أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال الحسين - الإنتفاضة الشعبية بالريف بالمغرب من أجدير إلى تماسينت















المزيد.....

الإنتفاضة الشعبية بالريف بالمغرب من أجدير إلى تماسينت


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 1287 - 2005 / 8 / 15 - 13:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


بلدة "أجدير" على بعد حوالي 8 كلم من مدينة الحسيمة شرقا هي مسقط رأس القائد محمد عبد الكريم الخطابي بطل المقاومة الريفية ضد الإستعمار الإسباني و الفرنسي خلال العشرينات من القرن الماضي ، و تقع في سفح الجبل الذي يطل على خليج الحسيمة الذي يضم أصغر مستعمرة إسبانية على الأراضي المغربية ، و قد عرفت بلدة "أجدير" بصمودها أمام هجوم الأستعمار الإسباني على شمال المغرب ، و كان للدعم الذي تتلقاه من المناطق الريفية أثر كبير على الهزائم التي لحقتها بالجيوش الإسبانية و الفرنسية ، و تعتبر بلدة "تماسينت" من بين القلاع الصامدة في وجه الإستعمار الإسباني و الفرنسي و الدعامة الأساسية للمقاومة التي قادها البطل عبد الكريم الخطابي ببلدة "أجدير"، و التي أدت إلى هزيمة الجيوش الإستعمارية .
و لا غرابة أن تقود بلدة "تماسينت" اليوم الصراع ضد النظام المخزني و هي المنطقة الوحيدة التي قاومت المشروع المخزني فيما يسمى بإعمار المناطق المنكوبة ، هذا المشروع الذي يهدف إلى تحميل السكان المنكوبين بالريف أعباء الإعمار بشكل من الأشكال يجعل الدولة المغربية تتملص من مسؤولياتها في الإعمار الحقيقي للمناطق المنكوبة ، في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن الغموض الذي يشوب التصريح بالمبالغ المالية التي تلقتها الدولة المغربية من الخارج ، و عن كيفية صرف الدعم الدولي للمنكوبين الذي حوله المشروع المخزني اليوم و بعد سنة و نصف من الكارثة الطبيعية إلى هبات عبارة عن مواد أولية للبناء و بعض الآلاف من الدراهم ، في محاولة لجعل السكان يتحملون أعباء الإعمار بشكل من الأشكال يبريء ذمة الدولة من المشاكل اللاحقة لذلك .
هكذا تقاوم بلدة "تماسينت" هذا المشروع المخزني تارة بالرفض عندما يرغب المسؤولون لأول وهلة إستدراج السكان للوقوع بهم في فخ المسؤولية المشبوهة ، و تارة بالإنتفاضة الشعبية عندما يحاول النظام المخزني إجبارهم بالقوة على قبول مشروعه التضليلي ، و كان موقف بلدة "تماسينت" واضحا و هو المطالبة المشروعة في الحق في السكن اللائق للسكان المنكوبين و تحمل كامل المسؤولية في ذلك للدولة المغربية ، و في حالة عجز الدولة المغربية عن تحمل مسؤولية إعمار المناطق المنكوبة حسب مواصفات البناء في المناطق المعرضة للزلزال فإن جمعية "تماسينت" على استعداد للجوء إلى المنتظم الدولي و خاصة المنظمات غير الحكومية من أجل المساعدة ، إنها معادلة صعبة تلك التي تطرحها جمعية تماسينت أمام النظام المخزني الذي عبر بعجزه بالقمع المعهود .
هكذا أصبحت بلدة "تماسينت" في واجهة الصراع مع النظام المخزني و هي تعيد ما عرفه الريف المغربي( المنطقة الشمالية) عبر تاريخه الطويل من حركة اجتماعية متميزة نظرا لموقعه الجيو- سياسي و خصوصياته السوسية-ثقافية ، فمنذ الغزو الروماني لشمال أفريقيا و المنطقة تعرف تفاعلات سياسية و عسكرية حولتها إلى موقع ذي أبعاد ثورية تقاوم جميع التدخلات الأجنبية الإستعمارية، و يتضح ذلك في مقاومة غزو القوتين العسكريتين الكولونياليتين الفرنسية و الإسبانية لشمال المغرب في العقد الثاني من القرن العشرين ، و تعتبر معركة " أنوال " بقيادة الشهيد محمد بن عبد الكريم الخطابي أروع ما أنجزته الريف من بطولات تاريخية ، و التي أبهرت الدارسين لتاريخ مقاومة الشعوب للإحتلال العسكري الإستعماري و أصبحت من بين التجارب الإستراتيجية العالمية في مجال حركة التحرر الوطنية .
و كان للثورة الريفية أثر كبير في تركيز بعد المقاومة الشعبية ضد تحالف الإستعمار و الإقطاع بالمغرب في مرحلة الإستعمار المباشر، و ذلك بإلتحام الجنوب بالشمال مع تأسيس " جيش التحرير " بالريف بقيادة الشهيد عباس المساعدي القائد الجنوبي و بدعم من القائد الشهيد محمد عبد الكريم الخطابي بالمنفى. و لعب جيش التحرير دورا أساسيا في مقاومة الإستعمار المباشر الفرنسي والإسباني بالمغرب الذي استمر في مقاومته إلى حين تصفيته بالجنوب، و لم تقف ثورة الريف عند هذا الحد بل لها امتدادات كفاحية في مرحلة الإستقلال الشكلي مع الإنتفاضة ضد استبداد النظام المخزني في سنة 1959 و التي تم قمعها بالحديد و النار ، و نهج النظام المخزني سياسة التهميش ضد الريف التي يعرف أن لها دورها الأساسي في استقرار و زعزعة الأوضاع السياسية بالمغرب .
إن الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية المزرية لأهل الريف ما هي إلا نتيجة للسياسة المخزنية المتبعة ضد امتدادات حركة التحرر الوطني بالمغرب ، هذه السياسة التي حولت المنطقة إلى بؤرة لترويج المخدرات و السلع المهربة من أوربا و تصدير الطبقة العاملة الرخيصة إلى دول أوربا الغربية ، و انتشار الفقر و الأمية في صفوف الريفيين الذين بدورهم يقاومون هذه السياسة بالصمود في وجه النظام بالتشبث بالخصوصيات الإثنو- ثقافية و الأبعاد التاريخية للمقاومة بالريف ، و تعتبر الأمازيغية الركيزة الأساسية لها و التي تعطي لمبدأ المقاومة بعدا تاريخيا يتحدى هجوم النظام المخزني و تهميشه للمنطقة ، إن الصراع التاريخي بين الريف و النظام المخزني بالمغرب لا يمكن تحليله بمعزل عن الصراع التاريخي للريفيين ضد التدخل الأجنبي و من أجل التحرر و تقرير المصير ، و سيبقى صراعا مفتوحا ما دامت مظاهر التدخل الأجنبي قائمة و لن يهدأ إلا عند نفي هذه المظاهر التي أصبحت عائقا أمام استقرار الأوضاع بالمنطقة .
إن الأوضاع المزرية التي تعيشها الجماهير الشعبية بالريف بعد كارثة الزلزال يوم 24 فبراير 2004 ما هي إلا وجه آخر من الأوجه المظلمة لسياسة النظام المخزني بالمغرب ، و الذي يعبر عن استمرار السياسات المتبعة اتجاه الحركات الاجتماعية و الاحتجاجية للريفيين منذ أمد بعيد ، ففي الوقت الذي يحاول فيه النظام المخزني الظهور بمظهر المعني بالأوضاع الريفية يجد فيه نفسه بعيدا كل البعد عن هموم الريفيين و تطلعاتهم ، و متورطا أمام مطالب الريفيين التي فاقت المنظور المخزني الضيق لكارثة الزلزال التي حاول استغلالها لفتح باب " التصالح " مع الآخر / النقيض التاريخي ، و كعادته حيث يحاول النظام المخزني استغلال جميع الأحداث في الأفراح و الأطراح لإبراز وجهه بحثا عن الشرعية التاريخية التي افتقدها في سنوات القمع الأسود، حاول فاشلا استغلال محنة " زلزل الحسيمة " للظهور بمظهر البريء متجاهلا بصمات الماضي الأسود التي مازالت موشومة في ذاكرة الريفيين معقل ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي .
إن أرض الثورة لا يمكن أن تبقى عاقرا حيث الخصوبة لا تنقطع خاصة في ظل التشبث التاريخي بالخصوصيات الإثنو ـ ثقافية في أبعادها السياسية والإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية ذات الشرعية التاريخية ، و كانت الكارثة الأليمة لزلزال الحسيمة مناسبة لتعرية وجه النظام المخزني مرة أخرى حيث ووجه بحركة إجتماعية متقدمة تجاوزت أساليبه المعهودة ، فكانت حركة المجتمع المدني و السياسي بالحسيمة أروع ما أنجبته الريف في الآلفية الثالثة و التي تعتبر الإستمرارية التاريخية لمباديء الثورة الريفية ، لكن إرادة النظام المخزني في الهيمنة على الأوضاع بقوة السيادة المهيمنة وضعته في صراع مع القوى البشرية بالريف التي لم يستطع احتواءها ، و التي لها المبادرة في الحركة و التدخل ليس فقط أثناء كارثة الزلزال بل في كل المناسبات التي يتم فيها تهديد كيان الريفيين ، و تراجع النظام المخزني أمام دينامية حركة المجتمع المدني و السياسي بالريف محاولا الحفاظ على ماء الوجه في نفس الوقت الذي يضرب فيه ألف حساب و حساب لمواجهة الموقف .
و بقيت الأوضاع على ما هي عليه دون أن يصل النظام المخزني إلى هدفه في احتواء حركة المجتمع المدني و السياسي التي فاقت تطلعاتها ما يطمح إليه من هيمنة ، فكان لابد من الاصطدام و كعادته تدخل بكل عنف أمام المطالب المشروعة لحركة إجتماعية حضارية تواجه كارثتين : الطبيعية و المخزنية ، و في ظل صمت ما يسمى بالمجتمع السياسي الرسمي الذي لا يستطيع الخروج من دائرة الطاعة المخزنية في وقت يتم فيه محاولة تمرير قانونين خطيرين ، الأول قانون الأحزاب الذي يسعى إلى تحويل هذه الكائنات إلى منافسين حول التفوق في تنفيذ برامج النظام المخزني ، و الثاني قانون منع الإضراب الذي يكبل أيادي الطبقة العاملة و يصادر منها آلية من آليات الدفاع الذاتي المشروعة التي تم تحقيقها عبر نضالات تاريخية مريرة تم فيها إراقة دماء العاملات و العمال ، و كان لابد للنظام المخزني من التدخل بالقمع المعهود ضد حركة المجتمع المدني و السياسي بالريف و اعتقال المناضلين وإقامة محاكمات صورية لهم لتجسيد كيانه كنظام تناحري .
و لم تقف الإحداث عند
هذا الحد الذي يعتبر بداية مواجهة معلقة إلى حين ، و كان لامتدادات حركة المجتمع المدني و السياسي
بالخارج صدى كبيرا فاق توقعات النظام المخزني حيث تواجد الريفيين بأوربا و هم منخرطون في حركة اجتماعية متقدمة ، كان لها وقع كبير في مواجهة كارثة الزلزال و هجوم النظام المخزني على مناضلي حركة المجتمع المدني و السياسي
بالريف ، و كان الإنتصار الأول بإطلاق سراح المعتقليين و الثاني بتأجيج الحركة الإجتماعية ضد التدخل المخزني مع رفع شعار إعمار الريف الذي تعرض طيلة تاريخه الطويل للتهميش و التفقير ، و كان لتطور أساليب التعبير و المواجهة وقع عظيم فاق التصورات بعد تنظيم مسيرة احتجاجية من "ماسينت"إلى "جدير" على مسافة 28 كلم يوم 14 أبريل 2005
، و تستمر المسيرات بإعلان مسيرة تماسنت إلى الحسيمة على بعد 35 كلم يوم 19 ماي 2005 و إعلان قافلة المساندة من طنجة إلى تماسينت ليوم 29 ماي 2005 الشيء الذي أثار غضب النظام المخزني في الوقت الذي لم يستطع فيه احتواء حركة اجتماعية حضارية تعبر بالفعل عن دور المجتمع المدني في تطور الحركة الإجتماعية بالريف .
و كان لابد مرة أخرى من التدخل المخزني بالقمع المعهود بعد اعتقال المناضل معتصم الغلبزوري رئيس جمعية "ماسينت"و عضوين آخريين أبركان أمحمد 70 سنة و الشاب غليظ سليم يوم 11 ماي 2005 و نقلهم إلى السجن بالناضور بعد احتجاجات متتالية للريفيين بتماسينت و مناطقة أخرى ، و كان لإصرار الريفيين بتماسينت على تنظيم المسيرة وقع كبير على رغبة النظام المخزني في التدخل بالقمع المعهود يوم 19 ماي 2005 لتفريق المتظاهرين بالعصا الغليظة و الرصاص المطاطي و القنابل المسيلة للدموع و الكلاب و الطائرات المروحية، التي لا تفرق بين المرأة و الرجل و الطفل و الطفلة و العجوز و مطاردة الريفيين في الجبال بشتى آليات القمع المعهودة ، و كان لابد من الصمود و التحدى لمواجهة " الزلزال كظاهرة طبيعية و القمع كظاهرة مخزنية " ، ذلك الشعار المرفوع من طرف الريفيين و الذي لن يتم إزالته إلا بإزالة أسباب وجوده و التي تتجلى في التدخل المخزني في شؤون الريفيين ، و كان لتنظيم قافلة التضامن مع تماسينت يوم 29 ماي 2005 وقع كبير على تجديد دماء الحركة الإجتماعية التضامنية حيث شارك فيها ممثلون عن جل مناطق المغرب ، و زاد أشكال التضامن تطوير إعلان اليوم الوطني و العالمي
التضامني يوم 12 يونيو 2005 ، الذي أعطى للقضية بعدا وطنيا و دوليا حيث تنظيم الإحتجاجات في عدد كبير من المناطق عبر المغرب و أوربا الغربية و خاصة مسيرة برشلونة بإسبانيا .
و كان للأحكام القاسية الصادرة من المحكمة الإبتدائية بالناضور في حق رئيس جمعية تماسينت و عضو آخر بالسجن شهرين نافذين و إطلاق سراح الثالث ، و قمع سكان تماسينت يوم 19 ماي 2005 و محاصرة البلدة و اعتقال 9 من أعضاء الجمعية وقع كبير على غضب الريفيين بتماسينت ، الذين لم يزدهم القمع المخزني إلا صمودا و إصرارا على تحقيق مطالبهم المشروعة في إعمار المناطق التي دمرها الزلزال ، و قد تحول ملفهم المطلبي إلى شقين الأول سياسي يتمحور حول إطلاق سراح المعتقلين قبل و بعد مسيرة 19 ماي 2005 و عددهم 12 معتقلا و الثاني اجتماعي و هو إعمار المناطق المنكوبة ، و رغم القمع و الحصار فقد تمت قافلة التضامن بنجاح و كذا الوقفات الإحتجاجية بجل مناطق المغرب التي لم تسلم هي الأخرى من المتابعات و الإدانات كما هو الشأن في وقفة تازة التي تمت فيها إدانة الشاب
بسنة سجنا نافذا و متابعة رئيس جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية في حالة سراح .
و كان يوم 11 يوليوز 2005 تاريخ إطلاق سراح رئيس جمعية تماسينت بعد قضاء العقوبة الحبسية يوما حافلا بالدلالات ، دلالة الصمود و التحدي و مواجهة القمع المخزني من طرف الريفيين ، و دلالة الإصرار على طرح الملف بشقيه السياسي و الإجتماعي و الدفاع عنهما حتى آخر رمق ، إلا أن مناورات النظام المخزني الذي حاول فاشلا تعويم لجنة دعم معتقلي تماسينت بتعويضها بلجنة يدعي أنها تضم جميع الأطياف السياسية ، و التي بدل أن تحاور باسم السكان المتضررين أصبحت في مواجهة مطالب جمعية تماسينت السياسية و الإجتماعية ، و التي لعبت دورا أساسيا في إخراج النظام المخزني من ورطة حصار تماسينت و متابعة أعضاء الجمعية و مناضليها الفارين من القمع المضروب على البلدة .
و في كل مرحلة من مراحل الصراع بين الريفيين بتماسينت و النظام المخزني يحاول هذا الأخير الظهور بمظهر المنتصر و الضابط لزمام الأمور ، كيف لا و هو الذي وعد لجنته الأخيرة بعدم متابعة مناضلي الجمعية في الوقت الذي يتم فيه متابعة 9 منهم أمام المحكمة الإبتدائية بالحسيمة ، و كيف لا و هو الذي أصدر عبر أجهزته القضائية أحكاما قاسية تتراوح بين 6 و 7 أشهر في 20 يوليوز 2005 في المعتقلين التسعة ، و حتى لا يظهر بمظمر المنهز أمام إصرار الريفيين بتماسينت على الصمود و التحدي أعطى أموامره لأجهزنه القضائية لإنزال الأحكام القاسية في حق مناضلي تماسينت ، و بالتالي إنزالها كالصاعقة على الريفيين بجميع المناطق و على جميع المناضلين الجمعويين و الحقوقيين و النقابيين و السياسيين التقدميين و الديمقراطيين بالمغرب و المتتبعين بالخارج ، كيف لا و هو الذي كون لجنة و أول ما قدم لها هو صفعة بالأمر بإصدار مثل هذه الأحكام القاسية و نحن نعرف جميعا تبعية أجهزة القضاء للنظام المخزني.
و كان لهذه الأحكام وقع كبير في صفوف الريفيين و هي تأتي في وقت كان الجميع ينتظر فيه فك الحصار على مناضلي تماسينت و سكانها المنكوبين ، كيف لا و تأتي هذه الأحكام القاسية في موسم يتم فيه ربط أواصر العلاقة العائلية الحميمية بين الريفيين بتماسينت و الريفيين بالمهجر ، كيف لا و الريفيون بالمهجر يقضون و لثاني مرة عطلتهم الصيفية بين الأحزان و ضمد الجراح ، كيف لا و هي اليوم متعاظمة
تلك الجراح بين كارثة الزلزال و القمع المخزني تحت أشعة الشمس الصيفية المحرقة ، كيف لا و هم يجدون إخوانهم و رفاقهم و أصدقاءهم محاصرين بين قساوة الطبيعة و قساوة القمع المخزني و منهم من يقضي عطلته الصيفية بين قضبان الزنازن ، كيف لا فهنا عائلات تنتظر الإفراج عن المعتقلين و هناك إصرار النظام المخزني على شد الحبل و الظهور بمظهر القوي الذي لا يقبل الهزيمة و الإستمرار في إعتقال المناضلين .
و ما كان لهذه الأحكام القاسية إلا أن تثير ثائرة الريفيين الذين لا يرضون الإهانة و الإحتقار خاصة و أنهم يحترمون الريفيين الحقيقيين من داخل اللجنة التي كونها النظام المخزني ، و الذين لم يستطيعوا تحقيق الجزء الأهم من مطالب الريفيين بتماسينت و هو إطلاق سراح المعتقلين ، كيف لا و هم الذين انتظروا تحقيق هذا المطلب السياسي للشروع في التفاوض حول الملف الإجتماعي الذي لا يقبل المساومة بدوره ، و ها هم اليوم مجبرون على الصمود و التحدي والنضال من أجل ملفين متداخلين الأول سياسي و الثاني اجتماعي ، و لم يجدوا أمامهم بعد محاولة النظام المخزني لعزلهم عن التنظيمات السياسية و النقابية و الحقوقية و الجمعوية بالريف سوى تصليب أواصر التضامن مع الريفيين بالمهجرالمنحدرين من بلدة تماسينت و الريفيين الحقيقيين بمدينة الحسيمة و المناضلين المتضامنين بالجنوب ، في الوقت الذي يحاول فيه النظام المخزني تأليف إجماع و ذلك بإقامة ما يسمى مهرجاناته الفنية المبهرجة في مدن الشمال و خاصة بالحسيمة في محاولة فاشلة لإظهاره للواجهة أن الأمور على ما يرام .
و لكن قساوة الأحكام التي أصدرتها أجهزته القضائية في حق المناضلين لا تزيد الريفيين بتماسيت إلا صمودا و كفاحا من أجل مطالبهم المشروعة السياسية و الإجتماعية ، و كان أول رد فعل لهم هو الإعلان عن تنظيم مسيرة شعبية يوم 04 غشت 2005 في اتجاه الحسيمة ، و ثار غضب النظام المخزني الذي حاول تحريك اللجنة التي كونها من أجل التدخل دون جدوى ، و كلما زاد الصراع بين الريفيين بتماسينت و النظام المخزني زاد تأييد مطالب السكان المنكوبين في شقيها السياسي و الإجتماعي ، و مرة أخرى ينزل النظام المخزني بكل ما يملك من أشكال قوات القمع يوم 04 غشت 2005 لمحاصرة المسيرة الشعبية للريفيين بتماسينت لكن هذه المرة دون اصطدام ، و هي رسالة ثانية من الريفيين بتماسينت على أنهم صامدون يقاومون و هذه المرة لها وقع عظيم و ذلك لأنها تضم بداخلها أحفاد محمد عبد الكريم الخطابي بالخارج و الذين خرجوا في مسيرة برشلونة يوم 12 يونيو 2005 ، و لا شك أنهم إستخلصوا العبر بين مسيرتين الأولى بالضفة الشمالية و كم مرت سلمية و بكل حرية و الثانية بالضفة الجنوبية و كم خلفت من أحزان و معاناة ، و لا شك أنهم يستخلصون العبر بين ديمقراطية إسبانيا السائرة في اتجاه عولمة حقوق الإنسان و بين ديمقراطية المغرب السائرة في اتجاه عولمة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، و لا شك أنهم عندما يستقرون بوطنهم الثاني الذي يوفر لهم الحق في التعبير و حرية الرأي و التظاهر بشكل سلمي سيفعلون ما يستطيعون من أجل فضح ديمقراطية المغرب القمعية و سيفعلون .


تارودانت في : 13 غشت 2005

امال الحسين



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاكمات الصورية من طبيعة النظام المخزني
- تحالف قوى الطبقات الشعبية بالعراق بقيادة الإشتراكيين و الديم ...
- الحركة الاجتماعية بالريف بالمغرب بين الماضي و الحاضر
- الماركسية اللينينية و بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة ،أي م ...
- إطلاف حملة التضامن مع المختطفين المعتقلين بالحسيمة / الريف ب ...
- الحركة الإجتماعية بالبوادي و الأحياء الشعبية و تطور التكوينا ...
- نضالات الطبقة العاملة و اليسار الجذري الواقع ، الإستراتيجية ...
- حركة التحرر الوطني و تطور التكوينات الاجتماعية
- المعيقات الأساسية لنشر ثقافة حقوق الإنسان و دور المجتمع المد ...
- اللجنة الوطنية لدعم عمال منجم إيميني
- الحزب السياسي الثوري و تطور التكوينات الاجتماعية
- الحركة السياسية و النقابية و تطور التكوينات الاجتماعية
- عن اللجنة المحلية للعمل من أجل انقاد حياة المناضل النقابي و ...
- نداء اللجنة المحلية للعمل على ا نقاد حياة المناضل الحقوقي و ...
- إضراب لا محدود عن الطعام ابتداء من اليوم الاربعاء 29 دجنبر 2 ...
- وفاة مواطن بمخفر الشرطة بتارودانت بالمغرب في الذكرى 56 للإعل ...
- وقفة احتجاجية أمام إدارة صوديا بأولاد تايمة بالمغرب ضد تصفية ...
- ملف الانتهاكات الجسيمة بالريف/الحسيمة بالمغرب
- نداء هيئات التنسيق بورزازات بالمغرب
- دور البعد الهوياتي للأمازيغي في النضال الديمقراطي الجذري


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال الحسين - الإنتفاضة الشعبية بالريف بالمغرب من أجدير إلى تماسينت