أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هبة عبده حسن - بين معارك 1926 ومذابح 2014، نحن شركاء بالجهل مرّة وبالعلم مرّات!!!















المزيد.....

بين معارك 1926 ومذابح 2014، نحن شركاء بالجهل مرّة وبالعلم مرّات!!!


هبة عبده حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4552 - 2014 / 8 / 23 - 21:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل عدة أعوام كانت علاقتي بشبكات التواصل الاجتماعي لا تتعدى مواقع مهنية فحسب، إذ لم يكن عقلي قد استوعب تماماً الزخم المادي (الفيزيقي) والمعنوي (السيكولوجي) لهذا الديناصور الأثيري ولكن الأمر اختلف كثيراً بعد أحداث 2011 في مصر والتي قيل أنها ثورة الفيسبوك (وإن كان ذات الوصف قد منح لانتفاضة الشباب في إيران في أواخر التسعينيات). أتذكر أنني كنت ألقي محاضرة في مادة التواصل المؤسسي عندما لاحظت أن أحد الطلاب مشغول عنّا تماماً... اقتربت منه فوجدت أنه يتحاور مع بعض أصدقائه على الفيسبوك. امتعضت قليلاً ولكني قررت تحويل مسار المحاضرة ليكون موضوعها هو الفيسبوك. نجحت خطتي في لفت انتباهه وكانت المحاضرة تفاعلية حية مليئة بالأفكار التي أذكر منها اثنتين: الأولى هي أننا نسبح في بحر أثيري من المعلومات والثانية أننا "كأفراد" نشارك في صنع الأحداث. تذكرت محاضرة الفيسبوك تلك عندما تلقيت منذ عدة أسابيع الرسالة (التالية) على صفحتي الشخصية في فيسبوك... أنقل محتواها بنفس الأمانة التي أخفي بها اسم الشخص الذي أرسلها احتراماً لخصوصيته... وهاهي القصة:

في 22 مارس 1926 نشرت مجلة اللطائف المصورة المصرية تقريرا مصورا عن وصول وفد هندي إلى مصر بعد زيارة كانوا قد قاموا بها لأرض الحجاز. ورد في التقرير: «الوفد الهندي الذي وصل أخيرا من الحجاز روى أمورا عن حالة تلك البلاد واستئثار ابن السعود بالعمل وتخريب آثارها المقدسة"... أما بقية الصفحة فقد حملت صورا لآثار التخريب والدمار الذي لحق بآثار إسلامية لا نعرف لها ذكرا أو أثرا الآن مثل مزار "علي بن أبي طالب" ومزار وبيت "السيدة خديجة"، مثلما لن نجد في المستقبل ذكرا للأضرحة والمناطق الأثرية الإسلامية والمسيحية العراقية والسورية التي دمرتها داعش.

كان عبد العزيز آل سعود يخوض سلسلة من المعارك المتواصلة بعضها ضد الطوائف والقبائل الأخرى وبعضها ضد دول خارجية وداخلية. المشهد فوضى كاملة، العثمانيون يختفون من المنطقة، والإنجليز يبحثون عن رجل مناسب وسلطة يمكنها السيطرة على تلك المساحة الشاسعة من الأراضي الصحراوية والأرض ساحة الصراع كانت تعرف وقتها بمملكة الحجاز وفي 1925 غزتها قوات آل سعود في معركة راح ضحيتها سبعة آلاف قتيل. وفي سنة 1926 أصبح عبدالعزيز ملك نجد والحجاز، وتغير اسم المنطقة ليصبح اسمها مملكة السعودية. ما استوقفني عند مطالعة مجلة اللطائف المصورة (والكلام لازال لصديقي الفيسبوكي) هو كيف تتشابه الصور التي نشرت سنة 1926 مع الصور القادمة الآن من العراق وسوريا والمنشورة في الجرائد المصرية على سبيل المثال، وكيف أن رد فعل الصحافة المصرية في العام 1926 يتطابق مع موقفها في العام 2014. عند تغطية ما يحدث يتم التركيز على رسم صور كاريكاتيرية لمقاتلي داعش، كأنهم مجموعة من الهمج والبرابرة المخربين والمدمرين فقط، دون اعتبار لحقائق على الأرض منها أن مقاتلي هذه "الدولة" هم حتى الآن متفوقون على جيشين من أكبر جيوش المنطقة: السوري والعراقي، كما أنهم يسيطرون على مساحة أراض كبيرة، ولا يبدو حقيقة أن أيا من القوى الإقليمية تشعر بضيق بالغ من وجودهم... الجميع يتحدث ويعلق أن ما حدث ويحدث في العراق سيغير خريطة الشرق الأوسط، والتغيير سنة الحياة، وأحيانا لا يمكن إيقافه بل يجب التعامل مع المعطيات التي سيفرزها. ومثلما يحلل "جمال خاشقجي" فداعش ربما لن يتمدد لكنه باق.

يروي التاريخ الوسيط والحديث (والكلام لازال لذلك الصديق) عن عديد من الدول التي ارتكبت المذابح عند تأسيسها وفي مسألة داعش فالتقارير المستمرة عن الانتهاكات التي تجترحها دولة الخلافة لا تغير من واقع أن الدولة أصبح لديها الأن مواطنون وجيش ومؤسسات وأعلنت عن نفسها كخلافة إسلامية لها خليفة معلن!!! صحيح أن شطحات الفانتازيا الإسلامية الخيالية لا تزال مسيطرة حول صورة الدولة وتسعى لتشكيل هويتها، لكن الأمر ذاته حدث قبل ذلك مع السعودية. صحيح أن الدولة ليست منفتحة على الطوائف الأخرى وتطرد المسيحيين وتصلبهم، وتحارب الشيعة، لكن هكذا أيضا كانت البداية المؤسسة للمملكة السعودية وملكها عبدالعزيز آل سعود والأحكام التي كانت تصدرها وتنفذها محاكم الشريعة في الأراضي السعودية في ذلك الوقت (1926) لا تختلف جذريا عن أحكام محاكم الشريعة في دولة الخلافة الإسلامية في 2014 ، بل إن تلك القوانين التي تشمل الجلد وأحكام الإعدام الموسعة مستمرة في السعودية وفي عدد من الدول الإسلامية حتى الآن.

داعش ودولة الخلافة التي يراها الكثيرون لدينا في مصر، وغيرها من دول المنطقة، كابوسا وتخلفا وارتداداً يراها آخرون يعيشون معنا أرض الإسلام وقمة النجاح لتجربة الإسلام السياسي التي يحلم البعض بالسفر إليها كونها دولة المستقبل، أرض الخلافة التي لا حدود لها بل هدفها كسر وإلغاء كل الحدود. أما إذا ماتوا هناك فسيكونون شهداء في الجنة. ليس هذا فحسب، بل إنه إذا نجح أبوبكر البغدادي في مخططه فرويدا رويدا، ربما بعد إتمام الاستفتاء على استقلال كردستان، قد ينجح هو الآخر في الحصول على استقلاله. ويوماً ما، حينما تتوقف الصحافة المصرية عن نشر أخبار دولة الخلافة بصفتها فقرة كوميدية، فقد تكون مصر من المعترفين بدولة الخلافة!

انتهت رسالة صديقي في أثير الواقع الافتراضي لتبدأ في دماغي فوضى أفكار تضاهي في صخبها محطة قطارات مصر المركزية طوال العام أو مطار هيثرو اللندني في شهر أغسطس، لقد أصابتني النتيجة التي خلص إليها صديقي بالذعر وخاصة أنني كنت قد أمضيت سنة كاملة (مدفوعة بوقائع الحرب السورية في الأساس) في التحري والدرس والاستقصاء حول المذاهب الإسلامية وبوجه خاص الوهابية-التيمية وعدوها اللدود المذهب الإثناعشري الرافضي، بحثي ومعرفتي أورثاني هماً وحزناً ولكن هذا ليس موضوعنا، فموضوعنا هو الديناصور المسمى بشبكات التواصل الاجتماعي (أرجو العودة للفقرة الأولى من المقال!).

الفارق بين "معارك" تكوين المملكة السعودية في 1926 ومذابح تكوين دولة الخلافة الإسلامية (داعش) الأن ليس في القسوة المفرطة للثانية، فحز الرقاب لم يتغير "تقنياً" منذ نودي به!!! الفارق، في تقديري، هو أننا نشارك في صناعة الثانية بما نتبادله بالصوت والصورة والفيديو. نحن نرى مباشرة ما يحدث حول الحدود العراقية السورية تقريبا وقت حدوثه وأحياناً في بث حي. ولوضع الأمر في نصابه أسأل كم هو عدد اللذين شاهدوا صور تدمير مزاري الإمام علي والسيدة خديجة على يد آل سعود في العام 1926 بل كم عدد الذين يعرفون هذه الواقعة أصلاً في مقابل مئات الملايين من البشر (وأعني الرقم) اللذين شاهدوا أفلام تدمير المشاهد المقدسة في الموصل في وكنائس نينوى ونزوح مئات آلاف المسيحيين لكردستان وآلاف الإيزيديين لجبل سنجار؟... كم مائة ألف امرأة بكت ألماً لرؤية أخوات وبنات تسبين وتبعن كالدواب ويقال تغتصبن أيضاً؟ وكم مليون فك قد سقط دهشة لمرأى الرجال الإيزيديين يدخلون في دين الله أفواجاً؟

شبكات التواصل الاجتماعي (وبالذات فيسبوك) بدأت كلعبة تقوم على مبدأ رياضي-حسابي يعرف ب "ست درجات من الانفصال". يقول هذا المبدأ بأن اي شخص على وجه الأرض يفصله عن أي شخص آخر ست درجات (حلقات أو أشخاص)... كل شبكات التواصل الاجتماعي هي تطبيق لهذا المبدأ الرياضي، وهو ما يعني أننا لسنا فقط نتعلم ونتسلى ونتلقى الأخبار بتواجدنا على هذه الشبكات بل كذلك يعني أننا نشارك في كل هذه الأمور بنفس الزخم وبمسئولية تامة بقدر تواجد كل منا على هذه الشبكات وبمقدار مشاركته. لقد خلق العصر الجديد بيننا كبشر (أو هكذا أحب أن أتصور) وبشكل تلقائي روابط إنسانية ومسئولية أخلاقية تتعدى تلك المرتبطة بكوننا جزءاً من عائلة-قبيلة-وطن... لقد أصبحنا (سواءً وعينا هذا أم لم نعيه) مواطنين عالميين، وعليه وجب علينا كمجتمع إنساني أن نعيد النظر في تاريخنا الإنساني كله – بطيبه وخبيثه – من منطلق جديد تماماً... إن العبارة العابرة التي شاركتها مع طلابي في تلك المحاضرة وهي كوننا نسبح في بحر أثيري من المعلومات هي حقيقة ملموسة، وكذلك فإن العبارة المنتهكة "العالم عند أطراف أصابعك" هي حقيقة أخرى. وبهكذا معرفة نصبح مسئولين عما يحدث بالمشاركة، وبهكذا ذهنية وجب أن نصبح أكثر إنسانية شريطة توفر الرغبة في التعلم والقدرة على استيعاب الحزن الذي سيرافقه والإرادة كي ننتصر لإنسانيتنا مهما كان الثمن.



#هبة_عبده_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس المصري للإعلام بين السموات المفتوحة والنوايا الطيبخبي ...


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هبة عبده حسن - بين معارك 1926 ومذابح 2014، نحن شركاء بالجهل مرّة وبالعلم مرّات!!!