|
-خلّي هالباب يلقى من الكلاب -..!!
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4583 - 2014 / 9 / 23 - 16:50
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
"خلّي هالباب يلقى من الكلاب "..!! قديما وفي القرى ، كانت تصل الحالة بالبعض ، من الفقر والبؤس ، بحيث لم يكن بإستطاعتهم تصليح الخراب الذي يحل بباب البيت ، ومع مرور الزمن ، يتحول الباب الى مجرد قطع خشبية ، نخرها السوس ، ولم يعد يجمعها ببعض سوى بضعة مسامير صدئة . فالباب في مثل هذه الحالة لم يكن إلا إسما . فهو لا يحمي اهل البيت من اللصوص أو من الأخرين ، فيصبح حال البيت ، كالعمارة من غير بواب ، على ذمة أهلنا المصاروة ..!! لذا حين يُسأل صاحب البيت عن سبب إحتفاظه بالباب ؟ كان يجيب : خلي هالباب يلقى من الكلاب ..!! بمعنى ، دع الباب يقف حائلا أمام دخول الكلاب السائبة إلى الدار ... فذهب هذا القول مثلا .. وفي بداية حياتي المهنية كمُختص في تأهيل المرضى النفسيين وكمُوجه مجموعات ، لفتَ إنتباهي ، بأن غالبية المرضى ألعرب من ألذكور، متزوجون ، على عكس نُظرائهم ألذكور اليهود ، الذين وإن كانوا مُتزوجين قبل إصابتهم بالمرض النفسي ، فغالبا ما يتم الطلاق ، بناء على رغبة الزوجات . وفي مُحاولة مني (كانت ناجحة جدا ) لملائمة الخدمات التأهلية للمجموعة المُستهدفة ، وليس العكس ، فقد قررتُ إقامة مجموعة لزوجات المرضى ( وكانت هذه المجموعة الأولى من نوعها) ، تهدفُ إلى إكسابهن مهارات ومعلومات ، تساعدُهن على مواجهة صعوبات الحياة . كما وأن هذه المجموعة شكلت للمُشاركات فيها ، مُتنفسا وقدّمن لبعضهن البعض من خلالها ، دعما شعوريا ونفسيا .. ما علينا ، رَوَت كل مُشاركة للأُخريات قصتها الذاتية ، مع الزوج المريض ، عن الصعوبات والأليات التي طورتها لمجابهة الصعوبات الزوجية والإقتصادية ، عن الأولاد والعائلة المُوسعة . وكانت أكبرهن سنا ، أم لولدين وتسع بنات ، وجدة للعديد من الأحفاد والحفيدات . تزوجت وهي في سن السادسة عشر ، ومرض زوجها بعد سنة من الزواج ، وكانت أُما لإبنها البكر . تم إدخال زوجها إلى مستشفى الأمراض النفسية ، الذي كان في تلك السنوات ،أشبه ما يكون بسجن ..!! وكان الزوج يحصل على "إجازات " مرات معدودة خلال العام ، وذلك في الأعياد والمُناسبات العائلية ، وما عدا ذلك ، فقد كانت وحيدة في الغالب .. أثارت قصتها فضولي ، فسألتها : بما أنك كُنت شابة صغيرة وجميلة ، لماذا لم تطلبي الطلاق ؟! فكانت إجابتها : خلي هالباب يلقى من الكلاب ..!! والباب وهو زوجها (رغم أنه مريض )، فإنه يحميها من ألسن الأخرين (الكلاب السائبة ) الذين يتربصون بالأنثى عند خروجها ودخولها ، قيامها وقعودها ، فما بالك إذا كانت مُطلقة ؟!! شرحت لي ، بأنها كانت تخرج إلى العمل ، دون أن يعترض أحد على ذلك ، فهي زوجة وأم .. ولو كانت مُطلقة للاكَتها ألسن السفهاء والسفيهات . كانت تسافر وحيدة لزيارة زوجها في المستشفى ، ولم يجرؤ أحد على الوشوشة خلفها ، فهي على ذمة رجل. ولو كانت مُطلقة لولغ الكلابُ في عرضها ، شرفها وسيرتها .. كانت تُقابل الرجال ، تعمل معهم ، دون أن تهتز شعرة من شعرات رأسها .. فهي مُتزوجة وليست مُطلقة ..!! كانت الأم والأب لأولادها وبناتها ، لغياب الأب طبعا ، تعمل ، تُربي ، وتضمن لنفسها ولأولادها لقمة شريفة . فلو كانت مُطلقة ، وتحدثت الى ذكر ، لأصبحت في نظر الكلاب عاهرة مُستهترة ... كانت صبية صغيرة ،وأصبحت كبيرة سنا ومكانة ..!! لكنها حافظت على "باب" بيتها ، الذي حماها من الكلاب السائبة والمسعورة .. زوجت أبنائها وبناتها ، لكنها حافظت على "الباب " ، فقد كانت تطلب له إجازة ، إذا ما تقدم أحد لخطبة بنت من بناتها .. ورغم أن الموافقة الرئيسية ، كانت لها وللبنت . لكنها كانت تُصر على أن يكون طلب "يد البنت " من الأب فقط ، فهو "ألباب " ..!! هل تغيرت الأحوال بعد كل هذه السنين ؟؟ لم يتغير شيء ، فما زال المجتمع ينظر إلى المُطلقة ، وكأنها وكالة من غير بواب ، يزدريها ، يُشكك في كل حركة تقوم بها ، ويراها جسدا أو شهوة فقط ..!! لذا فكثير من النساء ، يتحملن كل قسوة الحياة والظروف ، على أن يطلبن الطلاق ..!! وبالمُناسبة هذه السيدة التي علمتني الكثير ، هي أمية ، لكنها أستاذة في الكفاح من أجل حياة أفضل لها ولأولادها ..!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألعبيد حين يملكون ..!!
-
من أجل خاطر عيونكم ..؟؟!!
-
المسلم كيّس فَطن أم كيس قطن ؟؟!!
-
إنما ألمسلمون وغير ألمسلمين أُخوة ..في ألوطن .
-
انه وَغدُنا اللطيف...!!
-
سيكولوجية الأسير : المجتمعات والدول العربية كمراكز إعتقال
-
بستوريوس وهرم الأعراق ..
-
بين الحُلم والمعنى ..
-
غارقون في بولهم ..!!
-
- علم ألنحو- والجنس..
-
أينشتاين ، أللحمة وبعض أسباب ألتخلف ألعربي ..
-
في ظرفية ألنص و-الأزهري- المُتبلبل ..!!
-
ألمُنزلق نحو ألفاشية...
-
معايير ألنصر والهزيمة ..
-
ألسر ألدفين من وراء ألخلط بين حماس وفلسطين ..!!؟؟
-
ولا أُنازع الأمرَ أهلَهُ ..!! أو خلق وعي -مُقعد - ..
-
-رحلة - الأُنثى مع ألذكر ، ليارا محاجنة ..
-
علياء ،عبد الجبار والرمز ألديني ..
-
جدلية الأخلاق ، الجنس والنضال المشروع ..
-
سميح القاسم لم يكن شاعرا وحسب ..!!
المزيد.....
-
سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي
...
-
مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي
...
-
بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
-
النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
-
نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
-
الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار
...
-
ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
-
بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن
...
-
روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
-
أطعمة تضر المفاصل
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|