أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وفاء البوعيسي - مفاهيم سيئة السمعة (6) الإسلام صالح لكل زمان ومكان الجزء الثاني















المزيد.....

مفاهيم سيئة السمعة (6) الإسلام صالح لكل زمان ومكان الجزء الثاني


وفاء البوعيسي

الحوار المتمدن-العدد: 4572 - 2014 / 9 / 12 - 13:45
المحور: المجتمع المدني
    


مقدمة:
عندما نُشر الجزء الأول من المقالة في المواقع الليبية، توقعت فوراً أن نشرها سيجر إلى اتهامي بفساد الفطرة والأخلاق، أما البقية فعمدوا إلى أن ما أكتبه إنما يُهين إيمانهم ويسيء لمشاعرهم الدينية، عدا عن ردود أخرى كثيرة، وسأرد في عُجالة هنا على من اتهمني بالإساءة لإيمانه، أما الرد على البقية فسيأتي في سياق محاولتي تفكيك مقولة أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان من خلال التدقيق في متلازماتها من تعريف وتطبيقات في هذا الجزء وما يليه من أجزاء.
الإساءة لإيمان القرّاء وإيذاء مشاعرهم الدينية.
أولاً: إن مسألة إهانة إيمان أحدهم هذه فتحتاج لوقفة، إذ لاحظتُ أنه دفعٌ متكرر ويستعمل ضدي وضد كثيرين، وهذا القول كما أراه هو قول متفذلك بإمتياز، لأنه ليس من النوع الذي يأتيني بطرح معرفي، بل بطرح سلبي غالباً ما يطلب توقفي عن الكتابة والإنشغال بشيء آخر، وقائله عادة شخص مجهول سواء كان من المعلقين أو الكتّاب الذين يردون عليّ بأسماء مستعارة، من دون إبراز أنفسهم وخبراتهم وعلومهم المفترضة، كي نتبادل النقاش ووجهات النظر حول أفهامنا للإسلام، وحول إمكانية ربطه بالحاضر من عدمه، وأن نتبادل ما لدينا من رؤى وقراءات دينية مختلفة لإثراء الحوار سيما بليبيا التي تعاني فقراً مدقعاً في كتابات النقد الديني.
ثانياً: نحن جميعاً نتشارك الإسلام وهو رافد مهم من روافد ثقافتنا، وأنا ملتزمة بالقول أنني أحترم حق الآخرين في التدين، لأنني أصنفهم أناساً أحرار ومسؤولين، لكن هذا لا يعطي لأحدهم حق الإستئثار بهذا الدين دوناً عني أو عن البقية، وما يحدث هنا أنني أسندت لنفسي بنفسي، حق ألا أفكر كما يفكر الآخرون، وأن أفكر في الإسلام بطريقة أكثر دنيوية، لهذا فأنا أكتب لكم أشياء غير مقدسة، ولهذا يحق لكم دائماً انتقادها، ولهذا لم أحسب نفسي يوماً على السدنة والفقهاء الذين جعلوا كلامهم لكم مقدساً بصفتهم ورثة محمد ابن عبد الله، لكني أرى أن الآخرين لا يعاملونني بالمثل، لا يعتبرونني حرة ومسؤولة ولا يرونني شريكاً لهم في الإرث الإسلامي كثقافة عامة، لهذا أقول لهم أنني أحب أن أتمتع بما جلبته لنفسي بعد سنوات طويلة من الألم، من حرية التفكير وحرية السؤال وحقي في التشكيك ورفض التفاسير الجاهزة، ومن لم يُسغ كلامي هذا فما عليه إلا أن يتجاهلني ويهمل أي شيء يصادفه مني، وأن يحسب أن الله لم يخلقني، وستنحل المشكلة من طرفه ولا يعود يحس بأي ألم في إيمانه!
عودة لموضوع الفطرة:
أولاً: حين تحدثت عن الفطرة، رد بعض القرّاء بأن ثمة من تفسُد فطرته فلا يؤمن بالله، وهذا القول له تبعات خطيرة جداً، لكنني لاحظت أنهم يوجهّون هذا الكلام لي أنا ولا يرفعونه إلى لله، والسؤال هو كيف تكون فطرة (جبلّة ملازمة لا يطالها تبديل) وتكون قابلة للإنزياح رغم ذلك؟ ولماذا لم تنصلح فطرة المؤمنين بها أولاً!
لكن تمهلوا، إن الفطرة كما قال البعض هي الإستعداد العقلي لتقبل الإيمان بالله الواحد، لكن ماذا نفعل مع الآية 125 من سورة الأنعام (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء) والآية 177 من سورة الأعراف ( سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، فمن جانبٍ يقول لنا القرآن إن الله قد فطرنا على معرفته من غير شك، ومن جانب آخر يقول لنا إنه مع هذا قد يضللنا ويختم على قلوبنا فنكفر به، فكيف يستوي الأمرين معاً!
ثانياً: سبق أن ذكرت أن أمماً كثيرة كانت تكفر بالله، وأن الله اضطر إلى إبادتها جماعياً لأنها رفضت الإيمان به طواعيةً، والغريب أنني وجدت من ينكر قولي هذا، مدعياً بأن الله قد أخذ الأمم البائدة بسبب تضييقهم على الأخيار فقط، لكن لو أننا تدبرنا قليلاً في قوم نوح (الآيات 105 إلى 111 من سورة الشعراء) حين أخذهم الله أخذاً تسبب في إلحاق كارثة بيئية مروعة بكوكب الأرض، وأخذ معهم الحيوانات والدواب والحشرات والنباتات المسكينة، فإنه لم يكن إلا بسبب تكذيب رسالة نوح إليهم، ما ترتب عليه تأسيس مجتمع بشري وحيواني جديد، كي يُعبد الله من دون وجود أي أثر للكفر به بأي موضع، وما هي إلا أن تكرر الأمر مع ثمود قوم صالح (الآيات 61 إلى 68 من سورة هود)، الذين طلبوا منه آيةً على وجود الله، فخلق الله لهم ناقة فكذبوه وعقروها فأخذهم أجمعين، وكذا الحال مع عاد قوم هود (الآيات 65 إلى 72 من سورة الأعراف)، وهذا لأن الناس كانت تكفر بالله جماعياً وكان الله يقتلهم جماعياً، وقد تكرر الكفر الجماعي من الناس والقتل الجماعي من الله حتى زمن موسى نفسه، فاليهود كفرت برب موسى رغم ألوان العذاب التي رمامهم بها والتي لا يُطيقها بشر، رغم أنه (أي موسى) قدّم بين يديهم المعجزات الإلهية وعبر بهم البحر ونجّاهم من فرعون بمعجزة لا تقع إلا من إله قادرٍ من غير ريب!
ثالثاً: ينقسم القرّاء بشأن أسباب فساد الفطرة إلى قسمين:
القسم الأول يقول إن ذلك إنما يحدث بسبب الظروف المحيطة بالأمم أو بالناس، وهو نفس القول الذي يتكرر اليوم حين يضربون لنا المثل التقليدي بأن يكون الشخص قد ولد بوسطٍ مسيحي أو يهودي، وأن العقل حينها هو الذي يؤمن لا الفطرة، لكن هذه إشكالية أخرى أليس كذلك؟ أعني أن الأمر سيستلزم أن ينضاف للفطرة الإيمان بمحمد بن عبد الله نبياً لله وهذا غير وارد بأية الفطرة، فهل سنكون أمام فطرة سوية لو أن رجلاً ما بالقرن الواحد والعشرين، قد أُتيح له أن يؤمن بإلهٍ واحدٍ أحد لم يلد ولم يولد لكنه يرفض الإيمان بمحمد ابن عبد لله نبياً؟ أقول هذا لإن هناك عدداً من الجماعات الدينية الموحّدة التي تُخلِص العبادة لإله واحد لكنها لا تدين بالإسلام!
القسم الثاني يرمي بالأمر على الشيطان وهذه معضلة أكبر من الأولى كما أرى، فبموجب القرآن الذي أخبرنا عن قصص إبادة الأمم السابقة بسبب كفرها، يكون كيد الشيطان على ما يبدو ليس ضعيفاً لأنه أضل أعداداً غير معروفة من البشرية، وكيده هذا سيلحق حتى بأمة الإسلام إذ ستفترق أمة محمد عن ثلاثٍ وسبعين شعبة، واحدة منها فقط ستدخل الجنة والبقية ستتلظى في الجيحم! ليس هذا فحسب بل يبدو الأمر وكأننا عرضة للوقوع في الضلال بفعل الله وبفعل الشيطان معاً حتى لنبدو عٌزلاً ومساكين وسط كل ذلك، وهذا ورد بالحديث النبوي وقد رواه غير واحد ممن يثق المسلمون بهم، والحق يبدو أن هذا الحديث قد تحقق الآن، إذ لا يمر بك يوم إلا وترى المسلمين يتفرقون إلى فرقٍ وكل فرقةٍ لها نسختها الخاصة من الإسلام تحتج بها على البقية، وكل فرقة تكفّر الأخرى حتى لا تعود تعرف من المسلمة منها!
رابعاً: بمناسبة موضوع الأخلاق الذي أثاره بعض القرّاء فهل الفطرة مقدمة على الأخلاق؟ سؤالي هذا يستهدف هذه المرة رجلاً لا يؤمن بالله (فاسد الفطرة على ما يبد) لكنه يحمل قدراً كبيراً من الأخلاق النبيلة عالج بها المسلمين في غزة لدافعٍ إنساني محض وهو الطبيب الدنماركي مادس جلبرت، مقارنة بالطبيب السعودي فيصل بن شامان لعنزي (سليم الفطرة من دون شك) حين ترك عمله بالسعودية والتحق بداعش في الموصل فقَتَل وذبح حتى قُتِل لدافع ديني محض هو إقامة الخلافة وتطبيق شرع الله، وقد انتشرت صوره وهو يحمل ساطوراً يستعمل للذبح وأخرى يتزنّر فيها ببعض المتفجرات وثالثة يرفع سلاحين ناريين بين يديه ورابعة يتأبط عَلَم داعش المعروف، فكيف يستقيم الأمر الآن بين فاسد الفطرة ذاك مادس جلبرت وسليم الفطرة فيصل لعنزي وأحدهما يداوي المسلمين لأجل الإنسانية والآخر يقتلهم لأجل الله!
خامساً: وبما أننا بموضوع الفطرة ما نزال، فهل الجن أهل فطرة أيضاً!
انتظروا أنا لا أسخر فالجن مكلفةٌ بالإيمان بالله، وقد آمن نفرٌ من الجن بالنبي ودلّل على هذا كثير من الآيات القرآنية، لكن سورة الروم كلمتنا عن فطرة بنو آدم فقط لا بنو الجن! وبما أننا نتكلم عن الجن فماذا لو أن ثمة مخلوقات عاقلة أخرى تنتمي لكواكب أخرى لكنها تعرف كوكب الأرض يا ترى؟ أعني هل هي مفطورة على الإيمان بالله ايضاً؟
إن بدا هذا السؤال ـ عن الجن والمخلوقات الفضائية ـ ترفاً بالنسبة لأحدكم فإنه سيكون موضوعاً للجزء الثالث من هذه المقالة.
الخلاصة:
إن فسدت الفطرة ولا تسألوني كيف لأنني لا أعرف فهل يجب حينها أن نؤمن بالعقل؟ وإن كانت الفطرة هي العقل فكيف يستقيم الأمر ودين الله لا يُصاب بالعقول كما تقول بذلك طائفة من المسلمين، سيما أن الإيمان بالله نفسه لا يستلزم العقل بل يستلزم محض التسليم؟ ونحن كيف يجب علينا أن نؤمن بالضبط؟ بالفطرة؟ أم بالعقل؟ أم بالفطرة والعقل معاً؟ وماذا لو خالف العقل الفطرة؟ وماذا وهدايتنا بيد الله وحده بنهاية المطاف؟ وماذا أيضا وضلالنا يتحقق من الله والشيطان معاً بنفس الوقت؟ وهل أسئلتي هذه حرام؟!
يتبع ...
وفاء البوعيسي



#وفاء_البوعيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاهيم سيئة السُمعة (5) الإسلام صالح لكل زمان ومكان
- مفاهيم سيئة السُمعة (6) الإسلام صالح لكل زمان ومكان
- مفاهيم سيئة السمعة (5) الإسلام هو الحل
- مفاهيم سيئة السمعة (4) الإسلام السياسي
- مفاهيم سيئة السمعة (3) ثوابت الإسلام
- مفاهيم سيئة السمعة (2)
- المرأة والدين
- مفاهيم سيئة السمعة
- على هامش مقالات الإسلام ليس منهم براء
- الإسلام -ليس- منهم براء (2)
- الإسلام -ليس- منهم براء (1)


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر ...
- برنامج الأغذية العالمي يدعو لوقف إطلاق النار في غزة: السرعة ...
- هل يصوت مجلس الأمن لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المت ...
- ترجيحات بتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- السلطات الفرنسية تطرد مئات المهاجرين من العاصمة باريس قبل 10 ...
- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم
- عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في ال ...
- زاخاروفا تدين ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بلسانه
- 2.8 مليار دولار لمساعدة غزة والضفة.. وجهود الإغاثة مستمرة
- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم ( ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وفاء البوعيسي - مفاهيم سيئة السمعة (6) الإسلام صالح لكل زمان ومكان الجزء الثاني