أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزوار محمد سعيد - فلسفة كالخاس الجزائري 12















المزيد.....

فلسفة كالخاس الجزائري 12


مزوار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4579 - 2014 / 9 / 19 - 13:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



فلسفة كالخاس الجزائري 12

“.. Es sprach der Tod zum armen Tom:
Armer Tom, komm, o komm,
Komm hinab ins kühle Grab,
Komm, Tom, komm hinab! ..“
(Georg Weerth, Gedichte)

لا يعود الفرد الإنساني إلى الوراء كثيرا حتى يجعل ماضيه مصدرا لكل ما من شأنه تغذية الحاضر، ليجعل من ذاته مطية لما يريد أو يتمنى فعله وتحقيقه على الأرض، لأنّ الأيم ليست سوى المعبر المعبِّر، ذلك الذي يستجدي كل الأحلام، ويعود إلى كافة التفاصيل من أجل إعطاء تصوّر جديد لما يبدوا أنه تقادم.
إذن هناك لحظة يحتاج الفرد الإنساني التوقف عندها، ليسترجع الكثير مما يبدوا أنه ضاع منه، ويقترب من علامات العودة إلى جزيل الاعتقاد بأنّ التدبر كما التفكر هو الأداة التي هو بحاجة إليها، فليست حاجته من اللحظة في كينونتها، بقدر حاجته إلى ما تتطلبه وما توفره تلك اللحظة، ففي الكثير من القواميس يعبّر عنها بـ: "استراحة المحارب"، أنا آخذ هنا الصيغة "محارب" ليس من جانب التكفل بالاعتداء كما هو وارد، وإنما محاولة مني للتعبير عن تلك اللحظة، ولتكن استراحة "إنسان"، كون هذا الأخير هو يخوض ما يشبه الحرب كل يوم، كل ساعة وكل ثانية في حياته، من أجل الظفر بما يريد، أو الوصول إلى ما هو يسعى إليه، وكونه قادر على خوض كل ما هو بصدد ترتيله، فهو على علاقة مباشرة أو غير ذلك بما يكون ضروريا الأخذ به.
الاعتبارات الفكرية والفلسفية تجعل من الفرد الإنساني أقدر على حمل هوى الهموم، ومن هذا المنطلق يكون الإنسان سائرا في اتجاه يسارع إلى اللجوء إليه، ليصبح العقل هو الأساس وما سوى ذلك عَرَض، ومن كل أجل يتماسك الإنسان، ويزول كل ما يبدوا أنه مسلك سفر بعيد بلا رجعة، فالكل يحتاج إلى الرجوع، رجوع بطعم العودة، حيث تحلوا بشائر الإنسانية من وراء حجاب التردد ويكون أكبر من عنوان لما يحاول التمسك به، إذ روح الإنسان من روح ما أراد وما خرج منه، إنها ما تساعد الإنسان على الوصول إلى المرساة، مرساة روحه القاهرة والمقهورة بطريقة فنية للغاية، وعليه يسير الفكر جنبا إلى جنب مع فلسفته، لتتمخض عنها الكثير من الحوافز في شتى عناوين القمر.
ما أوسع الأفق إن كانت النظرة إليه مباشرة، ما أحلى التمسك بهذه النظرة إن ما جعل الإنسان جلاله من رواد أمله، وعلى أسس التكلم بما لديه يتمكن الفرد الإنساني من ترك كل ما تخلى عنه مسبقا، فيكون البحر على عتبة رايات العقل ولظل المعقولات لمن استعار الحياة من ظلال العمر، أعمار معبرة عن أعمال أجنبية، حيث يستطيع الفؤاد العواء، حيث يفتح الضمير نافذته الإلكترونية ويغرّد تغريدا أبديا، فمن فرط ما يعانيه الإنسان، من ألم الوحشة والنسيان، فإنه يحاول الكلام بلا لغة، وعلى رصيف آخر شارع زمنيّ يجري هذا الفرد متلعثما من كثرة الكلمات، لتكون هي مرشدته النائمة في مضجع سلطان الوحوش، مرشدة يستقي نورها من ذبول النفوس، إذ لا يجد الإنسان مكانا بين العليق البنفسجي المختلط بالسواد، لأن لا صفاء للسواد، كما لا صفاء للبياض، للبياض القليل من السواد، وللسواد القليل من البياض، لغة أتقنها عمر الكون، تعلمها بعض البشر، وتجاهلتها بعض الكائنات نكرانا منها لما تعودت عليه، عليها أو من خجل أصاب عصبا حيا، إنها ملهمة كل ما يستحق الصبر عليه وإليه، إنها نغمة تنساب إلى جوف العمق من خلال عمق الجوف البشري، فيا لها من لغم أنيق في ليلة مشهودة، ليلة تكسر السواد بالبياض، بأمنيات تنير الآبار العميقة، إنها الحياة.
اللحد الرطيب هو الملجأ الأخير، ليس حكرا على "توم" فقط، هو لكل الإنسانية، لكل البشرية ولكل العالمين، هذا ما يجب أن يعرفه أو يعلمه الجميع، لكن هناك فرق بين من يعد لهذا اللحد عبر اكتشاف المرساة التي تخصه، ومن يهذي بمرساة الآخرين، إنها علامة تفرق بين طبقتيْن، الأولى جعلت النور مسارا لها حتى ولو كان نورا مستقى من الجمر، والثانية خافت النور فبقيت مستترة ومتسترة على نور غير نورها، ظلام هو في الأصل، ظلام الآخرين هي معتقدة أنه نورها، وبالتالي هي تعيش ظلام اللحد في الحياة، لحد كوني تحاول الكينونة البشرية أن تستقي منه ما يرسم الابتسامة على محياها، فلا يكون عائقا أمام الإنسانية سوى هذا اللحد الرطب، لحد لا يتم الصعود إليه وإنما هو منزلق ينزل إليه الفرد طمعا في تلمس ما يشكل قيمته، القيمة المفقودة لديه، هو يبحث عنها في مجال كينونته غريبة عليه.

"... هناك دائما ساعة من النهار ومن الليل يكون فيها رجل ما نذلا ولا يخاف إلا من هذه الساعة... "
(ألبير كامو، الطاعون، دار تلانتيقيت-بجاية، 2014م، ص: 283)

برودة القبور من برودة الحياة التي يحيياها الفرد، برودة من وفاة قبل الوفاة، برودة من المعاني قبل الكلمات، برودة تصنع الإنسان العاق قبل الطاعة والمتفرقات المتنوعة؛ لا يمكن للإنسان أن يظل على ما هو عليه طيلة حياته المليئة بالأخبار، عطور مميزة لما تنتجه الأنفس والذوات، وهذه أهم ما يمكن للفرد الإنساني تقديمه لحياته، لحياة الفقر الروحي من خلال قبره، هنا يجعل الإنسان كل المستكينات سلاما مؤلما، لأنّ الضرر ليس من القبر السفلي بقدر ما هو ضرر نابع من القبر الروحيّ.
البرودة من الرطوبة (kühle)، من وهن الحياة، من الماء الذي كان قبل العماء كما جاء على لسان القدماء، وعليه يكون الأمر مضطربا في حياة تستغل حياتها من أجل الوصول إلى موتها، في حين أنّ المحاولة هي ما تجعل الأمر طيّعا على من هم قادرون فعلا على تجاوز هذه الحياة التي تبدوا على أنها حياة، حياة اللحود، اكفي فقط إرادة عملية، مضاف إليها قلم يشطب التجمعات التي ترسبت وفق قالب الضحية عبر الظروف والمشاكسات، هذا ما هو مطلوب قولا وفعلا.
على المرء أن ينجح في الخطاب، هو ضد العذاب، هو الباب التي يذيقه ما معنى الإنسان، لدا عليه أن يتحدى ما هو قابل للصناعة في شكل خطاب، وعلى هذا الأساس تعود الأمور إلى مستلزماتها رغبة في الحفاظ على تركيباتها السريرية، فما الأمر سوى مدعاة لتجنّب القرب المبدئي من عملية جنينية، عملية تكون بمثابة الاستمرارية التي تشتدّ كلما كانت المعطيات مهيأة، مهيأة لتصنيع الصنع.



#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة كالخاس الجزائري 11
- فلسفة كالخاس الجزائري 10
- فلسفة كالخاس الجزائري 9
- فلسفة كالخاس الجزائري 7
- فيلسوف بعقل البيشمركة
- نابليون إسلامي، فمن أنتم أيها الإسلاميون؟
- العالم كهدية إلى كونثيا
- باسم يوسف و فلسفة الضحك
- الجزائر، المقبرة الفلسفية
- المسلمَة الأخلاقية
- البراءة من الاعتداء للإدانة بالقتل
- الفلسفة البورانية، عقلانية النص العقلي
- فيلسوف جزائري: بين الألف و الألف
- المينوتور لثقافة الحضارة
- الثامن
- الدوق: هلوسة مكسيمنيوس الطاهي
- الدوق: كوموروس الصوت القاني
- الدوق: ...إلى العَدَمْ
- الدوق: بزاف علينا الثورة
- الدوق: الأخلاق هي محرك الشرق بلا وقود


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزوار محمد سعيد - فلسفة كالخاس الجزائري 12