أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - المتنمرون على المدنيين















المزيد.....

المتنمرون على المدنيين


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 4574 - 2014 / 9 / 14 - 06:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليست الرقة اليوم في أسوأ حالاتها فحسب، ولكنها تجسد صورة الآخرين الذين تهافتوا على الإيغال في الألم، فتشاركوا مع النظام السوري، قتل المدنيين، وكأن طائرات الأسد وحمم الحرق والقتل لا تكفي.
ثمة حالة يمكننا التعبير عنها باستعارة توصيف " التنمر " لما يتصرف به سواء النظام أم التحالف الغربي، باستهداف المدنيين في الرقة، دون القدرة على اصطياد المجموعات الارهابية المسلحة : داعش والنصرة نموذجاً. التعويض عن العجز يمكن ملاحظته في بقاء الولايات المتحدة وحلفاؤها، في حالة تأرجح، مابين التدخل من عدمه، في الوقت الذي لايزالون يدرسون فيه الخيارات ، بعد أن شب عود الدولة الاسلامية وتمكن في المنطقة الفراتية ، من حلب حتى شمال بغداد مرورا بالموصل، فإنهم قد أسندوا مهمة ضرب داعش، مواربةً للنظام السوري، الذي يعلن بعضهم أن لا أهلية للتعاون معه، دون رفض التنسيق معه وغض الطرف عما يقوم به فعلياً من غارات انتقامية، ضمن المدن والبلدات السورية، مستهدفاً المدنيين فقط..حتى الآن.
يتنمر الأسد على المدنيين في الأحياء السكنية، في ظل مسألتين هامتين، الأولى هي عجزه عن الحسم العسكري والأمني في أي مكان من سوريا، وصورة جوبر مثال على ذلك، والثاني هو عدم رغبته في استهداف داعش سواء مقرات او عناصر، بالنسبة له المواجهة مع داعش، تتعارض مع مصلحة النظام، ومايزال بحاجة للدور الذي تلعبه الدولة الاسلامية فيما يشكل خدمة النظام.
على مدى الأيام الأخيرة، مع اشتداد الضربات الجوية للنظام، قامت داعش بالانتشار، أخلت مقراتها العامة مثل كنيسة الشهداء في وسط الرقة، حيث كانت قد حولتها الى المكتب الدعوي، وطلت جدرانها بالسواد، واستخدمتها لإقامة المحاضرات والدروس الدعوية، وحولت القبو الى سجن، والمدرسة الملحقة بها الى مساكن لعتاة المجرمين من عناصرها. قبل أن تتمكن داعش من غرس أظلافها في الرقة لم يكن نظام الأسد ولا واشنطن يريان مافعلته بالكنيسة وبالناس..أهل الرقة، الذين لم تترك أسلوباً لإخضاعهم..ولم يكن ثمة من يساندهم.
في الوقت الذي كانت فيه المقذوفات الحارقة تدمر الأحياء السكنية في شارع تل أبيض، وحارة البياطرة، وحيّ الثكنة، ويقتل مدنيين من ابناء الرقة، كان ثمة إعلاميون يجاهرون " بحياديتهم " يتحدثون عن عمليات دقيقة لنظام الأسد تستهدف داعش بنية وتنظيماً، ويقلبون الحقائق رأساً على عقب. لا يتحدثون عن الضحايا المدنيين وعن أن النظام حتى الآن لم يؤذي التنظيمات الإرهابية. ليست مسألة خطأ: المرصد السوري لحقوق الانسان، لديه شبكة مراسلين فعّالة تكاد تتواجد في كل قرية ومنطقة سورية، ووحده الذي يمتلك الحقيقة "الملغومة" التي يقدمها للغرب عموماً، ولوسائل الاعلام التي تاخذ عنه. معيار المهنية والحيادية، لاتكون له أية قيمة حين لا نقدم الصورة على حقيقتها. جميعنا يريد انهاء وجود "الدولة" بالنظر الى بطشها وجرائمها، لكننا لا يجب أن ندعم سياسة الأسد الذي يقدم نفسه للعالم كمحارب للإرهاب. الإشارة الى الضحايا المدنيين وطبيعة المواقع التي تستهدف، أمرٌ يساهم في تشكيل وجهة النظر الأوروبية والغربية، حيال نظام الأسد، خاصة في ظل التحالف الجديد ضد داعش والنصرة. الإعلامي والحقوقي الذي يجانب الحقيقة هو ايضاً متنمرٌ على المدنيين العزل الذين يواجهون الموت بصمت.
ثمة بشاعة أشد، حين تُطبق مؤسسات المعارضة السورية صمتاً، وتصمًّ آذانها عن نداءات الاستغاثة، وكأنها شريكة في هذا الخراب والموت الذي يلاحق السوريين أينما كانوا، أو شردتهم الريح، بحثاً عن السلامة والكرامة. لم يصدر أي بيان يدين عمليات النظام في الرقة، سواء عن الائتلاف الوطني، أو الحكومة المعزولة، لم تستجب فوق ذلك هاتين المؤسستين لنداءات تأمين الأدوية لمشافي الرقة لإسعاف عشرات الجرحى يومياً، باستثناء ما قدمته وحدة الدعم بصورة منفصلة عن الائتلاف والحكومة، وعبر علاقات شخصية. خلال الفترة الماضية لم تقدّم مؤسسات المعارضة أي دعم للسوريين في الرقة، بما في ذلك الدعم المعنوي. وإذا كانت مسؤولياتها مباشرة تجاه ترك الرقة وحيدة بين أظلاف الجماعات الاسلامية، وعدم مساندة تيارات ومجموعات العمل المدني، وما كان لداعش – والنصرة من قبلها - أن تعزز وجودها في الرقة ودير الزور وريف حلب وغيرها، لولا إهمالها وتقصيرها الشديد الذي يصل الى درجة التعمد في ذلك.
هي اليوم ايضاً تترك هذه المناطق، دون مساندة أو دعم من أي نوع. تترك المدنيين يواجهون عمليات القصف اليومي للنظام، واستفراده بها والعمل على تدميرها، فوق سكّانها المدنيين، وكأنها تستحق عقاباً على جريمتها بالتحرر من ربقة النظام في وقت مبكر قبل المناطق الأخرى، الأمر الذي كشف عجز المعارضة المباشرة والكامل عن قدرتها في إدارة المناطق " المحررة "، بل وانغماسها بالصراعات حول المغانم والمناصب، واسترضاء الأطراف الدولية والإقليمية. باتت هي اليوم غير قادرة أن تكون رافعة للثورة، أو معبرة عنها، وعما تبقى من الحراك الوطني.
نحن ندرك أن الائتلاف والحكومة والمجلس الوطني والأركان، غير قادرين على اصدار بيانات تدين او تطالب بوقف المجازر بحق المدنيين في الرقة، خشية أن تتلقى لطمة من الغرب، الذي يغض الطرف طوال ثلاث سنوات عن مجازر النظام، ولاشك في أنه يبارك بما يقوم به مع إدراكه لمرامي النظام وغاياته. مؤسسات المعارضة لا تعرف حقيقة ما إذا كان ثمة تعاون بين الولايات المتحدة ودمشق في تنفيذ العمليات العسكرية، ولا يعرفون ماهي استراتيجية الغرب بشأن خطة التحالف الجديد لمحاربة الإرهاب.
هذه الفترة تبدو أسوأ مايمكن تصوره، أن تصمت المعارضة السورية، عما يحدث من جرائم، من تسليح قوى وكتائب عسكرية، من لقاءات واجتماعات هنا وهناك دون أن تكون على دراية أو شريكة بها..طُلب منها فقط أن تؤيد موقفاً عربياً تجاه قيام تحالف دولي لضرب داعش والنصرة، بصورة تذكرنا بقرار الجامعة العربية لبدء الاطاحة بنظام صدام حسين 2003.
تنمر مؤسسات المعارضة على السوريين، يسقط عنها آخر ما تبقى من أوراق التوت، ويضعها تماماً في سياق ممارسات منظومة القتل والارهاب في المنطقة " طهران وحزب الله والأسد " ..وكأن رغيف الخبز المغمّس بدم الضحايا، أمام فرن الأندلس..لا يعنيهم في شئ، ولم يروه أبداً.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المعتقل
- نظام الأسد يقصف المدن برعاية دولية
- الدور الأميركي المفقود في المنطقة
- داعش تعزز مكانتها كقوة اقليمية في المنطقة
- عرسال والأسد وحرائق البلد
- الإخوان المسلمون وشهوة السلطة
- الإخوان المسلمون يستعيدون دورهم في الائتلاف الوطني السوري
- قيامة الماء !
- نتنياهو-الأسد: الوحشية الدامية من غزة الى حلب
- المستبّد النجيب: لامكان للسوريين في بلدهم !
- المعارضة السورية في دوّامة الخواء !
- الرقة بين استبدادين..والفرات شاهد على الألم !
- مركز الدراسات المتوسطية : موقف واشنطن والقوى الإقليمية حيال ...
- لاحلّ في الأفق..والفوضى تربك التحالفات
- موقف واشنطن حيال الوضع في العراق!
- العراق: صيف ساخن وديكتاتورية مهددة!
- مركز الدراسات المتوسطية : تقرير حول انتخابات الرئاسة السورية
- صهيل الشعر يمطر بهاء المعاني..!
- سياسة أوباما الجديدة في الشرق الأوسط
- التسوية السياسية وغياب الإرادة الدولية !


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - المتنمرون على المدنيين