|
هاريمان في خيمة الحاج زهير !
نوزاد نوبار مدياتي
الحوار المتمدن-العدد: 4574 - 2014 / 9 / 14 - 16:21
المحور:
الادب والفن
المكان مكتض بالضجيج ، لم يكن هنالك متسع حتى " لدجاجة " الطفلة هاريمان الناجية من سنجار "شِنگال" مع أخاها الياس ميراز ، والديهما فقدوا جريرة الحياة آبان فترة حِصارهم في قعر الكهوف المتيبسة من الماء و ثمار الجوز التي لن تنضج بعد ، كان دخولهم للمخيم إشبه بالنجاة من الطوفان . وجوه الجميع مائلة للصفرة بعد إن كان يداعبها إحمرار الوجنات الجبلية . خطوات الياس كانت متبعثرة ومتهالكة ورجليه تنزف دماء بين الحين والاخر ، يبحث في الوجوه عن شيء يفقده ، ضربات قلبه تزداد ، يمسك بيده الشمال إخته الصغيرة ذات السبعة أعوام باحثاً عن مأوى لهما ! نجلاء ، الإنثى الموصلية ذات الثمانية عشر عاماَ ، كانت قد سبقت هاريمان والياس بيومين ، تجلس في باب خيمة خصصت لهم كنازحون ، نجلاء إنثى منتصبة الجمال ،قيقة جداً ، تابعت دخول الياس وهاريمان من أول ولهة ، تمايل برأسها يمين وشمال تحاول رصدهما كلما أختفيا بين تسارع النازحون في المخيم ، الجميع مشغول متعب ومنهار ، الياس مازال متخبط في خطواتهِ ، يسير بهدوء حتى وصل قرب باب خيمة نجلاء.
إستوقفتهُ نجلاء بإدب : أشبيك أخوي ؟ تعال تفضل أبوي جوا ، أنت وهل الحلوة و"الجيجي" مالتها ! رد الياس : زور سوباس خشكي !
لم تفهم نجلاء ما قاله الياس ، لكنها أدركت إن الياس هو من الأيزيدين الكورد ،، لوحت بيدها علامة الإنتظار ودخلت للخيمة لنداء والدها الذي كان يحتضن الراديو وفمه متيبس ، سكارته قد وصلت أخرها دون أن يعلم ! نجلاء تحاور والدها بتمتمة وتردد ،، أبوي دخيل الله أشون شاب بغي ماعندو أحد وعم ينزف دم من غجلينو ! هرع الحاج زهير الذي كان يملك محل صغير في " الدواسة " يبيع فيه " شربت الزبيب " ، مسك يد الياس ورحب بهَ وبعد دقائق إستطاع الحاج زهير إقناع الياس بالدخول للخيمة ، ذهبت الشمس بعيداً والغروب يكاد يتلحف بإول نجمة تظهر على المخيم عاجزة عن إشعال البهجة في نفوس المنكوبين ، فاقدي الأمل والحياة بعد إن كانت هذه النجمة صديقة حميمة للياس ، كانت أقرب له من وجه حبيبته ! علامات الحيرة والتعب كانت طاغية على وجه الياس ، ليس ثمة منفذ هنا حتى لمرور نسمة هواء واحدة ، كل ما حاول الحاج زهير محاورته يفشل أمام دموع الياس التي تتسارع كومضة ضوء أو مثل شرارة تصدر عن حك الفولاذ بحجر الصوان تنهمر وتمتمات غريبة أشبه بالهذيان يرافقها ، التعب أخذ جزء كبير من الجميع والهدوء بدأ يعم في المخيم تدريجياً ، حتى السكون ونوم الجميع ، الياس كان يصارع التعب يحاور تلك النجمة "بعد إن أصر النوم خارج الخيمة "بإغنية كان يغازل بها حبيبته وبصوت خافت :
لي لي لي لي دلالي جه ياية ( يامحبوبة الجبال ) داريه هژيري روگة ( إنتِ شجرة التين ) غم راڨ-;-ين نو گه ي ( تٌفرحين الحَزين ) ناڨ-;- گولو گه يايه ( إنتِ بين الإعشاب والورود ) لي لي لي لي
حتى غلب النعاس عليه هو الأخر وكان أخر من إستسلم للنوم بعمق ، شخير صاخب نومه رغم وجع رجليه التي سار عليها الأف الكيلو مترات . جاء صباح اليوم الأخر ، أستيقظ الجميع وعاد صخب المخيم ، خرجت هاريمان من الخيمة الى حجر الياس ، تبكي متسأله عن روخاش ! لفت إسم روخاش الحاج زهير فباغته متسائلاً وماذا يعني أسم روخاش كاك الياس ؟! روخاش هه ! روخاش : الشمس الجميلة ، سرقوها "داعش " وسرقوا مني حبيبتي جيلان !! ثم التفت الياس على الحاج زهير متسائلاَ هل تعلم ما معنى كلمة ( سنجار ) ؟ سإخبرك : سنجار جاءت نسبة لقصة الطوفان ، سفينة نوح لما مرت بالجبل نطحت به فقال هذا سن جبل جار علينا فسميت (سن- جار- ) ، وهذه المرة طوفان أخر من نوع أخر !! تمالك الحاج زهير نفسه و أخذ الياس لحظنه بعد إن تفهم سر دموعهِ ليلة أمس ، لم تكن هنالك كلمات مناسبة عند الحاج زهير ليحشرها لطمأنينة الشاب المنكوب ، قليلاً من المساعدات إستطاعت من خلالها نجلاء إحظار الفطار . الاخبار منقطعة ومجهولة عن مصير جميلات الجبال العذري ، كل الرسائل تقول : إن " داعش " تتجار بهم بإسعار بخسة ، هذه الفكرة التي تسيطر على الياس ، أوجعت مضاجع سكونهِ وهدوئهِ وطبيعتهِ المسالمة ، كان بتوتر دائم وإضطراب أصاب نفسيتهِ ، حتى أعلنوا : التطوع للحرب ضد هذا التنظيم الإرهابي ، لم جماحه الياس مع أخرون مثلهِ وحمل السلاح وذهب ! لا ثمة أخبار عنه للإن ، هاريمان في كنف الحاج زهير مع " دجاجتها" ونجلاء باتت لها أختاً كبيرة ، كل يوم تحكي لها حكاية الشاب الذي سرقوا منه (أخته وحبيبته ) وذهب لإسترجاعهم ... !
تنويه : القِصة وأسماء الشخصيات من الخيال .
#نوزاد_نوبار_مدياتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أشگ صدر الكاع ومتصير داعشني
-
زهر ، مُر ، حنظل
-
ورداً في غابة الشوق - لها -
-
الخطيئة -كلمة- في سراديب الظلام
-
لماذا تدرس مادة الإسلامية ؟
-
قفشة على مضاجع أرصفة الحلم !
-
بزنودي شديت العلگ !
-
خمر جديد في جرار قديمة / خربشات على جداري 7
-
الصراع النفسي في ظل عواقب الإرث الفكري !
-
لحظات رجلاً يؤمن بذاته / خربشات على جداري -6
-
حياة ما بعد الموت !
-
عيد حٌبنا يا حبيبتي / خربشات على جدار عيد الحب
-
رسم من فحم على اوراق الوهم !! / قصة قصيرة
-
ملح ،، زيت ،، زعتر / خربشات على جداري - 5
-
كرسمس الإموات في مدينتي ؟! - خربشات على جداري / 4
-
متى تكسر خشبة المسرح - خربشات على جداري / 3
-
موائد عمل او عشاء – خربشات على جداري / 2 !!
-
طيوراً في محراب الحياة – خربشات على جداري / 1 !!
-
كان موعد في حانة واخر من الشرفة ؟
-
العراقيون في دوائر شاغلة وخداع مستمر ؟!
المزيد.....
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|