أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - بين دفء «قانا الجليل».. ووحشية -داعش-














المزيد.....

بين دفء «قانا الجليل».. ووحشية -داعش-


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 4555 - 2014 / 8 / 26 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الإعلام العربي وغير العربي مهووس هذه الأيام بملاحقة الدم الذي يريقه الإرهاب "الداعشي" وتغذية الثقافة "الداعشية" الكامنة هنا وهناك في هوامش البنى الثقافية والاجتماعية والتربوية في مجتمعاتنا. وهذا الإعلام لا ينتبه إلى ما يحدث بعيداً عن ميدان الذبح، وقريباً من قلوب الناس العاديين، وعيشهم المشترك. فعلى الضد من المناخ الطائفي والإبادي، والتعصب الديني القاتل الذي ينشر أشباح الموت حول الجميع، تعيد قرى «الناصرة»، مدينة فلسطين والمسيح في سفح الجليل، تقديم نموذجها الإنسانوني البديع في العيش المشترك، حيث عاش مسيحيون ومسلمون بمحبة وإخاء في المدينة التي شهدت معجزات المسيح وطفولته وقيامته، وشهدت قدوم الفتح الإسلامي وانتصاراته، وجاورت حطين وشملها صلاح الدين بعباءته.

في قرية «كفر كنا»، والتي تعرف بـ «قانا الجليل»، والتي شهدت معجزة المسيح الأولى بحسب الرواية الإنجيلية حيث حول الماء خمراً، أعلن رئيس البلدية "مُجاهد عوواودة" بناء عمارة ستحتوي على مسجد وكنيسة ومتنزه، لتعبر عن الإخاء والعيش المشترك في القرية وجوارها الناصري. يقول رئيس البلدية، وبحسب التغطية التي وردت في «القدس العربي»، «إن إنجاز هذا الصرح الرمزي الإسلامي ـ المسيحي سيبدأ الشهر القادم (سبتمبر) بعد أن رُصدت ميزانية له، وخصصت قطعة أرض بمساحة ثمانية "دونما". ويوضح "عوواودة" أن فكرة المشروع انطلقت من "المتاهة" التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط ككل، وتتجلى بأبشع صورها الآن بتنظيم "داعش"، الذي يهدد الحضارة الإسلامية أكثر من كل أعدائها عبر التاريخ ...(و) والمشروع المشحون برمزية كبيرة (يبعث) رسالة أمل مفادها أن هناك حكماء على هذه الأرض يستطيعون تصحيح المسار والانطلاق معاً نحو فجر عربي جديد مسلمين ومسيحيين نابع من مبدأ راسخ "لكم دينكم ولي ديني"، وكل الأديان لله في "كفر كنا" تقاسم المسلمون والمسيحيون الرغيف والهم الواحد والأمل الواحد وجمعتهم التجربة الحلوة المرة وهم على هذا الدرب سائرون».


يعيد لنا "عوواودة" في فكرته المبدعة والجميلة بعضاً من ذاتنا المهدورة يومياً على شاشات التلفزة والممزقة في الصراعات الطائفية التي لم يعد بإمكان أحد أن يستوعبها. ما تستوعبه الفكرة الناصرية والجليلية الجليلة وتنادي به بالفم الملآن أن ليس ثمة بديل عن العيش المشترك سوى الإراقة المتبادلة للدماء، وإلى الأبد! هذا هو درس التاريخ في كل مكان وزمان. حيثما وجدت جماعات تنتمي لاثنيات وأديان وأصول مختلفة تواجدت الصراعات والحروب وسفك الدم. والنتيجة الواحدة واليتيمة بعد كل صراع هي أن على الجميع أن يجد معادلة ما مقبولة تضمن العيش للجميع. بعد المرور بكل التجارب التي دفع البشر كلفاً باهظة لتعلم دروسها، انتقل الفهم البشري من نزعة الإبادة والإقصاء إلى نزعة قبول الآخر والتعايش معه، وإزاحة الفروقات والاختلافات إلى الهوامش مع احترامها، والتركيز على ما هو يومي وحياتي ومشترك.

في منطقتنا العربية اليوم نحن نقف على مفترق طرق مخيف: إما الانجرار إلى الخلف نحو نزعة الإبادة والإقصاء وبالتالي الانخراط في «حرب الكل ضد الكل»، والتي سوف لا تبقي ولا تذر ويخرج منها الجميع، بعد سنوات إن لم يكن عقودا، خاسراً ومدمياً ومدمراً، وإما التيقظ من المآل الرهيب للحروب الدينية والتمسك بخيار العيش المشترك والتنازلات المتبادلة. ويتفرع مفترق الطرق ذاك إلى صراعات دينية وإثنية لا يمكن حصرها: إبادة مسيحية على يد "الداعشيين" صراع سُني ـ شيعي طاحن ومدمر، صراع عربي ـ كردي، صراع سني ـ علوي، صراع درزي ـ سني ـ مسيحي. هذا كله من دون أن نشير إلى العنصرية الإبادية الصهيونية التي سعرت في قلب المنطقة صراعاً إسلامياً ـ يهودياً نقض قرون التعايش التي عرفتها المنطقة بين اليهود والمسلمين، من المغرب إلى البحرين مروراً بفلسطين والعراق والشام.

في الجانب المشرق، وفي الرد على الجرائم الداعشية ضد مسيحيي العراق ومسلميه قرأت مقالة جميلة تم تداولها في بعض وسائل الإعلام الاجتماعي من كاتب فلسطيني مسيحي رأيت أن أقتبس منه ولو مطولاً بعض الفقرات التي تعبر أروع تعبير عن جوهر العيش المشترك الذي شهدته المنطقة عندما كان الجميع يتعامل مع الدين والطقوس بصفتها مسلكيات تعزز الإخاء والحياة العفوية، وليس بصفتها سيوفاً تقطع رؤوس المخالفين.

يتساءل الدكتور "جمال سلسع" في مقالته أو بالأحرى ندائه الحار والمرير «هل أحمل جذوري العربية على كتفي وأرحل عن دياري، لأن مسيحيتي ثقافتها عربية إسلامية؟ لن أرحل كمسيحي من بلدي، لأن مسيحيتي ثقافتها إسلامية وأين "العهدة العُمرية" يا أشقائي المسلمين؟ أين دمع المثنى بن حرثة الشيباني النصراني قائد جيوش النصارى في دولة الغساسنة الذي تخلى عن الرومان النصارى، وسار مع سعد بن أبي وقاص بجيشه، وشارك في الفتوحات الإسلامية؟ كيف ألملم معلقاتي الشعرية العربية الابداعية عن حائط عروبتي الثقافية وما زال عمرو بن كلثوم يردد بحضارته وجيشه الكبير ... كيف أنزع عن جلدي ميراث أجدادي وأترك هوائي؟ ومدينتي التي في حاراتها طفولتي، وفي شوارعها رفاق مدرستي، ولما كبرنا نسجنا معا مواقفنا القومية العربية، ضد كل محتل ومستعمر، وعلق أعواد المشانق أجدادي في بلاد الشام على يد جمال باشا السفاح من أجل حرية الأرض العربية؟ ... لماذا لم يقرأ الآخرون حضوري الوطني عندما كانت راية الإسلام التي رفعها الأتراك تدوس لواء الإسكندرون العربي، في حين كانت شوارع الشام بمسلميها ومسيحييها تخرج بمظاهرات لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، ومن كنائس الشام وأجراس المشرق، بعد أن أقفل الأتراك كل جوامع الشام لمنع التظاهرات ضد استلاب لواء الإسكندرون، حيث تحولت كل الكنائس إلى جوامع، ووقف خطيب المسلمين في محراب المسيح يلقي خطبة الجمعة، وصعد المؤذن إلى قبة الناقوس يرفع الآذان. فلماذا تغلق العيون أمام هذا التاريخ؟ ولماذا تصم الآذان عن صوت عروبة آت من أعماق التاريخ؟»



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب غزة وتصريحات «ليفني»
- الانتفاضة الثالثة.. قلب الطاولة وتصحيح المسار
- «الجدار الحديدي».. والإرادة الفلسطينية
- الوحش الإسرائيلي يلتهم نفسه!
- «المشروع الحضاري».. ضد مريم إبراهيم
- مجرمو -بوكو حرام- ... والموقف المطلوب!
- -الخضر- مخطوفا وقديسا لإنجلترا
- مرة اخرى: السلطان عبد الحميد والبطولة الزائفة
- السلطان عبد الحميد بين الحقيقة والايديولوجيا
- -غراميات شارع الاعشى-: السعودية في السبعينات
- وحش بغداد
- الهند وديموقراطية موسيقارها العظيم بسم الله خان
- أردوغان: غطرسة السلطان تطيح به!
- عقاب مصر للشعب الفلسطيني
- سحب السفراء من قطر ... يعزز الدور الإيراني
- هاشم الشعباني: شاعر عربستان وشهيدها
- عنفنا الدموي لم يقطع رأس نعامتنا!
- الرواية العربية: “الفصاحة الجديدة”
- الإعلام العربي: بين الإنجاز وفقدان البوصلة (١ من £ ...
- الرواية العربية: بين الإبداع وكسر التابوهات


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - بين دفء «قانا الجليل».. ووحشية -داعش-