أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عطا درغام - الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق – 6















المزيد.....

الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق – 6


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4555 - 2014 / 8 / 26 - 23:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أدوار الدولة
وعندما عاد أديب من بيروت إلي مصر بعد أن تولي دولة شريف باشا رئاسة النظار فيها ، كتب مقالا في جريدة " العصر الجديد" يمتدح فيها شريف باشا والخديو توفيق ، ويهنيئ الشعب المصري بهما وبما أعطياه من حقوق، وخاصة حرية الرأي والصحف والعدالة والمساواة ! فيقول : " يا قومنا لقد نلتم بالسلم والحكمة والرضي والقبول مابذل غيركم من أجله بالأموال، وأراقوا في سبيله دم الرجال ، وما لا يزال كثير من الخلق يطمعون فيه ولا يجدون إليه سبيلا . وهي نعمة لله واجبة الشكر ، ويد للامير لازمة الذكر، ومزية للشرق لا يطوي الزمان لها خيرا ، ومحمدة لمصر لا تري العين من مثلها أثرا" . فهو مع الوصول إلي الحقوق السياسية والمدنية بالسلم لا بالثورة . وهو ضد الطفرة أو القفزة الثورية التي يقول بها الاشتراكيون ؛ إذ يري ان للحياة أدوارا أو أعمارا يجب ان تمر بها الشعوب دون طفرة. لهذا يقول : " وبعد فللحياة السياسية أدوار من مثل أدوار الحياة الطبيعية ، فهي تنتقل من الطفولية إلي المراهقة إلي الصبا إلي الكهولة إلي الهرم، ملزمة في كل دور بحال وفي كل حال بشأن لا تتخطاه وحد لا تتعداه، ولا بد للأمم من المرور بهذه الأدوار وإن مر عليها الصبر والانتظار، فغاية ماتستطيع ان تكون واسعة الخطا وأن تتجنب وقفات الخطأ " .
ويري في مكان آخر " أن للوجود الإنساني في هذه الحياة الدنيا ثلاثة أدوار متوالية ، يأخذ بعضها بأطراف بعض. الأول دور الفطرة وهو الوجود الطبيعي ، والثاني دور الاجتماع وهو الحالة المدنية ، والثالث دور السياسة" . فهنا يري أن الكائنات البشرية تمر بحالة البربرية ، حالة التماس الغذاء والمبيت وسائر الحاجات الطبيعية، وفيها يكون الناس متفرقين، وحالة التجمع " كثرة الحاجات تدفع الناس إلي التجمع ، وحالة السياسة عندما تبدأ المجتمعات بتدبير شئونها الإدارية والاجتماعية والاقتصادية.
وبمناسبة حكم الخديو توفيق باشا ، يحض المصريين علي الالتفاف حول الحكم الجديد والقيام بالواجبات المترتبة عليهم بقدر الحقوق التي نالوها فيه. وهنا يورد مثل هذه الأقوال: " آية الحكمة في عالم الوجود ، وسنة العدل في هيئة الاجتماع أن يكون الحق والواجب متعاقبين متلازمين، يتبع أحدهما الآخر وينشأ عنه وجوبا" .
و" فواجبات الأمم تختلف بحسب اختلاف أحوالها ، ولا تكون علي أي حال إا بمقدار مالها من الحقوق" . و" فكلما نقصت حقوق الأمة بالحجر والقهر والإذلال رفعت كلفة الواجبات عنها بمقدار ذلك النقص ، فإن كان القوم عبيدا أرقاء يصدعون بما يؤمرون ويكرهون علي ما يكرهون ويمحون الإرادة من مجموعهم بإثباتها لواحد منهم إطلاقا " . ويكون الأثر منهم لهم ، فهم الآمرون فيما يأتمرون ، وهم الحاكمون فيما يطيعون " .
ويؤكد للمصريين أنهم أصبحوا مواطنين او وطنيين أحرار. وعلي الوطني الحر واجبات : الوطني الحر متأهل بقدر المستطاع للخدم والمناصب العمومية، والوطني الحر يراعي حق المساواة، والوطني الحر يجب ان يكون بصيرا خبيرا علي بينة مما يترتب عليه النفع والضر ليتسني له انتخاب نواب الأمة، والوطني الحر مؤهل للنيابة فلا بد إذن من التمتع بصفات النيابة كالعلم بشئون الأمة وأحوال الوطن ومجاري الأعمال ومواضع الصلاح ومظان المنفعة مع التنزه عن ميل النفس وشهوة القلب والعفة والإخلاص في حب الامة والاختصاص بخدمة الوطن.
ويوجز آراءه هنا فيقول : " وجملة القول ك إن الوطني المراعي الحقوق الفائز بالسواء المؤل للانتخاب صادرا منه وموسودا إليه، وهو المأمور والآمر، والمحكوم والحاكم، والمسوس والسائس، والمسود والسائد ، وهو القائم بنفسه والعامل بذاته لذاته . فالكل به منه فيه إليه . وهي أعلي مراتب الوجود الإنساني ، وأرفع درجات الاجتماع المدني، فلا بد للمرتقي إليها من أداء حقها وإقامة واجبها سعيا واجتهادا وجودا بالمال والروح وطلبا للمعارف والعلوم والتماسا للفضائل والكمالات بحيث يصادف فيها محلا ويكون لها أهلا" .
ويلح علي الحكومة بوجوب " توسيع نطاق المعارف بتكثير عدد المدارس، وتمهيد سبل العلم ، وإعلاء شأن العلم ن وإنشاء المكاتب الابتدائية في المدن والقري، وفتح باب المجانية في التحصيل ، وتمهيد سبل الإلزام بالتعليم .
ويعود إلي تعريف الوطن من الو جهة السياسية ليصل إلي القول أنه المكان الذي تحفظ فيه حقوق الناس وتراعي فيه واجباتهم، ولا وطن في حالة الاستبداد . وفي هذا يقول: " الوطن في اللغة محل الإنسان مطلقا. فهو السكن بمعني أن تقول استوطن القوم هذه الأرض وتوطنوها؛ أي اتخذوها سكنا . وعند أهل السياسة مكانك الذي تنسب إليه ويحفظ حقك فيه ويعلم حقه عليك، وتأمن فيه علي نفسك وآلك ومالك. ومن أقوالهم : لا وطن إلا مع الحرية . وقال لابروبير الحكيم الفرنساوي: لا وطن في حالة الاستبداد" .
وأديب يلح علي الاستبداد وشروره في كثير من المواضع . وقد تأثر الكواكبي بهذا الاتجاه في كتابه " طبائع الاستبداد" .
ويري أديب متابعا باعترافه " بعض حكماء العصر" أن علم السياسة مرتبط بعلم الأخلاق، وإن كان في أيامنا علما مستقلا عن العلوم الأخري. وقد جعل الأقدمون من أمثال أفلاطون وأرسطو وشيشرون السياسة والأخلاق علما واحدا ، وذلك لأن الفلسفة السياسية تقوم علي الأخلاق والحكمة الأدبية . وتعلم بواسطتها غايتها الحقة لما هو مبني علي العدل الذي هو قسطاس الأعمال والفضيلة التي هي حد الكمال ، ولأنه لا قيام للأمة ولا قوام للدولة إلا بأدب زاجر للأنفس عن السوء ،وأخلاق كافلة بحفظ النظام وتربية عمومية يتيسر معها نفوذ الأحكام . والأدب وحسن الطباع والتربية من فروع علم الأخلاق. وهي من لوازم السياسة، فعلم الأخلاق وعلم السياسة متلازمان. لذلك رأي " الحكماء الفضلاء الذين نستمد من فيضهم هذه الآراء أن يجعلوا البحث في السياسة تابعا للبحث في الأخلاق. فاقتفينا أثرهم ليعلم الوطني منا ما يجب عليه لنفسه ولآل بيته وللحكومة والوطن" .
ويعتبر تعميم أديب خاطئا ، لأن علم السياسة النظرية لا علاقة له بعلم الأخلاق ، أما علم السياسة العملية أو التطبيقية فيقوم في قسم كبير منه علي علم الأخلاق، بل والأخلاق عامة.
من كل ماتقدم نلاحظ ان أديب إسحق كان من الطبقة البورجوازية الصغيرة التي تعمل كزبائن في خدمة الطبقة الأرستقراطية (أو البورجوازية الكبري) وتحاول أن تسوغ لها نظاما تعتبره أسمي هو الديمقراطية البورجوازية ، كما في فرنسا او الديمقراطية الأرستقراطية ، كما في إنجلترا.
ومهما يكن من أمر فقد ظهرت في أديب إسحق تلك الازدواجية التي تتحلي بها عامة البورجوازية الصغيرة الثورية الفكرية والمحافظة العملية.
وعلي الرغم من كل ذلك ، فقد كان من رواد الفكر السياسي العربي الأوائل الذين نقلوا كثيرا من مفاهيم علم السياسة في فرنسا خصوصا والغرب عموما إلي العرب. وفي هذا فضل كبير.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق – 5
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق-4
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق-3
- الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق-2
- الأرمن والفكر السياسي : قراءة في فكر أديب إسحق-1
- صورة أرمينية في المصادر العربية والأجنبية
- الكتابات التاريخية العربية عن الإبادة الأرمنية
- الصحافة الأرمنية في مصر
- الأرمن والفكر السياسي العربي: قراءة في فكر رزق الله حسون
- الطائفة الأرمنية تكرم الصحافة المصرية
- من أعلام الشعر الأرمني الحديث
- يوميات كاراباخ: أخضر وأسود.....لا حرب لا سلم
- مذكرات جمال باشا
- روبرت فيسك والأرمن : قراءة في زمن المحارب
- القضية الأرمنية علي قناة النيل الثقافية-2
- القضية الأرمنية علي قناة النيل الثقافية-1
- رؤية أكاديمية للقضية الأرمنية مع الأستاذ علي ثابت صبري
- مع الشاعر المصري إبراهيم حسان
- رؤية عربية للعدوان الإسرائيلي علي غزة-3
- رؤية عربية للعدوان الإسرائيلي علي غزة-2


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عطا درغام - الأرمن والفكر السياسي العربي : قراءة في فكر أديب إسحق – 6