أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أبناء الشيطان (رواية قصيرة )















المزيد.....



أبناء الشيطان (رواية قصيرة )


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4562 - 2014 / 9 / 2 - 13:11
المحور: الادب والفن
    


أبناء الشيطان !
(رواية قصيرة )
محمود شاهين
إهداء:
إلى النساء اللواتي يرزحن تحت نير الإضطهاد الزوجي
وإلى الرجال الذين لم تجرفهم متاهات الخرافة !
وإلى كافة الشباب والفتيات الذين يطمحون في حياة اجتماعية
أفضل ، تحقق لهم الحد المقبول والممكن من حياة منفتحة
على المحبة وحق الإنسان في أن يحب ، بعيداً عن التعصب القطري والديني
والطائفي والقبلي والعشائري والطبقي والعائلي والمديني والريفي والقروي .
مع أطيب تحياتي وتمنياتي للجميع بحياة سعيدة تملؤها المحبة ويغمرها الحب !
محمود شاهين .
2-6- 2014

(1)

أركعها على ركبتيهاعلى حافة السرير وشمرلباس البيت الفضفاض الذي ترتديه على ظهرها وحسر سروالها قليلا أسفل رد فيها واستل (سوأته ) ! وواقعها بعنف في سرعة فائقة متأوهاً بصوت عال دون أن ينزع قطعة من ملابسه، ودون أن تفارق مؤخرة فتاة البكيني التي شاهدها على المسبح مخيلته . وفيما كان يستلقي ملتقطاً أنفاسه خطر له أنه ربما لم يعوذل ولم يبسمل كعادته قبل المواقعة حتى لا يتلبسه الشيطان ويواقع زوجته معه، مال على جنبه واستند متكئاً على مرفقه متسائلا:
- ذؤابه ! هل سمعتني أعوذل وأبسمل قبل أن ... ؟
- لا يا حكيم لم أسمعك ، هجمت علي كالوحش ودفعتني بقوة إلى غرفة النوم ، وأركعتني على طرف السرير . دخلت إلى البيت متهيجاً ، ماذا جرى معك في الخارج ؟
- أستغفر الله العظيم ، أستغفر الله العظيم ، اتركيني من ماذا جرى معي الآن ، وأنت هل تعوذلت وبسملت ؟
- وهل جعلتني بهجومك الشرس أتذكر العوذلة والبسملة ؟
" لا حول ولا قوة إلا بالله ،لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا حول ولا قوة إلا بالله "
********************
ولد حكيم وعاش في أسرة متدينة في المدينة . ومنذ طفولته الأولى غُرِس في دماغه أمران : الشيطان وجهنم ، إذ يتوجب عليه أن يتجنب غواية الشيطان حتى يتجنب عذاب جهنم في الآخرة ويدخل الجنة ليتنعم بالحوريات ورغد العيش. وحرص منذ طفولته أن يذكر اسم الله بسملة أو استعانة ( يا ألله ) قبل أن يقدم على أشياء كثيرة ،كالطعام والشراب والنوم والنهوض والإستحمام والوضوء والصعود والنزول والركوب في الحافلات ودخول البيوت والمساجد والكنائس والكنس ، فقد عاش في ضواحي المدينة التي يتجاور فيها المسلم مع المسيحي واليهودي . ونظراً لأن الأخيرين من أهل الكتاب فكان يتعامل معهم كأخوة في الإيمان ، مخالفاً بذلك آراء الكثيرين من الشيوخ الذين يعتبرونهم كفاراً. ومن هنا زرع في نفسه كره معظم الشيوخ وخاصة الذين يخالفونه الرأي ، فلم يكن يطلق ذقنه حتى لا يبدو شيخاً، وحرص على أن يكون له شاربان رفيعان مشذبان بعناية ، وأن يرتدي زيا عصرياً ويضع ربطة عنق كأي شاب متحضر في المدينة. وكان يحرص على دخول المعابد والبيوت بقدمه اليمنى ، والمراحيض بقدمه اليسرى ، ويتعوذ من الشيطان عند التبول والتبرز ، وحين تزوج فيما بعد راح يعوذل ويبسمل قبل مواقعة زوجته .
أنهى دراسته الثانوية ومن ثم الجامعية متخصصاً في الشريعة ، وعين مدرساً للديانة في مدرسة إعدادية .
ثمة مسألة لم يكن قادراً على مقاومتها وهي مؤخرات الفتيات ، حتى مؤخرات اللواتي كن يرتدين حجاباً فيما يحشرن مؤخراتهن في بناطيل ضيقة تبرز مفاتن الردفين . كان ما أن يشاهد مؤخرة استفزازية حتى يحاول غض الطرف مستغفراً الله لاعناً الشيطان .
كان يحرص على آداء الصلاة في أوقاتها ونادراً ما فاتته صلاة ، وإذا ما فاتته فإنه كان يقضيها فيما بعد .
تعرف إلى ذؤابة التي كانت معلمة لغة عربية ، وتسكن على مقربة من بيت أهله . وكثيراً ما صادفها صباحا على موقف الحافلة وحياها . وفي إحدى المرات جلس إلى جانبها في الحافلة ، ورغم أنها كانت محتشمة وترتدي الحجاب ، إلا أنه شعر باضطراب يجتاح جسده ، وهي بدورها شعرت بالأمر نفسه إنما بدرجة أقل .
وحرص قدر الإمكان أن لا يلامس فخذه فخذها . في ذلك اليوم تعمق تعارفهما . جذبه جمالها الهادىء المنطوي على جاذبية أخاذة ، أشعره أنه أمام جمال عذراوي يندر وجوده ،وهي جذبتها وسامته وتدينه وأدبه . فما أن تمالك نفسه ونظر نحوها معلنا أنه منذ أن عرفها وهو يرغب في الحديث معها للتعرف إليها أكثر ، حتى نمّت شفتاها عن ابتسامة ساحرة معلنة أنها رغبتها أيضا .
لم يمر وقت طويل حتى خطبا إلى بعضهما وتزوجا .
****************
تذكره الدائم للنقيضين الله والشيطان جعلهما يمثلان دائما في مخيلته الأول ليتقرب من محبته وينعم بجنانه وحور عينه ، والثاني مخافة الوقوع في غواياته وضلاله ، فحين يكون مع الأول يشعر بطمأنينه تجتاح نفسه وخاصة حين يؤدي الصلاة أو وهو يقرأ القرآن ، أو وهو يتأمل بخشوع متخيلا الجنة وحور العين يسامرنه على شاطىء الكوثر ! وحين يكون مع الثاني يشعر باضطراب وقلق وصورة الشيطان بشكل وحشي مرعب تمثل في مخيلته . كان يتخيله بجسم ضخم وقرنين هائلين وعينين مكعبتين وأنف ضخم وفم واسع جداً ،وأسنان كأنياب الفيل ويدين بأظافر كمخالب نسر هائل ، وشعر كث ينتصب كشوك القنافذ يغطي كافة أنحاء جسده ويطول كثيرا فوق رأسه وحول أذنيه الكبيرتين ، ولم يكن يرتدي شيئا على الإطلاق فيما سوأته الضخمة تتدلى حتى ركبتيه.
كان يحاول الهروب من الصورة بأن يعوذل ويبسمل و يلجأ إلى كتاب الله إذا كان في البيت ، أما إذا كان في الطريق أو في السوق فكان يهرع إلى أقرب معبد حتى لو كان كنيساً يهودياً ، يطرح نفسه في زاوية من زواياة وهو ينقبض متلويا على نفسه شابكاً أصابع يديه ببعضهما تارة ، محتضنا رأسه تارة أخرى .. وإذا ما شاهده أحد كان يظن أن نوبة صرع قد دهمته ، فيسارع إلى مساعدته ووضع الكتاب المقدس بين يديه .
نادرا ماكانت تنتابه هذه الحالة قبل الزواج . لكن بعد أن تزوج ، بل وفي الأيام الأولى من زواجه وقع تحت يديه كتاب عن الجن والشياطين حين كان يبحث عن كتب عنها تحديدا ليتلافى أذاها وخاصة في سرير الزوجية وخلال المضاجعة . عثر على كتاب بعنوان ( حوار صحفي مع جني مسلم ) هاله ما قرأه في الكتاب عن الجن والشياطين وقدراتها الخارقة للغاية بحيث بدت وكأنها تكاد تضاهي قدرة الله . وهاله الكم الهائل لأعدادها وممالكها الكائنة في الكون وتحت مياه المحيطات . كان دائما يظن أن الشيطان كائن وحيد ، لكن وبعد قراءة الكتاب وجد أن العالم يضج بالشياطين .وبدلاً من أن يتخيل شيطاناً واحداً خلال نوباته راح يتخيل أحياناً جيشاً من الشياطين يهاجمه .
أكثر ما أرعبه ونغص حياته إمكانية أن يتلبس شيطان سوأته خلال المواقعة ويضاجع معه زوجته ،ويستقر في فرجها ويظل يضاجعها مدى الحياة ، فتصاب بالشبق ولا تعود تشعر بإشباع وتحتاج إلى الممارسات الكثيرة المتنوعة والمتعددة ،ثم إنها قد تحمل وتنجب أولاداً شياطين وبناتِ شيطانات ! نزلت المعلومه على دماغه كالصاعقة ، والأسوأ أنه وجد أن ثمة إمكانية لأن يتلبس سوأته أكثر من شيطان ، وإذا ما استقر هؤلاء في فرج امرأته وضاجعوها معاً ، ستكون الطامة الكبرى ! ونظراً لأنه يدرك أن معظم الرجال لا يبسملون ويتعوذلون قبل المضاجعات ، راح ينظر إلى الناس كأبناء وبنات شياطين . وراح يسأل زوجته بعد كل مواقعة عما إذا استمتعت كثيرا وعما إذا شعرت أن ذروتها أكثر من المعتاد أو مضاعفة ، فكان يطمئن حين تقول له " بل أقل من عادية " ويطمئن أكثر حين تقول له " أي ذروة هذه التي تتحدث عنها وأنت تهجم علي كالثور وتنتهي في أسرع وقت دون أن تفكر في " ورغم أن هذه الإجابة كانت تطمئنه إلا أنها نبهته إلى أمر مهم ، فعدم تلبية رغبات زوجته أمر قد يدفعها إلى الخيانة الزوجية والاسوأ أن يدفعها إلى تجاهل البسملة والعوذلة مما يمهد السبيل أمام الشيطان .وهذان أمران لا يمكنه بأي حال مجرد تصورهما . ووجد نفسه يروض نفسه شيئاً فشيئاً
على المداعبة والتقبيل وحتى اللعق ، والإطالة قدر الإمكان في بلوغ الذروة لتبلغ هي معه أو قبله ، والحق إنه بذلك اكتشف ما كان يجهله في زوجته حين وجد أنها تبلغ الذروة مرتين أحياناً ، مرة باللعق ومرة بالإيلاج .
وكان يقطع الشك في الشيطان بقدر ما من اليقين حين يجعلها تردد البسملة والعوذلة قبل المواقعة ، إلى أن جاء ذلك اليوم اللعين الذي دعاه فيه أخوه الأصغر لتناول طعام الغداء على شرفة مطلة على مسبح الفندق الذي يعمل مسؤولا فيه ، ليرى ما لم يره في حياته من قبل ، وليعود إلى البيت محتقنا هائجاً مسرعاً ناسياً ليس البسملة والعوذلة فحسب ، بل الله والشياطين كلها ، ليواقع زوجته تلك المواقعة التي قلبت حياته رأسا على عقب .
**************
(2)
كان أخوه حاتم على النقيض منه تماماً رغم وجوده في أسرة متدينة ، واهتدى إلى ممارسة العادة السرية حين بدأ يشعر بمتعة عند ملامسة حمامته ، وحين التهبت ، راح يرطبها بلعابه غير أن اللعاب كان ينشف بسرعة فراح يسرق قطرات من الزيت في فنجان ويدخل إلى المرحاض ، أو يدخل إلى الحمام بحجة الإستحمام .. وحين تنبهت أمه لتأخره في المرحاض رصدته عند الخروج منه فأمسكته متلبساً بفنجان القهوة وآثار الزيت فيه . نهرته بلطف وهي تأخذ الفنجان :
" لا تلعب بحمامتك كثيراً ولا تسطو على تنكة الزيت ، استخدم الصابون وحين ينشف أعد ترطيبه بالماء حتى لا تلتهب حمامتك "!!
فاجأته أمه بأنها تعرف كل شيء راح يبكي متوسلا إليها ألا تخبر والده .
المشكلة الأكبر في طفولة حاتم قبل سن التاسعة حين فاجأته الجارة مع ابنتها عاريين تحت السرير . هتفت بقليل من الإنفعال :
" الله يغضب عليكم بعدكم صغار على الحب .. اطلعوا اطلعوا وما تعيدوها " !!
ارتدى حاتم ملابسه وهو في غاية الخجل.. قادته الجارة إلى أمه التي كانت صديقتها ، وأخبرتها عما كان يفعله .
" الله يغضب عليك غضب قلبي وغضب ربي "
وأخذت يده وضربتها على ظهرها بيدها، فيما قلب هو شفته السفلى وشرع في البكاء .
دفعته إلى كنبة وهي تهتف :
" الله يجعلني أسمع أنك فعلتها مرة ثانية "
والحق إن حاتم لم يفعلها مرة ثانية مع "طفلات ". فقد راح يعرف الحلال من الحرام . غير أن الحلال والحرام لم يردعاه عن ممارسة العادة السرية ليبتدع طرقا كثيرة لممارستها عند بلوغه سن المراهقه ، بل وابتكر ممارسات مختلفة كان أشهرها أن يثقب دائرة في بطيخة بحجم عضوه ويفرغها من اللب ويضاجعها !! وكان حريصا على أن لا يكتشف أحد هذه المتعة .
حين أنهى الثانوية وسافر إلى بيروت ليدرس في الجامعة الأمريكية ،عاش الحياة بطولها وعرضها حين وجد هناك بشراً مختلفين وحياة مختلفة ونادراً ما صادف أحد المتدينين غير المتزمتين . عرف خلال سني دراسته لإدارة الأعمال بعض الفتيات ومارس معهن الحب ، ومنهن من أحبها لتترك أثراً عميقا في نفسه حين تزوجت من مليونير خليجي . ويمكن القول إن حاتم لم يعد يطبق من شرائع الدين إلا نطق الشهادتين في بعض الأحيان ، بل وأحياناً يكتفي بالنصف الأول ! ويذكر أن آخر صلاة قام بها هي في المدرسة الإعدادية حين كان المعلمون يرغمون الطلاب على تأدية صلاة العصر في ساحة المدرسة . ويذكر تماما أنه سمع الطفل الذي إلى جانبه يسأل جاره خلال السجود ماذا تغدى ، فأجابه الآخر " مرقة عدس " فشرع حاتم في الضحك الذي راح يكبته في دخيلته بصعوبة إلى أن انتهت الصلاة .
*******
على العكس كان حكيم الذي عاش طفولة متزمتة . ونادراً ما اعترف بينه وبين نفسه بممارسة العادة السرية التي كان يجد نفسه مضطراً إلى التحايل عليها خلال الإستحمام حين يغسل سوأته " التي اعتبرها أسوأ ما فيه لذلك أسماها " سوأه " . فحين كان يدلك سوأته بالصابون كانت تنتصب فلا يجد بداً من استمرار التدليك حتى يبلغ النشوة . لم يكن يعتبر أنه يمارس العادة السرية بهذا التدليك ، رغم أنه كان يتخيل أفخاذ وأرداف ونهود وفروج فتيات خلال التدليك ، وواظب على ذلك حتى سن المراهقة وما بعده ،ويمكن القول حتى أن تزوج .
حين دعاه حاتم لتناول طعام الغداء في الفندق معه . لم يتوقع أنه سيجلسه على شرفة مطلة على المسبح .
وهما يجلسان إلى المائدة اعتذر له حاتم عن عدم الجلوس إلى جانب المسبح لأنه لا يسمح إلا بملابس السباحة ، مدركاً أنه لن يقبل بذلك .
" حتى الجلوس هنا مصيبة فما بالك بالجلوس على المسبح مع هؤلاء الكفرة العراة "
هتف حكيم .
" هؤلاء يريدون أن يعيشوا الحياة يا أخي لأن بعضهم يدركون أن الله غفور رحيم ، ولن يحاسبهم لأنهم سبحوا بملابس غير محتشمة ، وبعضهم يتركون ما لله لله وما للحياة للحياة ، وحين تقوم الساعة يفرج الله ما لاتعلمون "
قال حاتم . ولم يجب حكيم لأنه كان يستغفر الله وهو ينظر إلى فتاة أسفل الشرفة تنحني على حافة المسبح لتبرز مؤخرتها بشكل مثير قبل أن تقفز إلى المسبح . نظر حاتم إلى ما كان ينظر حكيم إليه ، فشاهد الفتاة .
" إنها سارة ، هي صديقة جميلة جدا ومثقفة وتعشق السباحة "
" الله يهديك يا أخي ألله يهديك ، ويعيدك إلى الإيمان القويم "
راح حاتم يبتسم فيما كان حكيم يجوب بنظراته كافة أنحاء المسبح مستغفرا الله أينما نظر :
ثمة فتاة مستلقية على بطنها لتأخذ حماماً شمسياً،وتلك تستلقي على ظهرها للأمر نفسه ،وتلك ترفع رجليها على كرسي ، وتلك تقوم بتمارين رياضية فظيعة ، وتلك تجري حول المسبح ، وتلك تقفز من علو شاهق ، وتلك يقوم شاب بعمل مساج لها وهي مستلقية على بطنها . " أستغفر الله العظيم ،أستغفر الله العظيم " ووجد حكيم نفسه يستغفر الله دون توقف . وعبثاً حاول أن يمنع نفسه من النظر ، مقتنعاً أن الله لن يحمله ذنوباً مكتفياً باستغفاره له !
*********
كان الطعام شهياً .. وكان الوضع سينتهي إلى ما هو مقبول ويمكن تحمله ولو على مضض من قبل حكيم ، إلى أن جرى ما هو ليس في الحسبان . فقد خرجت سارة من المسبح ونظرت إلى الشرفة لتشاهد حاتم ، فرفعت يدها محيية :
" هاي حيتم "
رفع حاتم يده ملوحا بها :
" هاي سوسوتفضلي حبيبتي "
" جييه جييه " هتفت سارة بلبنانية قح معلنة أنها جايه ( أي قادمة ) وشرعت في الصعود إليهما .
ما أن أقبلت حتى نهض حاتم لمصافحتها مشرعاً يديه على وسعهما لاحتضانها فيما كانت هي تشرع يديها بدورها وتطبق بهما على جسده وتشرع في تقبيله وهي تردد " اشتئت إلّك حبيب ألبي " فيما كان هو يطوق خصرها بيديه ويقبلها وهو يردد " وأنا اشتئت إلك حبيبتي ،كيفك ؟ "
" مشتاءة مشتاءة "
والتفتت نحو حكيم مطلقة يدها اليمنى عن جسد حاتم لتصافحه ، مرددة :
" مين هيدا الشب الكربوج يلي معك "
" هذا أخي حكيم أكبر مني "
" ياي شو حلو .. مرحبا "
ومد حكيم يداً مرتعشة وهو يردد على مضض:
" أهلاً "
تصافحا .. بالكاد أطبق حكيم يده على يدها ، وهو يستشعر حرارتها تجتاح كيانه .
"اجلسي حبيبتي " هتف حاتم وهو يحرر خصرها من يده اليمنى التي كانت ما تزال تطوقه .
" شكرا بس ما بدي أقاطع جلستكم "
" لا لا ما فيه شي ، عادي"
وسحب حاتم لها الكرسي الذي على رأس المائدة لتجلس عليه بينه وبين حكيم ،فيما كان حكيم يغسلها بنظراته من رأسها حتى أخمصي قدميها ، ليجد أن كل ما فيها حتى أصابع قدميها قطع حلوى قابلة للإلتهام بشهية ، فيما راحت شهوة طاغية تجتاح جسده حين ألقى نظرة نحو شكل فرجها مرتسماً خلف شريحة البكيني التي تسترة ، وحين انحنت للجلوس منحرفة بمؤخرتها إلى ناحيته لتجلس على الكرسي بشكل جانبي لتبقي جسدها في مواجهة حاتم ، تجلت له مؤخرتها وشريحة البكيني تنحصر بين ردفيها لتبدو مؤخرتها وكأنها عارية ، راح جسده ينتفض من أعلاه إلى أدناه ،وأسنانه تطرق على بعضها ، وسوأته تتحفز بشكل فظيع ،ولم يعد قادراً لا على استغفار الله ولا على التعوذ من الشيطان ، ولا على الحوقلة ، ولا على أي شيء يمت بصلة ما لله وللشيطان ، وكأنه لم يكن لهما وجود في حياته . وجاهد قدر الإمكان لأن يبدو طبيعيا .
" أطلب لك غدا حبيبتي "
" لأ سبئتكم حبيب ألبي بس ممكن أوخد كأس بيرة "
وألقى حاتم نظرة نحو حكيم وهو يهتف :
" بعد إذنك أخي ممكن نشرب بيرة " ؟!
أومأ حكيم برأسه أن " ممكن " لأنه لم يعد قادراً على الكلام لشدة تهيجه . غير أنه فوجىء بما لم ولن يفهمه على الإطلاق ، حين هتفت سارة :
" ياي متدين !؟ بهنيك من ألبي !! لا حيتم مستحيل ، ما تطلب ، ليزم نحترم مشيعره وتدينه لحكيم، اطلب لي كيزوزه "
وعبثا حاول حاتم أن يقنعها بالعدول عن رأيها وعبثاً حاول أن يقنع حكيم بالبقاء معهما وعدم الإنصراف ، بعد أن أغصب الأخير نفسه على قمع سوأته حتى لا يبدو تخيمها في بنطاله ، ونهض مستأذنا الإنصراف .
نهضا . صافحاه . انصرف على غير هدى دون أن تفارق حرارة يد سارة أو جسدها عقله .عاد بسرعة إلى البيت دون أن يكون للشيطان والله وجود في خياله ، ليواقع زوجته بعنف.
***************
(3)
لم تكن أسرة ذؤابة متقيدة بشرائع الدين وإن كانت تعتبر متدينة وتحافظ أمام المجتمع على بعض الطقوس الدينية والشرائع ، كصيام شهر رمضان وتأدية الصلاة خلاله فقط ، وكأن باقي أيام السنة لا تستوجب الصلاة . كما كانت الأم ترتدي حجاباً عادياً حين الخروج من البيت . ضمن هذا الجو الوسطي دينياً عاشت ذؤابة . تلمست متعة الغريزة الجنسية دون وعي منذ أن كانت في سن الرابعة ، حين كانت أمها تحممها ، وحين كانت تمد يدها عفوياً إلى ( دحنونها كما أسمته أمها) فتشعر بما هو لذيذ ، إلى أن وجدت نفسها تتلمس دحنونها بأطراف أصابعها بين فترة وأخرى ، إلى أن تنبهت لها أمها فحذرتها من فعل ذلك لأنه عيب . وحين تجاوزت الخامسة بدأت المحظورات تكثر ككشف الفخذين الذي يودي بها إلى النار ، والجلوس باحتشام ..وألبستها أمها الحجاب عند دخول المدرسة . ويمكن القول إن ذؤابة كانت تلتزم السلوك الطبيعي ، وإذا ما صادف أن مدت يدها دون وعي إلى دحنونها قبل النوم ، كانت تتذكر بعد لحظات أنه حرام وقد يذهب بها إلى النار، فتعيدها بسرعة إلى صدرها .غير أن الأمر لم يبق كذلك حين أصبحت في العاشرة وما بعدها ، وأخذت تستحم وحدها . فملامسة الدحنون لغسله وتنظيفه مسألة لا بد منها . حاولت في أول استحمام لها أن تتجاهل الأمر ونجحت ، وفي الإستحمام الثاني نجحت بصعوبة ، وفي الثالث اضطرت لمداعبة دحنونها قليلا وشعرت بالقليل من المتعة . وراحت فيما بعد تفعل الأمر حسب مزاجها ، فإذا كانت رائقة ، كانت تداعبه لتستشعر بعض المتعة ، وإذا لم تكن ، كانت تتجاهل الأمر، إلى أن اختلف كل شيء بعد أن جاءها الطمث في سن الثالثة عشرة ، وأخبرت أمها بالدم الذي نزل منها ، فطمأنتها إلى أنها أصبحت أنثى ، وأن عليها من الآن فصاعداً ، أن تلتزم أكثر أمام الناس ، بحسن السلوك ، والاحتشام ، وعدم التلفظ بكلمات نابية ووو !!
والحق إن كل هذا التحذير لم يجد مع ما راح يتأجج في دخيلة ذؤابة ، فما أن دخلت الحمام بعد توقف الدم ، حتى راحت تدلك دحنونها ( الذي لم يعد دحنوناً ) لتكتشف ماذا تعني الأنوثة ؟ لم تطل المداعبة حتى اجتاحت جسدها نشوة عارمة لم تستشعرها من قبل . ولتدرك تماماً ما ذا تعني الأنوثة . واظبت على ممارسة االأمرفي الحمام وفي السرير لكن ليس بإفراط . ودام معها الأمر بعد دخول الجامعة ودراسة علم الإجتماع ، وحتى بعد أن تزوجت ، وخاصة بعد أن يشن حكيم هجوما مباغتاً عليها ويبلغ ذروته في سرعة فائقة ، ليتركها في حالة رغبة متأججة لم تكتمل ، فتدخل إلى الحمام وتنهي الأمر بممارسة في خيالها . وكانت خلال سني الجامعة وما بعدها قد شاهدت بمعية صديقة لها بعض الأفلام الإباحية في بيت الصديقة ، مما منحها خبرة مقبولة في الممارسات الجنسية ، كانت توظفها خلال الممارسة المنفردة .
لم تكن ذؤابة أيضاً تطيق العوذلة والبسملة اللتين فرضهما عليها حكيم قبل المواقعة ، وحاولت عبثاً أن تقنعه أن عوذلته وبسملته تكفيان لكف أذى الشيطان ، غير أنه لم يقتنع زيادة في الحذر ، وإن وافق على أن تبسمل ووتتعوذ في سرها أو بصمت !! فكانت في معظم الأحيان لا تفعل ، والحق أنها في قرارة نفسها لم تكن تقتنع بوجود الشيطان أصلا إلا في مخيلة حكيم . فقد شغلتها قصة الخلق والوجود من المرحلة الثانوية ،وثابرت على قراءة الكتب التي تبحث في العقائد والأساطير البشرية إلى أن وصلت إلى قناعة أن الحقيقة المطلقة للوجود لم يتوصل إليها العقل البشري بعد . غير أنها كانت مضطرة إلى مسايرة زوجها ومسايرة المجتمع ، لضعفها في مجتمع ذكوري يضطهدها ويغلق عقله على مفاهيمه الذكورية .
*************
كانت مستلقية على السرير إلى جانب حكيم الذي أدرك أنهما لم يتعوذا من الشيطان ولم يبسملا حين باغتها بهذا الهجوم وأركعها على السرير وشرع في مواقعتها فيما مؤخرة سارة تمثل في مخيلته . فبلغ الذروة في حوالي تسعين ثانية لا غير !
توقف عن الحوقلة والعوذلة وهتف :
" اسمعي ! سأواقعك من جديد لعلنا نطرد الشيطان إذا تلبسنا "
تجاهلت طلبه وسألته :
" لم تقل لي ماذا حدث معك خارج البيت حتى هاجمتني بهذه الطريقة الوحشية "؟!
تنبه حكيم لسوء فعله وأدرك أن ذلك قد يجر عليه عواقب وخيمة فتلجأ زوجته إلى الخيانة الزوجية إن لم يتلبسها الشيطان ويشبعها :
" آىسف حبيبتي ! لن أعدك أنني لن أكررها ، لكني سأحاول ، دعاني حاتم إلى الغداء على المسبح ، لم أحتمل مشاهدة معظم الفتيات بالبكيني "
" هكذا إذن " ؟
" هذا ما حدث صدقيني "
" وهل ستغتصبني اغتصاباً الآن ؟ "
" أبدا ، سأعمل جهدي كي أمتعك بقدر ما أستطيع ،وأطيل الممارسة إلى أن تنتشي وتشعري بالإشباع "
" ليتك تنفذ هذا الكلام دائماً "
وشرع في نزع ملابسه ، ثم دخل إلى الحمام ليغسل سوأته ( حسب تعبيره )
وكذلك فعلت ذؤابة .
تعوذ وبسمل عدة مرات قبل أن يشرع في المواقعة ، وكذلك فعلت ذؤابة جهراً لإرضائه .
شرع في تقبيلها في أنحاء مختلفة من جسدها كأي رجل متحضر . وبادلها قبلات عميقة ، دافعه أمران : عدم التفكير في خيانته مع آخرين ، والحذر بالبسملة والعوذلة حتى لا يتلبسها الشيطان .
بادلته قبلاً أكثر حرارة . وصممت على أن تمتعه بأقصى ما تستطيع دافعها أمر واحد ، أن تجعله يشعر بالإشباع ويكف عن اختلاس النظرات إلى النساء، وكانت مستعده لأن تجعله يواقعها أينما شاء !!!
وحين استند على بطنها مقرباً باهه من عنقها ،احتوته بقبضتيها ،ثم أخذته ملء فيها ، وأطبقت عليه بشدقيها .
تأوه حكيم من أعماقه وذؤابة تقبل عليه تقديماً وتأخيراً. وجاهد قدر الإمكان أن لا يمثل فم سارة في مخيلته ، غير أنه لم يفلح .صرخ بعد لحظات .مخافة أن ينتشي في فيها ! " خلص توقفي " غير أنها لم تتوقف !!!!
ما أدهشه أن ذؤابة راحت تنتشي أيضا مطلقة الرعشات الرعشة تلو الرعشة . لم يصدق ماذا يجري . وحاول قدر الإمكان أن لا يفكر في أن الشيطان تلبسها وهو الآن يواقعها معه ، فكيف تنتشي وهو لم يقترب من فرجها بعد ! وبهذا القدر ؟!
لم يبح لها بما يراوده . وصمم على تحدي الشيطان إن كان قد تلبسها . تركها إلى أن هدأت ، وشرع في تقبيل فرجها ثم شرع في التهامه دون أن تفارق ارتسامة فرج سارة خلف شريحة البكيني خياله . راحت ذؤابة تنتشي ، أولج باهه وهي تنتشي ،وانتشى هو وهي تنتشي . و قبلها وانطرح إلى جنبها وهي تنتشي ، كان ينظر إليها بذهول ، كل جسدها يرتعش من قمة رأسها حتى أخمصي قدميها .. ولم يتنبه لنفسه إلا وهو يصرخ باكيا من أعماقه ويلطم بيديه على جانبي رأسه " لا ،لا ، لا لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا حول ولا قوة إلا بالله "
هدأت ذؤابة وراحت تحدق إليه بدهشة متسائلة :
" ما بك شو صار لك "
" الشيطان لقد تلبسك الشيطان "
" يا حبيبي أي شيطان ألم تر أنك متعتني كما لم تمتعني من قبل ؟ "
ومدت يديها واحتضنت رأسه في محاولة لاحتضانه وتهدئته ، غير أنه أبعد يديها بعنف وصرخ :
" ابعدي عني ، لا تلمسيني ، الشيطان يسكنك الآن ، أنت قذرة ، وسخة "
راحت تصرخ باكية متوسلة :
" حبيبي . أنت تتوهم . الشيطان في دماغك ، في دماغك فقط أنت من يحتويه ويستحضره "
" لا ! عاهرة ! عاهرة ! اخرجي من حياتي ، انصرفي ، لن أحيا مع امرأة عاهرة تسكنها الشياطين "
************************
(4)
احتملت ذؤابة صراخ حكيم وشتائمه مدركة أن النوبة الشيطانية قد جاءته :
" طيب حبيبي هدىء نفسك ، لا تغضب ، هل أحضر لك القرآن " ؟
غير أن وجهه وعنقه احتقنا بالدماء وبدت أوردة عنقه وقد انتفخت فبدا شكله مرعباً . صرخ بأعلى صوته :
" قلت اخرجي .. انصرفي من بيتي يا قحبة "
ارتعبت ذؤابة ونزلت عن السرير وهي تردد :
" خلص خلص سأخرج سأخرج لكن إهدأ .. دعني أرتدي ملابسي هل سأخرج عارية في وضح النهار ؟ "
ونهض حكيم مشرعاً يدين كالمخالب وصرخ وهو يهم بالنزول عن السرير:
" أخرجي قبل أن أمزق جسدك "
تراجعت ذؤابة تقهقراً دون أن تستدير . نزل حكيم عن السريروجسده كله يحتقن وينتفخ ليبدو كائنا آخر لا يشبه حكيم في شيء.
خرجت ذؤابة من غرفة النوم إلى الصالون . تبعها مشرعاً أصابع كالمخالب ، هربت نحو مدخل البيت . توقفت خلف الباب وهي تمسك بمقبضه حتى تفتح وتهرب إذا لم يتوقف .. لم يتوقف وكر نحوها مشرعاً مخالبه صارخا. فتحت الباب وخرجت ، وبدلا من أن تخرج إلى الشارع هرعت نحو الطوابق العلوية ، وهي تصرخ بأعلى صوتها . فوجئت به يخرج خلفها ويصرخ " أين تهربين يا عاهرة " صعدت ذؤابة ثلاثة طوابق وهي تصرخ . فتح الجيران أبواب بيوتهم ليتبينوا الأمر . هرع شاب بعباءة خلف ذؤابة . توقفت حين التفتت وشاهدت الشاب يتبعها على المصعد حاملاًعباءة . لف الشاب العباءة على جسدها فيما فتحت فتاة باب بيتها وهتفت " ذؤابة حبيبتي " ! وهرعت نحوها واحتضنتها وأدخلتها إلى داخل البيت وأجلستها على كنبة . كانت ترتجف بشدة والدموع تغطي وجهها .
( جيبوا لي كاسة مي ) وضمت رأس ذؤابة إلى حضنها وراحت تربت على ظهرها مهدئه ، فيما ذؤابة تنشغ وتنشج باكية .
حين بلغ حكيم الطابق الثاني صارخاً " أين ذهبت يا قحبه " اعترضه الشاب الذي ستر جسد ذؤابة بالعباءة ، طرحه حكيم أرضا بضربة واحده بعرض يده . شاهد بعض الشباب الذين تجمهروا على الدرج أن حكيم يتمتع بقوة خارقة وأنهم قد لا يتمكنون من إيقافه ، انقض عليه ثلاثة معاً فطرحهم أرضا خلال ثوان . ولم يتمكنوا من إيقافه ، إلا بعد أن اعترضه شاب موجهاً نحوه مسدسا وهو يهتف " إن لم تتوقف سأخردق جسدك " توقف حكيم لاهثاً . " أقل حركة سأطلق النار عليك " هتف الشاب وأشار إلى الآخرين أن يأتوا بحبال لتقييد يديه ورجليه .
هرعوا بقطع حبال وأحزمة جلدية وشرعوا في تقييد حكيم من يديه ورجليه فيما الشاب يصوب المسدس إلى رأسه مهدداً بإطلاق النار على رأسه إن أتى بأقل حركة .
قيدوا يديه خلف ظهره ، وضموا رجليه إلى جانب بعضهما وقيدوهما . ثم طرحوه أرضاً . خابروا أهله .
هرع حاتم وأبوه على الفور .فوجىء حاتم بالحال التي وصل إليها أخوه والزبد يخرج من شدقية ليسيل على ذقنه ، ولم يعرف كيف وجد نفسه يهتف بلوعة " آه من أمة جننها الدين " !!
طلبوا سيارة اسعاف ونقلوه إلى مستشفى الأمراض العقلية .
**********
كانت الجلسة الأولى مع الطبيب بعد أن حقن حكيم بمهدئات ، وفك القيد عن رجليه ووضع قيد طبي في يديه دون أن يكونا خلف ظهره ، وبحضور حاتم سأله الطبيب فيما إذا كان يدرك أنه مريض . لم يفاجأ الطبيب حين أجاب حكيم بقليل من الإنفعال :
" أنتم المرضى ، أنتم زنادقة وكفرة وأبناء شياطين "
" حكيم إن لم تقر وتعترف أنك مريض وتمتثل للعلاج سيكون علاجك صعباً ومؤلماً لك "
لم يفاجأ الطبيب حين رفع حكيم رجله ودفع بها الطبيب من صدره .
نهض الطبيب فيما حاتم يهجم على رجلي أخيه ليحد من حركتهما .
أمر الطبيب بتقييد رجليه . وحقنه بمخدر .
هجم ممرضون على حكيم وقيدوا رجليه .. وحقنوه بمخدر قوي ..
" حالته صعبة جداً، والأمل في شفائه ضئيل للغاية ، سنجرب معه كافة أنواع العلاج التي وصل إليها الطب الحديث ، ونأمل أن تتحسن حاله .. أمر مؤسف جداً أن يصاب شاب في عمره بهذا المرض الخطيرجداً " هتف الطبيب مخاطباً حاتم .
" آه يا دكتور ! أرجوا أن تعتنوا به قدر الإمكان ، وسنتحمل تكاليف العلاج مهما كانت "
هتف حاتم ، وغادر المستشفى حزيناً كئيباً للحال التي بلغها أخوه .
****************
(5)
احتار الأطباء في تشخيص حالة حكيم ، فلم ينطبق عليها أي حالة من حالات الأمراض النفسانية والعصبية المعروفة ، فلم تكن شوزفرينيا بالضبط ولم تكن عصاباً ، ولم تكن اكتئاباً ، ولا تخلفاً عقلياً ،ولا ذهانأً ،ولا هذاءً ،ولا إنهاكاً عصبياً ، وإن كانت تحمل بعض عوارض هذه الأمراض ،وبشكل خاص الشيزوفرينيا والذهان والهذاء !
أخضع حكيم لمعالجات كثيرة لمدة ستة أشهر ، كان أكثرها تأثيراً عليه العلاج بالصدمات الكهربائية للتخفيف من حدة القلق الذي ينتابه ، ولمحاولة كبح دماغه عما يتخيله من أوهام شيطانية تسيطرعليه ، وجعله أكثر عقلانية في التعامل مع الواقع المحيط به .
حين زار حاتم الطبيب للمرة الأخيرة . أبدى الطبيب حيرته في حالة حكيم . قال له :
" صدقني يا حاتم أننا عجزنا عن تشخيص نوع مرضه ، هو في الغالب مرض عقلي وليس عصبياً ، وإن كان حكيم يواجه حالات عصبية أحياناً . ما يحيرني هو أن ما يمثل في خياله هو شيطان مؤمن ، ويبدو أنه مؤمن بالديانات السماوية كلها .وهنا قاطع حاتم الطبيب قائلا:
" أجل يا دكتور هو كذلك فعلا وكان يكره الشيوخ الذين يعادون اليهود والمسيحيين "
" المفارقة يا حاتم أن سلوكه في الواقع هو عكس ما يتمثله خياله ، فهو ينظر إلى البشر جميعا كأبناء شياطين وكفرة وملحدين ، لا يفرق بين مسلم ومسيحي ويهودي وملحد وكافروعلماني ، فالجميع عنده سواسية ، ويدعو إلى الدين القويم ،والدين القويم عنده ، هو التطرف الإسلامي ، فكثيراً ما كان يهذي بعبارات " مولاي ابن لادن ، مولاي الظواهري ، الجهاد ، الجهاد ، لإقامة امبراطورية الإسلام على العالم !! "
ومد الطبيب يده إلى قرص مضغوط يحتوي على بعض هذيانات حكيم لعله يعرضه على المزيد من الأطباء لمحاولة تشخيص حالته بدقه .
تنهد حاتم بعمق " إذن هذا هو الدين القويم الذي كان يدعو الله لأن يهديني إليه "!؟
" هذه المسألة مؤكدة ويمكنك أن تسمعها من الشريط "
" وكيف حاله الآن ؟"
" هادىء إلى حد ما لكنه لا يخلد إلى النوم دون حبوب منومة وقوية المفعول ،ودائماً نسجل ما يهذي به خلال نومه ، نادراً ما يهذي خلال صحوه "
" هل اعترف أنه مريض يا دكتور ؟ "
" ليس اعترافاً كاملاً قال ثمة احتمال أنه يعاني من مرض ما وأنه الآن في مستشفى "
" وهل هذا تحسن " ؟
" بالتأكيد ،أفضل من قبل "
"وهل في الإمكان زيارته " ؟
"أكيد ممكن . "
" وماذا عن إمكانية إخراجه من المستشفى ؟ "
" ممكن شريطة مراقبته باستمرار وإعطاؤه الأدوية في أوقاتها ،وعدم السماح له بالخروج وحده "
" لماذا ؟"
" قد تعود له الحالة فجأة ، وقد يحاول الإلتحاق بجماعات جهادية كأن يتسلل إلى سوريا ، وقد يحاول إقامة تنظيم جهادي يقوم بعمليات تخريبية في البلد "
" يا إلهي ! هل هذا يعني أن شفاءه التام شبه مستحيل يا دكتور " ؟
" بل مستحيل يا حاتم "
" آه ! آه ! هل بإمكاني مشاهدته "
" بالتأكيد " ونادى الطبيب ممرضة لتصحب حاتم إلى غرفة حكيم .
ألقى حكيم من الباب نظرة عليه . كان يجلس منكساً رأسه ويحتضنه بيديه مطرقاً نحوالأسفل ،دون أن يتنبه للباب الذي فتح . هتف حاتم بصوت خفيض " حكيم " رفع حكيم رأسه ببطء دون أن يحرريديه من احتضان رأسه . هتف بلهفة حين تبين له حاتم " حاتم " ونهض عن السرير مشرعاً يديه . اقترب حاتم مشرعاً يديه بدوره ..تحاضنا وتعانقا .
"اشتقت لك يا أخي كيف حالك " هتف حاتم .
" أنا بخير يا أخي ،مشتاق لكم جميعا "
شعر حاتم أن حكيم قد شفي تماماً . لولا أن الطبيب أكد له أن شفاءه التام مستحيل .
" سأخبر الأهل ليزوروك ،وقد نخرجك من المستشفى قريباً "
" يا ليتكم تفعلون ذلك يا أخي لقد مللت من المستشفى "
" سنفعل يأ أخي "
********
كانت ذؤابة تقرفص منزوية على أريكة في صالون بيت أهلها ،ودمعتان تنزلقان على وجنتيها . دخلت أمها فرأتها تبكي . سألتها بما يشبه العتاب :
" هل تبكين على هذا المجنون ؟ "
همست ذؤابة وهي تحاول مسح دموعها والتوقف عن البكاء :
" إنه زوجي وحبيبي ، أحببته قبل أن أتزوجه ، فإذا لم أحزن لحاله وأبكي عليه على من سأبكي ؟ إنه قدري يا أمي ولن أهرب منه "
" أصيلة يا بنتي أصيلة ، الله يشفيه ويعيده إليك بكل عنفوان شبابه ووسامته "
قرع الباب . فتحت الأم . كان حاتم .
هتف قبل أن تنهض ذؤابة مرحبة به :
" تهاني ذؤابة حكيم تحسن ويمكنك زيارته "
" أشكرك من كل قلبي حاتم إنه أجمل خبر سمعته بعد خبر خطبة حكيم لي "!!
"حضري حالك غدا سأذهب معك ، فضلت أن تزوريه أنت أولا قبل أمي وأبي .لكن اسمعي ، هل بإمكانك أن ترتدي نقاباً ، أشعر أن هذا قد يرضيه ، رغم أنه لم يفرض عليك النقاب من قبل "
" من أجل أن يشفى حكيم مستعدة لأن أرتدي النقاب مدى الحياة يا حاتم "
" تشكري عزيزتي ، أعرف مدى طيبتك ومدى محبتك له "
******
حين فتح الباب على حكيم كان متكئا على سرير المستشفى . استند حكيم في جلسته ليرى حاتم واقفاً وبيده باقة ورد . خاطبه حاتم وهو يقف بالباب :
" معي زائر عزيز عليك ومشتاق لك كثيراً "
"أين هو " ؟
وأطل حاتم من الباب مشيراً إلى ذؤابة أن تتقدم وتقف بالباب دون أن ترفع النقاب .
نظر حكيم ليرى امرأة تتشح بالسواد من رأسها إلى قدميها وتلبس قفازات سوداً في يديها . هتف :
" من هذه ؟ "
قال حاتم :
"من تحب أن ترى أولا "
قال : " وهل هناك من هي غير ذؤابة يمكن أن أفكر في رؤيتها "
رفعت ذؤابة نقابها ليتجلى عن وجه ملائكي تنزلق دمعتان على وجنتيه . نهض حكيم مشرعاً يديه متقدماً نحوها هاتفا " ذؤابة حبيبتي " فيما كانت هي تهرع بدورها مشرعة يديها لتحتضنه ضامة رأسه إلى صدرها وهي تقبله والدموع تنزلق مدراراً من عينيها . رفع رأسه عن صدرها ليضم رأسها بدوره إلى صدره ويشرع في تقبيل رأسها . أجلسها على السرير . وجلس على ركبتيه أرضاً أمامها وشرع في تقبيل يديها من فوق القفاز ، ثم نزع القفازين وثابر على تقبيل يديها بطناً وظهراً وهو يردد حبيبتي ،فيما كانت هي تقبل رأسه وتردد حبيبي .
*******************
( 6)
" فاخرج منها فإنك رجيم " "فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين "0 أخرج يا شيطان أخرج يا شيطان من جسد ابن الإنسان عليك لعنة الرحمن " وكان الشيخ يكررعباراته وينوع بآيات مختلفة من القرآن ،ويده تهوي ضرباً بخيزرانة على مؤخرة حكيم المعراة وهو يركع في وضع سجودي كاشفا مؤخرته ، وقد فصد ابهامه الأيسر بجرح صغير ليتسنى للشيطان الخروج منه ، فيما كان شيخ آخر يطلب إلى حكيم أن يرفع رأسه بين فترة وأخرى ليبخ وجهه بماء مزج بمنقوع آيات قرآنية ، فهذا المنقوع يساعد على ضيق تنفس الشيطان فيبحث عن مخرج من الجسد ، شريطة أن يكتم حكيم نفسه بعد البخ ، وقد فضل الشيخ أن يستخدم طريقتين معا ليضمن خروج الشيطان من جسد حكيم في أسرع جلسات ، ولا يدفعه إلى إخضاع حكيم لسبع جلسات ضرب وبخ على مدى سبعة أسابيع ، وإن لم تنجح ، فسيضطر إلى سبع جلسات أخرى ، لأن الشيطان الذي يحتل جسد حكيم ، يتحكم به ملاك شيطاني يسكن خلف سبعة بحور في السماء السابعة على مقربة من سبعة بحور من العرش الإلهي !! أربعة عشر بحراً بالتمام والكمال عدا السماوات تفصل بين الشيخ وبين ذاك الملاك الشيطاني ، فكيف سيستطيع التحكم به إن لم يعنه الله جلت قدرته على التصدي له ليتمكن من إخراج الشيطان الذي يسكن جسد حكيم .هذا ما صرح به الشيخ لأب حكيم الذي كانت تربطه به صداقة قديمة ويثق الآخر به ثقة عمياء ، مؤكدا له أن حكيم ممسوس بجن شيطاني وأنه بإذن الله لقدير على إخراجه من جسده ،ولو اضطر أن يقوم بذلك على حسابه ! وكان والد حكيم حاضراً في الجلسة وينزوي صامتا في غرفة خفيفة الإضاءة تجلل جدرانها ستائر سود .
****************************
كان حكيم قد أخرج من المستشفى بناء على طلب ذويه ، رغم أن الطبيب نبههم إلى أن الحالة قد تنتابه في أي وقت ،وما الأدوية إلا مسكنات ومهدئات لا تشفي من المرض ، ربما في حال واحدة ، الإلتزام بها لفترة طويلة جدا ، مع الإرشاد والنصح لحكيم أن الشياطين لا تسكن أجساد البشر ، وهنا قاطع حاتم الطبيب متسائلا" وكيف يمكن لعقل حكيم المنغلق على مفاهيم دينية أن يستوعب هذا الأمر " " للأسف لا يمكن مواجهة الغيبيات إلا بمنطق العلم حتى لو اصطدم معها "
مرت الأيام الأولى بسلام . وحرصت ذؤابة على أن تعطيه الأدوية في أوقاتها ،وتلاطفه دائماً ، وتكون طوع يدية وأوامره ، وكانت تخرج معه منقبة لتنزهه في الحدائق ، وتدعه يختلس النظرات إلى المؤخرات وغير المؤخرات من سيقان وفتيات جميلات ، وراعت رغباته الجنسية كلها وكانت تلبيها له متى شاء ،وأينما شاء وكيفما شاء ، ولو على حساب متعتها ، وتتلفظ في السرير بكل الألفاظ النابية والخليعة والمهيجة والمذله لها التي لقنها إياها لترددها. وحين وجدته يتلمس دبرها مستذكراً في خياله آية قرآنية مجتزئاً منها ما يريد ، لم تمانع ، رغم الألم الذي أحست به ، وقطرات الدم التي نزلت منها نتيجة جرحها، فهو لم يراع أصول هذه المواقعة لأول مرة ، بأن يلين ويمهد للإيلاج بهدوء وتأن . تحملت ذؤابة كل ذلك من أجله ومن أجل محبتها له ، ومن أجل الحفاظ على عش الزوجية ، مضحية بمتعتها ، كابتة نشوتها فيما لو حدثت . وراح يكرر هذه الممارسة حين اكتشف متعتها ، بل وطلب إلى ذؤابة أن تجمل دبرها بمواد تجميلية ، فلبت له كل رغباته ، وربما لم يبق شكل من أشكال المواقعة إلا وجربه معها . وهي تلبي ذلك له وإن كان على حساب متعتها . والحق إن ذؤابة كانت سيدة في غاية الجمال ،وتكاد هيلين الطروادية أن تكون أمامها لا شيء . لقد حازت من الجمال واللطف والكمال والنبل ما يتمناه إلا العظماء . وخانها الحظ في مجتمع لا يفتح أمامها إلى أقل الفرص ، وأضيق هوامش الحرية .وهذا ما كانت تدركه تماما ، ولو لم تكن في حال لا تحسد عليها مع زوجها ، لمارست ما كانت تحلم بممارسته ، من نشاطات ثقافية وإجتماعية ،ونضالية لتحسين أوضاع المرأة وحقوقها في المجتمع .وكم تمنت في سرها لو كان حظها قد هداها إلى حاتم وليس إلى حكيم ، لما عرفته عن حاتم من ثقافة منفتحة وعقل ناضج .
عادت إليه الحالة فجأة . كانت تجلس هي وإياه ليلا أمام التلفازوهو يقلب المحطات . توقف فجأة أمام محطة تبث أغنية بدلع وغنج لهيفاء وهبي .. وفيما كان فخذا هيفاء يتألقان بلقطة مقربة على الشاشة ، أخذ حكيم زجاجة كولا كانت أمامه وضرب بها الشاشة وهو يهتف "يلعن أبوك على أبو إلي جابك ، كفرة ملحدين " انكسرت الشاشة وتوقف البث . فوجئت ذؤابة بالأمر واعترتها الدهشة . سارعت إلى احتضانه في محاولة لتهدئته ، لكن انفعاله زاد ، أفلت نفسه بأن دفعها ، وراح يصدر أوامره :
" اسمعي ، من الآن فصاعداً ، لا تلفزيون ، لا راديو ، لا موسيقى ،لا انترنت ، لا كتب ومجلات خلاعية ، احرقيها كلها ، ابق على القرآن والكتاب المقدس والسيرة النبوية وصحيح البخاري وحوار صحفي مع جني مسلم وكل الكتب الدينية ، لا أريد ان أرى أي كتاب غير ديني "
" أمرك حبيبي أمرك ، بس هدىء أعصابك "
وسارعت إلى القرآن وأحضرته له .
قبله ورفعه إلى جبينه . فتحه وشرع يقرأ بصمت .
دخلت إلى المطبخ وأرسلت رسالة إلى حاتم على الهاتف المحمول اتفقت معه عليها " احضر بسرعة "
*******************
جاء حاتم بعد حوالي نصف ساعة . صافح حكيم محيياً وجلس . دون أن يتكلم وهو ينظر إلى شاشة التلفاز المكسورة . هتف بعد برهة .:
- شو القصة ؟ كيف انكسرت الشاشة ؟
- أنا كسرتها ! أبناء العاهرات يسوقون لنا الخلاعة والفسق والكفر والإلحاد !
- وهل ستظلون دون تلفاز ؟
- سنظل دون شيء . لا أريد شيئا في بيتي .
- ألله يعينك على قد عقلك يا أخي .
- عقلي ما به شيء عقولكم هي الخطأ !
وكي لا يدخل حاتم معه في حوار يؤجج حالته . آثر الصمت .وهتف :
- شو ما بدكم تشربونا شي ؟
- على عيني .
هتفت ذؤابة ونهضت لإعداد الشاي .
لحق بها حاتم إلى المطبخ . وأخبرها أن تضع في كأس الشاي له جرعة إضافية حسب ما أخبره الطبيب حين تاتيه النوبة .
وحرصت على أن تخبره أن حكيم سيواقعها بعنف إن لم يكن بوحشية في تلك الليلة وعليه أن ينام عندهما حتى إذا حدث ما لا تحمد عقباه يتدبر الأمر .ستتحمل كل ما سيفعله حكيم إلا إذا تجاوز قدرتها على الإحتمال ، حينها ستصرخ باسمه وعليه أن يهرع لنجدتها فوراً . بل وطلبت إليه أن يظل قريبا من باب غرفة النوم ليسمع استغاثتها.وستحاول أن ترفع صوتها ليعرف ما يجري .
***************
كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل حين نهض حكيم إلى النوم مستأذناً أخاه . أجاب حاتم بأنه نعسان وسينام في الصالون .
نهضت ذؤابة لتتجمل لحكيم كما يرغب . مستأذنة حاتم .
لم تمر سوى دقائق حين تناهى إلى حاتم صوت ذؤابة رافضاً الوضع الذي فرضه عليها حكيم .. اقترب من الباب ليتأكد . كانت تخاطب حكيم بما يشبه الصراخ " قد لا يحتمل عنقي ثقل جسدي يا حكيم ، هل تريد أن تكسرعنقي ؟ " " موتي يا قحبة موتي سأقتلك " " حكيم أنت تخنقني " " " دعيه يخنقك متعيه " صمت. سعال ما يشبه التقيوء من ذؤابة . صمت . صوت حكيم يصرخ بعنف مهددا بقتل ذؤابة . ذؤابة تردد عبارات الطاعة المفروضة عليها لترددها " أمرك .. أمر .... أنا فدا .... كلي .. له ... .... .... موتني .. أيوه .. كمان "
احتضن حاتم رأسه بيده ولم يعد قادراً على التنصت . وأدرك أنه سيسمع صرخة ذؤابة من الصالون إذا ما صرخت . فعاد إلى سابق جلسته وأشعل سيجارة .
******
(7)
مرت الليلة بالحد الأدنى من الأضرار التي وقع معظمها على ذؤابة في السرير. لكن في الصباح حطم حكيم الراديو والمسجلة والفيديو وكومبيوتر ذؤابة ، وأخرج كل الكتب غير الدينية والمجلات الشهرية والأسبوعية من المكتبة ووضعها في حاوية القمامة وأضاف إليها نفطًاً وأشعل فيها النار .
حدث كل هذا دون أن يحرك حاتم ساكناً خوفاً من تفاقم الحالة ‘ فيما ارتدت ذؤابة ملابسها واستأذنت للذهاب لزيارة أهلها . رافقها حاتم إلى خارج البيت وهو يدرك أنها لن تعود طالما حكيم على هذه الحال . وأخبرها أنه سيطلعها على كل جديد .
حضر الأب لمعاينة الحالة على الواقع ، بعد أن خابره حاتم . هاله ما رأى . كان حكيم مستلقياً في غرفة النوم يقرأ القرآن وقد نحل جسمه . نهض لمصافحة أبيه وعاد إلى استلقائه دون أن يتفوه بكلمة .
- ما العمل يا أبي ( تساءل حاتم )
- لا بد من أخذه إلى شيخ ليخرج الشيطان من جسده .
هز حاتم رأسه ساخراً :
- الشيطان هو عقل حكيم يا أبي ولن يستطيع الشيخ أن يطهر له دماغة من الشيطانية ليفكرويتصرف بعقل سليم ..
- اتركنا من ثقافتك وآرائك ودعنا نجرب لعل وعسى .
- يا أبي إذا كان الطب عجزعن معالجة حالة حكيم فهل ستنجح الشعوذة ؟
- ومع ذلك سنجرب سمعت عن كثيرين تعافوا . هناك كاهن وعرّاف مسيحي أخبروني أنه يشخص الحالات ويعرف أسبابها ويتنبأ بمستقبل المريض . سأذهب إليه مع حكيم قبل أن أستشير صديقاً لي يمارس العلاج بالقرآن.
- على أية حال هو ابنك ولن أكون حريصا عليه أكثر منك . أنا سأذهب لاستشارة طبيب نفساني . هذه أدوية حكيم . أعطيناه جرعة الصباح . قد أتأخر أنا .
كان حكيم يحترم أباه فلم يمانع في الذهاب معه .
****************
تمكنا من مقابلة الكاهن بعد أن حجز صديق لهم دوراً. كان الكاهن يجلس على كنبة وثيرة وقد تدلى صليب كبيرعلى صدره ،أظهره فوق شعر ذقنه الأبيض المنسدل إلى أسفل سرته فيما تهدل شعر رأسه على كتفية ، واعتمر قبعة صغيرة على مؤخرة رأسه . أجلس حكيم القرفصاء أمامه وتأمل وجهه للحظات دون أن ينبس بكلمة . أخذ الكتاب المقدس ووضعه مطبقاً على رأس حكيم للحظات وهو يتلو كلمات غير مفهومة بلغة غير عربية . وما لبث أن أخذ الكتاب ووضعه على ركبتيه واضعا يده فوقه ، ليدخل في صمت مطبق قرابة عشر دقائق مغمضاً عينيه، ثم يهتف بريبة " يا يسوع يا يسوع يا يسوع رحمتك يا يسوع "
ثم ألقى نظرة نحو الأب وهتف " الرب يكون في عونكم . حكيم مسكون بجني شيطان مسلم ، يتحكم به جني شيطان مسيحي ، وهذا الآخر يتحكم به جني شيطان يهودي كان ملكاً على بعض طوائف الجن الشياطين ، حبسه الملك سليمان في قمقم لأنه أغوى بعض نسائه ، وخرج من القمقم صدفة حين عثر عليه بعض منقبي الآثار وفتحوه . الوصول إلى هذا الجني شبه مستحيل ما لم يجتمع حاخام يهودي وكاهن مسيحي وشيخ مسلم بحضور ابنك حكيم ، ويقرأون عليه آيات خاصة من القرآن والتوراة والإنجيل ، وإن لم يحدث ذلك فإن ابنك سيواجه المقدر المكتوب .. والمقدر رهيب . مكتوب أن ابنك حكيم سيقتل أباه ، وبعض الناس ثم يقتل .. قلت قولي هذا، وآمنت بيسوع ربي ، فلكم أن تأخذوا به ،ولكم أن تهملوه "
نزل كلام الكاهن على رأس الأب وحكيم كالصاعقة ..
وجد أب حكيم نفسه ضائعا في متاهة . إنسان ذو ثقافة تقليدية .. لم يجد إلا أن يذهب إلى صديقه الشيخ ويخبره ليقدم له تشخيصا مختلفا عما قدمه الكاهن .وليحدد معه موعدا في اليوم التالي لإخضاع حكيم إلى أول جلسة علاجية . كما أن الشيخ أشار إلى أن ذؤابة في حاجة إلى جلسات علاجية لأن الشيطان قد مسها من زوجها ،واستقر في جسدها . وهذا ما أيده حكيم !!!!
**************
حاتم ذهب مع سارة إلى طبيب نفساني صديق لسارة . استقبلهما الطبيب في بيته . استمع الطبيب إلى القرص المضغوط الذي أحضره حاتم . جلس في مواجهتهما وراح يتحدث :
" مشكلة أخيك يا عزيزي هي هوس ذهاني ديني، يتصارع في شخصيته الجنس والدين ، الأول يدفعه إلى الحياة بجمالها والثاني إلى التدين ، ودائما ينتصر الدين عنده على رغبات الحياة .وهي الحالات الأخطر في الهوس الحاد ، مبعثها كبت جنسي وتربية دينية واجتماعية خاطئة بتخويف الأجيال منذ طفولتهم من عذاب النار ومن عقاب الله ومن غواية الشيطان ، وكبت وقتل الشعور الجنسي عند الأطفال بحيث يعيشون طفولة غير سوية تؤدي إلى قتل الغريزة الحنسية لديهم في أحيان كثيرة . وفي أحيان أخرى يحدث العكس ، تبحث الغريزة المكبوتة عن متنفس لها فتقع في أخطر المحظورات كأن يواقع الأخ أخته ، أو الأب ابنته ، أو أحد الأقارب كالعم والخال وحتى الجد وابن العم ، هذا عدا اغتصاب الأطفال والقاصرين ، وغير ذلك من ممارسات غير أخلاقية ، هل تصدق أن شابا مثلا اغتصب اخوته وأخواته الأصغر منه جميعاً، وهم طفلان وثلاث فتيات . معظم رواد عيادتي هم من الشباب والشابات مدمني العادة السرية، ومنهم ومنهن بعض المتزوجين والمتزوجات الذين لا يشعرون بإشباع مع زوجاتهم أو مع أزواجهن . هؤلاء ليسوا مرضى على الإطلاق ،إنهم يمارسون الغريزة التي وجدت معهم وفي تكوينهم ،وكل مشكلتهم أنهم يعتقدون أن العادة السرية حرام وإثم قد يدخلهم النار ، فأطمئنهم إلى أنهم يمارسون حقهم في إعطاء غرائزهم حقها ، وأن لأجسادهم عليهم حق كما لله عليهم حق ، وأن الله رحمن رحيم ، ولا يحاسب إنسان لأنه مارس الغريزة التي أوجدها فيه .المجتمعات الشرقية كلها تعاني من الكبت الجنسي . صدق أو لا تصدق ثمة نساء يتزوجن وينجبن ويمتن دون أن يعرفن ما هي النشوة الجنسية ،هن مجرد جسد شبه وعاء وظيفته أن يمتع الزوج ويتقبل إفراغ طاقته فيه ليحمل وينجب ، ويخدم الزوج .
المجتمعات تعيش انفصاماً بين ظاهرها وباطنها . ما يجري في الظاهر شيء وما يجري في الباطن شيء مختلف تماما . هناك مئات الآلاف بل ملايين من النساء والرجال الذين يعانون من أمراض نفسية ، ولا يزورون عيادة طبيب ، لترافقهم أمراضهم مدى حياتهم ، بعضهم يتعايش مع حالته ،وبعضهم يعيش الأوهام والكوابيس طوال عمره .
النفس الإنسانية تواقة دائما إلى الجمال والمتعة والتنعم بالحياة وقتل هذه الرغبات هو قتل لإنسانية الإنسان .
مشكلة حكيم صعبة لأنها مستفحلة به منذ الطفولة ، وزاد التعمق في الدين بفهم خاطىء من حدتها . الحل أن يوضع في مستشفى . وأن تجري جلسات تثقيفية له تركز على الجوانب الرحمانية في الدين ، والرحمانية فقط ، وهناك مئات الآيات وآلاف الأحاديث النبوية التي تشير إلى أن الله غفور رحيم وأنه سيغفر لعباده وللبشرية كلها في نهاية الأمر . إضافة إلى الإنتظام في تناول الأدوية ."
" أبي يريد أن يعالجه بالقرآن عند الشيوخ "
" إنه الإجرام عينه .. قد يؤثر العلاج إيجابيا عليه لبعض الوقت ، لإيهامه بأن الشيطان خرج منه ، لكن المشكلة ستعود لأن الحالة ماتزال قائمة ، وما جرى هو مجرد وهم ، كالوهم نفسه الذي يعيشه حكيم ويرى أن الشيطان يتلبسه ويتلبس زوجته "
*******************
حين وصل عد ضربات الخيزران على مؤخرة حكيم إلى تسعة وتسعين . هتف شيخ شاب كان يحضر جلسة العلاج " تسعة وتسعين " يا شيخ . توقف الشيخ عن جلد مؤخرة حكيم التي تقاطعت عليها عشرات الخطوط الحمر. وأشار إلى الشاب أن يرى ما إذا خرج الشيطان من الفصد في ابهام رجل حكيم الأيسر . استند حكيم ومد رجله اليسرى . هتف الشاب :
" لم يخرج من الفصد دم أسود يا شيخ "
" لا حول ولا قوة إلا بالله ، هذا يعني أن الشيطان اللعين لم يخرج .ارتاح اسبوعاً يا حكيم وعد إلي لجلسة ثانية "
هتف الشيخ .
رفع حكيم ملابسه وهو يشعر باحتقان يجتاح جسده ويصعد إلى رأسه، وخرج من وكر العلاج يتبعه أبوه . وحين أصبح في الخارج ،راح يتنفس بعمق فيما جسده يحتقن وينتفخ ويتضخم ،فيما الشيطان يمثل في مخيلته كما كان يتراءى له ، جسد ضخم لا يكسوه هذه المرة شوك قنافذ بل شوك نيص طويل جداً وصلب كالحراب ، ولم تمر سوى لحظات والأب ينظر إليه بدهشة مرعبة ، ليراه يتحول إلى وحش تكسو جسده حراب شوكية فتاكة ، راح ينتفض ويطلقها يمينا وشمالا وخلفاً وأماماً لتصرع أو تجرح عشرات الناس ، وكان أول الصرعى أبوه الذي اخترقت جسده سبع حراب . راح الوحش يجري صارخاً في الشارع " كفرة ملحدين " ويطلق حرابه في كل الإتجاهات ليصرع العشرات .وكلما انطلقت منه بعض الحراب نبت مكانها .. فدب الرعب والهلع بين الناس وراحوا يصرخون ويهربون في كل الإتجاهات ، والوحش يلاحقهم ، هرع بعض رجال الأمن وراحوا يطلقون النار عليه من مسدساتهم ، لكنه لم يسقط ، إلا بعد أن أتى أحدهم برشاش وأفرغ طلقاته في جسده .
أخذ الشرطة والناس يقتربون منه وهو يلفظ أنفاسه فيما شكله الوحشي يتلاشى شيئاً فشيئاً. وحين وصلوا إليه لم يروا إلا إنساناًعادياً هو حكيم .
*********
نهاية قصة أبناء الشيطان يتلوها ملحق خاتمه .
***********

خاتمة .
بعد قرابة ثلاثة أشهر من مقتل حكيم وأبيه .
تزوج حاتم من ذؤابة في حفل مهيب دام فيه الرقص حتى الصباح
ودعي إليه الكاتب محمود شاهين . الذي كان فرحاً لحاتم وذؤابة
وحزينا لمقتل حكيم وأبيه .
عاشت ذؤابة مع حاتم حياة سعيدة ، وذهبا في رحلات نزهة مع سارة
وأصدقاء آخرين إلى الجبال وإلى المسابح ، والبحار ،
والمدن الأثرية في فلسطين والأردن .
ومكثوا في مدينة البتراء وجبالها لمدة أسبوع .
ولم يمر عام على زواجها إلا وقد نشرت عشرات المقالات
في علم الإجتماع والعقائد والأساطير .
وأسست اول جمعية نسائية تهتم بحقوق المراة .
انتهت الخاتمة .
إلى اللقاء في قصة قادمة من واقع الحياة .
محمود شاهين



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقدة اوديب ( دفاعا عن محمد ) (3)
- دفاعا عن محمد ( رد على العفيف الأخضر ) (2)
- دفاعا عن محمد ! (رد على كتاب العفيف الأخضر )
- إما أنت أو لا أحد ! ( القصيدة كاملة انطلاقا من مذهب وحدة الو ...
- سخافات شبكة النت ..
- إما أنت أو لا أحد ..
- في العقل البشري والطاقة
- العقل الشخصي والعقل الكوني وهذياناتنا الدائمة !!
- في العقل والطاقة والعقل الكوني !
- شاهد على سفينة نوح يروي الحقيقة !!
- الحياة والموت
- دمعتان على الوضع الفلسطيني


المزيد.....




- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أبناء الشيطان (رواية قصيرة )