أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - (1965) مابين الماء والدماء














المزيد.....

(1965) مابين الماء والدماء


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 4550 - 2014 / 8 / 21 - 08:42
المحور: الادب والفن
    


1965 تلك السنة تاريخها عندي مكتوب بالماء والدماء..هذا الاخير عند ما استحضر ربيع البيضاء الذي حرقت اغصانه واوراقه الخضراء اليانعة مروحيات العسكر في ازقتها وشوارعها وامتلات سجون الوطن باحراره وحراءره وفرضت حالة الاستثناء عليه..وب(الماء ) عند استحضار ذكرى ضحايا فيضان وادي اوريكة الثاءر بدوره تلك السنة ..صحيح لم نكن ندرك حينها مايقع في الوطن.. تسع سنوات لاتكفي لتحمل همومه واوجاعه والتعرف على خراءطه السياسية..كنا نتنعم بشقاوة طفولتنا ندوب في نفوسنا الفرحة مع الاحزان ونتلذذ بشغبنا في كل مكان.. في البيت في الدرب وفي المدرسة ..ففي نهاية موسم هذه السنة تكرم علينا بورحيم (الوالد) باجازة صيفية قضيناها على ضفاف وادي اوريكة الجميلة .؟...
اكترى بورحيم غرفة ترابية من شيخ القبيلة ( امغار) وهو من معارفه في القرية المتاخمة لجبل درن الكبير مبنية بالطين والتبن والحجر سقفها من القصب وجدوع الشجر تزهو فيه الفءران والجردان التي تعودت السهر معنا في تلك الليالي الباردة .ارضية الغرفة غطتها الوالدة بلحاف احمر سميك نسميه المنتل وبزاوية الغرفة اخفت الكانون الاسود بغشاء احمروضعت عليه الفورنو النحاسي الذي يعمل بالغاز ...الذي يصلنا عبر الحافلة مع صناديق الخضر والفواكه ..كنا نقضي اليوم جنب الوادي على حافةساقية عريضة نتعلم فيها العوم ...هدير الماء وقوته في الوادي تمنعنا من عبوره او الارتماء فيه ...في الساقية نسبح ونتسابق الى التفاحات الطاجزة التي تتساقط من اشجار التفاح في الحقول البعيدة ..في الليل الهادىء يجمعنا بورحيم امام الغرفة لممارسة طقسه في سرد الحكايات الغريبة عن مقالبه في الجيش الاحتياطي الفرنسي وعند الانتهاء منها يحكي لنا حجايات الجدات ...ليلى والذءب والقنفذ والثعلب يثير فضولنا وشغفنا لمعرفة النهايات المفجعة نتحسر بزم شفاهنا لتلك الطريقة التي التهم بها الذءب جدة ليلى ...
على جنبات الوادي يمر الطريق المعبد ...عليها تنتصب اعمدة من خشب مشقق تحمل اكواب خضراء سميكة تعبرها اسلاك غليظة من نحاس. كان بورحيم يعتز بكون فريقه من العمال في مصلحة البريد من زرعها على طول هذه الطريق الجبلية.سار بنا جنب الوادي الى صخرة عظيمةيسميها السكان اسما غريبا (اوقيتين) اسر الينا انه من وضع عليها عمود ا لتمر عليها اسلاك الهاتف ...كنا نصغى لكلامه مبهورين ولا نرد ...يشغل بالنا كيف نتعلم السباحة في الوادي ...
في الصباح الباكر قرر بورحيم مع نفسه ان يجرب طرقه الخاصة في تشجيعنا على تعلم السباحة في الوادي ..حمل جبلا طويلا قويا وقصد مكانا عميقا بين الصخور ...وبداء بي ...حزم الحبل على صدري ورماني بشدة في الفندو وهو يضحك عاليا ..(يالله تعلم تسبح )
كنت اصرخ واتوسل له والطم الماء بدراعي ...واقدفه برجلاي في كل الاتجاهات ..واصعد براءسي اشرب الماء ..ثم يجر الحبل الى الاعلى لاسترجع انفاسي الهاءجة..كنت اصرخ واحتج على طريقته القاسية ..وكان يردد ( لا تخشى الماء )
كنت ارمق اخي مصفر الوجه وقد تملكه الرعب من التجربة ....
عند العودة الى الغرفة الترابية حكينا النفاصيل للوالدة فخاصمت بورحيم ورفضت الغداء معنا ....( كدت ان تزهق ارواحهما في الواد ) ...كان بورحيم يضحك ويدعوها للغذاء ...فعادت الى مشاركتنا الغذاء حين قبل راسها ووافقها على الا يعود الى طريقة الحبل ...
انتهت الاجازة بسرعة وعدنا الى الدار تغمرنا احاسيس بالسعادة لتلك الرحلة ..عدنا للتحلق على التلقاز الضخم نتابع مفامرات المفتش (ميغري) واناشيد (باحمدون ) والتباهي بالرحلة امام رفاق الدرب خاصة منهم ( ولد الحمري ) صديقي الحميم ..
مر اسبوع واحد عن عودتنا ..فاخبرنا برحيم انه سيعود للوادي مع فريقة لاجل مهمة قصيرة ..اعادة اصلاح الاعمدة التي جرفتها الريح وشعاب الماء على جنبات الوادي ....لم تكن الوالدة مطمءنة لهذه العودة ...لكنه جمع عدته واوصاها بالاعتناء بنا ...في بهو المنزل جمعنا وقبلنا كان بورحيم يتامل وجوهنا الصغيرة ..كانه يرانا لاول مرة ....وكنا ننظر اليه كانها نظرتنا الاخيرة لبورحيم .
وفي يوم منحوس دق الباب دقات قوية اسرعنا اليه وجدت الوالدة شخصا اخر غير بورحيم كان ينحب كالنسوان ...صاحت في وجهه :ماذا حدث لعبد الرحمان ؟
- خويا عبد الرحمان ..مات..جرفه الوادي مع الفرقة ...ليثه جرفني معهم ....
صمتت لحظة ورطمت راسها مع الحاءط ....صارت تصرخ : عبد الرحمان مات داه الواد ...!
---------------------------------------------------------------------------------------------
ذلك اليوم هو الاربعاء 18غشت 1965 يسميه الامازيغ يوم النصف(ايت امزي) عادة مايحدث فيه فيضان مفاجىء ...يوم يصعد فيه الامازيغ الى القمم ...يبتعدون عن سرير الموت ...سرير الوادي .
-----------------
عبد الغني سهاد (أوراق منسية )
غشت 1999



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة زنوبا( أوجاع قريتي 13)
- اوجاع قريتي --12
- تملق سلفي على أعتاب المخزن....
- التشرميل...إ ستثناء مغربي .
- خلف النوافذ (3)
- يوم الارض ...ذكرى طواها النسيان
- خلف النوافذ (2)
- قطاع الرؤوس...
- أوجاع قريتي...11( اهل الحال ..متى يصفى الحال ..)
- همسات ....قلم
- عزوف المواطن عن السياسة / اولاد عبد الواحد كاع واحد...
- أوجاع قريتي ...10(.. لمن تحكي زابورك يادتوود ...)
- في الحاجة الى الديموقراطية
- أوجاع قريتي - 8 - ساعات الليل الطويلة ...
- عاد يوم 8 مارس ..ولا شيء تحقق للمرأة العربية
- كأنه السحاب العابر ...
- اوجاع قريتي ..8 الحفل .(هيرضربوا ولا هربو..)
- اوجاع قريتي 7 (بوسحابة )
- خلف النوافذ
- حكاية كرسي


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - (1965) مابين الماء والدماء