أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد حسن يوسف - العلمانية كحاجة وجدوى















المزيد.....

العلمانية كحاجة وجدوى


خالد حسن يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4565 - 2014 / 9 / 5 - 15:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفكر العلماني الانساني يتقاطع مع العديد من الأفكار الانسانية الأيديولوجية والدينية أيضا, ولكنه في المقام الأول ينتصر للانسان أولا وأخيرا وهو فكر توفيقي يحضر عادتا بقوة عند عقم الأيديولوجيات المتصارعة, لاسيما العلمانية الديمقراطية والتي تأخذ في الاعتبار مصالح القوى المتابينة والمجتمع المتعدد الثقافات,االديانات,الطوائف,المصالح السياسية,الأعراق.ويستمد الفكر العلماني دوره في الحاضر من الحاجة في التوفيق مابين صور التعدد التي أنتهت, إلى عدم القدرة على ترجمة ذاتها وبرامجها بصورة تحفظ الاستمرارية الانسانية, وعدم قدرتها في السير نحو المستقبل, وفق خطى تخلو من التشنج والصدام مع الآخر المتباين على مستوى انساني ما.

وتكمن ميزة العلمانية الديمقراطية بكونها أنها لاتمثل بقالب فكري جامد وثابت بقدر ما تمثل بحركية قادرة على التكيف لإحتواء المجموع فكرا وتعددا, وهذا ما يمثل بحسنة للعلمانية الديمقراطية, فهي تسمح للمجموع بخيارته الفكرية والسياسية في ظل توليفة تحفظ مصير وماء الوجه للجميع, انطلاقا من عقد شراكة يساهم فيه الجميع أولا بالتزام بواجباتهم ومن ثم الحصول على حقوقهم, ودون هذه القاعدة, فلن تكون الشراكة التي تطرحها العلمانية الديمقراطية في التقارب المطلوب بين برامج التعدد الأيديولوجي, وغياب القاعدة سيؤسس لحالات واقع فوضوي أو استبدادي, وهو ما عاشته الانسانية فيما مضى ووصولا إلى الراهن التاريخي.

وبتالي فهذه العلمانية تمثل بتصور متقدم للفكر الانساني الذي أدمن الحالات الأيديولوجية الشمولية في جغرافيا الانسان, والذي تصارع هنا وهناك فيما بينه, ولم يستطيع عبر تاريخه الطويل تقديم نموذج فكري يستوعب كل البشر أنطلاقا من قناعة الانتصار له والتمسك به بمعزل عن غلبة نموذج فكري آخر, خاصة وأن المشاريع الفكرية الانسانية والدينية الكبرى التي عرفها الانسان أتسمت باحادية الخطاب وصراعات التأويل بين مكوناتها المتعددة, أكان على المستوى الداخلي لمعتنقي ايديولوجية معينة أو مع الدائرة الانسانية الواقعة بخارجال سياق الأيديولوجي المعين, فاليسار نال من بعضه وهكذا الأمر ذاته مع القوميين بتعدد أعراقهم,والبرجوازيين,الطائفيين,متعصبي الأديان والاسلام السياسي, وهؤلاء جميعا بدورهم نالوا من بعضهم البعض.

والمسلم به أن حركة التاريخ تؤكد أن حضور الأيديولوجيات تمثل بمسلمة يفرضها التعدد الثقافي والفكري, والذي يطرح حضوره بقوة حتمية, بفعل الحاجة لتغيير ودفع عجلة التطور العام في المجتمعات, في حين أن الاشكالية تكمن في الأيديولوجية المعينة والرغبة في فرض كيانها على عموم المجتمع, وبمعزل عن النظر إلى حاجة ومصالح الآخر والشريك في الجغرافية والوحدة الانسانية, حيث أن النماذج الماركسية والقومية يعملان بالترويج لذاتهم, و بمعزل عن الآخر, وهو مايعد ماثلا مع نماذج أيديولوجية أخرى.وفي حين أن هناك مجتمعات مثال الأوروبية أستطاعت أن تلطف بقدر ما من متوالية الصراع الأيديولوجي, وذلك بفعل استحقاقات حماية مسيرة تطورها المعرفي والرغبة في التعايش.

ومن ثم اتجهت إلى التخفيف من حدة الصراعات الأيديولوجية في أوساطها, وذلك نظرا لقوة العجلة الصناعية في مجتمعاتها, خاصة مع تنامي حضور ودور الطبقة الوسطى والتي تشكل بدورها برديف للبرجوازية, وحتى ان أصبحت هذه المجتمعات بعرضة لهزات أيديولوجية قوية في القادم المنظور نظرا لضائقة الأزمات الاقتصادية المتصاعدة فيها, وبحيث يمكن أن ينتج عن ذلك التأسيس والتكريس لحضور عمالي فقير وكبير أو صعود مشاريع عرقية, إلى أنه المراهنة في هذه المجتمعات تعول على مدى القيم الفكرية وتقافة التعايش التي تكرست فيها, مع قوة حرصها على قيم حقوق الانسان الأوروبي والرغبة في حل التناقضات القائمة والطارئة.

بينما هناك مناطق أخرى وتحديدا في الشرق الأوسط وافريقيا, لازال الواقع الشمولي عميق فيها وحاضرا وتعيش تحت وقع أنظمة استبدادية وقوى تقاتل بشراسة للحفاظ على بقاء وجودها, وتعترض التغيير الشامل, ولدرجة أن بعض النظم أصبح حكامها يمثلون بحالة أشبه باديولوجية فردية قائمة بذاتها!, خاصة وأن المجتمع بذاته أصبح يتماهى مع رغبات حاكمه عنوتا, وبغض النظر إذا كان الحاكم حاملا لمشروع أيديولوجي معين أم لا, وبتالي فإن الاستبداد ذاته يمثل بايديولوجية شمولية, ينطلق منهجها من حتمية السلطة في السيطرة على مصير ومقدرات المجتمعات, وتقرير الخطوط العريضة لسيرورة الاجتماعية, عبر منحى أبوي متعالي على المجتمع وقائمة على ثالوت -غياب البرنامج,الإخضاع والإفقار- والملحوظ أن قوى الاستبداد في هذه المجتمعات تجدد ذاتها باستمرار, وبحيث يلاحظ ميلاد قوى جديدة باستمرار من رحم مثيلاتها السابقة, وبصورة تنتهي معها أماني الشعوب في التغيير في ظل حلقة مفرغة وعبثية مستمرة.

ومنه يستشف أن شمولية القيم الاجتماعية للمجتمعات تلعب هي الأخرى دورا بارزا في إعتراض التغيير المطلوب, وبحيث أن الحاجة ملحة لحدوث تغيير في البناء الفوقي للمجتمع, والذي تستمد منه السلطات والقوى ذات المصلحة في إعتراض التغيير, أدواتها واستمراريتها.

وبتالي فإن الحاجة لحضور العلمانية الديمقراطية في بلد مثل الصومال حاجة ملحة, وطالما أن عودة السلام والإعمار يمثل بالحاجة المثلى لعموم الصوماليين, وبغض النظر عن إختلافاتهم السياسية, وحتى في ظل غياب التعدد الديني,الطائفي والعرقي أو الطبقي, ولاسيما وأن قوى الاسلام السياسي الصومالي وانصارهم يلعبون هنا دور المجتمع المتعدد الأديان, والذي يتخلل أوساطه الصراع, لدى التأكيد لعدم جدوى وحدة الدين في النموذج الصومالي يؤكده الصراع التنظيمي بين تيارات الاسلام السياسي وبينها وبين المجتمع, وبحيث تنعدم حسنة الوحدة الدينية الفرضية!.

بينما وحدة اللغة,الثقافة والعرق الكوشي الحامي الأكثر حضورا, ينعدم مضامينها في ظل الصراع القبلي والعشائري ذو المنحى السياسي, خاصة وأن صراع القبائل يحاكي في هذا المقام منحى الصراع العرقي بين القوميات المتعددة, وهو ما يؤكد أنه في ظل غياب قيم المواطنة والحياة الديمقراطية فإن حتمية الصراع, في ظل المجتمع الواحد مسألة مفروغ من حدوثها بغض النظر عن أي خصائص جامعة, كما هو ماثل في النموذج الصومالي.

وفي بلد كسودان الخرطوم ويشهد غلبة الدين الاسلامي في حدوده الحالية, فإن حضور الاسلام كدين للمجتمع والدولة لم يسعفه من أزماته الداخلية وحتى بعد تخلصه من شقه الجنوبي السابق, إذ لم تشفع وحدة الدين هنا بتبريرات نظام الخرطوم في أن التخلص من الجنوب الذي يشكل غالبيته من المسيحيين ومعتقدي ديانات الكجور التقليدية, في أن ينقذه من تناقضاته الداخلية, وفي حين أن القطاع الساحق من القوى السياسية المتصارعة في سودان الخرطوم, هي إمتداد للكوشيين والنوبيين, فالملحوظ أن دوافع الصراعات بينها سياسية وتنموية في المقام الأول, ناهيك عن أنها جهوية,قبلية وطائفية في إطار الدين الواحد, وفي ظل وجود ثقافات متعددة وجهوية, وبتالي فإن حضور العلمانية الديمقراطية في السودان يمثل بضرورة نظرا لتناقضات السياسية والاجتماعية القائمة ما بين قواه الرئيسية, فوحدة الدين لن تصبح بصمام أمن لنجاة المجتمع السوداني من التمزق, وفي ظل إختلاف فكري حاد مابين قوى المجتمع السوداني عن تفسير الدين والحدود مابين ماهو ديني وانساني, وهو مايفرض حضور غلبة قيم المواطنة والتعدد الديمقراطي والذي لن يُكرس إلى في ظل نظام علماني ديمقراطي يستوعب كل أشكال التعدد القائم في السودان.

وبدورها تؤكد الحالة اليمنية أن وحدة الدين الاسلامي والعرقي العربي, لم تعمل كعامل لحل تناقضات والتحديات الماثلة أمام المجتمع اليمني, والذي لم تؤثر عليه خلال تاريخه الطويل كما تؤثر عليه الصراعات الطائفية, رغم حضور الطوائف في اليمن فيما مضى, من السنية الشافعية,الحنبلية والشيعية الزيدية, فهذا التعدد لم يكن فيما مضى بمصدر نقمة لليمن كما هو في الحاضر, ولكن دوافعه سياسية وخارجية, فوحدة المذهب بين لايمنيين من معتنقي الزيدية لم تشفع لهم من الصراع مع حضور التغيير العقائدي والمتمحور في إحضار المذهب الإثنى عشري, من قبل أسرة الحوتي, والتي أستفادت من صراعات القوى التقليدية في اليمن ممثلة بقبائل همدان,حمير,مذحج وغيرها, وأحزاب الاسلام السياسي التي تقاوم بشدة قيام دولة مدنية يمنية وتتصارع فيما بينها ومع الآخرين, وفي حين يستدرج الشعب والقبائل في اليمن لخوض حروبهم, إلى أن خلفية هذه الصراعات ذات صلة بعوامل سياسية واقتصادية, وخاصة وأن التقديرات تشير إلى أن مايصل إلى نسبة الخمسين في المائة من المجتمع اليمني يعيش تحت خط الفقر.لدى تشكل قيم المواطنة والتعددية الديمقراطية في اليمن بضروة ملحة لاستيعاب حاجات المجتمع اليمني.

ويستشف من نماذج المجتمعات الثلاثة المشار إليها في إطار وحدة الثقافة,الدين أو العرق, أن الوحدة الاجتماعية لم تشفع في حل تناقضات هذه المجتمعات, وبحيث أنه لايمكن القول هنا, أن العلمانية الديمقراطية ليست مطلوبة هنا نظرا لوحدة البنية الثقافية والاجتماعية السائدة في هذه البلدان, خاصة وأنه لم تحدث حيلولة لاستقلالها بصورة المثلى, فالعلمانية تعالج داء التناقض الاجتماعي والسياسي, لهذه الشعوب لكونها تعيد إنتاج المفاهيم المطلوبة لعملية التغيير الحضاري الضروري, والتي تشكل ركائز لدولة المدنية والتي عليها تجاوز دولة القوى التقليدية والاستبدادية المتحاربة والمتصارعة لسيطرة على المجتمعات, والمفتقدة للبرامج الحقيقية القادرة من إعادة الرفع من مقدرات الشعوب بشريا,اقتصاديا وسياسيا, ونحو إنتاج مفاهيم فكرية عصرية وليست بضرورة أن تقطع مع تراث المجتمعات, وبتالي فإن العلمانية تعتبر بضرورة انسانية وليست بقالب وسياق فكري خاص وحكري للمجتمعات التي تعيش التعدد الديني أو الاجتماعي أو يضعف فيها الوازع الديني.



#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة لمذكرات داعية1
- أثر التلموديين الجدد في حياة المسلمين!
- مظاهرة ضد رئيس الصومال
- تغيرات عقائدية في الأوساط الصومالية المعاصرة!
- مظاهرة ضد رئيس جيبوتي
- ما معنى مفهوم الخلافة الاسلامية؟2
- ما معنى مفهوم الخلافة الاسلامية؟1
- الصومال وتبعات حظر السلاح
- الاسلام الإلهي والإنساني
- الصومال وتراث الابل
- أبعاد الاعتراف الأمريكي بالحكومة الصومالية
- ذاكرة ذات صلة بسفير صومالي
- تذبذب السياسة الأمريكية في الصومال
- عودة صومالية مميزة إلى الاتحاد الافريقي
- الصومال تودع المناضلة سادو علي ورسمه


المزيد.....




- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد حسن يوسف - العلمانية كحاجة وجدوى