أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2















المزيد.....

الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4585 - 2014 / 9 / 25 - 13:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فالزمن وحده دون المكان كان محل الصراع أما ساحته فكان خارج نطاق الذات الأوربية نفسها وان كانت هي التي تقود الصراع الذاتي بامتياز مطلق فهي لم تتصارع خارج الذات الغربية ولم تتصارع مع قيم خارجة عن تكوينها وإنتاجها ولكن صراعها إن امتد إلى خارج النطاق الأوربي فهو من تحصيل الخارج وتأثره بالقيم المتصارع عليها في محاولة التقليد أو الخروج من الأزمة التي عاشتها مجتمعات خارج أوربا .
وهذا ما يحير فعلا فأوربا كانت في هذا الصراع تعيش أزمة هوية وأزمة أخلاقية بالدرجة الأولى بين قيم الثورة الفرنسية الثلاث وبين قيم الحرية والذاتية التي نادت بها الحداثة كواحدة من الفلسفات التي كانت هي جوهر الصراع ومحتواه الفكري فهي بالمنطق العقلي والعلمي غير مهيأ بألاصل لان تكون النموذج المستهدف ولكن قوة الواقع الاقتصادي والحضاري الذي أفرزته الثورة الصناعية كسياسات استعمارية بجميع الوجوه مكنت لهذه الإشكالية الأخلاقية من أن تنفذ في المجتمعات النامية أو التي تحت سطوة وسلطة المستعمر ونقلت معها القيم بالإضافة إلى الأزمة الأخلاقية التي يمكن لأوربا وحدها أن تتجاوزها لان أسس الولادة فيها بما فيها من ظروف وقيم قادرة على تجاوز الأزمة .
أما في المجتمعات التي نقلت إليها الأزمة الأخلاقية الأوربية فلم تستطيع وبعد مرور العشرات من السنين وما شهدته من تغيرات بنيوية وأخلاقية وفكرية لازالت تعيش الأزمة وإفرازاتها لعدم تملكها أصلا مفاتيح الحل المتمثل في القيم الأوربية نفسها فوقعنا في إشكالية التغريب والهجرة وانقطعت أسباب الفهم والوعي بالذات الخاصة بنا لأننا نعيش خارج حدودنا الذاتية ونتنفس من خلال الرؤية الغربية واشتراطاتها.
الحداثة الأوروبية ليست كينونة جوهرانية معزولة عن سياق التاريخ بإحداثياته الزمانية والمكانية، بل هي نتاج صيرورة تاريخية تمتد بجذورها إلى قرون عديدة، ولذا لا يمكن فهم مشروع الحداثة الغربية إلا باستحضاره عبر جدله وتطوره منذ تأسيسه الفلسفي مع ديكارت، وتقعيده ألمفهومي السياسي مع مونتيكسيو وروسو (أقصد مفهوم فصل السلطات، والعقدالأجتماعي)، مرورا بلحظة المراجعة النقدية لأداته الإبستمولوجية (العقل) مع كانت، وانتهاء بالثورة عليه مع فلسفة ما بعد الحداثة لدى نيتشه وفرويد وهيدغر.
إن اشتراكنا في الكثير من المفاهيم الفكرية ومن مصنعات الوعي البشري كالدين الإلهي والقيم الإنسانية المطلقة التي تفرض نمط معين من الوعي كحب الخير والعيش بسلام وقيم المحبة والعيش المشترك لا يعني بأي صورة من الصور تطابق المحددات بيننا وبين بقية المجتمعات لان تأثير المشترك بيننا أقل في فعلة من تأثير أسباب الخلاف ففي الرغم مثلا اشتراكنا مع المجتمعات الأوربية بقيمة التكوين والوجود الفكري الكينوني ((وهذا واضح بصفة خاصة في الأساطير التي تحكي أصل الإنسان والتي توجد تقريبا في جميع الثقافات. والعالم الغربي المسيحي يتصل اتصالا وثيقا بالتفسير العبراني للأصول البشرية الذي يحكي لنا كيف خلق الإنسان من طين الأرض ثم نفخ فيه نسمة حياة أو روحا(سفر التكوين الإصحاح الثاني آية 7) وقبل أن يعتقد أي شخص في هذه القصة كتفسير لحادثة ما وقعت في الماضي)) .
فهذا المحدد موجود أيضا في عقائدنا كعرب ومسلمين وبنفس الصياغة والتصور لاتحادهما في المصدر والإنشاء,لكن فهم الاوربين يقوم من هذه الناحية وبالتوازي عل قيم فكرية وعلمية منتجه من وعيهم ورؤيتهم وإن لم نسلم بها نحن,تقوم هذه المعتقدات على أسس غير أخلاقية ومناقضة تماما للمبدأ السابق المشترك بيننا من كوننا نحن أبناء المخلوق من ماء وطين فهو ينظرون إلى النظرية بعين الريبة والشك الذي يجعلها محل تزعزع بفعل مفهوم نظرية التطور الداروينية وما بنيت عليه من تفضيلات عنصرية جنسية على أساس مبني فكريا على نظرية سمو العنصر الأوربي وقدرة هذا العنصر على القيادة وعدم فائدة الأجناس البقية ويستمدون الحرية من خلال هذه الفكرة لان البقاء للأقوى والأصلح دون ضمان حق البقاء للجميع كما في القيم الدينية المشتركة بيننا وبينهم ولكن الذاتية المفرطة المقرونة بالحرية المطلقة تمنح الأوربي فهما استعلائيا قائم على حقه بالحرية وتقديس ذاته ولو كان على حساب القيم والأخلاقيات.
جاءت الوجودية والحداثة لتنتقم من القيم والأخلاق وتدعو إلى تحطيم كل ما هو ثابت ومتعارف عليه مقابل تقديس قيمها هي ولو على حساب الذات التي يقدسونها,فان كان نبذ الماضي وقيمه وأخلاقه ونبذ الأسطورة والتاريخ والميتيفيزقيا بدعوى مناقضتها للخطاب الوجودي والفكر الحداثي.
وتغافلت كل القيم التي تدعو للذات والحرية إن الإنسان هو أبن الأمس وقيمهُ, وولد في خضم تفاعلاته وتغذى ونشأ برؤى تنتمي إلى التاريخ والى الأخلاق والى فهم دور الأسطورة والدين والميتافيزيقا وليس له أن ينكرها لان في إنكارها تغيب وتجاهل للحقيقتين التاليتين:
• إن الماضي والتاريخ ما هما إلا الوجه الأخر للمستقبل بموجب قانون الشيئية الثانية ولا يعرف المستقبل إلا من خلال فهم وإدراك الماضي.
• إن الماضي قد أسس الحاضر الذي ندعوا فيه إلى تجاهل الماضي وإهماله تحقيقا لأمنية بناء مستقبل منفصل عنه له ذاتيه خاصة تنطلق من قيم الحاضر لا من قيم الماضي وبالحقيقة فان هذا القول هو خداع وسفسطة لا فائدة منها لان الحاضر بتجاوزه للحظة الآنية يتحول إلى ماضي ويكون المستقبل فيه حاضرا فإهمالنا للماضي يتبع بالضرورة إهمالنا للحاضر الآني وقيمه بما فيها المطالبة بتقديس الذاتية والحرية.
• إن الماضي أمتلك رصيدا من الوعي والفكر والعلم والرؤية التي بها نقيس ونحكم على الأشياء من خلال منظومة من المحددات العقلية وهي التي بإفرازاتها أوصلتنا إلى مفهوم الوجودية والحداثة من بعض هذه المنظومة وليس بكاملها ,فلو عزلنا الماضي وجردنا ذاتيتنا وحريتنا عنه نكون كمن سحب الأسس البنائية التي يستند فيها وعليها للبناء والتكوين وبذلك حرمنا أنفسنا من القواعد التأسيسية التي تبرر الولادة الجديدة للفكر الحداثي أو للفكر الوجودي فيكون مولدا غير شرعيا للحاضر يحمل في تكوينه عوامل الانهيار والتفكك التكويني.
• في علم المنطق تبنى الحقائق الإجمالية بالنتيجة على المقدمات التكوينية أي أن لكل نتيجة مقدمة وحيث إن الحداثة والوجودية كفلسفتان تبنيان لمستقبل متصور لديهما بصورة ما لابد لهذا المستقبل من كونه نتيجة غائية من مقدمة تكوينية يستند عليها كمقياس ومعيار للتغير هذه المقدمة والمعيار لابد أن يكون الماضي هو الأساس والتاريخ وقيمهما منه,ففي نفيهما نفي للنتائج ذاتها وانتهاك للمنطق العلمي واستهتار غير أخلاقي بقيم العقل والذات العاقلة نفسها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلعو وشنه , قصة قصيرة
- التجديد الفكري واعادة قراءة الفهم الديني
- الكتب والصحف في النص القرآني
- مفهوم التناقض والتضاد
- الحاجة والضرورة اختلاف مفاهيم ودلالات
- النظام الأثري وقيمه
- التنظير و النقد الفكري
- مصطلح الأثرية
- الحوار ومبدأ التواصل ح1
- الحوار ومبدأ التواصل ح2
- عن حوار الجدران ح1
- عن حوار الجدران ح2
- المادية الفكرية والنتيجة المستخلصة ح1
- المادية الفكرية والنتيجة المستخلصة ح2
- العقلانية التأريخية وتصادمها مع المادية التأريخية
- البرغمانية الكهنوتيه
- الفكر التوراتي وتأثيراته على الفلسفة المادية الحسية
- متى تكبر أحلامي الصغيرة
- نبيل نعمة الجابري مصورا صوفيا في عالم الحرف
- تأثيرات المادية على الفكر الإنساني ونتائجه


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2