أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء عبد الهادي - في المسرح العربي والتأصيل















المزيد.....

في المسرح العربي والتأصيل


علاء عبد الهادي

الحوار المتمدن-العدد: 4570 - 2014 / 9 / 10 - 08:33
المحور: الادب والفن
    



يظل خطاب تأصيل المسرح العربي, والبحث في بداياته, فضاء تشتعل فيه الإجابات بأسئلة يثيرها الكثير من الأحكام الجامعة التي وردت في كتابات عدد كبير من المنظرين المسرحيين الذين شككوا في وجود مسرح عربي قبل مسرحية مارون النقاش "البخيل" في عام 1847م, وقد كانت هذه الأحكام وجه العملة الثاني لما ورد في خطاب من أرادوا أن يثبتوا وجوده قبل عام 1847م, وذلك دون درس عميق لمفهوم المسرح, وشعرياته المتعددة من الفريقين..
من المنطقي أن نقول إن هيمنة النظائر المسرحية القائمة على تقاليد المسرح الغربي, لا تعني غياب نظائر مسرحية عرفتها الشعوب المختلفة بثقافاتها المتنوعة, وتقاليد فرجتها المحلية, يشدنا هذا الفهم إلى أهمية الانتباه إلى الفروق بين المكونات البنيوية في الظاهرة موضوع الدراسة, والمكونات الجمالية فيها, في قضية النوع الأدبي أو الفني, وصناعاته بخاصة, أو ما يعرف الآن في الدراسات النقدية بالشعريات المسرحية المقارنة.
المسرح ظاهرة عرض, أي أنه لا يتحقق إلا من خلال وسيط, وسيط المسرح الذي يتحقق من خلاله هو علاقة في الفضاء, فإذا ما عرفنا المسرح من خلال مصطلحات أدخل في العلم منها في غيره, لقلنا إن أية علاقة مسرحية ستشير -ضرورة- إلى طاقة فيزيائية مستهلكة في الفضاء, عبر الحركة, والصوت, والإضاءة.. إلخ. سواء حدث هذا من خلال علاقات بين إنسان وآخر, أو بين إنسان وأشياء, أو بين أشياء وأشياء أخرى, وذلك في زمان ومكان محددين, وهي علاقة لا تقوم إلا في فضاء ثلاثي الأبعاد.
يعني هذا أن أي تحقق فرجوي في فضاء ثنائي الأبعاد (س, ص) لا يعد مسرحا. فخيال الظل على سبيل المثال لا يُعد مسرحا, أو ظاهرة عرض مسرحي, إلا إذا قام العارضون بتقديمه فوق خشبة مسرحية, وفي هذه الحالة لا يشاهد المتلقي أحداث قصة يرويها لاعب خيال الظل مستخدما شاشة ثنائية الأبعاد فحسب, ولكنه يتفرج على اللعبة كلها, الشاشة واللاعبين معا, وهذا ما يفسر رأي فقهاء مسرح عديدين بأن المسرحيات التي تُعرض مصورة على الشاشة المرئية, ليست مسرحا, فالجمهور هنا على الرغم من كونه يشاهد عملا دراميا, فإنه لا يشاهد عملا مسرحيا..
أما المكون النووي الثاني للنوع المسرحي فهو أن يستقبل جمهور ما, شبكة العلاقات في هذا الفضاء, بصفتها ممثلة لعالم خيالي, وإن لم تكن في ذاتها كذلك, أي أن جمهور المشاهدين لدراما واقعية قد تخلقها المصادفة في فوضي الشارع المصري اليوم على سبيل المثال, لن تكون مسرحا, على الرغم من كونها لها بداية ووسط ونهاية وحبكة وصراع, وذلك لأن الجمهور سيتعامل معها بصفتها حقيقة واقعة, وهذا ما يفقده حس الفرجة الفنية, ويحرمه جماليات التأويل والتلقي المسرحيين, أما لو شاهد الجمهور الحادثة نفسها في عمل مسرحي, فإن اقتناعه المبدئي بأن ما يراه على الخشبة ليس سوى خيال, سيكون كافيا كي يتحقق فعل مسرحي, مهما تلون هذا الفعل بأي سلوك حقيقي من الممثل في الأداء, ذلك لأن الجمهور سيظل من خلال وعيه الفني متمسكا بالتعامل مع ما يراه بصفته علامة مسرحية, وبصفته تمثيلا, حتى لو لم يكن في ذاته كذلك.
إن هذا الاعتقاد المسبق للجمهور بأن ما يراه يمثل واقعا خياليا ممكنا, لكنه ليس الواقع المعرف بالألف واللام, في فضاء ثلاثي الأبعاد, أي في فضاء وليس مساحة, شرط لازم كي يتحقق حضور النظير المسرحي. يؤكد هذا التناول اليسير لمفهوم المسرح, أن المسرح ظاهرة عرض في أساسه, من هنا كان خطأ من ترجموا عنوان كتاب "بيتر بروك" الشهير إلى "المساحة الفارغة", ذلك لأن المساحة لها بعدان أي أنها فارغة بالضرورة, والصحيح أن تكون الترجمة هي الفضاء الفارغ..
على أية حال, يمكن من خلال القراءة السريعة لأهم المحاولات التي حاولت التأصيل لبدايات المسرح العربي في تراثنا وموروثنا العربيين سواء على مستوى الإثبات أو مستوى النفي, أن نقول إن عددا كبيرا من هذه الدراسات قد استلهم -عند التنظير- وعيا جماليا يقع في خارج الوعي التاريخي لفنون فرجتنا, وتراثنا أو موروثنا العربيين, وفي خارج صرامة التحري النقدي الذي كان يستلزم الفصل بين البنيوي والجمالي في مفهوم العمل المسرحي, وقد ظهر هذا العيب في معظم الدراسات أو المقالات التي رفضت وجود المسرح والدراما العربيين قبل مارون النقاش.
وكان غياب الانتباه إلى إشكالية العرض الكامنة في بعديه: نص الدراما/ نص العرض, من العيوب المنهجية المهمة في خطاب التأصيل, فوقع الخلط بين النصين عند إطلاق الأحكام التي حاولت إثبات وجود مسرح عربي سابق على استنبات المسرح وفق شكله الغربي في تربتنا العربية, فقام عدد من الأحكام النقدية على أساس أن وجود نصوص درامية في تراثنا العربي دليل على وجود المسرح, هكذا تعامل عدد من النقاد مع عدد من النصوص التراثية التي تحمل في جنباتها سمات درامية والتي لم يكن لها أي تحقق مسرحي, بوصفها دليلا على معرفة العرب للفن المسرحي, وكأن الوجود بالقوة يعادل الوجود بالفعل, فدخلت النقائض ومجالس الشعر, وبعض النصوص الدينية, والمقامة وغيرها إلى هذا الحقل. وأشهر مثالين لهذا كتاب علي عقلة عرسان "الظواهر المسرحية عند العرب, وكتاب عمر الطالب "ملامح المسرحية العربية الإسلامية".
على جانب آخر, لم تتحر معظم هذه الدراسات البحث في فنون الأداء على نحو كلي على مستوى العالم العربي, وعلى الرغم من صعوبة تحقيق ذلك على نحو شامل, فإن تحري القيام به كان كفيلا بسد الكثير من الفجوات التي اعترت معظم هذه البحوث, هكذا جاء التعامل مع النظير المسرحي العربي على نحو جزئي, لم يهتم بالتقصي الشامل للظاهرة موضوع البحث, بل خضع إلى الاختزال والانتقاء..
كما خلط عدد من هذه الدراسات -عند الحكم النقدي على الفنون الأدائية- بين الأداء الفني الذي يُستَقبَل بوصفه عالما ممكنا وخياليا, وفنون الأداء الواقعية التي تنظم طرائق ممارستها قيود دينية أو احتفالية, مثل مواكب الملوك, أو الاحتفالات الدينية, أو الحضرة الصوفية, أو الزار الشعبي, ونجد الميل ذاته عند المنظرين الذين حاولوا إثبات وجود المسرح من خلال نصوص تبدو درامية في التراث الفرعوني مثل اجتهادات كورت زيته, وإتيين دريوتون وغيرهما.
أما على مستوى الأعمال التي تنتمي إلى وسيط كتابي, فقد قام عدد من المسرحيين والنقاد بإعدادها, وتحقيقها أحيانا, في خارج بنيتها الجمالية التاريخية, مسقطين عليها جماليات فنية, وسمات نوعية للدراما الغربية, ومتناسين أنهم بذلك قد أخرجوا هذه الأعمال من محيطها الثقافي, النوعي والجمالي, بعد أن تدخل في جسدها الفني وعي خارج وعيها التاريخي, وذلك مثل النص الذي أعده "محمد عزيزة" من نصوص التعازي الشيعية. كما تدخل عدد من النقاد بالتعديل, والحذف, والإضافة, على نصوص أصلية, إما لتنقيتها مما شابها من خروج عن الآداب العامة, أو لإثبات قدرة هذه النصوص على الوصول إلى نص درامي متكامل –على منوال التقاليد الدرامية الغربية- من أجل إقامة الدليل على وجود دراما عربية, أو مسرح عربي, وذلك مثل ما فعله إبراهيم حمادة في بابات ابن دانيال, وهو سلوك لا يمثل خطأ علميا فحسب, بل يصل إلى درجة الإثم, على الرغم من أن وجود نصوص درامية عربية لا يثبت بأية حال وجود مسرح عربي!
أما أهم العيوب المنهجية في هذه الدراسات فظهر في النتائج التي جاءت سابقة لمقدماتها, حيث بدأت هذه الدراسات تنظيرها وفي نيتها إثبات وجود مسرح عربي يسبق التاريخ المعتاد الذي يعود بنشأة المسرح العربي إلى عام 1847 م, وهو تاريخ دخول أول مسرحية إلى عالمنا العربي على يد مارون النقاش, وبداية وقوع فنون فرجتنا التي ينتمي بعضها إلى المسرح تحت ظل جماليات المسرح الأوروبي, وللكتابة بقية
* (شاعر ومفكر مصري)



#علاء_عبد_الهادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المسرح العربي وخطاب التأصيل
- في نفي وجود الدراما في التراث العربي
- جائزة نوبل للآداب: -في نقد المركزية اللغوية الغربية-
- الترجمة والتعريب
- اللغة والقوة
- في الهوية القومية والهوية الفردية
- الترجمة الآلية وتأثيراتها 2-2
- الترجمة الآلية وتأثيراتها 1-2
- الإيقاع في قصيدة النثر 3 /3
- الرقابة بين حريتين؛ الجميل والقبيح
- الإيقاع في قصيدة النثر 2 /3
- الإيقاع في قصيدة النثر 1 /3
- قراءة ميتا- نقدية عن كتاب -في الواقعية السحرية- لحامد أبو أح ...
- حق الأرض وحق الإنسان
- هل نحتاج إلى وثيقة جديدة لحقوق الإنسان!
- حول الهوية والثقافة
- تهافت الخطاب النقدي في كتاب زمن الرواية- جابر عصفور نموذجًا ...
- الترجمة وفكرة الأصل
- كرة القدم والهوية
- الترجمة, والثقافة العربية


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء عبد الهادي - في المسرح العربي والتأصيل