أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أين مضيتَ يا سميح؟














المزيد.....

أين مضيتَ يا سميح؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 14:01
المحور: الادب والفن
    


ليس مكتوبًا لي أن أقفَ على ضريحك أبكي. لأن ضريحك موجودٌ في بلدة ليس لها جواز سفر ولا تأشيرة دخول! ضريحك في قرية "الرامة" جنوب "جنين" الفلسطينة. ترقدُ الآن في أرضٍ مغتصبة، سرقها صهيون من بين أصابعنا، ولا نعرفُ كيف نستردها.
لكن، من قال إن الشاعر بحاجة إلى تأشيرات دخول لكي يطير ويحطَّ في أي أرض من أراضي الله؟! أنا شاعرةٌ. لي جناحان ولي خيالٌ لا يحدّه قانونٌ ولا تعوّقه حدودُ دول ولا محيطاتٌ أو جبال. لي جناحان بوسعي أن أطير بهما إلى حيث أريد، وقتما أريد، رغم أنف من لا يريد. لهذا، أراني الآن أقفُ على ضريحك بفلسطين أنشدُ بهمسٍ لا يتجاوز القلب:

يا حبيبي
هذا الحائطُ الصلبُ
الذي يفصلُ الآن
بيني وبينك
ما كان ينبغي له أن يكونَ حائطًا
ولا صلبًا
مادام بوسعِه
أن يغدوَ
زهرةً في حديقةٍ
أو قطرةً
في شلالِ عطر
أو غصنَ زيتونٍ
في منقار يمامةٍ بيضاء،
وذاك الحجرُ القاسي أسفل رأسِك
في القبرِ
ما كان له أن يكون حجرًا
ولا قاسيًا
طالما كان ممكنًا أن يكون ريشةً
من جناحِك المكسور
يا عصفورٌ
صمتَ عن الشدوِ فجأة
ثم طارْ.

***

أذكر آخرَ لقاء بيننا في مدينة زيوريخ السويسرية. كنّا على شرف مهرجان "المتنبي" العالمي. تحدثنا حول العروبة وفلسطين ومحنة الإنسان الأزلية مع القبح والحرب والدم. كان معنا الشاعر الأمريكي "سام هاميل"، صاحب أنطولوجيا: "شعراء ضد الحرب"، جلسنا ثلاثتنا في بهو فندق تيفولي، ويومها أسرّ لي هاميل بأنه كتب قصيدة فيك، ويودّ أن يفاجئك بها في حفل تكريمك اليوم التالي، وطلب إليّ أن أترجمها للعربية وأقرأها على مسامعه في أمسية التكريم.
وكانت هذه القصيدة العذبة التي تصوّر عذابات الإنسان مع المحتلّ الغصوب:

***

الطريق الى الرامة


إهداء إلى: سميح القاسم

كيف الطريقُ الى الرامةِ
وإلى أيّ مدىً بوسعي المضيُّ وحيدًا؟
هنا الطريقُ إلى الرامة يا صاحبي
ها هنا،
حيث غبارُ عظامِنا.
وهنا بيتُ عربيٍّ
بحديقته الصيفيةِ الغافية،
بزيتونتِه،
بظلالِها.
بوسعكَ أن تحصيَ ثقوبَ الرصاصة، يا صاحبي
بوسعكَ
أن تملأ حُفرَها الخاوية،
لكنك

لن تستطيع أن تحددَ رقمًا للميت.
وهنا بيتُ يهوديٍّ
وللعجب
تمامُا يشبهه!
الحديقةُ ذاتُها،
الزيتونةُ ذاتُها
الحُفر ذاتُها بأرضِ الحديقة،
وبقعُ الدمِ ذاتُها في الرمال.
هنا
في الطريقِ الى الرامة
آملُ أن أجدَ شقيقيَ
سميح القاسم،
الشاعرَ،
قبل أن يفوتَ الوقتُ،
ذاك أنني أوغلتُ عميقًا في الصحاري
ظمئًا إلى كلماتِه.
هل استمعتم إلى شقيقي الشاعرِ؟
سوف يحطّمُ قلوبَكم
ثم يداويهابالشجن الطافرِ من أغانيه.
هل رأيتم شقيقيَ الشاعرَ؟
فأنا منهكٌ من الدخانِ والغبار
والطريقُ طويلة
وأنا
أطعنُ في العمر.
سوف أموت في الطريقِ الى الرامة
لكن قلبيَ
سوف ينامُ وادعًا
بين ذراعيه.

***

‫-;-كيف خطفك الموتُ منا يا سميح ؟!‬-;- ‫-;-هذا الموت فظ ‫-;-لا يقرأ الشعرَ ولا يفهم معنى أن تقول:‬-;-

‫-;-"ويكون أن يأتي‬-;-/ يأتي مع الشمس/ وجهٌ تشَّوه في غبارِ مناهجِ الدرس/ و يكون أن يأتي/ بعد انتحار القحطِ في صوتي/ شيءٌ . . روائعُه بلا حدّ/ شيءٌ يسمّى في الأغاني/ طائرَ الرعد/ لا بد أن يأتي/ فلقد بلغناها/ بلغنا قمةَ الموت."

***
سميح القاسم، ابحثْ عن محمود درويش، ستجده جوار النهر يُغني. انتظرانا معًا، وهيئآ لنا أيكةً، سمِّها: "أيكةَ الشعراء"، نستظلّ بها حين يجتمع عقدنا جميعًا في السماء.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأم تريزا، أم الغلابة
- العيون النظيفة
- حوار مجلة نصف الدنيا مع الشاعرة فاطمة ناعوت بعد فوزها بجائزة ...
- عروس النيل
- مصريون ضد الحزن
- هنا قناة السويس
- قَسَتْ أمي.... ودلّلني القراء
- نجيب محفوظ، هل سامحتني؟!
- إلا إيزيس يا داعش!
- محنتي مع المثقفين
- داعش أم الرسام الدنماركي؟
- حوار مجلة (حواء) المصرية مع الشاعرة فاطمة ناعوت
- الراهبات يا د. جمعة!
- المسرح في المستشفى
- الجهل، الحصان الرابح
- داعش أم دولة الإسلام أم عمعيص؟
- اقتلوهما كما قتلتم ابن رشد
- من أرض مشروع القناة
- من ينقذ كردستان الجميلة؟
- تكبيرات داعش


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أين مضيتَ يا سميح؟