أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تاج السر عثمان - المثقفون والثورة الوطنية الديمقراطية















المزيد.....

المثقفون والثورة الوطنية الديمقراطية


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 15:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


تم تناول قضية المثقفين في الادب الماركسي بعمق من قبل غرامشي، سكرتير الحزب الشيوعي الايطالي السابق، والذي أشار الي أن المثقفين لايشكلون طبقة اجتماعية قائمة بذاتها، ولكنهم يعبرون عن افكار الطبقات المصطرعة في المجتمع، فطبقة البورجوازية لها مفكريها ومثقفيها الذين يعبرون عن مصالحها وايديولوجيتها، وكذلك لابد من وجود مثقفين عضويين يعبرون عن مصالح الطبقة العاملة والعمل في الجبهة الثقافية التي تلعب دورا هاما في تغيير تركيب المجتمع، فالطبقة البورجوازية لاتحافظ علي هيمنتها بوسائل قمعية فقط ، بل تعيد انتاج هيمنتها بوسائل ثقافية تلعب فيها الدولة واجهزة اعلامها دورا كبيرا في تخليد ثقافة وقيم الرأسمالية.
هذا اضافة للمتغيرات التي شهدتها الطبقة العاملة بفضل الثورة العلمية التقانية، واصبحت الطبقة العاملة تضم العاملين بايديهم وادمغتهم والذين يتعرضون للاستغلال الرأسمالي، وبالتالي، اتسع تكوين الطبقة العاملة ليضم قوى الثقافة والعمل، فالثورة العلمية التقنية تتطلب قوى عمل ماهرة تضم العلماء والمهندسين والفنيين والاداريين واختصاصي الكمبيوتر..الخ، وأن كانت مرتبات هذه الفئة عالية، الا أنها تعاني من من الاستغلال الرأسمالي الناتج من التناقض الاساسي في المجتمعات الرأسمالية المتطورة، وهو التناقض بين الطابع الاجتماعي للانتاج والتملك الفردي لوسائل الانتاج بواسطة الشركات متعدية الجنسيات.
وفي السودان، تأسست الحركة السودانية للتحرر الوطني عام 1946م ، بالتحام المثقفين الماركسيين بطلائع الطبقة العاملة، ولعب المثقفون الشيوعيون دورا كبيرا في تقديم عموميات الماركسية الي العمال والمزارعين، اضافة الي ترجمة المؤلفات الماركسية، اضافة الي الدراسات النظرية المتعددة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي يعج بها الواقع السوداني.وبالتالي، فان التحام المثقفين الشيوعيين مع العمال والمزارعين وبقية الكادحين كان ولازال عماد الحركة الشيوعية السودانية.
اذا كان جوهر الماركسية ومنهجها هو دراسة الواقع بأدوات معرفية متقدمة، بهدف معرفته لتغييره، فان المثقفين يلعبون دورا كبيرا في ذلك، وبالتالي يتم تسليح الحزب بأدوات نظرية متقدمة في معرفة ودراسة الواقع.هذا اضافة الي أن البرنامج الوطني الديمقراطي يحتاج الي مثقفين يجلون كل تفاصيلة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية وفي التعليم والثقافة والاصلاح الزراعي وفي التراث وبقية الجبهات.
تناولت ادبيات الحزب الشيوعي السوداني دور المتقفين في الثورة الوطنية الديمقراطية ، في وثائق مهمة مثل :" وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية" الصادرة عن المؤتمر الرابع للحزب في اكتوبر 1967م،ودورة اللجنة المركزية للحزب في يونيو 1968م ، بعنوان " قضايا مابعد المؤتمر "، اكدت تلك الوثائق وغيرها علي اهمية العمل وسط المثقفين ، ومساعدتهم في البحث والانتاج الفكري في شتي ضروب المعرفة ، بهدف اجلاء قضايا البناء الوطني الديمقراطي في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والروحية، وشتي ضروب الفن والابداع، والاسهام في خلق البنية الثقافية والفكرية التي تتطابق بهذا الشكل اوذاك مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع، والدراسة الناقدة للموروث الثقافي واستخلاص ما هو مفيد وايجابي فيه لدفع التقدم والاستنارة في البلاد، وهذا ما اشار اليه غرامشي حول ضرورة وجود مثقفين عضويين مرتبطين بالطبقة العاملة يسهمون في تغيير تركيبة المجتمع الثقافية والفكرية بما يخدم البناء الوطني الديمقراطي المتوجه شطر الاشتراكية.
في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية تسير الثورة الثقافية الديمقراطية جنبا الي جنب مع التحولات في القاعدة الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع، وهي عمل شاق لايتحقق بضربة واحدة، ذلك لأن الافكار والمعتقدات التي تشكلت خلال حقب طويلة من مجتمعات الرق والاقطاع والاستغلال الرأسمالي لاتزول بين يوم وليلة، بل تحتاج في جهد وصراع فكري متصل ، بهدف احلال القيم والمفاهيم الجديدة التي تدفع وتعجل بالتغيير الجذري في المجتمع، والثورة الثقافية الديمقراطية هي النفي الديالكتيكي للثقافات السابقة، بمعني أنها تستند علي اجمل ماانتجته الثقافات السابقة ، في تطور حلزوني يعمق ويطور ايجابيات الماضي .








أشارت وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية الي علاقة الحزب الشيوعي بالمثقفين بقولها(لقد أكدت ثورة اكتوبر أن عناصر كثيرة، بل هائلة من المثقفين يتجهون صوب الحزب الشيوعي وعلي استعداد للنضال معه، وهذه العناصر تمتاز بالمعرفة وبالقدرة علي الوصول الي هذه المعرفة عبر البحث والتفكير).
تواصل الوثيقة وتقول(ان اجيالا جديدة من المثقفين تتطلع للوجود، وهي اجيال جادة ترغب في المساهمة في العمل الثوري بقدراتها علي البحث والقراءة واعمال الذهن، ولابد لحزبنا أن يجند طلائعها الي صفوفه فيصلب من عودها وقدرتها علي النضال)( ص، 167، طبعة دار عزة، 2008،).
تواصل الوثيقة وتقول(ان هذا المنبع المتزايد يمكن أن يسهم في حركة النضال للتقدم الاجتماعي علي نطاق الحركة الثورية ايضا وتنظيماتها الديمقراطية. فالقوى الجاذبة لتوسيع هذه الحركة لاتنمو في مجري واحد، مجري التنظيم السياسي، بل تعمل لتنميتها أشكال متعددة من التنظيم النقابي المهني والتعاوني والنشر والمحاضرات والأندية التثقيفية.الخ. واستيعاب المثقفين الأمناء الثوريين في هذا العمل يفيد كثيرا تطور الحركة الشعبية، وينمي من قدرات هذه التنظيمات وجاذبيتها. وفوق هذا يشكل هذا الواجب مهمة ماحة من مهام مرحلة النضال الوطني الديمقراطي. وهذا الاستيعاب من شأنه ايضا أن يبعث قيم الالتزام بقضايا الشعب والمسئولية الاجتماعية وهما درع واق ضد الافساد الذي تحاول أن تنشره قوي الثورة المضادة في ظروف سيطرتها: فسادا ومنافع شخصية، وجريا وراء المنفعة الخاصة. ان انتشار هذا الجو وسط المثقفين يعني عزلهم عن حركة الجماهير الشعبية، وبالتالي العراقيل أمام انجاز المهام الوطنية الديمقراطية لشعبنا( ص، 168).
واصلت دورة اللجنة المركزية في يونيو1968م، بعنوان( قضايا مابعد المؤتمر) معالجة هذا الموضوع وأشارت الي اهمية دور المثقفين الشيوعيين في مواجهة التيارات الفكرية الجديدة والحوار معها بعمق من زاوية الماركسية أشارت الدورة (لابد أن ندرك أن المثقفين يدخلون الحزب الشيوعي ويبقون في صفوفه اذا طبقت الديمقراطية المركزية تطبيقا سليما وسمح لتطورهم ولآرائهم ولنقدهم أن تجد آثارها في داخل الحزب، وسمح للحرية الفكرية الثورية القائمة في اطار البرنامج وفي اطار لائحة الحزب وفي اطار الماركسية اللينينية، بأن تنمو. وذلك لأن حركة التثقيف والثقافة لايمكن أن تنمو في جو تصادر فيه حرية النقد وتصادر فيه حرية التفكير)(ص، 31،طبعة دار عزة، 2005م).
اذن يمكن أن يلعب المثقفون الثوريون دورا كبيرا، اذا ما اهتم الحزب بهم، وساعدهم علي البحث والانتاج والابداع، في الثورة الوطنية الديمقراطية التي تضع حجر الاساس للبناء الاشتراكي.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأسمالية الوطنية : المفهوم والمصطلح.
- في الذكري الاولي لانتفاضة سبتمبر 2013م.
- نشأة وتطور الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية في السودان(2).
- نشأة وتطور الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية في السودان.
- ماهي الأسباب الأساسية للتخلف في السودان؟
- واقع القبيلة والقومية والامة والطبقات في السودان.
- الذكري 68 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني
- الايديولوجيا ومتغيرات العصر.
- كيف تناول الحزب الشيوعي السوداني قضية استغلال الدين في السيا ...
- موقع التصوف في الفكر الفلسفي العربي الاسلامي ( الحلقة الأخير ...
- موقع التصوف في الفكر الفلسفي العربي الاسلامي(3).
- موقع التصوف في الفكر الفلسفي العربي الاسلامي (2).
- موقع التصوف في الفكر العربي الاسلامي
- كيف تناول الحزب الشيوعي السوداني قضية المرأة؟
- كيف تناولت الماركسية قضية المرأة؟
- عزيزاتي واعزائي كتاب وقراء الحوار المتمدن.
- رسالة الي قراء الحوار المتمدن - شكر وتقدير
- تاج السر عثمان - عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني - ...
- تعقيب علي د. سلمان محمد احمد سلمان: موقف الحزب الشيوعي السود ...
- يسألونك عن البديل لزيادة الاسعار؟


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تاج السر عثمان - المثقفون والثورة الوطنية الديمقراطية