أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام عبد العزيز محمد المعموري - سمات المبدع ..أدوارد سعيد أنموذجا-















المزيد.....

سمات المبدع ..أدوارد سعيد أنموذجا-


عصام عبد العزيز محمد المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 4585 - 2014 / 9 / 26 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


سمات المبدع .. المفكر الفلسطيني أدوارد سعيد أنموذجا"
د.عصام عبد العزيز المعموري – معهد اعداد المعلمين – بعقوبة
في محاولة متواضعة لاستقصاء بعض من سمات المبدع من أدبيات الابداع حاولت التعرف على مدى انطباقها على المفكر الفلسطيني د.أدوارد سعيد وكانت الحصيلة كما يأتي :
1- السمة الاولى للمبدع هي امتلاكه خلفية واسعة وعميقة في حقول علمية وأدبية مختلفة (كثير القراءة )ومتعدد الاهتمامات
لقد كان د.أدوارد سعيد باحثا" وناقدا" ومؤرخا" وكاتبا" للسيرة الذاتية كما يتضح ذلك في كتابه (خارج المكان ) وأكاديميا" من طراز فذ واستثنائي فنشاطه السياسي من أجل فلسطين لم يمنعه من الاهتمام بالنشاط الأدبي والثقافي والموسيقي فهو لم يكن من عشاق الموسيقى ومن متذوقي الكتابات الابداعية الأدبية فحسب بل كان عازف بيانو وكتب الكثير من المواضيع المتعلقة بالموسيقى والفنون وله مؤلفات ومقابلات عدة حول الموسيقى كما ناقش قضايا ثقافية وفنية وأدبية وموسيقية من خلال ندوات ومحاضرات ومقابلات نشرت في الصحف العربية والغربية حيث كان قادرا" على ربط الموسيقى ببعدها الثقافي والسياسي والاجتماعي وتكريما" له فقد أطلقت جامعة (بيرزيت) على مدرستها الموسيقية اسم معهد سعيد للموسيقى .. وان تناول سيرة ( أدوارد سعيد ) الذاتية ومسيرته المهنية والنضالية مهمة صعبة جدا" لأن نشأته واهتماماته ودراساته وكتاباته متشعبة ومتشابكة من حيث الزمان والمكان وهو الى جانب كتاباته وكتبه حول القضية الفلسطينية كان عضوا" مستقلا" في المجلس الوطني الفلسطيني لعقود طويلة الى أن استقال عام 1991 منذ مؤتمر مدريد واحتج بشدة على اتفاق اوسلو بين منظمة التحرير والحكومة الاسرائيلية مؤكدا" أن هذا الاتفاق لن يقود الى اقامة الدولة الفلسطينية المنشودة .
2- السمة الثانية للمبدع هي أنه أكثر تلقائية من زملائه الآخرين وأكثر استقلالا" في الحكم ..يعارض رأي المجموعة اذا شعر أنه على صواب وأكثر جرأة ومغامرة وأكثر تحررا" وأكثر ضبطا" لذاته وسيطرة عليها .
وتأكيدا" لامتلاكه هذه السمة فانه كان يتلقى تهديدات القتل هو وعائلته طوال حياته كما قال يوما" ، وأطلقت عصبة الدفاع عن اليهود لقب النازي عليه وفي نفس السنة أضرم أحدهم النار في مكتبه في جامعة كولومبيا .
وفي الاستشراق كان متفردا" في آرائه التي نشرها في كتابه (الاستشراق) التي يمكن تلخيص أبرز ملامحها بما يأتي :
- ان الدراسات الغربية للحضارة العربية الاسلامية والصور الرومانسية التقليدية تجاه الشرق مغرضة لأنها تبرر الهيمنة السياسية على الشرق وأن الغرب لديه رؤية نمطية للشرق في الفن والأدب ودائما" يتم اظهار الشرقيين بأنهم ضعفاء وغير عقلانيين .
- كان يربط دراسات الاستشراق منذ بداية انطلاقتها بظهور الحركة الصهيونية وولادة مشروع تهجير اليهود الى فلسطين مع انتشار الثقافة الأمبريالية في أوروبا وكشف في كتابه حول القضية الفلسطينية الحقائق التاريخية للشعب الفلسطيني ردا" على المزاعم اليهودية والاستعمارية المروّجة لأكذوبة لا شعب في أرض فلسطين فقدم عرضا" شاملا" بالوثائق للخصائص التاريخية والجغرافية والاجتماعية لفلسطين وشعبها حيث يعيش مجتمع متمدن .
- في كتابه (تغطية الاسلام ) الصادر عام 1997 يقول ( ان التغطية الاعلامية للاسلام مليئة بالمغالطات وبعيدة عن الموضوعية حيث يتم تصوير الاسلام كدين يتميز بالعنصرية العرقية والكراهية الثقافية في حين تحظى المسيحية واليهودية باحترام كبير ) ويستشهد سعيد بدور الصحفيين المرسلين الى مناطق النزاعات والذين ليس لديهم معرفة بهذه المجتمعات فمثلا" خلال أزمة الرهائن الأمريكيين اثناء الثورة الايرانية تم ارسال ما يقارب من 300 صحفي دون أن يكون بينهم صحفي يعرف اللغة الفارسية .. الشيئ الذي يجعلهم يكتبون تقارير شبه جاهزة وأحيانا" سطحية لا تعدو أن تكون مجرد قوالب شكلية ومعدة من قبل .
ويستغرب سعيد كيف أن طالب الماجستير أو الدكتوراه المتخرج من الجامعات الأمريكية أو الأوروبية في مجال الشرق الأوسط تجده لا يتقن اللغة العربية ..وان ارتباط كلمة العالم الثالث بالشرق الأوسط جعلت الغربيين ينظرون نظرة دونية لعالم الشرق الأوسط وساعدت سطوة وتقنية الاعلام الأمريكي على العالم عموما" والعالم العربي خصوصا" على تبني وتثبيت أفكار هذا الاعلام من قبل قبل المستقبلين والمستمعين .
3- السمة الثالثة للمبدع هي أنه يعاني توترا" شديدا" للتوفيق بين المتعارضات الكامنة في طبيعته مع محاولته تحمل ذلك التوتر والحد منه فهو ثائر لكنه لا يعمل ضد المعايير الاجتماعية ، يتميز بالاندفاع وسرعة الاستثارة وعدم ضبطه لتعبيراته الانفعالية ، وفي نفس الوقت يتميز بقوة الارادة واحترام المطالب الاجتماعية والطموح والقدرة على ضبط الانفعالات ... بمعنى أن المبدع يعاني من صراع الفردية والتقبل الاجتماعي الى حد الشعور بالاغتراب ..فالطفل المبدع مثلا" اما أن يصير مقبولا" من أقرانه ويؤدي ذلك الى التضحية بالابداع أو يصبح مغتربا" عن جماعته اضافة الى نبوغ المبدع قد يستثير لدى الآخرين مشاعر النقص والشعور بالدونية وبالتالي قد تصدر عنهم بعض الاستجابات الدفاعية ازاءه والتي تتمثل في سلوك الرفض والعدوان شعورا" منهم بالتهديد من الانجاز غير العادي الذي يحرزه المبدع .
ان حالة الاغتراب التي عاشها أدوارد سعيد بدأت منذ ولادته حيث ولد في الأول من تشرين الثاني عام 1935 لوالد مقدسي يحمل الجنسية الأمريكية وهو من الديانه المسيحية الأرثدوكسية وكان رجل أعمال وخدم في الحرب العالمية الاولى وقد انتقل الأب الى القاهرة قبل ولادة أدوارد سعيد بعقد وأم من الناصرة وكانت نصف لبنانية وبدأ دراسته في القدس ثم القاهرة وبعدها في الولايات المتحدة وقد انتقل الأب الى القاهرة قبل ولادة أدوارد سعيد بعقد أما شقيقته فهي المؤرخة ( روز ماري سعيد زحلان ) وعاش أدوارد حتى سن الثانية عشر متنقلا" بين القاهرة والقدس وقد التحق في المدرسة الأنجليكية ومدرسة المطران في القدس عام 1947 لكن أحد المحامين الاسرائيليين زعم بأن أدوارد سعيد قد قضى هذه الفترة في القاهرة ولم يلتحق بمدرسة المطران في القدس سوى فترة قصيرة وكان أدوارد وعائلته في القدس شتاء 1947 و1948 وهاجر مع أهله خارج فلسطين على خلفية الحرب ، وأملاك العائلة صودرت وأصبحت عائلته من اللاجئين لرفض اسرائيل عودتهم الى البلاد التي ولدوا فيها . حيث درس ودرّس في الجامعات الأمريكية وانطلق في مشواره التعليمي في الولايات المتحدة من مدرسة داخلية في ماساتشوتس حيث عاش حياة تعيسة بسبب احساسه بالمنفى الحقيقي لكنه استطاع بالرغم من معاناته الذاتية وصراعه مع الغربة أن يتفوق حيث تابع دراسة الفن وحصل على البكلوريوس من جامعة برنستون عام 1957 وماجستير بالفن عام 1960 من نفس الجامعة ويتابع دراساته حيث نال درجة الدكتوراه في اللغة الانجليزية والأدب المقارن من جامعة هارفارد وبعد حصوله على شهادة الدكتوراه انضم الى هيئة التدريس في جامعة كولومبيا في قسم اللغة الانكليزية والأدب المقارن كما عمل برتبة استاذ زائر في الأدب المقارن بجامعة هارفارد عام 1974 وظل يمارس التدريس الجامعي الى أن حاز لقب استاذ جامعي متميز في جامعة كولومبيا وهذا المنصب يعتبر أعلى درجة أكاديمية في تلك الجامعة .
4- السمة الرابعة للمبدع هي أن أفكاره تثير الدهشة ومثابر في الأعمال العقلية ويظهر المبادأة في مجال عمله ويميل الى التفكير والتفاعل مع الأفكار ويمتلك الاستقلالية في الفكر والعمل .
أنجز أدوارد سعيد مؤلفات كثيرة كان لها دور في زعزعة قناعات كانت سائدة قبله منها ( الاستشراق ) ومن كان راغبا" في معرفة مدى حبه ودفاعه عن الاسلام وعشقه لحوار الأديان والحضارات فليقرأ كتابه ( تغطية الاسلام ) ومن أراد التعرف على سيرته عن قرب فعليه بقراءة كتاب ( خارج المكان ) وهو الكتاب الأخير الذي كتبه قبل رحيله ، أما من أراد التعرف عليه ناقدا" وباحثا" فعليه أن يقرأ عددا" من كتبه في طليعتها ( العالم والنص والناقد ) ومن كتبه المتميزة أيضا" كتاب ( المثقف والسلطة ) وكتاب (القضيةالفلسطينية ) وكتابين حول اتفاق اوسلو بعنوان ( غزة أريحا : سلام أمريكي ) و(اوسلو سلام بلا أرض ) ثم كتاب ( نهاية عملية السلام ) عام 2000الذي شارك بعده في اطلاق المبادرة الوطنية الفلسطينية مع مصطفى الرغوثي وحيدر عبد الشافي بهدف خلق قوة فلسطينية ثالثة تقوم على قاعدة ديمقراطية بعد احتدام الخلافات بين حركتي فتح وحماس .
5- من خلال استعراض السير الذاتية لكثير من المبدعين ، كان كثير منهم قد فشل في المدرسة أو طرد منها أو لم ينتظم فيها أو أنهى تعليمه مبكرا" أو وصفه معلموه بالكسل والاهمال .. فها هو ( اينشتاين ) حيث أبلغ مدير المدرسة والده بأنه لن ينجح أبدا" في أي شيء وقد طرد من المدرسة مع تحذير المدير لأبيه بأن وجوده في الصف مشتت لانتباه زملائه .. أما الشاعر الانجليزي سكوت فتزجيرالد فقد فشل في دراسته ولم يتجاوز تقديره فيها مستوى مقبول أبدا" وقد وجد نفسه يوجه خطابا" الى مدير مدرسته يقول فيه ( لقد اكتشفت أنني أنفقت سنوات طويلة من عمري أحاول أن أتواءم مع منهج أعد أولا" وقبل كل شيء للطالب العادي أو المتوسط ) .
التحق أدوارد سعيد بكلية فكتوريا في الاسكندرية وطرد من الكلية عام 1951 كونه مشاغب ليرسله والده الى مدرسة داخلية نخبوية في الولايات المتحدة في ماساشوشتس وقد ذكر سعيد بأنه كانت سنة تعيسة شعر فيها خارج المكان ما لبث سعيد أن أدار نفسه بشكل جيد ويحسن صنيعا" في المدرسة ليحوز الترتيب الأول أو الثاني على 160 طالب وقد أثرت هذه السنة على حياته المستقبلية لمقابلته أناس من ثقافات عدة وتولد لديه الإحساس بخارج المكان .
هنالك الكثير من سمات المبدعين لا يتسع المجال لذكرها التي يمتلكها هذا المفكر الفلسطيني الذي توفي في احدى مستشفيات نيويورك في صباح 25 سبتمبر 2003 عن عمر ناهز 67 عاما" بعد صراع دام 12 عاما" مع مرض اللوكيميا وكان قد أوصى أن ينثر رماده في دول عربية واختار لبنان ونقل رماده في 30 أكتوبر 2003 الى لبنان في مقبرة برمانا الانجيلية في جبل لبنان .
المصادر
1- مجلة العربي الكويتية العدد 655 يونيو 2013
2- زيتون ،عايش : تنمية الابداع والتفكير الابداعي في تدريس العلوم ،ط2،عمّان ،دار عمار للنشر والتوزيع ،1999.



#عصام_عبد_العزيز_محمد_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقطات
- محاضرة في طرائق تدريس الفيزياء


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام عبد العزيز محمد المعموري - سمات المبدع ..أدوارد سعيد أنموذجا-