أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - يعقوب ابراهامي - ماركسيو الفول والشعير















المزيد.....

ماركسيو الفول والشعير


يعقوب ابراهامي

الحوار المتمدن-العدد: 4585 - 2014 / 9 / 26 - 19:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


"ما هو سر التشابه التام بين نمو البرعم داخل حبة الفول ونظرية كارل ماركس في الصراع الطبقي في المجتمع الراسمالي؟" – حسقيل قوجمان يقارن بين حبة الفول والمجتمع البشري ويجد تشابهاً تاماً بين نمو الفول وتقدم المجتمع البشري.

بعد الفول (حسقيل قوجمان) جاء الشعير (ادم عربي). ما سر هذا الولع بالمنتوجات الزراعية؟ هل تحول الماركسيون فجأةً إلى علماء نبات؟ (بعضهم لم يكتفِ بعالم النبات وراح يفحص أفراخ الدجاج).
جوابي هو أن "ماركسيي الفول والشعير (وأفراخ الدجاج)" فقدوا ثقتهم بقدرتهم على الدفاع عن الأفكار الماركسية بمقارعة الحجة الفكرية بالحجة الفكرية، وهم يخفون عجزهم هذا وراء اللجوء إلى تحويل الماركسية من أفكار ونظريات وفرضيات (وفي أحيانٍ كثيرة أحلام)، حول المجتمع والتاريخ البشري، إلى مجموعة من "قوانين" طبيعية كونية أزلية مفروضة على الطبيعة الجامدة والإنسان الواعي على حدٍّ سواء.
تحويل الماركسية إلى "علم"، وتحويل الأفكار الماركسية إلى "قوانين طبيعية" مفروضة على الإنسان رغم إرادته، أنزل طبعاً ضربة مميتة بالماركسية، لكنه حرر "ماركسيي الفول والشعير" من ضرورة الدفاع عن الأفكار الماركسية ومن ضرورة مواجهة الحقيقة المرة وهي أن نصيب الأفكار الماركسية من الصحة والخطأ لا يختلف مبدئياً عن نصيب كل الأفكار الإجتماعية والإقتصادية الأخرى التي ظهرت على مسرح الفكر البشري.
من يحتاج إلى أن يشرح لماذا لم تحدث ثورات اشتراكية في الدول الصناعية الكبرى في الغرب (رغم أن التناقض بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج قد بلغ حد الثورة الإجتماعية وفقاً للنظرية الماركسية) إذا كان الإنتقال إلى الإشتراكية هو أمرٌ محتم، لا مناص منه، بالضبط مثل نمو البرعم داخل حبة الفول؟ هل هناك عاقلٌ يشك في نمو برعم الفول داخل حبة الفول؟
من يجرأ على التشكيك بصحة وجود "قوانين" ديالكتيك في الطبيعة عندما توضع هذه "القوانين" بنفس الدرجة من احتمال الصحة والخطأ كالقانون الفيزيائي E=MC2 مثلاً؟ ("علم الماركسية لا يقل دقةً عن علم الفيزياء" – قال من على أغلب الظن لم يفتح كتاب فيزياء مرةً واحدة في حياته).

"ما هو سر هذا التشابه التام بين نمو البرعم داخل حبة الفول ونظرية كارل ماركس في الصراع الطبقي في المجتمع الراسمالي بحيث حتى يعقوب ابراهامي شعر به؟" – يسأل حسقيل قوجمان ثم يجيب بلهجة من اكتشف سراً من أسرار الكون: "السر هو ان كلتا الحركتين حركتان ديالكتيكيتان تجريان وفقا لقوانين المادية الديالكتيكية".
لكن الإنسان، عزيزي قوجمان، هو ليس حبة فول. وهو بالتأكيد ليس شعيراً ناهيك عن فرخ دجاجة. وما ينطبق على حبة الفول (وعلى الشعير وفرخ الدجاجة) لا ينطبق على الإنسان الواعي صاحب الإرادة الحرة. كيف إذن ستتحقق "قوانين" الديالكتيك (الأربعة) على المجتمع البشري رغم إرادة الإنسان الواعي؟ من سيفرضها عليه؟
عندما سألتُ حسقيل قوجمان: متى ستتحول علاقات الانتاج الراسمالية الى علاقات انتاج شيوعية؟ أجابني: "حين تتخلص الطبقة العاملة من الفئات الانتهازية المثبطة لنضالاتها وتحقق شعار ماركس يا عمال العالم اتحدوا". على ضوء ما يجري في العالم اليوم (أين أنت آكو كركوكي؟) يبدو لي إن تحقيق ذلك بعيدٌ جداً. ومع ذلك عن ماذا يتكلم حسقيل قوجمان هنا إن لم يكن عن إرادة الإنسان؟ من الذي يمنع الطبقة العاملة من "التخلص من الفئات الانتهازية المثبطة لنضالاتها" إذا كانت تريد ذلك حقاً؟ لماذا لا تفرض "قوانين" الديالكتيك نفسها على الطبقة العاملة وترغمها على التخلص من "الفئات الإنتهازية" والإنتقال إلى علاقات إنتاجٍ شيوعية كما تفرض هذه "القوانين" نفسها على حبة الفول وترغمها على التحول إلى وجبة طعامٍ شهية؟ يبدو إن إرادة الإنسان ووعيه تلعبان مع ذلك دوراً حاسماً في تقدم المجتمع البشري، وعلى العكس مما هو عليه الحال في حبة الفول الخالية من الإرادة والوعي - الإنسان الواعي يستطيع أن يمنع فعل "قوانين" الديالكتيك.
ليس هناك حتمية تاريخية مفروضة على الإنسان رغم إرادته. هذه خرافة.

يغضب حسقيل قوجمان عندما نقول له إنه يتكلم بلغة لا يفهمها أحد. لغة من اختراعه هو. أنا أطلقتُ عليها اسم: اللغة القوجمانية.
خذوا على سبيل المثال غولاً ذا رأسين يسميه حسقيل قوجمان: علم المادية الديالكتيكية. في أي لغة من لغات العالم المتحضر سمعتم أو قرأتم أو رأيتم مخلوقاً كهذا؟
المادية الديالكتيكية هي فلسفة وعمر الفلسفة هو تقريباً كعمر التفكير البشري. أما العلم (بمعنى Science كما نعرفه في العلوم الطبيعية وعلى رأسها الفيزياء) فهو حديث العهد نسبياً في تاريخ الفكر البشري. العلم (بمعنى Science) ظهر إلى الوجود قبل حوالي 400 سنة فقط. وما يميزه هو طريقة معينة في استخدام التفكير البشري يمكن أن نطلق عليها اسم الطريقة العلمية وأنا أدرك تماماً الغموض الذي يكتنف هذا التعبير. أكتفي هنا بالقول بأن الفلسفة والعلم هما فرعان مختلفان من فروع النشاط الفكري للإنسان: الأسئلة التي تسألها الفلسفة هي غير الأسئلة التي يسألها العلم، وطريقة إجابة الفلسفة على أسئلتها تختلف عن طريقة إجابة العلم على الأسئلة التي يعالجها.
ماذا يقصد حسقيل قوجمان إذن ب"علم المادية الديالكتيكية"؟
إذا كانت المادية الديالكتيكية فلسفة فهي ليست علماً. وإذا كانت المادية الديالكتيكية علماً فهي ليست فلسفة.
أو خذوا مثلاً مكتشف الدورة الدموية الذي نسى حسقيل قوجمان اسمه (ويليام هارفي (1578-1657)). حسقيل قوجمان يقول بلغته الخاصة إن هناك علماً اسمه علم الدورة الدموية وهناك عالماً يُلقب بعالم الدورة الدموية. وفقاً لهذا المنطق - بماذا سنلقب، في اللغة القوجمانية، مكتشف القارة الأمريكية كولومبوس؟ هل سنلقبه بعالِم القارة الأمريكية؟ هل هذا كلامٌ جدي؟
(ليس غريباً إن يطلق حسقيل قوجمان لقب العالِم على محتال ومشعوذ ماركسي سيء الصيت)
وبعد ذلك يغضب حسقيل قوجمان عندما نقول له أننا لا نفهم ما يقول، وإنه إذا كان يريد أن يتحدث في مواضيع تتعلق بمفاهيم نظرية مثل "العلم" و"القانون الطبيعي" و"النظرية العلمية" فإن من الأفضل، لكي نستطيع أن نفهمه، أن يخاطبنا بلغتنا نحن لا باللغة القوجمانية.

"العلم" هو الملجأ الأخير للماركسي المحنط.
الماركسية ليست Science بل مجموعة من الأفكار والنظريات حول المجتمع والتاريخ البشري. هذا طبعاً لا يقلل من أهميتها ولكنه يضعها في مكانها المناسب في تاريخ الفكر البشري.
تحويل الماركسية إلى "علم" هو الخطوة الأولى لتحويلها إلى كتابٍ منزل من السماء، لأن "علم الماركسية"، في نظر "ماركسيي الفول والشعير"، يختلف عن كل العلوم الأخرى التي عرفها الفكر البشري بذلك أنه يعبر عن الحقيقة المطلقة التي لا تقبل النقاش. "علم الماركسية"، في نظر أصحابه، لا يشيخ، لا يهرم، لا يتغير ولا يعلو بعض أجزائه الصدأ منذ أن وضعه مؤسسوه في القرن التاسع عشر. ما هذا إن لم يكن كتاباً منزلاً من السماء؟

اهتمام كارل ماركس كان منصباً كله في الإنسان والتاريخ البشري وديالكتيكه كان موجهاً بصورة كلية نحو الإنسان فقط وليس نحو الطبيعة.
"إذا كان كارل ماركس فيلسوفاً – فيلسوفاً لِأي فرعٍ من الفلسفة كان كارل ماركس؟ ماركس بالتأكيد لم يكن فيلسوفاً لموضوعٍ رفيع الشأن يملأ الدنيا ك"الوجود الإنساني" مثلاً، أو لموضوعٍ ضيق محدود ك"الإقتصاد السياسي". كارل ماركس لم يهدف إلى أن تكون أفكاره بمثابة نظرية كونية شاملة تفسر وتشرح، شأنها شأن الدين مثلاً، كل نواحي حياة الفرد. صحيح إن شريكه فريدريك أنجلز عمل على تطوير نظرية كونية طموحة تشمل كل شيء وتفسر كل شيء، عُرِفت باسم المادية الديالكتيكية، حاولت أن تضم في نسيجٍ واحد المعرفة الإنسانية كلها، من الفيزياء وعلم الأحياء إلى التاريخ والمجتمع.
"إلاّ أن كتابات كارل ماركس تهدف إلى ما هو أكثر تواضعاً وأقل طموحاً. مشروع كارل ماركس كان يهدف إلى تشخيص وحل التناقضات الإجتماعية الكبرى، تلك التناقضات التي تحول بيننا وبين أن نحيى حياةً إنسانية لائقة وأن نتمتع بكل قوانا الجسمية والروحانية" - تيري إيغلتون – "ماركس" - مقتبساً من الترجمة العبرية.

سنة 5775 للخليقة : كل عام وانتم بخير
احتفل العالم اليهودي أمس واليوم بعيد رأس السنة العبرية الجديدة.
أريد أن ابعث تحية "كل عامٍ وأنتم بخير" ألى كل قراء "الحوار المتمدن"، إلى كل الأصدقاء والزملاء وإلى كل الخصوم الفكريين.
تحية خاصة إلى كل أفراد "الشلة" النائمة : مرةً شلة دائماً شلة!





#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستالين والفلسفة
- الفول والماركسية
- أسئلة محيِّرة
- من أخبار العدو الصهيوني
- الإختطاف
- إلى مزبلة التاريخ
- بؤس الترجمة
- المفكر الماركسي والمهرج الماركسي
- علي عجيل، حسين علوان وبيرتراند رسل
- عودة إلى خرافة قوانين الديالكتيك-2
- وعصام مخول لا يجيب
- عودة إلى خرافة قوانين الديالكتيك-1
- خرافة قوانين الديالكتيك
- شعب اسرائيل يبكي مقتل الأطفال السوريين
- ويلٌ لشعبٍ هؤلاء هم قادته
- الشعب الذي لا يطاق
- كاثوليكي أكثر من البابا
- عبد الحسين شعبان، الصهيونية والديالكتيك
- ماركسية محنطة في أعلى مراحلها
- ماجد الشمري، يعقوب ابراهامي والسمارت فون


المزيد.....




- -لا لإقامة المزيد من القواعد العسكرية-: نشطاء يساريون يتظاهر ...
- زعيم اليساريين في الاتحاد الأوروبي يدعو للتفاوض لإنهاء الحرب ...
- زعيم يساري أوروبي: حان وقت التفاوض لإنهاء حرب أوكرانيا
- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - يعقوب ابراهامي - ماركسيو الفول والشعير