية وتصادمها مع المادية التأريخية
- البرغمانية الكهنوتيه


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح2