أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - مغالطات يسوع المنطقية - 2















المزيد.....

مغالطات يسوع المنطقية - 2


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 16:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تطرقت في الجزء الأول من هذه المقالة إلى مقدمة طويلة نسبياً فيما يخص مغالطات يسوع المنطقية [انظر هامش رقم 1]. في هذه المقالة سوف نركز الانتباه على (المغالطات المنطقية ليسوع) التي تبناها في إجابته على الذين سألوه عن سبب عدم غسل يديه قبل الأكل. وأنا أستميح القارئ الكريم عذراً عن بعض التكرار البسيط، وخصوصاً عندما يرى أن المغالطة المنطقية الأولى قد تكررت هنا أيضاً من الجزء الأولى. فهذه المقالة كنت أنويها كجزء واحد متكامل. إذ تكاملها مهم جداً أمام نظر القارئ حتى تكتمل الصورة العامة لمشكلة التناقض المنطقي والبرهاني والعلمي للكتاب المقدس المسمى (العهد الجديد)، وتتكشف (الشخصية الواقعية الحقيقية ليسوع أمام عينيه بدون هالة القداسة التي حولت تلك النصوص الساذجة إلى قصة حياة "إله ابن إله يحيط به الروح القدس" ولكنه مات مصلوباً).

سوف أعيد هنا تعريف المغالطة المنطقية باختصار [انظر الهامش رقم 1 للتفاصيل]: المغالطة المنطقية (Logical Fallacy) هي (قول أو رأي أو فكرة تبدو وكأنها إما برهان أو تفنيد صحيح منطقياً، وتبدو ظاهرياً أنها لا تتعارض مع المسلّمات العقلية ومنهج الاستدلال الصحيح، ولكن الحقيقة أنها أمام التحليل المتأني المحايد ليست أكثر من وهم وخداع وسلسلة من الأخطاء المبدأية أو المنطقية التي لا تبرهن على ما هو مطلوب، وإنما تتهرب منه. فهي توحي بإثبات العكس تماماً وتشي بقوة حجة الخصم وسلامة اعتراضه) أو، كتعريف مرادف: (المغالطة المنطقية هي خطأ في الاستدلال الذي يؤدي بدوره إلى انعدام المنطق الصحيح في الفكرة المطروحة، وتؤدي إلى استنتاجات خاطئة). وأدوات المغالطة المنطقية هما اثنين: إما استخدام وطرح نقاط أو مسائل غير ذات صلة مباشرة بالموضوع المطروح، أو طرح مقدمات (غير صحيحة منطقياً وعقلياً) ومِنْ ثم بناء استنتاجات خاطئة عليها بسبب خطأ المقدمات.


المحور الأول: الاتهام الموجه ليسوع:
--------------------

انظر مقالة (مغالطات يسوع المنطقية - 1) [هامش رقم 1]، لتفاصيل الاتهام كما وردت في الأناجيل الثلاثة المترادفة (مرقس، متّى، لوقا)، إلا أن خلاصة الاتهام:

(واجتمع إليه [أي إلى يسوع] الفريسيون وقوم من الكتبة قادمين من أورشليم. ولما رأوا بعضاً من تلاميذه يأكلون خبزاً بأيد دنسة [لاحظ هنا وصف الأيدي: "دنسة"]، أي غير مغسولة، لاموا [...] ثم سأله الفريسيون والكتبة: لماذا لا يسلك تلاميذك حسب تقليد الشيوخ، بل يأكلون خبزاً بأيد غير مغسولة؟!) [مرقس 7: 1-5]

وانظر التفاصيل في: [مرقس 7: 1-5] و [متى 15: 1-2] و [لوقا 11: 37-38]


المحور الثاني: إجابة يسوع ودفاعه:
--------------------

انظر مقالة (مغالطات يسوع المنطقية - 1) [هامش رقم 1]، لتفاصيل إجابة يسوع ودفاعه كما وردت في الأناجيل الثلاثة المترادفة (مرقس، متّى، لوقا)، وسوف نقتسبها أدناه ضمن محور المغالطات المنطقية، أو انظر تفاصيل الإجابة في:
[مرقس 7: 6-21] و [متى 15: 3-20] و [لوقا 11: 39-47 واقرأ إلى نهاية الأصحاح]

(أنصح بشدة) القارئ الكريم أن يعود للجزء الأول من المقالة لقراءة تفاصيل إجابة يسوع ودفاعه، أو العودة إلى الأناجيل الثلاثة المترادفة لقراءة الإجابة كاملة، لأن صلب المقالة يعتمد على (تفاصيل) تلك الإجابة دون خلاصتها.


المحور الثالث: المغالطات المنطقية في إجابة يسوع
----------------------------

لاحظ هذه الملاحظة المهمة في القصص الإنجيلية عن يسوع قبل قراءة المغالطات المنطقية له: دائماً خصم يسوع عند طرح تعاليمه وحججه ضده (صامت). دائماً خصم يسوع صامت ولا يجيبه، لا يحاججه، لا يعترض عليه، لا يتمرد على ما يقول، لا يورد أي حجة من التعاليم اليهودية ولا مِنْ نصوصها المقدسة تعارض يسوع. خصمه، ببساطة شديدة، صامت بعدما يتكلم يسوع. القصة الإنجيلية تنتهي بالضبط عندما ينتهي يسوع من الكلام أو الفعل. النص الإنجيلي أقرب إلى المونولوج [الحوار الأحادي]، منه إلى الديالوج [الحوار متعدد الأطراف]، فلا وظيفة لكل الأشخاص الذين يتواجدون في النص الإنجيلي إلا وظيفة واحدة وحيدة: (تهيئة المشهد لخطاب يسوع). وهذا أول وأبرز دلائل التزوير في القصص الإنجيلية والتلاعب بها أو اختراعها. (إذ إيراد اعتراضات خصم يسوع وحججه واقتباساته، ببساطة، وعلى فرض حقيقة القصة أصلاً، سوف يفضح مغالطات يسوع المنطقية وتناقض تعاليمه وهشاشة منطقه).


1- مغالطة يسوع المنطقية الأولى: مغالطة (الهجوم الشخصي) (ad hominem fallacy):
في هذه المغالطة المنطقية يتم رد البرهان أو الاتهام أو الدليل بواسطة التركيز على (الاتهام المعاكس لشخصية المخالف وذاته بدلاً من تفنيد الفكرة المطروحة). فيتم تعمد (تحويل الموضوع بعيداً عن البرهان والدليل إلى الطعن في ذات المتكلم وشتمه واتهامه والتشكيك في نزاهته). وفي هذه المغالطة، كما هو واضح، لا يتم فيها رد الدليل والبرهان والاتهام وتفنيدهم عقلياً ومنطقياً إطلاقاً، ولا يتم التعرض لموضوعه أو لبرهانه أو لاتهامه لا مِنْ قريب ولا مِن بعيد، ولكن بدلاً من ذلك يتم تحويل الانتباه إلى (الشخص المخالف والطعن فيه والتشكيك به والتجريح بشخصه وشتمه). والهدف مِن هذه المغالطة المنطقية هو الحط من قدر الخصم قدر المستطاع بحيث يبدو معه أمام المستمع أو القارئ وكأنه فاقد المصداقية تماماً، فيتم الالتفات عن دليله ومحتوى اتهامه وإهمالهما حتى مِنْ دون الاستماع لأي تفنيد.

الاتهام الموجه ليسوع: " ولما رأوا بعضاً من تلاميذه يأكلون خبزاً بأيد دنسة، أي غير مغسولة، لاموا [...] لماذا لا يسلك تلاميذك حسب تقليد الشيوخ، بل يأكلون خبزاً بأيد غير مغسولة؟!"

مغالطة يسوع المنطقية (الهجوم الشخصي) (ad hominem fallacy):
يسوع (يشتم) اليهود الذين سألوه كما هو وارد في النص الإنجيلي:
(حسناً تنبأ إشعياء عنكم أنتم المرائين)، (يا مراؤون)، (كل غرس لم يغرسه أبي السماوي يقلع [يقصد الفريسيين وأنهم غرس الشيطان، انظر إنجيل متّى])، (عميان قادة عميان)، (باطنكم فمملوء اختطافاً وخبثاً)، (يا أغبياء)، (ويل لكم أيها الفريسيون)، (تتجاوزون عن الحق ومحبة الله) [يصفهم بكره الله]، (ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم مثل القبور المختفية).
(فأجاب واحد من الناموسيين وقال له: يا معلم، حين تقول هذا تشتمنا نحن أيضاً)
(فقال [يسوع]: وويل لكم أنتم أيها الناموسيون)، (ويل لكم لأنكم تبنون قبور الأنبياء، وآباؤكم قتلوهم، إذا تشهدون وترضون بأعمال آبائكم) [يسوع هنا يتهمهم بالقتل، مع أن الذين سألوه لا ذنب لهم بما فعل آبائهم]، (ويل لكم أيها الناموسيون لأنكم أخذتم مفتاح المعرفة، ما دخلتم أنتم، والداخلون منعتموهم) [ينعتهم يسوع بالجهل]


2- مغالطة يسوع الثانية: مغالطة السبب الزائف (Non Causa Pro Causa fallacy):
في هذه المغالطة المنطقية يتم تبني (سبب) لظاهرة أو موقف أو قناعة أو لفعل بينما هذا السبب كان إما نتيجة لافتراض زائف أو وهم أو اختراع متعمد، ولا يعكس هذا السبب إطلاقاً الحقيقة. وتؤدي هذه المغالطة إلى (الاغفال المتعمد لفوائد اعتراض الخصم أو موقفه أو رأيه لصالح أسباب زائفة غير حقيقية لا تملك فائدة أو نفع). وصاحب هذه المغالطة (يتوهم أو يخترع علاقة سببية تُبرر له رأيه أو فعله، وتكون نتيجة إما لخطأ في الاستدلال المنطقي العقلاني لديه أو بسبب نية مبيتة لتمويه الحقيقة).

الاتهام الموجه ليسوع: " ولما رأوا بعضاً من تلاميذه يأكلون خبزاً بأيد دنسة، أي غير مغسولة، لاموا [...] لماذا لا يسلك تلاميذك حسب تقليد الشيوخ، بل يأكلون خبزاً بأيد غير مغسولة؟!"

مغالطة يسوع السبب الزائف (Non Causa Pro Causa fallacy):
يسوع يتجاوز متعمداً (الخطر الصحي الناتج من الأكل بأيدي دنسة ملوثة وغير نظيفة)، ويخترع (سبباً غير علمي وغير منطقي ولا يصمد أمام التحليل). إذ هو يفترض أن أي شيء يتم أكله ينفذ إلى المعدة ومنها إلى قضاء الحاجة بعد الهضم، ولا تأثير له على الإنسان ولا على صحته. وبسبب تلك القناعة لديه فإن يسوع [لوقا 11: 37-38] وتلامذته [مرقس 7: 1-5] كانوا بالفعل يأكلون الطعام من دون غسل للأيدي إطلاقاً، مهما كانت حالة نظافة تلك الأيدي عندهم. وهذا، كما هو واضح جداً، (مناقض حتى لمبادئ الطب في عهده هو) التي تصر على تأثير الغذاء والملوثات ومدى نظافة الأيدي على صحة الإنسان. فهو يخترع سبباً زائفاً لإصراره وإصرار تلاميذه على الأكل بأيدي (دنسة)، كما في تعبير الرواية الإنجيلية:
(قال لهم: اسمعوا مني كلكم وافهموا: ليس شيء من خارج الإنسان إذا دخل فيه يقدر أن ينجسه، لكن الأشياء التي تخرج منه هي التي تنجس الإنسان [...] فقال لهم: أفأنتم أيضاً هكذا غير فاهمين؟ أما تفهمون أن كل ما يدخل الإنسان من خارج لا يقدر أن ينجسه، لأنه لا يدخل إلى قلبه بل إلى الجوف، ثم يخرج إلى الخلاء [يقصد قضاء الحاجة بعد عملية الهضم]، وذلك يطهر كل الأطعمة) [مرقس 7: 14-15 و 18-19]
(ألا تفهمون بعد أن كل ما يدخل الفم يمضي إلى الجوف ويندفع إلى المخرج) [متى 15: 17]

مثال ثانٍ على مغالطة السبب الزائف عند يسوع:

(ويل لكم لأنكم تبنون قبور الأنبياء، وآباؤكم قتلوهم. إذاً تشهدون وترضون بأعمال آبائكم، لأنهم هم قتلوهم وأنتم تبنون قبورهم) [لوقا 11: 47-48]
السبب عند يسوع: (لأنكم تبنون قبور الأنبياء) و (آباؤكم قتلوهم)
النتيجة عند يسوع: (إذاً تشهدون وترضون بأعمال آبائكم، لأنهم هم قتلوهم)

من الواضح جداً أمام القارئ المحايد المتجرد من هالة القداسة التي تحيط بشخص يسوع مدى (تهافت هذا الاستدلال وسذاجته ووضوح انعدام منطقيته، دع عنك انعدام العلاقة بين النتيجة والسبب). فعلى فرض أن الأنبياء قد تم قتلهم، فكيف يكون (كل) آباء الفريسيين، على اختلاف انسابهم، قد قتلوا هؤلاء الأنبياء؟! وعلى فرض أن هؤلاء الفريسييون والكتبة يبنون قبور الأنبياء، فكيف يكون هذا علامة (رضى) على قتل آبائهم لهم؟! وما هي العلاقة السببية أصلاً بين بناء القبور للأنبياء وبين الرضى بقتلهم؟!


3- مغالطة يسوع المنطقية الثالثة: مغالطة (الرجل القش) (Straw Man fallacy):
في هذه المغالطة المنطقية يتم (تعمد إساءة فهم الخصم، أو الاجتزاء المُخل من كلامه أو برهانه، أو وضع مفاهيم وتقريرات خاطئة على لسانه، ثم بعد ذلك مهاجمة الخصم من خلال مهاجمة تلك المفاهيم أو الاجتزاء أو الفهم الخاطئ). فعند استخدام هذه المغالطة المنطقية فكأنما يتم بناء (رجل قش لا يعكس حقيقة موقف الخصم) ومن ثم مهاجمة رجل القش هذا وهزيمته بدلاً من الشخص الحقيقي، وهو بذلك يخلق (وهماً) بأن برهان الخصم، أو الاتهام الموجه من جانبه، قد تم ردّه وتفنيده. وكلما رأيت نجاحاً عند مَنْ يستخدم هذه المغالطة فالاستنتاج المباشر يجب أن يكون أن (الجمهور المستمع له هو جاهل بالضرورة بتفاصيل الموضوع وحقيقة الاتهام أو وضوح البرهان وقوته عند الخصم).

الاتهام الموجه ليسوع: " ولما رأوا بعضاً من تلاميذه يأكلون خبزاً بأيد دنسة، أي غير مغسولة، لاموا [...] لماذا لا يسلك تلاميذك حسب تقليد الشيوخ، بل يأكلون خبزاً بأيد غير مغسولة؟!"

مغالطة يسوع المنطقية (الرجل القش) (Straw Man fallacy):
يسوع يتعمد إساءة فهم الاعتراض ثم يضع على لسان خصومه من الفريسيين أنهم لا يكرمون آبائهم، وهذا (غير صحيح إطلاقاً في تعاليم الفريسيين المحفوظة حتى هذه اللحظة ولا يعكس موقفهم الأخلاقي من تلك القضية)، بل هي (ضمن الوصايا العشر اليهودية التي يتولى الفريسييون بالذات تعليمها لعامة اليهود)، ويتهمهم (بتعدي وصايا الله) هذا مع العلم أن ضمن الوصايا (احترام السبت) على سبيل المثال وهذا ما لا يفعله المسيحيون، ويتعدونه تعمداً، ولا يريده يسوع [بولس في الحقيقة] من خلال تبشيره المخالف للشريعة اليهودية [وصايا الله] مِن على مثال (كل الأطعمة غير نجسة)، ثم بعد هذا كله يهاجم يسوع هذه الجزئية على أنها حقيقة عند خصومه وليست عنده:
(قال لهم: حسناً رفضتم وصية الله لتحفظوا تقليدكم، لأن موسى قال: أكرم أباك وأمك، ومن يشتم أباً أو أماً فليمت موتاً، وأما أنتم فتقولون: إن قال إنسان لأبيه أو أمه: قربان، أي هدية، هو الذي تنتفع به مني، فلا تدعونه في ما بعد يفعل شيئاً لأبيه أو أمه، مبطلين كلام الله بتقليدكم الذي سلمتموه) [مرقس 7: 9-13]
(فأجاب وقال لهم: وأنتم أيضاً، لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم؟!) [متى 15: 3]
لاحظ في قصة إنجيل لوقا [11: 39-52]، يسوع يبني من هؤلاء (رجل قش) حصرياً، ومن دون ابداء أي إجابة أو سبب أو جواب لاعتراضهم، ثم يهاجم (رجل القش) هذا بصفة أحادية.


4- مغالطة يسوع المنطقية الرابعة: مغالطة السؤال المركب (Complex Question fallacy OR Loaded Question fallacy)
في هذه المغالطة يتم طرح سؤال على الخصم ولكنه يحمل في جزئية منه فقط إما افتراض غير متفق عليه من الطرفين أو تحقير أو إهانة أو شتيمة، بينما يكون الجزء الآخر من السؤال هو قضية متفق عليها، ولكن السؤال كله لا علاقة له إطلاقاً بالموضوع. فهو وسيلة إلى دس "فرضيات" غير مبررة أو غير حقيقية ضمن السؤال بحيث أنه عندما يقر الخصم بجزء منه يقع الوهم بأنه أقر بالكل. والهدف من طرح مغالطة السؤال المركب هو إجبار الخصم على الاقرار بالجزء المتفق عليه من السؤال، وهذا يستدعي بدوره عند المستمع أو القارئ أن الإقرار بالجزء المتفق عليه هو (أيضاً إقرار بكل ما ورد في السؤال ومنه جزئية الافتراض غير المتفق عليه أو التحقير أو الإهانة أو الشتيمة)، بينما الحقيقة هي أن الجزء الأول مِنَ السؤال لا علاقة له بما ورد في الجزء الثاني، والسؤال كله أصلاً (لا علاقة له باعتراض الخصم وسؤاله).

السؤال المطروح على يسوع: (ولما رأوا بعضاً من تلاميذه يأكلون خبزاً بأيد دنسة، أي غير مغسولة، لاموا [...] لماذا لا يسلك تلاميذك حسب تقليد الشيوخ، بل يأكلون خبزاً بأيد غير مغسولة؟!)

مغالطة السؤال المركب الذي استخدمه يسوع: (يا أغبياء: أليس الذي صنع الخارج صنع الداخل أيضاً؟)
تفكيك سؤال يسوع:
الجزء الأول من السؤال: "يا أغبياء".
الجزء الثاني من السؤال: " أليس الذي صنع الخارج صنع الداخل أيضاً؟".
فعندما يحصل يسوع على اقرار بالجزء الثاني من السؤال بسبب (الاتفاق عند اليهود من دون استثناء على هذه الجزئية)، فإن المستمع أو القارئ (يتوهم) أن الجزء الأول قد تم الاقرار به أيضاً، أو أن الوصف دقيق. وهذا لم يحصل أبداً ولم يكن موضوع خلاف أصلاً [لاحظ صمت خصوم يسوع في الرواية الإنجيلية، وهو منافٍ للطبيعة البشرية في السلوك الإنساني]. فلا الجزء الأول من سؤال يسوع له علاقة بموضوع السؤال المطروح عليه، ولا الجزء الثاني له علاقة أيضاً ولا دلالة له على وصف (يا أغبياء).

والحقيقة هنا أنه عند (التمعن في السبب الذي أعطاه يسوع للأكل بأيدٍ دنسة كما يفعل هو وتلامذته) [انظر مغالطة يسوع السبب الزائف أعلاه]، فإنه من (المحتمل) أن سبب تزوير الرواية الإنجيلية لتضمنيها كلمة (يا أغبياء) أتى كردة فعل على جواب اليهود على ما يقوله يسوع لهم (الذي تعمّد تغييبه هنا كتبة الأناجيل). إذ ربما، عند سماعهم السبب من يسوع، (أنهم وصفوه هو وتلامذته بهذا الوصف بالذات). فهنا، (من المحتمل)، أن كتبة الأناجيل أرادوا أن يكون إلههم الجديد هذا هو صاحب هذا الوصف في وجه خصومه وليس العكس كما هو في القصة المتداولة شفهياً بين اليهود. إذ (من المستغرب جداً) أن يتم إهانة مجموعة من رجال الدين اليهود على مسامع المتعاطفين معهم، واعطائهم سبباً منافياً حتى للذوق السليم للأكل بأيدي ملوثة، ولا يكون هناك ردة فعل غير محبذة تجاه يسوع. فربما، على فرض حقيقة هذه القصة، أن وصف (يا أغبياء) الذي أتى على لسان يسوع، أصحابه الحقيقيون هم الفريسيون والكتبة ووجهوه إلى يسوع وتلامذته، وعكست حقيقته القصة الإنجيلية حفاظاً على ذات إلههم الجديد هذا.


............. يتبع



هـــــــــــــــــــــــــــوامــــــــش:

1- مغالطات يسوع المنطقية – 1

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=433275



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغالطات يسوع المنطقية - 1
- الإزدواجية العقلانية المسيحية
- في مسألة كلبية يسوع
- في مسألة عري يسوع
- نصوص كذب يسوع
- غرائب المنطق في الوطن العربي البائس
- التعامل مع فاقدي السلطة الأخلاقية
- الفقه اليهودي والمبادئ الإنسانية الليبرالية
- نصوص التوحش الإسرائيلي
- منطق السقوط المعكوس
- جرائم الحرب الإسرائيلية يا أيها الغثاء
- يسوع والمرأة السورية – 6
- أكره أن أودع أحداً
- حتى نفهم التطرف السلفي المسلح
- يسوع والمرأة السورية – 5
- أنتم صنعتم داعش
- يسوع والمرأة السورية – 4
- يسوع والمرأة السورية – 3
- يسوع والمرأة السورية – 2
- يسوع والمرأة السورية – نموذج للمنهج السلفي


المزيد.....




- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - مغالطات يسوع المنطقية - 2