أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - تسعة أشهر، الجريمة مستمرة والمجرم معروف















المزيد.....

تسعة أشهر، الجريمة مستمرة والمجرم معروف


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4571 - 2014 / 9 / 11 - 14:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


انقضت 9 شهور على اختطاف سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمادي على يد مقنعين في دوما في الغوطة الشرقية. وبينما لم يتح لأي من ذوي المطوفين الأربعة الاتصال بهم أو الاطمئنان عليهم، فإننا نعلم علم اليقين من هي الجهة الخاطفة أو مُنظِّمة الخطف، وعند من أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالأربعة، ونعرف بالاسم الشخص الذي دخل على كمبيوترات سميرة ورزان ووائل وناظم، ونعلم يقينا أنه مقرب من قائد ميلشيا نافذة في دوما والمنطقة، وأنه أغلق صفحته على فيسبوك حين علم أننا علمنا بأمره. وكان قد جرى إبلاغ قائد الميليشيا المعنية شخصيا بالأمر، فكان أن تستّر على تابعه بدل أن يبادر فورا إلى كشف الحقيقة وتحرير المخطوفين.
هذه معلومات قطعية، وليست تخمينات.
جدير بالذكر أن قائد الميليشيا المذكورة كان قد حلف الإيمان المغلظة مرارا، نافيا أن يكون المخطوفون في أيدي جماعته!
وعلى كل حال أقر مقربون من الميليشيا إياها قبل شهور أنهم يعرفون أين الأربعة، لكنهم لن يساعدوا في تحريرهم لأن أهل المخطوفين أساؤوا لتلك الميليشيا بإعلان اشتباههم بمسؤوليتها عن خطف أحبابهم! في أحسن الحالات هذا منطق كيدي غير مقبول ممن يعمل في قضية عامة، لكن نعلم أننا حيال أسوأ الحالات: الجماعة يكذبون ويتسترون، ويبتزوننا بأحبابنا المخطوفين كي نسكت عنهم.
لن نسكت.
ومؤخرا أعلن قائد التشكيل الميلشياوي إياه أن تحقيقات جماعته وصلت إلى "طرف خيط" بخصوص المخطوفين، ولوّح إلى "اتجاهات خارجية" لها ضلع بالواقعة، هذا قبل أن يُسهِب في نصح سائليه بأن يهتموا بمصير "نساء المسلمين" المعتقلات عند النظام، مستغربا ما رآه اهتماما مبالغا فيه بمصير "رزان زيتونة وأصدقائها"!
وخلافا لما زعم الميليشاوي إياه، فإن معلوماتنا الأكيدة أنه لم يجر وقت الاختطاف وطوال شهور بعده أي تحقيق في جريمة الخطف، ولم يبدِ التشكيل المومأ إليه، وهو سلطة الأمر الواقع النافذة في دوما، أي اهتمام بالواقعة، ولم يجر تفحص المكتب الذي اختطف منه الأربعة، ولم تُجمع أية أدلة.
كان التنصل منذ البداية سيد الموقف، وطالب مقربون من التشكيل المذكور من فاتحوهم بالأمر دليلا على أنهم هم الفاعلون. لكن هذا منطق مقلوب. فالمفترض أن تؤمن سلطة الأمر الوقع الأدلة على ما ارتكب من جرائم في نطاق سلطتها، وأن تقوم هي بالتحقيق، لا أن تطلب من المهددين بسطوتها والعاجزين عن القيام بتحقيق مستقل أن يقدموا لها الأدلة!
وزايد ناطق باسم الميليشيا في اتصالات معه، وأنكر، خلافا للواقع، أن لجماعته أية قوات وأجهزة أمنية في دوما، وزعموا أن عملهم الوحيد هو "تحرير المدن من الطغاة"!
إلى ذلك، ليست دوما تلك المدينة الكبرى، ويتعذر إخفاء أربعة أشخاص دون أثر طوال 9 شهور إلا إذا كان من يفترض بهم توفير المعلومات عن الجناية هم الجناة، وفقا لسُنّة أسدية مُجرّبة.
ومعلوم بعد هذا كله أن الجهة المشتبه بها اختطفت غير مرة أشخاصا، واضطرت للإفراج عن بعضهم بفعل تدخلات وضغوط تعرضت لها. منهج خطف من لا يروقون لها من الناس ليس غريبا عن سياستها وعن قيم قادتها.
تُذكِّر واقعة الخطف وتغييب المخطوفين بحال المخطوفين عند داعش مثل فراس الحاج صالح والدكتور اسماعيل الحامض والأب باولو دالوليو وابراهيم الغازي وآخرين. وهو ما يكشف التكوين الداعشي للميليشيا الخاطفة للأربعة في دوما، ووحدة حالها وأخلاقها مع حال داعش وأخلاقها من وراء تخاصم سياسي لا مبادئ فيه ولا قيم.
وليس بعض ما ذكرنا من معلومات وتقديرات على الأقل مجهولا من هيئات في المعارضة الرسمية، وإن فضل الجماعة الصمت، رغبة أو رهبة أو قصر نظر. وهذه مناسبة للتعبير عن أشد الإدانة للائتلاف والقوى المؤتلفة فيه وحكومته ورجاله، ليس فقط لأنهم يعرفون ويسكتون، ولكن لأنهم كذلك أظهروا ضمورا في الحس الإنساني وعجزا عن التضامن والتعاطف مع أسر المخطوفين، بما يكفي ويزيد للقول إنهم لا يُستأمنون على قضية شعب.
لقد انقضت شهور طويلة دون أن يحركوا ساكنا، أو يكلفوا أنفسهم متابعة القضية، أو ينظروا في آلية قانونية لاتهام الفاعلين المحتملين وإمكانية جلبهم للمحاكم يوما، أو حتى إطلاق تصريحات تجدد إدانة الجناة وتذكر بالقضية وتتعهد بعدم النسيان.
لقد ترك على عاتق أهالي المخطوفين الأربعة أن يتابعوا وحدهم قضية عامة دون ريب (وإن كانت تخصهم مباشرة أكثر من غيرهم)، وهذا بينما هم يفتقرون إلى وسائل مادية أو سياسية للتأثير، ولم تعرض عليهم أية مساعدة قانونية أو سياسية أو على مستوى المعلومات من قبل تلك الجهات.
إن الموقف من قضية مخطوفي دوما الأربعة هو معيار أساسي الموقف من الثورة وقيمها المُحرّكة، والقضية السورية ككل، ولا يمكن لمن لا يبالي بهذه القضية أن يبالي حقا بآلام الشعب السوري، ولا لمن يسكت على خطف وتغييب ناشطين عزل أن يكون سندا في الكفاح ضد نظام الإجرام الأسدي، أو أن يشغل موقعا أخلاقيا يُمكِّنه من الدفاع عن "نساء المسلمين" المعتقلات عند النظام.
من يجهل الدور الهائل الذي قامت به رزان زيتونة قبل الثورة في الدفاع عن معتقلين مختلفين، بمن فيهم جهاديون أمام محاكم النظام، ثم دورها المتعدد المستويات أثناء الثورة، في التنظيم والتغطية الإعلامية والإغاثة والتوثيق عبر "لجان التنسيق المحلية"، ثم عبر "مركز توثيق الانتهاكات". رزان أكثر من أي شخص آخر ضمير الثورة السورية، وتغييب رزان هي تغييب لضمير الثورة، أو هو مساهمة في جعل الثورة بلا ضمير مراقب ومحاسب.
ومن يجهل أن سميرة عارضت النظام الأسدي في طوري الآب والابن، ودفعت قبلُ 4 سنوات من عمرها في سجون حافظ الأسد، قضتها، ويا لسخرية القدر، في سجن النساء في دوما نفسها! سميرة أكثر من أي شخص آخر تمثل استمرارية كفاح السوريين خلال جيلين، بقدر ما تجسد في شخصها ونضالها ومسار حياتها العمومية لوطنية لكفاحنا وقيمه التحررية.
وطوال شهور الثورة أسهم وائل وناظم في صون كرامة ما لا يحصى من الأسر وإيصال مواد عيش لمحتاجين في المناطق التي تعرضت لأشد وطأة عدوانية النظام، ومنها مناطق الغوطة الشرقة ذاتها. هذ فضلا عن دورهما في الأنشطة الاحتجاجية منذ وقت باكر، وفي التنسيق وتبادل المعلومات عبر شبكة تغطي البلد ككل: "لجان التنسيق المحلية".
قضية سميرة ورزان ووائل وناظم لن تُنسى ولن تموت. إنها تمثل تلخيصا لقضيتنا العامة وتكثيفا لمنبعي العدوان والطغيان التي يعاني منها بلدنا، منبع الفاشية الأسدية، ومنبع القوى الدينية المتشددة. وإن في إبقاء قضية الأربعة ومنع النسيان من التسرب إليها واجبا شخصيا وعاما لا يعلوه واجب.
والأمل معقود على مقاومي الطغيان المخلصين ألا يتركوا المجرمين يهنؤون بجريمتهم، وأن نعمل معا على إبقائهم تحت الضغط، وإبقاء صورة الأربعة حاضرة كعنوان أساسي لكفاحنا ضد الطغيان الأسدي كما ضد طغاة صغار جدد، يعبدون السلطة على الناس بقدر ما يعبدها النظام الأسدي.
نستطيع جعل الأربعة رمزا عالميا للحرية ولثورة السوريين من أجل الحرية والعدالة، وخاطفيهم رمزا عالميا للجريمة والعار. وسنعمل بكل وسعنا من أجل ذلك.
سنعمل كذلك على أن لا تتقادم القضية، أن تبقى متجدة وحية على أجندة المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية بوصفها رمزا عالميا. لسنا ضعفاء، وإن تكن قوتنا مختلفة، الآن، عن قوة أهل السلطة والسلاح والمال.
ولذلك نختم بنصيحة للخاطفين: لا تستهينوا بنا، لسنا ممن يسكتون على حق هو حقهم الخاص وحق مواطنهيم ووطنهم. ولا تستهينوا بدأبنا وصبرنا وطول بالنا، وبفاعلية أدواتنا في العمل. ولا تظنوا أننا يمكن أن نخضع للابتزاز، أو أنكم تستطيعون إسكاتنا. وحده تحرير الأربعة، الآن، يوقف الضرر الكبير الذي ألحقتموه بنا، والضرر الكبير الذي ألحقتموه بقضيتنا العامة، ويحد من الضرر الكبير الذي نعمل على إلحاقه بكم، ولن نتوقف.
أطلقوا سراحهم الآن!



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث مستويات لمواجهة داعش
- حوار/ سين وجيم بخصوص داعش وسورية والعلمانية والحرية
- في الضعف الفكري للاعتدال الإسلامي
- موجة الكتاب السوريون الجدد، بداية ونهاية
- الإسلام، الإسلاميون، والعنف/ نظرات في شأن العلاقة بين دين ال ...
- حوار: سورية، الثورة،النظام، الطائفية، الإسلام والإسلاميين
- في وداع أليسار إرم
- ساقان قويتان للانحطاط: تهميش العدالة وتغييب الواقع
- من أجل مفهوم لحركة تحرر وطني سورية جديدة
- تفكك الدولة السلطانية والتحرر السوري
- أخلاق مقابل لا أخلاق أم صراع بين أخلاقيات؟
- من البعث إلى داعش، عالم مشترك
- مملكة إسرائيل ومملكة الأسد في مواجهة عالميهما الثالثين
- عن المثقف والثورة
- بناء القضية السورية
- عن -هامش-، وعن -بلدنا الرهيب-/ حوار
- خلافة داعش: تبقى، على ألا تتمدد
- المنابع الإسلامية السنية للطائفية في سورية
- الخلافة، الخليفة، و-خلافو-
- ثلاثة أشكال للطائفية في المشرق


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - تسعة أشهر، الجريمة مستمرة والمجرم معروف