أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سليم سواري - بغداد بين ( منعطف الصابونجية ) ومنعطفات الغربة !!















المزيد.....

بغداد بين ( منعطف الصابونجية ) ومنعطفات الغربة !!


محمد سليم سواري

الحوار المتمدن-العدد: 4576 - 2014 / 9 / 16 - 08:03
المحور: الادب والفن
    


إنها لحظة لا يمكن وصفها أو معرفة آفاق التفكير بها والتعليق على ماهيتها وذلك عندما يكون القاريء ( المتلقي ) وجهاً لوجه أمام نص من النصوص الأدبية سواء كان شعراً أو قصة أو رواية وحتى أثراً فنىياً كلوحة أو تمثال .
المتلقي أولاً وأخيراً يكون على مستويات مختلفة ومنوعة قبل معرفة الأثر وبعد ذلك ما يتركه الأثر من إسقاطات عنده ، فقد يكون المتلقي قارئاً يريد الإطلاع على النص والتمتع بما تقع عليه عيناه من أحداث وصور ومشاهد ، أو قد يكون المتلقي ناقداً أو باحثاً أو نحو ذلك ليقرأ النص كلياً لكي يأخذ منه ما يراه مناسباً لنقده أو بحثه ، ليكون الإنعكاس أو إسقاط صور الإطلاع في ذهنه مختلفاً ، وقد يكون هذا الإنعكاس الأثري كذلك مختلفاً من حيث الظروف الزمانية والمكانية ، مثلاً عندما أطلع وأقرأ قصيدة شعرية صباحاً أو مساءً يكون الإنعكاس وإسقاط الصور مختلفاً في ذهني وفكري بين الصباح والمساء ، أو عندما أقرأ رواية في أيام فصل الصيف وأقرر الكتابة عنها أو حتى عرضها كذلك تختلف هذه الكتابة والعرض عندما تكون قراءتي للرواية في فصل الشتاء مثلاً .. وعلى هذا الأساس يكون الإستيعاب وتقييم أي أثر أدبي مختلفاً كلياً من شخص إلى الآخر وبإختلاف كل الظروف ولهذا تتنوع وتختلف الكتابات الأدبية بين أديب وآخر أو ناقد وآخر أو ظرف وآخر !
نحن الآن أمام أثر أدبي إبداعي ثر وهو رواية ( منعطف الصابونجية ) للروائية المبدعة ( نيران العبيدي ) ونبدأ البداية بتأكيد سؤال تراود أي قاريء ومتابع للرواية ، هل نحن أمام رواية تأريخية توثيقية ؟ أم مع حكاية سوف تتناقلها الأجيال إلى ما شاءت الأيام ؟ أو أثر أدبي وإبداعي يبقى خالداً ؟ ولن ننتظر كثيراً حيث أن الكاتبة بنفسها حسمت هذا الأمر في كلمة لها على الغلاف الثاني للرواية عندما أشارت بالقول ( إن أي عمل إبداعي فيه خلق وإبداع وإعادة خلق ، ولا يوجد عمل إبداعي بدون سند إجتماعي وموروث شعبي وتأريخي ) .
وهكذا في اللحظة الاولى وقبل الإنتقال بأشرعة مركبا المتواضع إلى رحلة قراءة الرواية نكون أمام معادلة أدبية ولكن بقوانين رياضية وفيزيائية وهي عندما يكون ناتج المسافة على الزمن هو السرعة في مراكب النقل البري ، كذلك الحال هنا مع هذه الرواية .. فالموروث الشعبي زائداً السند الإجتماعي ومضافاً إليه الحدث التأريخي ومقسماً على الخلق والإبداع ليكون الناتج رواية ( منعطف الصابونجية ) التي نحن بصددها .
هذه المعادلة تجعلنا نقف مشدوهين أمام رواية كبيرة في أحداثها ومعانيها وكل مفاهيمها وهل هناك شيء أعظم من وطن يمتد بشروقه من نضالات رجال وضعوا الوطن بين أعينهم في مجيئهم ورواحهم ، الوطن الذي ينفض عن نفسه غبار إحتلال لتهب عليه عواصف إحتلالات آخرى .. وفي حلقة منها تجسيد حضور بدرية خاتون البغدادية مع حبيبها في مقبرة الإنكليز حيث نصب القائد البريطاني ( مود ) الذي دخل العراق محتلاً بعد أن خرج العثماني المحتل وهذه رسالة لا ندري هل هي نية مصرحة به عند الكاتبة أم لا ؟؟ ولا غرو فهذا هو حال العراق إحتلالات وفرمانات وإنقلابات ورميات متتالية ، أم علينا أن نعلن بأن وقوف العاشقان في هذا المشهد الغرامي وبالقرب من نصب مود المحتل هو رسالة إلى كل المحتلين ومن يلف معهم بأن كل المحتلين يأتون ويذهبون .. ليكون لحن الحب في قلوب أبنائه وبناته هو الخالد والأبقى .
هذه المعادلة الروائية تُقييم لنا تأريخ العراق بصورة عامة وتأريخ مدينة بصورة خاصة ، مدينة هي الماضي والحاضر والسابق والآتي والمعاناة وكل الإرهاصات وإبتسامات الشباب والصبايا وكركرات الأطفال ، تأريخ مدينة بغداد في حلقة من حلقاتها حيث تبدأ في هذه الرواية منذ الحرب العالمية الأولى وإلى لحظة ( شروق الشمس من الغرب ) هذه الصورة في وضع نهاية لمشهد الرواية وفي الجملة الأخيرة يضع القاريء أمام مفترق طرق ليكون في ذهنه أكثر من إحتمال .. هل شروق الشمس من الغرب هو رمز لإنبثاق ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة ( وهو الإحتمال الوارد والأكثر حظاً ) ؟ أم أن شروق الشمس من الغرب إشارة إلى محصلة إستحالة شروق شمس الحرية على هذه المدينة دائماً ؟ أم أن الشروق المستحيل لابد وان يتحقق بمزيد من الوعي الذي بدأ بوادره بوعي أبناء الشعب من خلال وعي مديحة وإبن عمها مرهون الذي تعلم ووعى كل مفردات التغيير من قاموس التيار اليساري بعد إنخراطه في السجن في صفوف الحزب الشيوعي .. وقد تكون هذه الإحتمالات أو التنبؤات للقراء والمتلقين ليست كما أردادت لها الكاتبة التنويه عنها أو التخطيط لها أو توصيل هذه الأفكار والإيحاءات إلى المتلقي بهذه الردود ، وهذا ديدن ورسالة كل المبدعين بعد أن يرموا بحجر في مساحة مائية وعلى المشاهد أن يفكر في الموجات المتداخلة من حدوث الرمي أو التفكير في حجم الحجر المرمي وقوة رمي هذا الحجر وسرعة رميه ووصوله إلى قعر المسطح المائي وجمالية هذه الموجات عن التداخل والإفتراق والإمتداد .
الرواية تنقل بأمانة وكأنه توثيق لتأريخ هذه المدينة بمفردات بسيطة ولكن ذات مدلولالات كبيرة وهذه المدينة بغداد هي المعول الأساسي لهذا العمل الإبداعي الفذ ، حيث تنقل لنا الأنماط المختلفة لحياة العوائل البغدادية في تلك الفترة ، وهي عائلة محافظة ومتمكنة تعيش في منطقة معروفة للسكن لعلية القوم في منطقة الفضل آنذاك ، والأب مصطاف ملاك معروف وزوجته حسيبة خاتون والولدان هما يونس وعادل وثلاث بنات هن ( بدرية وصبيحة ومديحة ) والعمة ستة العياطة والخادم مرجان والخادمة كتيتي .. هذه العائلة التي عاشت في تلك الفترة عصرها الذهبي بدأت بالترهل والسبب الرئيسي لهذا الترهل هو بعض العادات والتقاليد التي تمسك بها الوالد باسم المحافظة على تقاليد المجتمع لتنتهي حياة إبنهم عادل في قتل قد يكون إنتحاراً أو بفعل الوالد وهناك أكثر من سؤال وسؤال ، والإبنة بدرية تبغي الإنتقام من قيود العائلة ومجتمعها بهروبها من البيت متمنية الخلاص على يدي الحبيب الذي يجبن وتخونه رجولته ليكون الرد السلبي لها بيع جسدها في أزقة الصابونجية لينتهي بهذا كل الأرث العائلي من الشيم والقيم لتكون خاتمتها القتل على يد إبن عمها مرهون وغسلاً للعار ، وعلى الضفة الأخرى يكون الرد الإيجابي لاختها مديحة التي ترفض ترك بيت العائلة لتصمد هناك بوعيها بعد أن يأخذ بيدها إبن عمها الذي يأتي بوالدته الضريرة للسكن في بيت الغالبية بعد خروجه من السجن.. مديحة تلغي المستحيل في حياتها لتبدأ رحلة الدراسة بالرغم من قطار العمر المتأخر ليفتح أمامها الطريق إلى عالم آخر لتقتنع بأنه ليس هناك في الحياة فقط لونين الأبيض أو الأسود ولكن هناك ألوان اخرى بين اللونين وتستطيع العينان رويتها كما في ألوان القوس قزح وشروق الشمس بألوانه الزاهية .
وهنا لابد من القول بأنه يسجل للمبدعة نيران العبيدي الجرأة في طرح هكذا مواضيع تخص حياة المرأة بجوانبها المضيئة والمضللة ومثل هذه الجرأة يفتقدها الكثيرون من مبدعينا الذين مازالوا وإلى هذه اللحظة يعتقدون بأن هناك مساحات محرمة ليس بالإمكان الخوض فيها وسبر أغوارها .
والرواية بصورة عامة نقلت لنا الكثير من الصورة الجميلة التي تترسخ في ذهن القاريء ومخيلته منذ القراءة الاولى وهذا دليل على الإلتفاتة الذكية للروائية المبدعة العبيدي وتمكنها من كل أدوات العمل الإبداعي :
حسيبة خاتون القروية تعلمت من المجتمع البغدادي الكثير من الامور لتصبح آية في الكرم عندما تعطي ذهبها لزوجها ليبيعها لإطعام الضيوف في أيام الغلا والعسر وهي تقول الذهب يأتي ويذهب ولكن الاسم والسمعة ليستا كذلك .
مشهد الرجل الذي يقدر دخول الخادمة مع البنات الثلاثة بطريق الخطأ إلى ذقاق الصابونجية فيأمر خادمه بأن يقوم بنقلهن إلى بيوتهن بعربتة بعد أن خمن من سيمائهن بأنهن لسن من بائعات الهوى .
الرواية حفظت بل وأرشفت للكثير من مفردات الحياة البغدادية في تلك الفترة في المأكل والملبس والعادات والتقاليد .
نقل الكثير من عادات وتقاليد يهود بغداد ومشاركتهم في الحياة ومشهد الموسيقي اليهودي عازف الكمان كرجي الذي يعتبر الحب الوتر الخامس لكمانه والذي يذهب إلى مناسبات المسلمين والمناقب النبوية حتى في الحضرة الكيلانية .
العوائل المحافظة وبسبب تمسكها ببغض التقاليد في الزواج وإختيار العريس من نفس الطبقة الإجتماعية كان السبب لحرمان الكثير من البنات من الزواج وتغيير كل مجرى حياتهن كما حدث للستة العياطة ومديحة ومقتل بدرية كذلك .
كان إختيار الزوجة تتم بإتفاق بين عائلة العريسين بدون إختلاط أو معرفة مسبقة بين الولد والفتاة وكانت ضحية ذلك أن تم تزويج يونس إبن مصطاف من فتاة قبيحة هي أخت الفتاة الجملية التى رآها وتعجب بها لتكون زوجة له ، ولكنه تقبل الموضوع على مضض للحفاظ على إسم العائلة وسمعتها .
حسيبة خاتون تحرم نفسها على زوجها بعد إنتحار ولديهما عادل وهي في بيته وأمام الناس تبقى زوجته وعليهما تحمل ذلك تقديراً لمكانة للعائلة وعدم خدش عواطف أولادهما .
في الرواية كانت الكاتبة متيقظة لتوصيل معلومة إلى القاريء وفي مكان مناسب بأن العراقيين وقبل آلاف السنين هم مَن إخترعوا ملاعق وأشواك الأكل بصنعها من العظام .
وختاماً ومن خلال إستنتاجنا لكل أحداث الرواية يمكن القول بأن عمر الشعوب والعوائل كعمر وحياة الإنسان حيث يمر بمرحلة الصبا والشباب والكهولة والشيخوخة والعائلة التي تتطور إيجابياً مع مفرادت الحياة وظروف المجتمع سيكتب لها الإستمرار في الحياة جيلاً بعد جيل أما الذين يعيشون في قوقعة مغلقة من التزمت والتعصب والتمسك بالأذيال البالية ورفض اللب على حساب القشور فسيكون النهاية الحتمية الترهل والذوبان والإنتهاء .. " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " .



#محمد_سليم_سواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبطال الحب في وطني
- ليس بالقتل وحده يُرضى الرب !!
- عشقي لهذا العالم
- الوطن بين السياسة والحب ؟
- الوعي العاطفي والوجداني
- كوردستان والكابينات الحكومية ؟
- المعادلة بين هي وهو !!
- الذكرى السادس عشرة بعد المائة لصحيفة كوردستان
- حوار الحب
- معادلة حب المرأة والرجل !
- نسمات الحب
- القوافي والكلمات تليق بكَ أيها العم نوري سواري
- قصص ( نيران العبيدي ) والتمثيل الدبلوماسي !!
- ضفة الحب والحياة
- ما بين عاصمة الحب والروح
- حوار سياسي في مربع لغير السياسيين !
- الحب بين الغاية والوسيلة
- وكم يحلو الحديث عن وطني ؟؟
- العشق في محراب شيخ الشعراء الكورد
- الحب وقدر جبران خليل جبران


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سليم سواري - بغداد بين ( منعطف الصابونجية ) ومنعطفات الغربة !!