أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مصطفى بالي - شنكال جنين الغد














المزيد.....

شنكال جنين الغد


مصطفى بالي

الحوار المتمدن-العدد: 4558 - 2014 / 8 / 29 - 20:46
المحور: القضية الكردية
    


التاريخ كما هو مخفي في بداياته فهو بنفس الوقت مقبرة للشعوب التي قطعت عنها حبال الصرة المغذية وهي أجنة في بطون الزمن،لم تستطع كل آلات الموت والإبادة أن تفني شعبا ما،لكن بناء المخافر في الأدمغة،مسح الأدمغة،تجفيف منابع الانتماء،إزالة محرضات المقاومة،تعطيل كريات الدم البيضاء في الفكر الجمعي،وغيرها الكثير من وسائل الإبادة،تغني عن ارتكاب المجازر الحمراء،لأن المجازر البيضاء أثبتت نجاعتها،وحولت الكثير من الشعوب إلى موتى يسيرون بقامات غيرهم،لم يعد باطن الأرض مكانا مناسبا لدفن الشعوب،وكأن تلك الشعوب لم تعد تستحق حتى تلك الأسلحة التي تستخدم لإبادتهم،فاستعيض عنها بالتذويب وتحويل انتماءها وتغيير نسبها.
ولكي تفني شعبا ما عليك أن تمسح ذاكرته الجمعية،أن تجفف المصدر الأساسي الذي يبث مع الريح إناء الليل وأطراف النهار المعزوفات التي تذكره باغترابه وضرورة عودته عن تلك الغربة،هذا المصدر هو تماما كحبل الصرة الذي يغذي الجنين في بطن أمه ويحفظ له الحياة حتى يأتي الظرف المناسب ليطلق صرخته للحياة محيياً،الجنين في بطن الأم كائن ضعيف،لا حول له ولا قوة،لكنه بشرى لاستمرار الحياة،وبشرى لبقايا أمل ما زال يخفي نفسه في الأحشاء،ذلك أن الأم هي الحياة والجنين هو ابتسامة الأم لغد أفضل.
تعرض الكرد للكثير من المجازر،وعندما نقول الكرد فحكما نحن نتحدث عن الإيزيدية،الزرادشتية،أحفاد ماني،أولى الشعوب التي بشرت بالتوحيد،أولى المجموعات التي تحدثت عن وحدة الكون وتكامله،ولكي يتم مسح هؤلاء من ذاكرة البشرية وسرقة ميراثهم الثر لا بد من إفناءهم،ولذلك كانت المجازر بالسيوف المثلومة والمجلوخة،بالرماح والسهام والنبال،بالمجانيق والنيران،بالوعود الكاذبة للخلود الآثم،بالاغتصابات الجماعية لنساء لم يدفنَّ من الأزواج والأبناء والأخوة،كانت المجازر بالإجبار على اعتناق ما لم يكن رداء مناسبا لهم،فشراويل الجبال هي ما يناسب الطبيعة الجغرافية لكردستان وجبالها وليس العباءات والعمائم الصحراوية المغبرة.
أمام كل هذا الإرهاب كانت الإيزيدية هي الجنين الذي احتمى بشنكال الأم لتسخر من كل الطغاة في قبورهم،كلما اطمأنوا أن الكرد إلى زوال جاء رسل شنكال لصرخوا في نخوة الكرد المخفية في لا شعورهم الجمعي:أن استيقظوا،ولتقع المفاجأة كالصاعقة على من اعتقد أنه أفنى الكرد بالهلال،صدرت الفرمانات،واحدا تلو الآخر وكلها سقطت تحت أقدام شنكال مخزية،وبقيت شنكال صادحة تغني لنا سر الوجود،وتحفظنا ليوم كهذا كما تحفظ الأم زوادة أبناءها لربيع لا بد آتٍ.
هذه المرة،حاول الغبار الجنوبي الأصفر،أن يفنينا في كوباني فسقط برذاذ أمطار المقاومة،ذلك أن كوباني ورغم أنهم ألبسوها العباءة والعمامة لكنها عندما تتحرك ترمي عن كاهلها ثيابها الغريبة وتعود لترتدي ما يناسب أبناء الجبال،توجه الغبار نحو شنكال هذه المرة بحقد متراكم منذ أربعة عشر قرنا،حيث أيقن أن هذه البقعة هي التي حفظت الكرد طوال هبوب الغبار عليها،رذاذ شنكال يتحدى الغبار الأصفر،ويزيله في كل مرة،لذلك كان الحقد أعمى هذه المرة وبالتواطئ مع أبناء الدار الذين كانت حسناوات الكرد تزين لهم الجدائل مغبونات ببطولاتهم الخلبية الكاذبة،مخدوعات بهؤلاء الذين لم يجيدوا من فنون الدفاع سوى الهروب وترك الناس كالقطعان بين أنياب الذئاب وسكاكين الجزارة،ومن ثم التسول على أبواب السادة باسم هؤلاء المذبوحين في محراب فسقهم القومي وفجورهم الوطني.
لكن هذه المرة لم تكن شنكال كما المرات السابقة،فتح لها حبل يمدها بالحياة من كوباني وعفرين والجزيرة،انطلق أبناء الشمس والنار يفدونها بالروح والجسد،يحمونها كما يحمي الإنسان بؤبؤ عينه من الغبار،وسقطت الرهانات الفاجرة على أقدام هؤلاء المقاومين،اختلطت الحسابات في سوق نخاسة العوائل الطفيلية،وانشغل الوطن بالوجود فيما انشغل من تعود على الهروب بتسول من نوع جديد.
في شنكال والطريق إليها من الجزعة،هناك من يدفع حياته لحماية أهلنا وذاكرتنا فيها،وهناك من يتسول الأسلحة باسم شنكال دون أن يطلق طلقة واحدة فقط.
أخشى ما أخشاه أن تكون هذه الأسلحة ليوم لا نتمناه



#مصطفى_بالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القول والفعل
- شنكال/كوباني
- شنكال ذاكرة التاريخ
- الموصل بين مؤتمرين ومؤامرة
- مسرحية....ديمقراطية.....شمولية
- حالة طارئة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا
- إعادة تدوير النفايات
- حمص الثورة و الثروة
- بوابة التاريخ
- قلب الآية
- الخندق والطوفان
- خندق العار
- الرابع من نيسان كل الأيام تحسده
- كوباني غراد
- كوباني تواجه الغبار
- أخناتون درويش(قدس الله سره)
- عبد الحميد درويش في أرذل عمره
- الخيبة الخامسة عشرة للمؤامرة
- متسكعون في عَرَصَات جنيف


المزيد.....




- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مصطفى بالي - شنكال جنين الغد