أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عامر هشام الصفّار - قراءة في كتاب: ذكريات من مسيرة الحكم الملكي في العراق















المزيد.....

قراءة في كتاب: ذكريات من مسيرة الحكم الملكي في العراق


عامر هشام الصفّار

الحوار المتمدن-العدد: 4560 - 2014 / 8 / 31 - 15:10
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


لعل في تاريخ العراق السياسي الكثير من الأحداث التي تظلُّ بحاجة الى التذكير بها وتحليلها والتعرّف على أسبابها ونتائجها ودروسها المستخلصة بما يضيف للجيل السياسي العراقي المعاصر خبرة ماضٍ ، يبقى هو بالتأكيد بحاجة أليها.
ولعل ما بذله الأستاذ الطبيب الجرّاح نزار باقر الحسني في إعداده وتحقيقه لكتاب ذكريات من مسيرة الحكم الوطني الملكي في العراق يعتبر خير مثال في هذا الجانب. فالمحقق أهتم بمتابعة سيرة والده السيد باقر السيد أحمد الحسني والذي كان يكّنى بالسيد باقر البلاط وذلك لإشغاله منصبه المهم في البلاط الملكي العراقي ومنذ بداية نشأة الدولة العراقية حتى أواسط الخمسينيات من القرن الماضي. ومن خلال هذا الأهتمام بالسيرة الشخصية توسعت أطروحات الكتاب لتشمل فترة الحكم الملكي نفسها والتي أمتدت منذ تتويج الأمير فيصل بن الحسين ملكا على العراق في عام 1921 وحتى قيام الجمهورية في تموز عام 1958. وعليه يقول المحقّق والمعّد للكتاب د. نزار الحسني "أن القاريء سيجد في الكتاب الكثير من تاريخ ما أهمله التاريخ في توثيق أحداث هذه الحقبة". وهذا لعمري أنجاز مهم بحد ذاته فكيف وأنا بالمحقق يضيف بعضا من تحليلات السياسة من عندياته لتأتي معبرة عن درس تاريخي أستقاه صاحبه من سيرة والد كان قريبا جدا من زمان ومكان الحدث. ومع ذلك فالمحقق يترجى القاريء في مقدمة الكتاب من أن لا يعتبر ما كتبه عن الملك فيصل الأول والملك غازي والأمير عبد الآله دراسة تاريخية كاملة، حيث لم يكن مولودا أيام حكم الأول وكان طفلا أيام حكم الثاني وطالبا أيام حكم الثالث أو وصايته على الحكم. كما ان المحقق ما فتأ يذكّر القاريء من أن كتابه هذا أنما يأتي بعد مرور أكثر من نصف قرن على وفاة صاحب السيرة السيد باقر الحسني حيث أبتعدت الأحداث لتسمح بإبداء الرأي بموضوعية وحرية. وهي هذه الموضوعية ما يبغيه الباحثون المحققون.
ولقد أجاد المحقق بأن أستهّل الكتاب بفصل مهم حول تاريخ الأسرة الحسنية وتاريخ مدينة الكاظمية كما كانت عليه حالا في النصف الأول من القرن العشرين. فتراه يذكر جغرافية المدينة ومساجدها وساداتها وعلماءها وأطباءها ومحلاتها ومكتباتها ومعالمها المعروفة ومنها سوق الأستربادي الذي عمل على أنشائه الحاج عبد الهادي الأستربادي عميد الأسرة حينها. كما يشير الى خانات الكاظمية ومنها خان الكابولي الذي كان مأوى للزائرين وخيولهم حيث أتخذ في عام 1921 مقرا لفوج الأمام موسى الكاظم والذي هو أول فوج من تشكيلات الجيش العراقي.
وأعتمادا على مصادر تاريخية مهمة راح المحقق ومن خلال فصل الكتاب الخامس يسهب في مجريات عهد الحكم البريطاني للعراق بين عامي 1914-1921، مشيرا الى وعد مكماهون الممثل الأعلى لبريطانيا في مصر عام 1915 الشريف الحسين بن علي على أعتراف بريطانيا بقيام دولة عربية مستقلة في الجزيرة العربية وبلاد الشام اذا شارك العرب في الحرب ضد الدولة العثمانية. وقبل أن يجف حبر هذا الوعد قام وزير خارجية بريطانيا حينها مارك سايكس والوزير الفرنسي بيكو بتوقيع أتفاق سري يقضي بتقاسم بريطانيا وفرنسا أراضي الدولة العثمانية في الشرق الأوسط بعد سقوطها. وفي 24/4/1920 قرر مجلس الحلفاء الأعلى في مؤتمر سان ريمو تطبيق أتفاقية سايكس بيكو لفرض الأنتداب على أن يكون العراق وفلسطين تحت الأنتداب البريطاني. ويشير الكتاب الى اتصالات جعفر أبو التمن مع زعماء الكاظمية وعودة الشيخ باقر الشبيبي الى بغداد حاملا رسائل تدعو الناس للمحافظة على حقوقها. ولا ينسى المحقق المعد للكتاب من ذكر دور السادن للروضة الكاظمية حينها السيد باقر السيد أحمد في تبليغ الناس بمحتوى الرسائل حيث كان يصعد الى سطح الكشوانية التي تقع بين صحن القبلة وصحن قريش قارئا بصوته الجهوري محتوى الرسائل مطلعا العامة على فحواها. ثم يأخذك فصل خاص لتفاصيل قيام ثورة العشرين العراقية ضد ظلم الأنكليز، وكيف أن عدم نجاح الثورة قد أدى الى مطاردة عناصرها الوطنية، دون أن يغفل حقيقة أن العفو العام الصادر عام 1921 قد أستثنى الشيخ ضاري الذي كان لاجئا في تركيا.
وحول دور الملك فيصل الأول في تأسيس الدولة العراقية يفصّل الكتاب في فصله السادس وكيف أن الملك قد أختار السيد باقر ليكون أحد أربعة أمناء في البلاط الملكي عام 1921 بعد أن قابله أثناء زيارته العتبات المقدسة في مدينة الكاظمية وسأله يا سيد باقر أنت حسني من أي ذرية؟ فأجابه السيد باقر : سيدنا أنا من ذرية حميضة أبن أبي نمي الأول. وهنا قال الملك فيصل الأول: أنت أبن عمي وأنا من ذرية أخيه رميثة أبن أبي نمي الأول.. يا أهلا بك. وهكذا تبدأ مسيرة الرجل باقر السيد أحمد مع ملوك العراق وأمرائه وأميراته من عائلة العراق الملكية حيث كان شاهدا على زمن البدايات للدولة ومؤسساتها ووزاراتها ومشاكل السلطة مع رجال الدين والجيش مما يفصّله الكتاب تفصيلا على مدى صفحاته التي قاربت على 500 صفحة. وقد زوّد الكتاب بمجموعة نادرة من الصور الفوتغرافية التي جاءت واضحة على ورق صقيل في الطبعة الثانية المزيدة والمنقّحة من الكتاب.
ولعلي أشير هنا الى الصفحات الخمس التي جاءت في نهاية الكتاب تحت عنوان الحكم الملكي في العراق والتي ركزّت على خلاصات واستنتاجات مستفادة من مصادر بعينها دون غيرها من مصادر لتقول بأن لعبة الديمقراطية على أمتداد العهد الملكي بقيت كما هي ( ولعل الأستاذ المحقق أراد أن يصفها بالهزيلة) ففي مجلس النواب وإن كان أعضاؤه يمثلون النخبة في المجتمع من اليمين واليسار والأقطاع ورجال الدولة والمتقاعدين الاّ ان تعيينهم يتم بموافقة البلاط الملكي ولم تجر أية انتخابات وفق الأسس الديمقراطية بحرية ونزاهة. وهكذا أستمر الحرس السياسي القديم كما يذكر الكتاب حاكما بمن يمثلّه في حلقة نوري السعيد والمدفعي والأيوبي والباججي والعمري.. حيث يتناوب الجميع رئاسة الوزراء أو يصبحوا وزراء ضمن تشكيلة الحكومة. وهنا يذكر الكتاب أحصائية ذات دلالة: فلقد تبوأ نوري السعيد رئاسة الوزراء 14 مرة وصار وزيرا 47 مرة كما تبوأ المدفعي رئاسة الوزراء 7 مرات والأيوبي 3 مرات في حين شغل السيد محمد الصدر عضوية مجلس الأعيان 15 مرة.
كما لابد لقارئ كتاب الذكريات من مسيرة الحكم الملكي في العراق من أن يخرج بدروس أربعة لعلها تعتبر الخلاصة لمسيرة 37 عاما من حكم العائلة المالكة مما يعتبر مفيدا لكل مَنْ يحكم العراق حاضرا أو مستقبلا، فقراءة التاريخ وتسجيل الذكريات وحدها لن تكفي ما لم تُستنتَج الدروس وتُستخلَص العبر:
1. أن العراق كوطن ودولة فيه من الإمكانيات والطاقات وأصحاب الكفاءة والمهارة والفكر ممن يستحق أن يكون له دوره في الحكم بغية التطوير والبناء والتغيير نحو الأحسن بجدية، بعيدا عن خطط محتلين أو منتدبين أو مستشارين أجانب فرضتهم مرحلة تاريخية معينة.
2. أن ولاءات ومحاصصات رجال الدولة العراقية والقائمة على الأنتماءات الدينية المذهبية لن تحقق وحدة الصف العراقي الكفيلة بأختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، وبالحيلولة دون تفرّق أبناء الشعب الواحد.
3. أن العشائرية لن تكون البديل عن الإنتماء الى أرض الوطن الواحد، فالوطنية الحقة هي ضمانة العيش الكريم.
4. أن للجيش دوره المحدد في الحفاظ على أمن الوطن وسلامته دون تدخله المباشر تغييرا في الحكومات والوزارات.
لقد حفل كتابنا هذا بالعديد من روايات وشهادات ووقائع تاريخية جاءت على لسان مَنْ عاش تلك المرحلة من تاريخ الوطن، مما يجعل الكتاب كما أراده محققه (تاريخا) وليس (مذكرات). كما سيظّل الكتابُ هذا عندي مصدرا مهما سيرجع أليه الباحثون في شأن السياسية العراقية. وفي هذا نجح الكتاب وأحسن المحقق المعّد



#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم السل العالمي: حول مكافحة مرض السل في العراق
- أمي
- الصندوق وأقاصيص أخرى
- فيلم -أزعاج أمريكي- والإدهاش سينمائيا
- عام 2013 طبيا
- قصص كرسمس القصيرة جدا
- السُمنة في العراق.. المشكلة والحلول
- زواج في زمن الفياغرا وأقاصيص أخرى
- حول حاضر المجلات الطبية العراقية
- عن الطب في العراق: الخطأ الطبي ... العواقب والعلاج
- في كوبا.. وقصائد أخرى
- فيلم -أيليسيوم- والبحث عن الخلود
- حول جائزة نوبل في الطب لعام 2013
- حول مؤتمر الأطباء العراقيين في لندن
- حول المؤتمر الطبي العراقي العالمي في لندن
- أطباء من أرض السند والهند على أرض السماوة العراقية
- الطبيب العراقي الأستاذ عز الدين شكارة في ذمة الخلود
- أمسية ثقافية عراقية في ويلز/بريطانيا
- قالوا وقلت.. حول الأجتماع الطبي العراقي في لندن
- عامر الصفار في -قارع الطبول- السرد على حدود الحكائية والتكثي ...


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عامر هشام الصفّار - قراءة في كتاب: ذكريات من مسيرة الحكم الملكي في العراق