أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى الصوفي - الفيس بوك والحرب الاهلية في العراق















المزيد.....

الفيس بوك والحرب الاهلية في العراق


مصطفى الصوفي

الحوار المتمدن-العدد: 4569 - 2014 / 9 / 9 - 16:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد لا يتفق معي الكثير بهذه التسمية الصريحة لما حدث و يُحدث في العراق، فمن المفضل على الواقعية هو ان تقوم بتغطية الامور وتتجاهل حقيقة الصراع الذي يدور على الاراضي العراقية او في المنطقة بصورة عامة بكونه صراع بين فئتين وحرب اهلية الى كونه حرب القانون ضد الارهاب .
حتى وان اتفقنا على ذلك لكن واقع الحرب الاعلامية التي تدور رحاها في عالم الفيس بوك الافتراضي -الذي اصبح ميدانا يعزز من التحشيد الثقافي والاجتماعي الداعي للعنف لدى كل الاطراف- ينقل رؤية مختلفة عن كونها حرب (قانون ضد ارهاب) . قبل ان ندخل في تفاصيل الاحداث علينا ان نفهم كيف هو تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الناس، فالمواقع الاجتماعية بطبيعة قوانينها وانفتاحها وفرت فضاء رحب من الحرية الفكرية والثقافية بالإضافة الى امكانية الاستعانة بأسماء مستعارة توفر مساحة اكبر من عدم التقيد بشيء مما يقيدك بك الواقع ، مما يمكن اي شخص يقول اي شيء سواء باسم طائفة او جماعة ، وفرت المواقع الاجتماعية ايضا مساحات كبيرة في التأثير على الوعي الجمعي والذي يؤثر بشكل او بأخر على طريقة تفكير الافراد على ارض الواقع ، وليس من العجيب ان نرى هذا الاستغلال الواسع في تلك المواقع لأثارة مشاعر الحقد والكراهية تجاه فئة من الناس . مما منح اصحاب الأيدولوجيات السياسية -خصوصا تلك المحضورة عالميا بسبب تبنيها لخطابات متطرفة داعية للعنف- استخدامه كوسيلة اعلامية مفتوحة غير مراقبة وواسعة التأثير للتحشيد عن طريق التحريض المذهبي او نشر الصور التي تثير الرعب والقلق والخوف لدى المدنيين الذين سيتأثرون بتلك المشاهد والصور وسيلتفون حول مجموعة ايدلوجية تنتمي الى مذهبهم للدفاع والحفاظ على حياتهم وانفسهم .

برز رأس فتنة الحرب الاهلية مع ظهور مفهوم المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب السياسية في العراق ، ومع كل مشكلة سياسية واحتقان تحت قبة البرلمان كانت بغداد تهتز بالانفجارات وينتشر المسلحون بعدها في شوارع العاصمة للتصفية والانتقام من الطائفة الاخرى . ووسط الفوضى السياسية وسوء واقع الخدمات والفساد الاداري ظهرت العديد من الصفحات الاجتماعية السياسية ، ابرزها تلك الداعية للتظاهر والمطالبة بالحقوق المدنية للعراقيين ، ومع مرور الوقت ظهرت صفحات تدعوا للثورة والتمرد على الحكومة بالتزامن مع المظاهرات السنية في ساحات اعتصام الجمعة في المدن السنية لتكون صفحة (الثورة العراقية الكبرى) هي المروج الاساسي لهذا الحدث لتنتقل الفكرة الى صفحات اخرى وتكون لكل مدينة ساحة وصفحة الكترونية تتحدث عن تلك القضية، صارت ساحات الاعتصام نقاط ثابتة لأداء طقس اسبوعي – مستغله صلاة الجمعة وخطبتها- استمر على مدى فترة طويلة قبل ان يتوقف بعد سيطرة داعش على ثلث مساحة العراق ، كانت المطاليب الاساسية تتمثل في اعتراضات على سياسات حكومة المالكي التي تجاهلت الموضوع و اعتبرت المتظاهرين (مجرد فقاعة) لا يستحقون حتى النظر في قضيتهم و مطالبهم واتهمتهم بكونهم (بعثيين) و (صداميين) مما جعل الاخرين يدخلون على الخط بالفعل مستغلين السخط الاجتماعي- بالإضافة الى الرؤية التي تميل بكون فترة نظام حزب البعث فترة افضل من الفترة الحالية- الذي بدأ بالتصاعد وتحول الى غضب ناقم على الاداء الحكومي الطائفي و التجاهل الاعلامي والثقافي مما عزز من وصول العديد من المتطرفين الى منابر تلك الساحات و عزز ايضا من انتشار الصفحات الاجتماعية التي تتبنى الخطاب المتطرف الداعي لاستخدام السلاح و منطق الاقصاء في نداءات اثارت حفيظة الشيعة الذين لم يكونوا ليتفقوا مع من يستخدم (رايات حزب البعث ،صور صدام حسين) او من ينشر خطابات تحرض على تصفية من يلقبهم بالصفويين او القوات الصفوية مع تلميحات طائفية و تهديدات بالإبادة الجماعية والوصول الى بغداد لتطهيرها !.

بالتأكيد ان هذا الامر لم يكن بعيدا عن استغلال الطبقة السياسية السنية التي لن تكون اقل استغلالا للصراع الطائفي من الطبقة السياسية الشيعية التي وصلت للحكم تحت شعارات (الدفاع عن المذهب ، في سبيل العقيدة ، حتى لا يعود البعثيون) ، لان تلك الطبقيتين لم تكونا حلفتين الا حين التقاء المصالح المشتركة وهما بارعتان في التحشيد الطائفي والمذهبي الذي لولاه لما استطاع اي سياسي اسلامي مذهبي في الوصول الى اي كرسي ومنصب ! .
استمرار التصعيد والغضب الاجتماعي بين الطرف السني والشيعي الذي تخندق كل منهما حول مقاتلين المذهب الديني بحجة الدفاع عنه ، الطبقتين تمتلك من الاقلام المتهورة ما يكفي لتكتب وتنشر وتحرض على المزيد من التصعيد والاحتقان الاجتماعي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي او المواقع الالكترونية الاخرى . حتى انفجر الوضع بشكل كبير في حادثة الحويجة الشهيرة ، في يومها كنت ادخل الى مكتب استعلامات الكلية في جامعة تكريت وفاجئني تجمهر العديد من الزملاء و موظفين كليتي امام شاشة التلفاز وهي تنقل الانباء عن حادثة الحويجة ودخول قوات "سوات" المعروف بولائها و قيادتها المباشرة (للسيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق حينها) الى داخل الساحة وقتلها العديد من المدنيين لرفضهم الانصياع والتحرك من مكانهم ومغادرة الساحة او السماح للقوات الامنية بدخولها ،حدث ما حدث بعد حصار استمر ل 4 ايام بعد مقتل عدد من الضباط والجنود واتهام المتظاهرين بإخفاء من قام بهذه العملية الاجرامية .

اهتز الوسط الاجتماعي السني لما حدث واعتبر الامر اهانه للمكون و استهداف متعمد ومحاولة لتكميم الافواه ، في المقابل بقي غالبية الشيعة في جانب الرافضين لتلك المظاهرات وما تطالب به و اكتفى البعض الاخر بالصمت او بالقبول على ما حدث بحق المدنيين المتهمين بإخفاء مجموعة من الارهابيين في ساحة الحويجة ولم يجرم الامر سوى اقلية طالبت بأنصاف الضحايا واهاليهم مع التذكير بكون تلك القوات كانت ولا تزال تحت تأثير سياسي مباشر وتتحرك وفق مزاج صاحب القرار الاول في الحكومة العراقية الذي حرك نفس القوات-سوات- اكثر من مرة لضرب ومعاقبة متظاهرين ساحة التحرير من دعاة المدنية الذي كان ابرزهم الشهيد هادي المهدي !.

بعد شهور من تلك الحادثة بالتزامن مع اقتراب الانتخابات اطلقت حكومة المالكي عملية سميت بعملية (ثار القائد محمد) لتمشيط صحراء محافظة الانبار العراقية على الرغم من تشكيك الكثيرين بنوايا تلك العملية و اعتبارها عملية مسيسة لصالح التحشيد الانتخابي لصالح دولة القانون وزعيمها نوري المالكي بحجة كون العملية متأخرة كثيرا على موعدها و قريبة جدا على موعد الانتخابات ، ومع تحفظ كبير ايضا على كونها ستستخدم للضغط على معارضين الحكومة و جمهورهم في المناطق السنية .
استمرت العملية العسكرية وانتهت بكارثة اقتحام ساحات التحرير في الرمادي لتبدأ بعدها موجة من الغضب العارم على مواقع التواصل الاجتماعي تكرار الرأي الاجتماعي بين مؤيد وبين رافض وبين من يشعر بمزيد من الظلم ومن يقوم بالتحريض على حمل السلاح ومحاربة الدولة وبين من يتشفى بمن يصفهم بالإرهابيين !.

تبنى غالبية مثقفين الشيعة –على صفحاتهم- مبدأ تخوين كل من لا يوافق على العمليات العسكرية في الانبار باعتباره (داعشي وان لم ينتمي) و وصل الامر لتخوين وشتيمة من يشكك في نوايا الحكومة ، في حين التف مثقفون السنة حول فكرة انهم مستهدفون كطائفة و كمعارضين لسياسات الحكومة التي تقصي مكونهم الاجتماعي والمذهبي .

10 سنوات من التفجيرات والقتل والتصفية واستهداف المناطق الشيعية و صناعة الاعلام الطائفي على الفضائيات- مثل الوصال وغيرها- كان كافية لصناعة وعي اجتماعي شيعي غاضب يبحث عن وسيلة للانتقام عن من سبب كل هذا، وما ان وضعت الحكومة اهالي المناطق الغربية في قفص الاتهام بعبارات روج لها الكثير من المثقفين مثل( تجفيف منابع الارهاب ، الحواضن) لتتحول بعدها القيادة السياسية (التي اجادت اللعبة)من موقف المؤسسة التي تعاني من فساد الى موقف المدافع عن المدنيين والمحافظة على ضبط الامن والقانون (وبصراحة هذه قضية حق يراد منها باطل) فمن جانب تبنى الحكومة ما تسمية (الحرب ضد الارهاب) ومن جانب تستخدم العمليات العسكرية للضغط على خصومها من السياسيين و معاقبة الفئات التي عارضت او شاركت او كانت فيها ساحات الاعتصام .
سته شهور تقريبا بين بداية عملية وادي حوران في صحراء الانبار التي تحولت الى حصار مدينة الفلوجة و دخول لمقاتلين داعش الذين وجدوا ارض خصبة و بيئة اجتماعية تتقبل وجودهم نكاية بالحكومة ومن يمثلها قبل ان ينهار الجيش امام تقدم داعش من جهة الموصل ومن ثم الى صلاح الدين حتى قضاء بلد الذي تصدى الاهالي لهجومهم بعد تسرب العديد من مقاتلين لواء 17 خوفا من المواجهة .

وحتى الاسابيع الثلاث الاولى من تقدم داعش كان ولا يزال سواد المجتمع السني يعتقد بان ما يحدث هو ثورة شعبية ضد حكومة نوري المالكي في حين يرى سواد الشيعة ان ما يحدث هو اعتداء ارهابي وتهديد لوجودهم . قبل ان تفرز الامور وتتضح الجهات التي قامت باستغلال الاحتقان السياسي و الارهاق في صفوف القوات الامنية في المناطق المعارضة للحكومة والتي لا ترحب بتواجدها .

بقيت غالبية مواقع التواصل الاجتماعي وحسابات الفيسبوك التي تعود مثقفين واعلامين منابر ملتهبة بالخطاب المحرض على المزيد من التصفية والانتقام والتدمير والتخوين والاساءة والدعوة للالتفاف حول الطائفة والمذهب و الادلجة المذهبية الطائفية او القومية ، وصناعة المبررات للأخطاء العسكرية وعمليات القصف العشوائي على الابرياء وجرائم قتل الاسرى والتمثيل بالجثث وحرقها بالإضافة الى الترويج للفصائل المسلحة الخارجة خارج الدولة تحت شعارات الدفاع ضد داعش او الدفاع ضد مليشيات الصفويين والحكومة العميلة .
في حين بقي الخطاب المتعقل الداعي الى المدنية وسيادة القانون فوق الجميع وتجريم الجرائم وعدم تبريرها نادر الوجود وغير مقبول من الطرفيين ، بل حتى لا يكاد ان يحصل على جمهور متقبل له وسط حمى الصراع الطائفي الذي اصبح الخوض مهنة تدر الكثير من الارباح على الكثير من الاقلام والصفحات على المواقع الاجتماعية ..



#مصطفى_الصوفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة في فهم طبيعة العلم - الثانية
- رحلة في فهم طبيعة العلم
- لا عدالة الجريمة والعقاب
- الشيوعيون الاسلاميون و البيره الاسلامية
- دوغما الاعتدال الاسلامي
- تأملات في زمن الخوف
- لماذا -الشسمه - وليس فرانكشتاين ؟ : قراءة في رائعة احمد سعدا ...
- لماذا ننقد الموروث ؟.
- نرجسية الانتماء و مصالح الزعماء
- تخالفني فأنت من الطائفة
- اليهود و القصص البابلية : نوح و اساطير اخرى
- الاخلاق : الماركة المسجلة بأسم المؤمنين
- الذكاء هل هو صفة ذكورية ؟.
- لماذا يعتبر الباراسايكولوجي علم زائف ؟.
- التحرش الجنسي اساسيات المشكلة والحلول مع الباحث الاجتماعي وا ...
- التحرش الجنسي اساسيات المشكلة والحلول مع الباحث الاجتماعي وا ...
- حائط الاخطاء : مغالطات في طريقة التفكير .
- ايها المتدينون الى اين بالعراق ؟.
- التطور البايولوجي : نظرية علمية
- المؤمن بالمطلق : ازدراء الدين


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى الصوفي - الفيس بوك والحرب الاهلية في العراق