أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - قراءة في قصة الخلق التوراتية (3)














المزيد.....

قراءة في قصة الخلق التوراتية (3)


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4583 - 2014 / 9 / 23 - 18:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(3)
يهوه اللاحم وزارع الفتن وغير العارف !

لاحظنا في النص التوراتي السابق مدى جهل الله - رغم ادعاء النص أنه الخالق والعارف – إلى حد أنه لا يعرف أين يختبىء آدم وحواء ،كما لم يعرف فيما بعد يعقوب الذي نزل إليه من علياء سمائه ليصارعه ، ولا نعرف لماذا صارعه ، كما أسلفنا ، ونجد أيضا أنه غير قادر على خلق ثياب لهما بفعل الأمر الإلهي ، فقام بصنع قمصان لهما من الجلد ، ولا نعرف ما إذا كان كاتب النص يعني بالصنع الخياطة أم غير ذلك ، عدا أننا لا نعرف متى صار عند الله جلود ، ومتى ذبح أغناما أو جمالا ليصنع من جلودها قمصان ، ومن الواضح أن الله لم يكن يعرف القماش بأنواعه . والعجيب في الأمر هنا أن الله بدا حريصا على إكساء آدم وحواء وإلباسهما قمصان ، مع أنه غير حريص على معرفتهما وخلودهما وبقائهما في جنته المزعومة ، ولا نعرف ما هي الحكمة من وضع أسرار المعرفة والخلود في شجرتين ، وهل أكل هو من ثمرهما حتى أصبح خالدا وعارفا بعض الشيء . ؟!
ترى ماذا عن المعرفة التي اكتسبتها البشرية فيما بعد ، وما تزال تطورها وتكسبها
لأجيالها ، فهل تمت لها توارثا عن نسل آدم وحواء ، طالما أنها ( البشرية ) لم تأكل من ثمر الشجرة ؟! فالله البائس هذا حسب ما يصوره كتاب التوراة لم يكن يعرف أن المعرفة لا توهب أو تمنح ، بل تكتسب بالجهد الإنساني ، وأظن أن عصورا مديدة ستمر فيها البشرية قبل أن تصل إلى مرحلة ما من عمرها تنتقل فيها المعرفة وراثيا ، عبر المورثات البيولوجية ، أو الجينات الوراثية .
في الإصحاح الرابع من سفر التكوين يعرف آدم حواء ( أي يضاجعها ) فتحبل وتلد قايين ( قابيل ) ثم تلد أخاه هابيل ( دون الإشارة إلى الحبل ) وبعد الولادة مباشرة يصبح هابيل راعي أغنام ويصبح قايين "عاملا في الأرض " أي في الزراعة . وهكذا يتجاوز كتبة التوراة عصورا مديدة من بدء الخلق إلى عصر تدجين المواشي واكتشاف الزراعة ، اللذين جاءا في عصور لاحقة بعيدة عن عصر الخلق البدئي . وقد سبق وأن أشرنا إلى أن عصور التوراة من خلق آدم وحتى اليوم ، لا تتجاوز سبعة آلاف وخمسمائة عام ، وهو العصر الذي كان الإنسان فيه يدجن المواشي ويزرع الأرض . وهذا ما دفع طه حسين وغيره من المفكرين العرب إلى اعتبار أن خلق الإنسان قد تم قبل خلق آدم وحواء المزعومين .
لم تمر سوى أيام على عملهما حتى قاما بتقديم قربانين إلى الله :
3 وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب
4 وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه
5 ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر. فاغتاظ قايين جدا وسقط وجهه
الله لاحم كما هو واضح ولا يحب الخضار والفواكه والبقول ، فهو إله صحراوي بدوي كما يبدو ، يقبل قربان هابيل البكر والسمين ويصرف نظره عن قربان قايين ، وكان أجدى به أن يشكر قايين على الأقل ، حتى لا يزرع الغيرة وبذور الحقد بينه وبين أخيه ، ثم إننا لا نعرف لماذا يحتاج الله إلى قرابين من اللحوم ، أو غيرها ، وكيف عرف الأخوان أنه ينبغي عليهما أن يقدما له طعاما قربانيا !! وهذا يشير إلى أن الله شخص وليس كائنا منزها عن الوجود والماده ، بدليل أنه ينظر ويقبل ويرفض ويخاطب مباشرة ويبحث كما مر معنا فيما سبق . وليس هناك ما يشير إلى ذات منزهة كأن يسمع آدم صوتا أو هاتفا من السماء أو وحيا ما يوحى له ، كما أن صراع الله مع يعقوب فيما بعد يؤكد شخصانية هذا الإله ، وهذا ما تجسد في شخص يسوع المسيح فيما بعد . غير أن المسيح شكل نقلة نوعية بان ضحى هو بنفسه من أجل البشرية ، محييا طقسا سومريا قديما كان الناس يذبحون فيه الله في أواخر الصيف ليعود إلى الحياة في الربيع .وهذا يتكرر بشكل آخر مع الربة إنانا بعد هبوطها إلى العالم الأسفل وموتها فيه ، وعودتها إلى الحياة مضحية بزوجها دوموزي لتضعه مكانها في العالم الأسفل .
وقصة دوموزي مع أخيه " إنكيمدو " هي القصة نفسها التي تظهر فيما بعد في التوراة في شخصي قايين وهابيل :
" دوموزي إله راع تقدم لخطبة إنانا إلهة الحب والخصب لدى السومريين ، ونافسه في ذلك الإله المزارع "انكمدو " حيث تقدم كل منهما بقربان للآلهة إنانا من منتجاته ، فقبلت إنانا تقدمة دوموزي الراعي وتزوجته ولم تنظر إلى تقدمة انكمدو المزارع "
فراس سواح . مغامرة العقل الأولى 303
وهكذا تناقلت قصص الخلق من جيل إلى جيل ومن شعب إلى شعب ومن أمة إلى أمة أخرى لتظهر فيما بعد بقليل من الإختلاف والتطوير ، كما في الإسلام .
الإله التوراتي المحتاج للقرابين اللحمية يعود ليظهر في الإسلام بعد قرابة ألف عام من بدء كتابة التوراة ، لتقدم له آلاف القطعان أو الملايين من الأغنام والأبقار والإبل ، رغم أن الإسلام جرد مفهوم الله ونزهه عن الوجود ، وإن وردت بعض الآيات التي تشبه الله بالإنسان وأان له يدين ، وهذا الأمر ناجم عن مراحل تطور المعرفة التي مرت بها كتابة النص القرآني خلال ما يقرب من 22 عاما .
يمتلىء قلب قايين بالحقد على أخيه هابيل ، فيقوم بقتله في الحقل دون علم من الله ، الذي لم يبد أنه قدر ذلك لقايين ، حتى أنه لا يعرف أنه قتل أخاه ، فهو يسأله عن أخيه حين يواجهه ، ويحاول قايين إخفاء الأمر :

8 وكلم قايين هابيل أخاه. وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله
9 فقال الرب لقايين: أين هابيل أخوك ؟ فقال: لا أعلم أحارس أنا لأخي
10 فقال: ماذا فعلت ؟ صوت دم أخيك صارخ إلي من الأرض
فلولا صراخ الدم لما عرف الله أن قايين قد قتل أخاه .
يتبع



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة العقل الحديث ومحنة المثقف !
- في محنة العقل العربي !
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (2)
- قراءة في قصة الخلق التوراتية (1)
- ملكة السماء تنشد سحر جمالها للأديب !
- ابن الله ( الفصل (12) من الملحمة الأدبية ( رحيل معلن إلى رحا ...
- المسيح الصوفي والبطل التراجيدي (2)
- الألوهة الذبيحة في المسيح الإله (3)
- قلق قلق قلق !!
- المسيح الصوفي والبطل التراجيدي (1)
- مسيحية غير يهوائية ومسيح نقيض موسى !!( ألوهية يسوع المسيح تا ...
- طفولة المسيح وألوهيته ( ألوهية يسوع المسيح تاريخيا)
- شاهينيات ( في الخلق وفناء المادة )!!
- ألوهية يسوع المسيح تاريخيا .
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة (5)
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ( 4)
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ( 3)
- تابع: ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة ( 2)
- ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة (1)
- شاهينيات : في الخلق والخالق مرة أخرى!


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - قراءة في قصة الخلق التوراتية (3)