أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوان خليل عكاش - فنتازيا السجن الانفرادي - الحلم الراقص















المزيد.....

فنتازيا السجن الانفرادي - الحلم الراقص


جوان خليل عكاش

الحوار المتمدن-العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 21:25
المحور: الادب والفن
    


حلم الراقص

في بهو المَدائِن
نَمُرُ بالدَّيْجورِ البَريِّ
وعلى بَصَرِهِ الضَّرير
تمَلمَلَ لتَنَازُعِ الهواجس
بين رَيحانٍ شَوكيّ وتَطيُّرٍ بأبلقٍ مُشقق.

وهن يُبايعن القبور
نِسوة الكهوف عقدن سَبعاً
ونَحَرْنَ سَبعاً،
بصَنْدَلٍ وخَيَاشيْمِ من قَريةِ العَلاجِيم
طَهَيْنَ حِنَّاءً من جِيْفَةِ الثعابين
تَكَحَّلَتْ بِهِ مُهاجِرَةُ الخَراب
فبانَ لها موتٌ
يدليّ قدميه عن عَرْشِ طِرْوَادَة
ينبُشُ رَوثَ الأبلق
عن سنٍ ذهبي وجدائلٍ سبعٍ
ليُحيي كهوف النمل
فتلتهم اللائط عن حِشَريَّةِ الهواء المسموم
وتُعَدد النجوم للقسم السُلَّيمَانيّ.

كان زوربا المريض بالزهايمر في قهوةٍ باكسارخيا تائهاً عن نفسه عندما التقينا أول مرة، أطلق شاربيه على طريقة كولوكوتروني، وحمل في يسراه زجاجة مولوتوف وهو يتربص بأرملةٍ من كريتي، بينما كانت يمناه مربوطةً بمطاطٍ يستخدمه المدمنون في حقن أنفسهم بالهواء المسمم بحاويةٍ تحترق.

بنطاله الطويل تمزقت أطرافه، وتلون ببقع البول أما على مؤخرته فكان شقٌ طويل يمتد متسعاً لتظهر بقايا خصيته متدليةً خارج جسده الهزيل، لا اريد الكذب والادعاء بأنني ركضت نحوه واحتضنته وعبرت له عن اعجابي بقصته أو بفيلمه، فمنذ مراهقتي وانا أظن أنه كان يلاحق الرهبان الوحيدين في دير جبل آثوس، ويغتصبهم ليغضب عشيقه الذي تجسد في صديقه، وان قصص الأرامل ليست سوى ترهاتٍ مختلقة لحمايته من الحرق في الساحات العامة.

اختبأت بعيداً وشددت رجل المخابرات الاصلع من يديه، نظرت إلى جهازه الذي يشبه قبضة البلاي ستيشن وهو يحركه ذات اليمين واليسار، وعندما ابتسم تحركت قدماي بقسوة واندفعت نحو زوربا الذي كان ينتظرني، رمينا المولوتوف سوياً على المارة الأفغان وحرقنا مكتبةً للكتب الجامعية الرخيصة، ومن ثم أخذنا الأرملة سوياً إلى ساحة أمونيا والتحق بنا عشراتٌ من الرهبان الذي كتبوا في كل زاوية: كاثوليك أو الموت، حرقنا الساحرة، أدلينا بأصواتنا وفرحنا كثيراً ... لا يمكن لأي أحد أن يعلم مقدار فرحتنا، لأننا أصلاً افترقنا دون أن نشرح ذلك.

على رصيف البرلمان غططت في النوم، وعندما استيقظت وجدت أبو البراء أمامي وهو يشدني ويشير لي بالصمت، رغم أنني لم أضمر أي ضغينة له، لكنني أذكر أنني قتلته في أحلامي أكثر من مرة وفي كل مرة كان الدم أسود يتدفق من جمجمته، صديقته الفرنسية كانت في الزاوية وقد غطت وجهها بوشاحٍ يحمل ألوان علم الأناركيست... لا شيء آخر، أدهشتني مؤخرتها الملتحمة، وعضوها التناسلي الذي اختفى خلف شعر عانتها الكثيفة، العشرات من أتباع أبو حذيفة حملوها على الأكتاف ودخلوا إلى البرلمان حيث وقفت ملكةٌ من الأمازونيات وسط حشدٍ من الأمن الخاص.

طرقت لحيةٌ حمراء على الطاولة فصمت الجميع، وبدأ ادخال المتهمين واحداً تلو الآخر وعلى طريقة صدام حسين أعلن عنهم خونة، وحكم عليهم بالنفي إلى سيبيريا، استلقت الملكة مباعدةً فخذيها وبدأ الجميع في شد ذيل الديناصور ليغادر رحمها البلاتيني، في الدقائق التالية كنا جميعاً في معدته، وكل ما سمعناه أن البرلمان والمهجع العاشر احترقا عن بكرة أبيهما، وانني المتهم بدم زوربا.

موطننا الجديد كان معدةً خاويةً من الأسيد وأنفاق معوية مرفوعة على أعمدة خشبية، وجدت لنفسي ركناً داخل تلافيف التحمت على شكل جيبٍ صغير، في هذا المكان كان كل شيء مباحاً عدا اشعال النيران التي تجعل التقلصات تلفظ القاطنين في المستقيم، أما المصدر الكهربائي فهو كوستاس اليميني الذي ملأ جسده بوشوم الأفاعي، وصلنا كبلاً نحاسياً إلى ذراعيه، وأجلسنا أندوني المقاتل الشيوعي أمامه ليحرك العجلة الموجودة على بطنه ليولد نبضاتٍ كانت كافية لانارةٍ خافتة وتشغيل الراديو الذي اقتصر على الموجة المتوسطة.
الازدحام في الأشهر التالية كان نتيجة تدفق العشرات من المترددين على جامع كاتوباتيسيا نحو موطننا، بعد أن رفع أحدهم علم داعش في تظاهرة أمام البرلمان اليوناني، صدر الفرمان بحرقهم بالأوزو وهو العرق اليوناني المعتق في رودوس والمحصود من كرمات أقيمت على حقلٍ يجاور مقبرةً قديمة لقتلى الغزاة الفرس، المئات من أولئك احتلوا المرارة والكبد وأغلقوا المعبر الوحيد لمنطقتهم بحواجز رفعوا عليها أعلام وردية رسمت عليها زهرة لوتوس يتقاطع معها معول ومنجل.

الحديث عن حوادث المعابر نحو الكليتين وإقامة الخلافة هناك بدا للوهلة الأولى كدعايةٍ رخيصة من مناهضي المتشددين، لكن الأحداث التي حصلت خلال الأشهر التالية والاختطاف ومقاطع الفيديو التي أظهرت رجالاً يقصون أذرع سارقي الكريات الحمراء، وكسر الوسطى والسبابة لكل من دخن لفافات الأدرينالين المهربة في جيوب عمال الأتمتة العصبية، رغم المقاومة العنيفة التي قدناها ضد توسع دولتهم نحو الإثني عشر لكن شح الكريات البيضاء التي تلاشت بعد قراءة الديناصور لكتابٍ عن فضائل بول البعير وتناوله للكثير من العبوات المغشوشة من منتجٍ لشراب الطاقة، هذه الأمر وغيره أسهمت في تمدد تلك الخلافة حتى وصلت إلى باب المستقيم.

مرةً أخرى وجدت الفتاة صاحبة الشعر الأخضر، كانت ترتدي جلباباً كحلي وتغطي راسها بحجابٍ يكشف مقدمة شعرها، كانت بين أخريات يحاولن الالتجاء إلى منفذنا الوحيد نحو الخارج، عيناها كانتا هذه المرة بلون أزرق محاطٍ بخطٍ رفيع من الرمادي، يداها بدتا أكثر نحولاً من قبل، ومؤخرتها التي كانت تثيرني في أحلامي الأخرى قد تلاشت وحل محلها ذيل حصانٍ، أما فخذاها الذين وصفهما جدي بأنهما من مرمرٍ أحفوري، فقد تحرشفتا وتحولتا إلى ذيل سمكة.

كأي صديقين قديمين تعانقنا بقوة، وبدأت تتكلم بسرعة محاولةً تبرير اختفائها المفاجئ من أحلامي بعد نقلي من فرع الفيحاء التابع للأمن السياسي، القصة التي سردتها لم تدهشني أبداً، فخلال سنةٍ من علاقتنا لم نصل إلى ممارسة الجنس ولو مرةٍ واحدة، تصادقنا أحياناً، ووقعنا في الحب في أحلامٍ أخرى، وتزوجنا لفترةٍ وجيزة، ومن ثم عادت إلى كوابيسي لتنتحر في كل مرة وتتهمني بهجرانها، حتى أن التونسي الذي كان ينام على الفراش المقابل أدهشته هذه العلاقة التي لم يتسلل لها الشيطان سوى ببعض القبلات، ورجح أن تكون جنيةً التبستني ونصحني بعدم الجلوس في الحمام لفترة طويلة لأنها المنطقة الخطرة التي تتيح لها السيطرة على كل جسدي.

القصة التي سردتها لي تبدأ منذ اليوم الذي تم أخذي فيه إلى صيدنايا، فعندما حاولت التسلل معي التقطها علي مخلوف رئيس الفرع، وأرسلها إلى المنفردة 24 التي تقع في آخر رواق الزنازين، التحقيق معها لم يكن جدياً وهي تظن أن ذلك يعود إلى شعرها الملون، لكن الكائنات التي نعيش معها في الحبس الانفرادي كانت سبب المشكلة.

كان في تلك الانفرادية سبعة أقزام يعيشون هناك منذ أيام اليمين العراقي، وقد تحولت أجسادهم إلى مادةٍ هلامية مكنتهم من الانتقال بشكلٍ سلس ودون أن يلحظهم أي أحد، تقول الخضراء: كان من المثير الحصول على سبعة رجال جائعين وسط تلك الوحدة المقيتة، لكن المشكلة أنهم فقدوا جنسهم وكانوا حالةً من الشهوة المازوشية، رفضت في البداية لمسهم أو حتى الاحتكاك معهم، أو الانضمام إلى حلقات التعذيب الذاتي التي كانوا يبدؤون بها بمجرد انتهاء الأفغاني من غنائه الشجي... لن أطيل عليك عقدت معهم صفقة أمنحهم الألم والبصاق الذي يبحثون عنه مقابل طعامٍ إضافي، بعد أيام طويلة من الممارسة التي بدأت تمنحني رعشةً جنسية أقوى فأقوى، بدأت أطراف أصابعي بالذوبان، واختفت حلمتاي ولم يطل الوقت حتى أصبحت مثلهم، ويوم نادى السجانون على اسمي لإطلاق سراحي كانت المنفردة فارغة.

فردت ذراعيها قائلةً: وها أنا أبعث من جديد كطائر الفينيق، بدا وضعها سخيفا وهي العالقة بين شخصية المرتعبة من الهجوم والفتاة التي كانت تظن أنها نفس الفتاة التي خلقتها في أحلامي لأخفف من عزلتي في فرع المخابرات، غمزني أبو البراء وأشار لي نحو فتحة الشرج التي باتت المهرب الوحيد، الجميع اندفع وقفزنا نحو الهاوية.

في الخارج استقبلنا ساماراز مع مجموعةٍ من أباطرة البنك المركزي على رأسهم الخمسيني الاعزب مع والديه وهما يحملان في يديهما حفاضاً وعدة الحلاقة، كانوا قد أعدوا لنا عدداً من الوسائد لكي تحمينا من وطأة السقوط، بدت الرائحة النتنة في الخارج أقسى من أن تحتمل لكن العودة للخلف بدت مستحيلة بعد نجاتنا من السقوط، وكالعادة أخذت الكلاشنكوف من يد العسكري وأطلقت طلقة جديدة على راس أبو البراء، بكى الجميع معي على القتيل الجديد، وبسرعة كان راكبوا الدرجات النارية يلقونني أرضاً، وسحلت إلى شاحنةٍ ضخمة لتستوعب جسدي المنتفخ، محاكمتي كانت سريعة بناءً على طلبي وتم صلبي في الساحة العامة مع لافتةٍ كتب عليها: هذا جزاء الكافرين وبئس المصير... قاتل الإمام المهدي زوربا.

ترفعُ ثوبها الصغير
كرمَّانٍ يأخذ مُراهِقةً لحُضنِ الخَرَفِ
فترسمُ مرآةً وحياءً
وتَنْحِيْبَاً منتوفاً من حسُّونٍ عُذريّ
باضَتْ أُنثاه للتماسيح
فاختطف هرّاً أسود، عطَّره بالجوع
وتشاركا صَمَديَّة داعرةٍ جائعة.
عن هُزالٍ
تخالُ الذيلَ حَلمتها، فتُغرغره بِجَلَدٍ كأنثىً مُثْلِجة
تنتظرهُ حتى تُرَكِّبَ أوتارهُ قوساً لزبائنها.
ليتشابها،
لبِسَ عُيوناً خضْراء لِمَلَكِ الموتْ
فانقشَعَ له طَمَعُ اللَّحم
التهم جناحيه، ونام في طبقِ الهرِّ
ليستيقظ مع هُراءِ الأرضِ
ويموت...
فكَّتْ الفتاة أرتاجَهُ مع شياطين الهرّ
وغَمَراه بالكَفَنِ الفَوضَوِّي
دفنه الفقيه عارياً
لم ينتبه أحدٌ لماضيْهِ
وأنَّ الفتاة
بعد التهام فراخِ الحرام
خَفَتْ ذيلاً بين فخذيها
وخَلْفَ المُشيِّعين مارستْ عاداتِها؛
بعد الشهوة شمَّتْ اصبعيها
ولعقت صحناً أصفر
ثم ركضت دون سوتيانٍ
حتى تقرَّح نَصْلاها
ومسحت قبضاتهما بمنديلٍ
لوَّحت به لأسيرها
ليعلمَ الموت أن فهدها –مطلقاً- حُرٌ.



#جوان_خليل_عكاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنتازيا السجن الانفرادي
- اللغم اليوناني ...يبتر حلم السوريين نحو أوروبا
- د . ماريا كاللي: العالم تعامل مع المآسي البشرية كنوع من البز ...
- أوهام حرية الخلافة -على نهج مهدي عامل-
- سجن حلب المركزي : سجناء الرأي والسجناء السياسيون - من حقنا ا ...
- غاليسيا ... كاتالونيا .... الباسك- للخوف والعزلة فيلقٌ في أو ...


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوان خليل عكاش - فنتازيا السجن الانفرادي - الحلم الراقص