أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - عين واحدة تكفي














المزيد.....

عين واحدة تكفي


مزن مرشد

الحوار المتمدن-العدد: 4573 - 2014 / 9 / 13 - 22:08
المحور: الادب والفن
    


مازال الصبية ينادون عليه ،يعايرونه بعينه المريضة ، انزوى في زاوية الصف ،انتظر ان ينقذه أحد من هذا الجحيم المتواصل منذ أن فقد عينه اليسرى تحت شرفة المنزل.
عاد أيلول ،لا يعنيه ورقه الأصفر ، لا تعنيه تلك الرومانسية المنسوجة حوله ولا يعلم أصلاً من أين أتت.
أيلول الأسود قد تناسبه التسمية أكثر.
في بدايته وربما قريبا من منتصفه .
قيظ الظهيرة .
أمه العصبية ، الخائفة دائما على أولادها دون سبب ،مثل قطة شرسة على أهبة الاستعداد للقتال وكأن جلل يتربص بأولادها ،لن يستطيع أحد أن يفهم سر هذه المشاعر المستفزة دائما لديها ،حتى أعتى مختصي الفراسة أو المعرفة بقراءة الغيب ،قد يكون حدس الأم ،شعورها باقتراب خطر ما ،داهم ومتربص.
كريم ،كان الأصغر بين ثلاثة أولاد قدموا الى الحياة باستعجال تباعا ،لم يمهلوا والدتهم مسافة حمل بين حمل وحمل.
في ذلك الأيلول والذي اتفق ان يكون من أحر الأيلولات التي شهدها الصغير في عمره البالغ أربعة أعوام إلا شهر ،كانت السنة الدراسية قد بدأت لتوها ،والدته المدرسة لا في دوامها ،كريم الطفل الصغير الجميل ذو العينين العسليتين الجميلتين محبوب الجميع ، لا بد أن تتركه عند أختها الكبرى ،خالته التي لم تعرف الزواج ولم تعرف الأمومة ، تلك البريئة التي حملت في قلبها حب كل أمهات الأرض .
قضت يومها التعليمي ،عادت على عجل أخذت قططها الثلاثة وأسرعت لمنزلها البعيد في الحي الشعبي المكتظ ، بكى الصغير ،لا يرغب بمفارقة خالته..... خالتي، نزيها الرقيقة الوادعة ذات الأمومة الطاغية ،كل طفل في حضنها سيتمنى أن يبقى معها للأبد ،لكثرة ما سيلقى من الحب والدلال والغنج ، في طفولتي لم أكن أتركها قط كنت أفضلها على أمي وعلى كل الألعاب.
أمه ،أخذت أطفالها الثلاث عائدة لبيتها ،كريم باكيا متعلقاً بطرف ثوب نزيها ،لم يكن يوماً متعلق بالبقاء عند خالته مثل ذلك اليوم .
مازلت أسمعه وأنا في الطابق الثاني احاول تهدئة طفلتي التي بدأت البكاء لأجل كريم.
أسمع صوته حتى اليوم ،يأكلني الندم لأنني لم أدافع عن بقاءه عند خالته ،هدأت نوبة البكاء ،بدأ المساء ، جرس الهاتف دوى في المنزل ،رفعت السماعة باستعجال قبل ان يوقظ الرنين قيلولة الصغار .
• أين زوجك ؟
• ما الأمر؟
• اين هو؟
• ذهب للعيادة للتو؟
• طيب سنذهب اليه؟
• ما الأمر؟
• كريم...
وعاصفة بكاء اوقعت قلبي من صدري
• ما الامر؟
• كريم فقئت عينه؟
كلمة غيرت في قلبي مجرى الحب ،وألغت من قناعاتي مبدأ العدالة .
أي عدالة تفقد طفل عينه ،بلحظة طيش صغير اخر ،أراد اللعب بقطعة حديد رميت باستهتار في زقاق ملئ بالأطفال ...
شبَّ كريم على رحلة طفولة مليئة بالمشافي ،والأدوية ،والقطرات ،والبكاء .
ممنوع عليه أن يبكي كي لا يؤذي عينه .
كنت أنظر الى عينه الأخرى أرى جمال لونها ،نقاء سريرتها .
كنت أقول لأطفالي بأنه طفل وشاب مميز ،لأنه يملك عينا واحدة ،كافية لتعطيه الحياه ،لا تنظروا الى عينه المريضة بل الى اجمل عين في وجه الملاك.
ماتت نزيها ،ماتت دون طفل ،ماتت ولم أرها ،ما ذنبها ألا تجد من يحملها الى قبرها ،أو من يحفر قبرها.
كريم مَن شمر عن زنديه ،حفر القبر ،أنزل خالته فيه ،أهال عليها التراب ،وأهال معها حفنة من ذكرياته بين ذراعيها.
نزلت دمعة ،بكى هذه المرة دون أن يخشى على عينه فلم تعد موجودة وبقيت له عين واحدة كافية ليكون أجمل رجال الأرض.



#مزن_مرشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث حالات للحزن
- ثنائية الحرص والمواطن
- انتبه... أنت مؤقت !
- الصحافة السورية .. لاممنوع ولا مسموح
- الى السيدة فيروز.... لأننا نحبك
- دمشق عاصمة للثقافة حوار مع الامين العام للاحتفالية الدكتورة ...
- حوار مع د. عبد الرحمن منيف قبل وفاته بسنة
- خطايا امرأة
- فضاءات نسائية
- سندريلا الحلم
- أطفال عروبيون
- عداوة النجاح.. معركة بلا قواعد
- ثقافة الفساد ..... ابن شرعي لسفاح محرم
- الرأي من ذهب والصمت من صدأ
- نتواطأ مع المجتمع ضد انفسنا
- كاسك يا فساد
- المرأة في المجتمع بين العولمة والتاريخ
- الصناعيات السوريات: نتحدى الواقع من خلف الالة
- معه
- ثلج


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - عين واحدة تكفي