أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - ظاهرة -الاعتماد في البقاء-!














المزيد.....

ظاهرة -الاعتماد في البقاء-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4564 - 2014 / 9 / 4 - 14:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



السياسة (الدولية على وجه الخصوص) في عالَمِها الواقعي تَعْمَل بمبدأ "الاعتماد لا الانتماء"، والذي، على ما يتَّضِح من ممارسته وتجربته العملية، لا يَكْتَرِث أصحابه، والعامِلون به، كثيراً للمُعْتَقدات والأفكار والمشاعر ما دام صاحبها (أكان من الأفراد أم من الجماعات والدول) يتَّصَرف ويَعْمَل بما يُوافِق مصالحهم، ويخدم مآربهم؛ وهذه الظاهرة السياسية العالمية لا تعليل، ولا تفسير، لها إلاَّ اعتماد طرفٍ ما على غيره، في البقاء، وفي تلبية حاجاته الأَوَّلية؛ فالقوى الغربية، وفي مقدَّمِها القوَّة العظمى في العالَم، أيْ الولايات المتحدة، تؤسِّس لصلةٍ مع دولٍ، في هذه الصلة، وبها، تَعْتَمِد هذه الدول (اعتماداً قوياً ومتزايداً) في مُقَوِّمات عيشها ووجودها عليها، ولا تستطيع، من ثمَّ، إلاَّ العيش السياسي في طريقة يتأكَّد فيها، في استمرار، أو على وجه العموم، الانفصال بين "القول" و"الفعل"، أو "انتهازيتها السياسية"؛ فإنَّ "الانتهازي" لا يكون بتغيير "المُعْتَقَد"، وإنَّما بَجَعْل "المُمارَسة" و"المُعْتَقَد" على طرفيِّ نقيض.
إنَّ كل دولة ينبغي لها، أوَّلاً، أنْ تَسْتَقِلَّ بمقوِّمات عيشها ووجودها، وأنْ تنأى بها عن غيرها من الدول؛ ثمَّ ينبغي لها، ومهما ارتفع منسوب العولمة الاقتصادية، وازداد الاقتصادي العالمي تشابُكاً وتداخلاً، أنْ تؤسِّس، وأنْ تجتهد في التأسيس، لعلاقة "اعتماد متبادَل (متكافئ، أو يزداد تكافؤاً مع مرور الوقت)"؛ لكن ما نراه هو أنَّ القوى الغربية، وفي مقدَّمها الولايات المتحدة، تسعى وتُصارِع، في استمرار، من أجل تجريد بعض الدول (التي لها مصلحة استراتيجية في إلحاقها بها) من مصادِر وموارد قوَّتها الذاتية، ومن كل ما يُمَكِّنها من أنْ تلبِّي بنفسها حاجاتها الأّوَّلية؛ فمن طريق ذلك يصبح في مقدورها جَعْل هذه الدولة تَعْتَمِد (اعتماداً متزايداً) في مقوِّمات عيشها ووجودها عليها، أو على دولٍ أخرى غنية بمواردها الطبيعية، وتَنْعُم بفوائض نقدية هائلة؛ لكنَّها تَعْتَمِد في أمنها واستقرارها على تلك القوى.
حتى تنظيماً كتنظيم "الدولة الإسلامية (داعش)" يَكْتَسب النفوذ (ويسيطر، ويُحْكِم سيطرته) في الطريقة نفسها؛ فهو ما أنْ يستولي على مدينة (في سورية أو العراق) حتى يَضَع يده على مَصَادِر العيش اليومي لسكانها، أيْ على كل ما من طريقه يُلَبُّون حاجاتهم الأَوَّلية (الغذاء والماء والطاقة والوقود..).
"الأمن (والأمان والاستقرار)" هو حاجة لكل مجتمع؛ فإذا فُقِدَ، أو إذا ما توفَّرت قوَّة ما على إفقاد المجتمع أمنه، تتقبَّل غالبية الناس، عندئذٍ، سلطة مَنْ يعيد الأمن إلى المجتمع، ولو كانت كارهة له مِنْ قَبْل؛ ولقد استطاعت الولايات المتحدة، مثلاً، أنْ تستعيد كثيراً من شعبيتها المفقودة في العراق عندما قادت الحرب على "داعش" الذي أفْزَع وأرعب العراقيين جميعاً.
وفي الأردن، استشعر الناس خطر انقطاع إمدادهم، وإمداد منشآتهم لتوليد الطاقة الكهربائية، بالغاز المصري؛ فتهيَّأ كثيرٌ منهم لتقبُّل أنْ يعتمد الأردن، في هذا المُقوِّم من مقوِّمات حياته، على الغاز الإسرائيلي (الذي سيُنْقَل إليه بأنبوب).
وذات مرَّة، رَفَضَ الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أنْ تعتمد سورية، في مياه الشُّرْب، على أنبوب مائي تركي، مُمْتَد إقليمياً، قائلاً إنَّه قد يسمح بمروره بالأراضي السورية؛ لكنه لن يقبل أبداً أنْ يعتمد السوريون عليه في مياه الشُّرب.
جاء في المثل الشعبي العربي: "مَنْ لا يأكل من فأسه (أو مَنْ لقمته ليست من فأسه) لا يكون رأيه من رأسه"؛ و"لقمة العيش"، عربياً، هي الآن، وفي المقام الأوَّل، القمح، وسائر الحبوب، ومواد الغذاء الأساسية، والماء الصالح للشرب الآدمي، والكافي للريِّ الزراعي، والطاقة. من قبل، كان لدينا "الفأس"، فَنُنْتِج به "لقمة عيشنا"؛ أمَّا الآن فأدخلوا في رؤوسنا من "ثقافة الاستثمار" ما عاد بالنفع والفائدة على مصلحتهم في انتزاع "الفأس" من يدنا، وفي مسخ وتشويه حياتنا الاقتصادية؛ طائعون، أو مُكْرهون، أخذوا مِنَّا "الفأس"، ثمَّ حالوا بيننا وبين استعادته، فتحكَّموا في "لقمة عيشنا"؛ فحلَّ بنا ما حلَّ بكل مَنْ يتوهَّم أنَّ منتوجه الفكري والثقافي والروحي لا شأن له بـ "الفأس" و"لقمة العيش" المتأتية منه، أو أنَّ في مقدوره أن يحيا حياةً فكرية وثقافية وروحية مستقلة وهو يعيش في تبعية لغيره، تشمل مقوِّمات عيشه ووجوده.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتنياهو يَقْصِف -خطَّة عباس-!
- في -خطة عباس-
- جَدَل الهدنة
- إنَّه -نَصْرٌ-.. لكنَّهم يَطْلبون دليلاً على وجود النهار!
- تحالفات الحرب على -داعش-
- مُرَاجَعَة استراتيجية فلسطينية لا بدَّ منها!
- إضاءات سياسية من الحرب على غزة!
- تَحَري صدقية -الخَبَر-!
- ما بَعْد الهُدَن القصيرة!
- ومضات 6
- الأسطورة والهزيمة والانهزامية!
- الحرب إذا غَدَت مرادِفاً للجريمة!
- -النَّصْر- و-التَّحَدِّي- في غزة!
- الحرب كالمطر لجهة خَيْرِها وشَرِّها!
- الفلسطينيون يَصْنَعون تاريخهم الآن!
- نتنياهو هُزِم!
- عندما -تُجَرَّم- المقاوَمة!
- -غزَّة-.. قصة دم مختلف!
- -الجرف الصامد- في عالَمٍ عربيٍّ منهار!
- -الانتفاضة- ضرورة ولكن..


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - ظاهرة -الاعتماد في البقاء-!