عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4573 - 2014 / 9 / 13 - 14:18
المحور:
الادب والفن
رسائل من وإلى
حبيبي الغالي
تسلمت أمس رسالتك وكأن احدا ينتشلني من بحر هائج بعد أن فقدت الأمل أن أتلمس أصابعك كما عودتني كل صباح في كل يوم ... وسرت رعشات ورعشات هزت بدني مع كل حرف يبوح لي بنوع من العشق العسلي لم تجربه أنثى قبلي ولا أظن أن أحداً بإمكانه أن يتصور شكلا لهذا الحب المجنون .... أنت كما أنت نهرا دافقا من مشاعر حامية كسيل من عل لا يتوقف ورقيقة وهادئة كالسحر في ليل مقمر أزرق أبيض لا أعلم كيف يمكنني أن أصف غمراتي في تذوق ألوانه الشاعرية تسحرني هكذا بمزاجي ,أنت تعلم كم هو جنوني بك لذيذ حد الذوبان بحرفك... هكذا أنا أحببتك وحق جمال روحك قسمي هذا أصدق من موعد شروق الشمس يوميا .
حبيبي ...
شجيرات حديقتنا تزينت عندما شمت رائحتك مع رسولك القادم برغم ما يحمل من رائحة البارود والموت لكن ضوع أحاسيسك وأنفاسك هو الطاغ ,عصافير الجنة كانت تتراقص أثنين أثنـين على شرفة النافذة وأنا أقرأها حروفك حرفا حرفـا ...أنظر إليها مثل البلهاء الآن تذكرت ما قلت لي أن أصدق المشاعر هي التي تجعل الطيور ترقص فيما بينها وتنسى أنها في مهمة أكبر , عملت لك مراسيم زفاف أجمل من تلك التي كانت حقيقة بيننا مرتدية ثوبي الزهري وعطري يفوح نرجسا وياسمين على جدران منازلنا ومنازل المدينة .... يمكنك أن تشمه أيضا فكل حروفي أختارت عطرها المناسب وأيضا منها ما عانق بعضها ومنها من غنى منفردا لك ...
روحي أنت
منذ أن جاء الوباء لبلادنا تحمله ريح غريبة أفسدت السلام وهجرت الأحلام من منازلها صار لزاما أن نحمي هذا التراب بأرواحنا ,في كل مرة يغزونا الظلام نشرع أنا وأنت بفتح النوافذ العلوية المقابلة للقمر كي يتسلل شعاعه الفضي لينير لنا زوايا من الصعب أن تنيرها المصابيح العادية ,فتذهب أنت وأنا هنا أحكي للصغار حكاية العنقاء العراقية ما أفخر به بين الناس أن روحي تقاتل معك فلا تقصر في عطاء ولا تتأخر في أستجابة نداء ...
تقدم وكلما تقطع خطوة تحسس أثر روحي معك وأحذرك أن تدعها خلفك أرجوك دعها درعا لروحك وأمنحها شرف أن تليق بك ... وتنتسب لك ... هنا كل شيء ساكن منتظر أن تأت الرسائل بما يبعث الحياة ... وزعت من رسالتك نصيب للكل من حولي وزاد قدرا كبيرا منها فأطعمته شجيرات الحدائق وعصافير الأشجار وما زال هناك كثير أنوي غدا أن أدلق منه شيئا في النهر لتعرف من يسبح فيه أن الحياة جميلة .
حبيبي ...
أخبرك أنني زرعت في حديقتنا أربع شجيرات لبلاب ونخلة صغيرة أسميتها كما تحب أشواق وتجرأت بكل ق وة وأطلقت البلبل وحبيبته من القفص بعد أن قبلته كي أغيض بلبلته ... ضحك الاثنان وأطلقا أجنحتهما بعد أن أوعداني إنهما سيزورانني في الربيع القادم ومعهما صغارهما ... رميت القفص في أطراف المقبرة البعيدة كي لا يؤسر به بلبل أخر .
حبيبي وروحي ...
سأنتظرك الآن وغدا وبعد غد .... ثق أنني لن أرحل من تلك المقاعد الخشبية التي جمعتنا أول مرة ... يمكن أن أكتب الشعر وأتحول إلى قديسة في محراب الشعر والحب ... لو أراد الله لنا ما لا نريد .... قبلتي بين الحروف ضعها على خدك وستسمع صوتها الناري ... أغدا ألقاك .
حبيبتك التي لا تتذكر منك إلا كل جميل
حبيبتي ..... تعرفين أنني أستغرب كيف يمكنها أن تعيش هذه الكلمة في كل مرة أنطقها أو أكتبها وهي تشهد إنفجارات روحي المتكررة مع كل حرف من حروفها , أنا أتشظى كلما أنطقها ... لا تحتمل ولا أنا أحتمل هذا الكلام الذي يهز أركاني ... لذا لا يمكنني أن أكررها بعد الآن حتى أكتب لك ما أريد .
بهيتي
أولا كنت أتمنى أن أكون معك وأنت تطلقين البلبل الجميل كنت فقط أريد أن أعلمه كيف يحب وكيف يخلص لها وأنا ألصق قبلة على خدك ومن ثم أهمس في مسمعه وصية فاتني أن أعلمها له من قبل , المهم أنك أفضل شيء فعلتيه أنك رميت القفص بعيدا .
ولكنني أعتب عليك أنك خبأت كل هذه العطور عني يوم ودعتك وكان حلمي أنك ترتدي فستانك الزهري المطرز بحروف الحب على صدره أتذكره جيدا .... يوم دخلنا المتجر لتشتري لي ربطة عنق فقادتني قدماي حيث ناداني هو ثقي بي أنني سمعت صوته يقول قدري أن أكون لها من دون النساء لا يمكن لأحد منهن أن تبرز جمالي إلا هي فتخيلته عليك شاهدت الفراشات الجميلة تحملك في رقصة أسطورية بين مخيلتي وعيوني ,أنزلته من مكانه ليكون هديتي لك بمناسبة تجديد الحب في كل مرة تقولين لي قصيدة ...
كياني أنت
تعرفين أن فترة الصباح دوما تكون قصيرة بالنسبة لي وأنا هنا في موضعي القتالي فلا بد أن أنسق وقتي وهذا لم يمنعني أن أزرع بعض الشجيرات ولكن ما يؤلمني وأنا أراهن يكبرن شيئا فشيئا أننا قد نترك المكان قريبا عندها لا أضمن أن من يسقيهن الماء قد يكون حاضرا دوما ... كلما أتذكر كيف سيكون للظمأ فعل يخنق زهوري أبكي وأنا أفكر كيف لي أن أحملهن معي أو أتركهن يواجهن المصير .
روحي ... أرجوك
عندما تصلك هذه الرسالة أعدي منضدة الكتابة القديمة التي كتبنا عليها أجمل دواوين الشعر أنا وأنت ... أحضري الورق والأقلام وفناجين القهوة كالمعتاد ثم أسترخ تماما وعودي بالذاكرة يوم رأيتك وأنت تقرئين رواية أنا كارنينا في المكتبة وحاولت أن اسأل عن رف الأدب الروسي تذمرت ولكنك أعتذرتي بابتسامة لن أنسى جمالها للآن وأتمنى أن لا أنسى ما قلت أنا ... آنستي المهذبه عفوا لا أريد المشاكسة ولكن أحببت فقط أن تكلمني عيونك ... عرفت من ردك أنك شاعرة وشاعرة صوفيه تمتلئ حروفها قداسة كنت محقا في أختياري ونجحت أن أنتزع لي مكانا جميلا في قلبك .
سأقول حبيبتي لأنني سوف أنهي كتابي لك ... ممكن أن تكون هذه الرسالة أخر ما بيننا ويمكن أن تكون ذكرى نتندر بها في الأيام القادمة أرجوك عندما أرحل وهذا قدر نؤمن به بلا تردد لا تنسي أن تجعلني بطلا لكل قصصك ورمزا للحياة في كل قصائدك ودواوينك الشعرية فقط لا تلبسيني الثوب الأسود وأنت لا ترتدي غير ثيابك الأكثر أناقة كلما دار الحديث عني ... تعرفين كم أحبك ج ميلة متألقة كأنك نجمة السماء الوسطى التي يعشقها فضلا عن القمر الكثير من الشعراء ...
الحياة جميلة مع الرغبة في تسير وأن يتمسك كل باقي فيها بها وبالمسير ... أوصيك بعصافير حديقتنا وبالنوافذ المطلة عليها أوصيك بأزهاري وشجيرات الياس وأعتن كثيرا بالياسمين , تتذكرين عندما جرحت يدي وأنا أزرعها لا بد أنها صارت شقيقتي لأن دمنا توحد قد تزهر في يوم ياسمين حمراء , سيكون لطيفا أن تشم روحي فيها ,عندما أعود ل كان ذلك ممكنا سأزرع قربها بصيلات نرجس جميل النرجس هنا كأنه لوحة يرسم طريقا معطرا للحياة للذاهبين والقادمين , لم أكن أعرف أنه جميل وأخاذ خاصة مع خيوط الفجر الأولى .
قبلاتي لأصابعك التي تكتب وقبلات على خديك فقد أشتقت لأن أطرزهن كما كنا كل صباح بأشكال متعددة من القبل ... تمنياتي لك يحمله القمر كل مساء وخيوط الشمس الذهبية كل صباح .
المحب ............
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟