أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صموئيل ميشيل نسيم - رثاء من لم أعرفها














المزيد.....

رثاء من لم أعرفها


صموئيل ميشيل نسيم
(Samuel Michel Nessiem)


الحوار المتمدن-العدد: 4554 - 2014 / 8 / 25 - 05:47
المحور: الادب والفن
    


تلك هي برودة الحياة وحقائقها .. جدار الحياة وجدار الموت يشيدان حوائطها..
بينما كنت عائداً من القاهرة ليلاً وعند فتح باب المنزل سمعت من قال : لدي خبرٌ تعيسٌ .. لقد رحلت والدة صديقك ..
خيم الوجوم علي الرأس لبرهة .. ولم تنبت الشفاة بحرف من الكلمات .. أكملت خلع أثقال ملابسي الثقيلة بعرق التعب وغبار بنت المُعز .. وتغسلت كما يتغسل من فارقته روحه دون رجعة وملأت الجوف بأطعمة دنيا السراب ...
وفي الغد مر عليا صديقيا كيما نقدم واجب العزاء .. فلطالما نقدمه كل عام في أنفس قد رحلت .. وكأن الموت ينتقي منا حفنة من البشر كيفما شاء وأينما شاء ومتي يشاء متغاضياً عن الأعمار كأن سنوات الأنفس لا تعنيه ..
في الطريق تبادلنا أطرف الحديث كدأبي وكأن قلبي لايبالي .. حتي خطت قدماي أعتاب الكنيسة وإذ يملأها الحشود بسوادهم .. وإذ لا أبالي .. وعندما أنعكست خطوط الضوء من التابوت الخشبي إلي مُقلتي أدرك القلب ...
أدرك بعدما كان يجاهد في سبيل قتل أدراك العقل بأن هناك خَطباً ما قد حدث .. فلطالما نازعه كي يكف عن التصديق .. لكن أشعة التابوت كانت أقوي من قدرة القلب علي أخماد أحزان العقل فأرتجف القلب وسالت تلك القطرات بين الأجفان ......
لكني تمالكت نفسي وقال القلب "ومن أدراك أن من في التابوت والدة صديقك ؟" وإذ أدقق النظر من خلف دموع اللوعة فأذا يتكأ قلب ابنيها علي التابوت في ذهول الموت فأدركت أن أختي أصدقتني أنبأها ..
انتهت الصلاة وحان وقت الانطلاق بعيداً في أرض السكوت .. وكان مشهد الحشد غريباً .. والوجوم علي الوجوه قد خيم .. ووقفنا ننتظر الجسمان كيما يوضع إلي العربة إلي مثواه الأخير ..
حمل الأهل التابوت ولاحظت تعابير الابن الأصغر .. كان يرفع التابوت بعنف شديد وكأنه أراد أن يهشم الحائل بين قلبه وبين وجه الأم ... لكن الحائل كان أصلب من الخشب يا صديقي .. كان حائل الموت الفولاذي هو من منعك ..
بعد الوصول إلي أرض السكوت حُمل التابوت وأغلق القبر وإذ دموع القلب تخالط عرف الجبين وأنا أحاول جاهداً ألا يلاحظني أحداً .. فدموع الرجال كما عاهدنا ضياع للكرامة والهيبة لكني لم أستطع أن أتمالك نفسي فتوارت عيناي خلف زجاج نظارتي السوداء وهرع منديلاً إلي الجفن كيما يضمد جرح العين الدامي .. ورحل الجميع ..
رحل الكل لكن الابن لم يرحل .. هذا الذي اعتاد علي أمه البارة التي عندما تصطحبه إلي مكان لابد وأن يرحلا سوياً وأيديهما ملتفة حول بعضهما البعض ..
بحث عن يد مألوفة لكنه أمسك الريح .. هرع إليها ووضع قلبه في الرغام أمام شاهد القبر وأخذه الأنهيار أخيراً فأنفجر باكياً ....
لم يصدق أنه عندما وصلا سوياً إلي ذاك المكان أنه سوف يرحل وحده .. لكنه رحل أخيراً تاركاً فؤاده جنب جسدها الطاهر ..... رحل ولم يتبقي منه شئ إلا ذكريات لأم لن يجد عنها عوضاً ..
عفواً لكي .. هلا تسامحيني لأني لم أزورك من قبل .. لأني لم أراكِ من قبل .... لكن طالما سمعت أخبارك من أمي التي عندما رجعت من زيارتك كانت كالعائدة من حفل مبهج .. ورأيت ورعك وصلاحكي في ثمرتيكي ..
لطالما تسألت عن مرضك إلي أي مدي تمادي ذلك المجرم في أذائكي ووصل الرد بأنكي هزمتيه عندما أمتيه في جسدك الطاهر ..
أيتها الملاك التي وعظتي الدنيا بصمتك .. أتجاسر وأقول أيتها القديسة المعاصرة التي لم تحدث لها معجزة شفاء لأن بانتقالها كانت هي نفسها معجزة الشفاء لأنفس من سمعوا بجهادها ضد الألم بشكر وابتهال في الله ..انتقلتي سريعاً كغمضة العين بعدما أتممتي رسالتك .. فرسالتك كنت نقاوة سيرتك .. بخور القداسة في نسمات الأله ..
أغفري لي لأني لم أعرفك .. وسامحي سذاجة كلماتي ..عفواً فأنا ذو القافية عجز الوجدان عن رثائكي .... عفواً لكي ياسيدتي فأنا في حيرة من أمري .. هل أنت حقاً من رحلتي عن عالمنا ؟؟! أم نحن من رحلنا عن عالمك ؟!!!!
أودعك يامن لم أعرفها !!!!!!!!!



#صموئيل_ميشيل_نسيم (هاشتاغ)       Samuel_Michel_Nessiem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحدة ولكن
- متحرش ولي أسباب
- عراق الدم
- أنشودة ثائر
- سفينة الأشجان
- آنات مظلوم
- في عشق الله
- أتوب عن الحب
- طفولة
- ليس علي الأرض خالدون
- الحب شح
- شهداء ليبيا
- بابايا
- هو والشهيد
- مليش في الشات
- مفازات الدم
- روميو وجوليت
- عدي النهار
- حياتنا ورق
- غريق بحر العشق


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صموئيل ميشيل نسيم - رثاء من لم أعرفها