أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليمان جبران - لائحة الدفاع!














المزيد.....

لائحة الدفاع!


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 4555 - 2014 / 8 / 26 - 18:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مرّة أخرى اجتمعنا في جلسة طويلة، وصعبة هذه المرّة. كانت الجلسة هذه صباح يوم سبت من أيّام الصيف، وكانت هذه المرّة مقصورة على الرجال. لم نتعمّد ذلك طبعا. حتى لو رغبنا في جلسة من هذا النوع فلا أظنّنا نجرؤ على المجاهرة بهذا المقترح "الرجعي". كلّ ما في الأمر أنّ زوجة الحكيم لم تستطع المشاركة في هذا اليوم. ابنها والأحفاد ضيوفها اليوم، والتحضيرات قائمة قاعدة. بذلك فرطت زوجة الحكيم العقد النسائي، فتحوّلت جلستنا إلى جلسة عربيّة نموذجيّة. لا يمكننا المجاهرة طبعا، إلا أننا نشعر بالحرّيّة أكثر في غياب الجنس الآخر. طبيعيّين أكثر نكون: نتحدّث بحرّية تامّة، وبأسلوب يختلف عن أسلوبنا في الجلسات المختلطة. لا نجاهر بذلك بحضور ذوات الشأن طبعا، لكنّها الحقيقة: إذا غابت السيّدات غابت الرسميّات!
مكان لقائنا تغيّر أيضا، وفقا لتغيّر المشاركين فيه. اقترح الحكيم أن يكون لقاؤنا، هذه المرّة، في مقهى جميل على جبل الكرمل الغربي. لماذا نثقل على إحدى الزوجات بزيارة صباحيّة، دمها ثقيل حتّى بين الأصدقاء؟ وافقنا جميعنا طبعا، فالحكيم صاحب نظر، ومقترحاته الإجرائيّة غالبا ما تفوز بالإجماع.
في هذه المرّة انضمّ إلينا صديق رابع أيضا. العنيد اسمه على لسان الحكيم. يبدو العنيد كأنّما يتبنّى المواقف مسبقا، السياسيّة خاصّة، ثمّ يبحث عن المسوّغات. عنيد بحيث تصعب مناقشته، لكنّه ابن صفّنا وطيّب القلب رغم عناده ونقاشاته المضنية. على كلّ حال، حضوره دائما فلفل اللقاء. يجعل للقاء طعما، ويزوّدنا دائما بموضوعات للنقاش والتسلّي. لا ضجر، ولا صمت إذا انضمّ العنيد إلى القعدة. دائما هناك موضوعات للنّقاش، والخلاف حتّى الصياح أحيانا!
لكنّ فألي لم يكن في محلّه هذه المرّة. الحكيم هو من يفتتح النقاش عادة، وفي هذه القعدة لم يطرح قضيّة سياسيّة، كما توقّعنا جميعا. طرح للنقاش قضيّة شخصيّة. تخصّني أنا بالذات. شعرت تماما شعور من يقف في قفص الاتّهام في المحكمة. لم أوافق على شيء من اتّهاماته. مع ذلك لا بدّ من احترام "المحكمة"، والانتظار بصمت وأدب حتّى ينهي الحكيم أقواله. قال الحكيم إن أسلوبي في النقد قاس ثقيل. لا يتحمّله كثيرون من الأدباء والناس أيضا. على المرء أن يكون دبلوماسيا، لا يقول كلّ شيء في الوجه، وإذا قال فلا يوجع ولا يٌزعل. الفرق كبير بين نقد أملس ناعم ونقد كالدبابيس حادّ. في رأيه أن معظم الشعراء والكتّاب أيضا لا يطيقونني، لكنّهم لا يجاهرون. لا يعجبه العجب، يقولون عنّي في غيابي. كلّ ما يُنشر من أدب لا يعجبه، يقولون. وكثيرون غير الأدباء أيضا لهم الرأي نفسه، والموقف نفسه. هذا ملخّص "لائحة الاتّهام" التي عرضها الحكيم ضدّي. طبعا كانت أطول بكثير على لسانه، مشفوعة بالأمثلة والأسماء أحيانا، وكان عليّ أن أقدّم دفاعي، بعد أن طرح الحكيم تهمتي بالتفصيل!
بدأت بالعلاقات العامّة مع الناس، في دفاعي المفصّل، ردّا على اتّهامات الحكيم المفصّلة أيضا. لاحظت أن الأكثريّة كانت توافق الحكيم خلال "مرافعته" بهزّ الرؤوس في صمت. لذا، كان لا بدّ لي من التفصيل وإيراد أمثلة عينيّة، لن أوردها هنا طبعا.
أحترم الناس جميعا، قلت. حتّى الذين تعرفونهم أنتم، ولا يستحقّون الاحترام، أعاملهم بالرسميّات. أسلّم عليهم، لكني أكذب عليكم إذا قلت إنني أفعل ذلك بحماس. يكفي أني أصمت في لقاءاتنا. أكثر من السلام والكلام المقتضب مع هؤلاء معناه نفاق، وأنا لا أنافق السلطة نفسها، ولم أنافقها يوما، فكيف لي أن أنافق الأفراد، متجاهلا ماضيهم البعيد والقريب؟ كثيرون من هؤلاء كانوا هم وآباؤهم، وأقاربهم حتى، من أزلام الحكومة في الماضي. أمّا اليوم، وقد غدت الوطنيّة ببلاش، فقد انقلبوا جميعهم "وطنيّين". صحّتين. أنا أعرفهم، وأعرف تاريخهم، وسكوتي هو أكثر ما أستطيع. لو عرفتم المرحوم والدي لكنتم تثمّنون سكوتي هذا عاليا!
من ناحية أخرى، أرتاح بشكل خاصّ مع الناس الطيّبين، المخلصين بالفطرة. ليس هؤلاء "مثقّفين" يعرفون كلّ شيء. ناس يعرفون ما يعرفون وما يجهلون. لا يخجلون حتّى من السؤال عن كلّ ما لا يعرفون. ليسوا "موسوعة" يعود إليها الناس في كلّ جلسة عامّة فيجيبون في كلّ ظرف، ولا يخيّبون سائلا؛ يجيبون بما يعرفون، ويختلقون إذا لم يعرفوا. أحترم كلّ مثقّف يُسأل بما لا يعرف فيأبى الخنفشاريّة، ويصرّح بأنّه لا يعرف. الرجل الحكيم هو من يعرف ما يعرف، ويعرف ما لا يعرف أيضا!
نأتي الآن إلى "الأدباء"، "الشعراء" بوجه خاصّ . مصيبتي مع هؤلاء كبيرة، كبيرة جدّا. يريدون الوصول إلى القمّة بدون ثمن. يكتبون سخافات مقفّاة، وينشرونها "قصائد"! هؤلاء لا يحتملهم كلّ العارفين بتقييم الأدب، شعرا ونثرا، لكنّهم يصمتون عادة، فيفسّر المتشاعرون الصمت موافقة وإعجابا. لم أذكر أحد هؤلاء بالاسم يوما، لكنّي سلقتهم ذات غضبة علّهم يتّعظون، فيحترمون أنفسهم وقرّاءهم. هل من لوم على تصرّفي هذا؟ أتريدونني منافقا بعد هذا العمر الطويل؟! كلّ شيء أهون من النفاق، للحاكم أو للمزيّفين هؤلاء من شعراء وأدباء أيضا!
رأيت "الحضور" يهزّون رؤوسهم أثناء "مرافعتي"، فانبسطت أيّما انبساط، وتوسّعت في الشواهد العينيّة، بالأسماء أيضا. لكنّ الحكيم ردّ عليّ بإيجاز، كأنّما كان القرار معدّا سلفا. معك حقّ في المبدأ، قال الحكيم، لكن يمكنك أن تبقى على مواقفك التي فصّلتها، شريطة تغيير أسلوبك الحادّ. لم يكن أمامي سوى الإذعان لرأي الحكيم و"الجمهور"، وإن كنت في داخلي أعرف أن " طبعا طبعه اللبن لا يتغيّر للكفن"!
8 / 2014/ 7
[email protected]



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحمد فؤاد نجم و شعر المحكيّة
- كيف نقول Traffic Jam او פ-;-ק-;-ק-;- بالعر ...
- ...علمتَ شيئا وغابت عنك أشياءُ!
- حكاية الفيل والنملة
- الطريقة الأكيدة للقضاء على غزة العنيدة
- الأستاز!
- أشهر من الحمص؟!
- اسمعوا الحكيم!
- فإن تهدموا بالغدر داري..
- سليمان جبران: إنّا نغرق.. إنّا نغرقِ!!
- -بعيد استقلال بلادي-!
- -لحن الخلود المقدس- في غنى عن التغيير والتطوير!
- عناصر كلاسيكية في شعر المهجر*
- الصمت رصاص!
- -شبه نظريّة- للإيقاع وتطوّره في الشعر العربي
- تحوّلات الأب في شعر محمود درويش*
- إذا اتفقنا في الجوهر فلا بأس إذا اختلفنا في الأسلوب!
- كيف تصير، في هذه الأيام، أديبا مرموقا، وبأقلّ جهد!!
- كيف نقول -موتاج- في العربية؟!
- مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967 – (الحلقة 4 ...


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليمان جبران - لائحة الدفاع!