أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - قراءة جديدة للثورة العرابية















المزيد.....

قراءة جديدة للثورة العرابية


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4549 - 2014 / 8 / 20 - 01:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد قدّر لنا أن نعيش ونشارك فى أحداث موجتين ثوريتين عظيمتين فى 25 يناير و 30 يونيو جعلتانا نعيد النظر فيما جرى بمصر على مدار قرنين من الزمان فى محاولة لتفكيك ما حدث فى هذه المدة الطويلة نسبيا من التاريخ لفهم مختلف الهبّات الجماهيرية وتحديد مايمكن إطلاق ثورة عليه وما يمكن أن يعتبر ثورة ناقصة أو إنتفاضة ، عموما ولأن الثورة "عمل شعبى محض أو هى التغيير السريع والمفاجئ بعيد الأثر فى الكيان الإجتماعى لتغيير الأوضاع والعلاقات القائمة وإحلال علاقات جديدة بشكل جذرى"، فإنه لا توجد ثورة كما ذكرت فى الكتاب أى كاملة بالمعنى العام للثورات، ومن الخبرات المكتسبة فى الوضع المصرى أن هناك ثورات شعبية تصنع تغييرا إجتماعيا وإقتصاديا وعلى الجانب الآخر فإن بعض الإنقلابات "ذات الطابع العسكرى" تتحول الى ثورة بما تحدثه من تغيير فى البنية الطبقية للمجتمع وأشهر الأمثلة على النوع الثانى هو ثورة يوليو التى قام بها مجموعة من صغار الضباط تحولت من "حركة مباركة" كما أطلق عليها فى بدايتها الى ثورة "لم يكن يدركها أو يسميها كذلك من قاموا بها" حتى أطلق عليها "طه حسين" إسم ثورة بحكم تأثيرها فى الواقع وتغيير العلاقات الطبقية فيه، وعلى هذا المنوال فإنه يمكن إعتبار أن ما قام به "محمد على" ثورة بنفس المقاييس فقد أعاد بناء مصر الحديثة فى جميع المجالات وخلق طبقة من العسكريين والمتعلمين وكبار الأعيان وغيرهم على حساب طبقة المماليك وعلماء الدين، وفى المقابل فإن من أعظم الثورات فى تاريخنا الحديث وأكثرها تعبيرا عن مضمون الثورة الشعبية من حيث المشاركة العريضة للجماهير من مختلف الطبقات والمرأة والأقباط ودرجة اتساعها وما قدمته من ضحايا هى ثورة 1919 التى صنعتها الجماهير، وعموما فإن جميع الثورات لا تمر فى طريق ممهد أو خط مستقيم بل تتعرض لإنتكاسات وهزائم وإحباطات وثورات مضادة أيضا، وعلى المستوى العالمى فإننا لم نر ثورة تحققت أهدافها بشكل مباشر فالثورة الفرنسية مرّت بفترات إضطراب طويلة وامتلأت ساحتها بالدماء وعاد النظام الإمبراطورى التى ثارت عليه بعد فترة، وحتى الثورة الروسية والتى تعتبر أكثر الثورات نضوجا وقيادة واعية مسلحة بنظرية ثورية فقد مرت بسنوات من الحرب الداخلية والعدوان الخارجى والإنهيار الإقتصادى ولولا وعى "لينين" الذى خفف من نظام الملكية العامة بعد ثلاث سنوات من الثورة وأعاد نظام السوق الإقتصادى بصيغة اجتماعية من خلال السياسة الاقتصادية الجديدة "النيب" لما أمكن إنقاذها، وحدث ذلك فى باقى الثورات.
الموضوع الرئيسى للمقال هو محاولة تحليل الحركة العرابية وهل ينطبق عليها مفهوم ثورة أم أنها لا ترقى الى ذلك؟، أود أولا أن أنوه الى أن كثير مما تم نقله من أخبار حدثت ليس دقيقا ويحتاج الى اعادة بحث وتحليل ومن ذلك ما حفظناه عن ظهر قلب لأحد أهم المشاهد المنقولة عن الثورة وهو وقفة الزعيم "أحمد عرابى" المشهورة فى ساحة قصر عابدين ممتطيا جواده وخلفه ضباطه وجنوده ومن ورائهما جموع الشعب وما دار بينه وبين الخديوى "توفيق" من حوار(تلك الرواية مصدرها الوحيد هو مذكرات عرابى التى كتبها بعد سنوات النفى الطويلة وصاغها فى مذكراته بشكل بلاغى، وقد بدأ أحمد عرابى ( 1841- 1911) كتابة هذه المذكرات عام 1909وإنتهى منها قبيل وفاته مباشرة عام 1911 بشهور وسماها " كشف الستار عن سر الأسرار فى النهضة المصرية المشهورة بالثورة العرابية" ووقعها باسم "أحمد عرابى الحسينى المصرى" وقد كتبها إملاءا بعد أن كف بصره " كتبت المذكرات بصيغة ذات طابع دينى يتفق مع ثقافته الإسلامية الأزهرية البسيطة فيستعير جملة "عمرو بن العاص" للقبطى المصرى الذى ضرب ابن عمرو بن العاص إبن ذلك القبطى "ما أنتم الاّ عبيد إحساناتنا" فيلقيها على لسان الخديوى توفيق، ويرد عليه عرابى "لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا، فوالله الذى لا إله إلاّ هو أننا لن نورّث ولن نستعبد بعد اليوم" لتذكرنا بالمقولة المنسوبة لعمرإبن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"، ويتضح أن هذا الحوار البلاغى الذى كتب من الذاكرة لم يتم بالشكل المشار اليه، وإن كان ذلك لا ينفى الواقعة ولامطالب عرابى بشكل أو آخر (ولا واقعة إمتطاء عرابى لحصانه فى ساحة عابدين بزيه العسكرى وعوده السمهري ولونه الأسمر ووجهه البشوشوش الذى يدخل الى القلوب بسرعة وبساطة)، وكانت ثقافة الرجل متواضعة ذات طابع دينى صوفى بسيط ويميل الى حلقات الذكر ويحفظ أبياتا من الشعر، بعكس رفاق له مثل "محمود سامى البارودى" رب السيف والقلم والشاعر الذى لا يشق له غبار، والشيخ "محمد عبده" الفقيه المستنير، و"عبد الله النديم" الأدباتى الثورى والمحرّض صاحب الصولات والجولات، أوعبد العال حلمى وعلى فهمى ومحمد عبيد فى الفن العسكرى وغيرهم كثر.
نظرة سريعة على الاوضاع السياسية والإجتماعية التى صبغت ذلك العصر، فبعد أن إنكسرت الموجة العالية لحلم محمد على لبناء دولة عصرية حديثة متطورة تنافس بل تتفوق على جميع الدول الأوربية والتى انتهت بتكالب القوى الإستعمارية عليه فى اتفاقية لندن 1940 لتحجيم دور مصر فى مساحتها المعروفة وأن تكون خالصة له ونسله من بعده وتخفيض الجيش المصرى الى 18 الف فرد مما تسبب فى صدمة نفسية شديدة للباشا وقيل أنه أصابه الجنون وظل لثلاث سنوات حبيس احدى غرف القصر حتى مات، قبل ذلك كان قد أصدر قرارا بدخول أبناء العمد والأعيان للخدمة بالجيش كصف ضباط على أن لا يتم ترقيتهم الى رتبة الضباط خوفا منهم، ولكن "سعيد باشا" وافق على ترقيتهم الى طبقة الضباط وهذا ما استفاد منه عرابى الذى تمت ترقيته بسرعة "من تحت السلاح" الى مرتبة ضابط عام 1858 وعمره 17 عاما ثم الى رتبة صاغ بعد عام واحد فى 1859 وترقى لرتبة بكباشى بعد عام آخر والى قائم مقام فى نفس العام 1860، وكذلك أقرانه فى الجيش وإن بقيت قيادة الجيش فى يد الشركس والاتراك والاوروبيين، وبوصول "اسماعيل باشا" للحكم إستعادت مصر قدرا كبير من نهضتها العمرانية والثقافية والعسكرية حيث كان يحلم بتحويلها الى قطعة من أوروبا فأنشأ القاهرة الخديوية والأوبرا وحديقة الحيوان والقصور والكبارى والمدارس ولكنه أغرق مصر فى الديون من الدول الإستعمارية والمرابين وذلك بسبب بذخه الشديد حتى أنه باع أسهم مصر فى قناة السويس ورهنها للأجانب، وبسبب المنازعت المتكررة مع أصحاب الديون طلب اسماعيل من الدائنين التوصل لتوحيد الديون فى صندوق واحد عرف ب"صندوق الدين العام" واضطره بعدها لتوقيع مرسوم بتشكيل حكومة مختلطة يوجد بها وزيرين اجنبيين (انجليزى وفرنسى) للمالية والأشغال وهى التى شكلها برئاسة "نوبار باشا" الموالى للغرب، وحدث تضييق شديد على الخديوى من الدول الاستعمارية مما جعله يتجه الى القوى الوطنية والأعيان لإكنسابهم الى جانبه والضغط بهم على الغرب فسمح بحرية نسبية للصحافة وانتعاش للحركة المسرحية التى تتنتقده وأسرع الخطى لتشكيل جمعية وطنية تمهد لقيام مجلس نواب ووضع دستور للبلاد وفى خطوة شجاعة أقال حكومة نوبار و كلّف "محمد سعيد باشا" المشهود بوطنيته لتشكيل الوزارة مستبعدا منها الوزراء الأجانب فأسرعت إنجلترا وفرنسا بإستصدار فرمان من الباب العالى بعزله وتولية ابنه "توفيق" بديلا عنه، وكان توفيق "حتى ذلك الحين" قريبا من الثوار والحركة الوطنية بدليل ترحيب عرابى بقدومه فى حوار له مع مجلة الهلال كما ذهب "جمال الدين الأفغانى" لزيارته معلنا أنه الأمل الجديد لمصر، وأصدر توفيق بمجرد توليته قرارا بتشكيل لجنة لوضع الدستور يرأسها شريف باشا، لكنه سرعان ما انقلب على نفسه وأقال حكومة شريف باشا وعيّن " مصطفى رياض باشا" الموالى للإنجليز بدلا عنه، (يذكر المؤرخون أن الحزب الوطنى القديم الذى نشأ كجمعية بحلوان فى تلك الفترة من مجموعة من الناقمين على حكومة رياض باشا وعلى رأس هذا الحزب شريف باشا وشاركه فى التأسيس إسماعيل راغب باشا وعمر باشا لطفى ومحمد باشا سلطان وانضم اليه لاحقا البارودى وعرابى وآخرين ولعب هذا الحزب الدور الرئيسى فى أحداث الثورة لاحقا).
تكرست شعبية عرابى داخل الجيش لصدامه المستمر بالقيادت الشركسية وعلى رأسها " عثمان باشا رفقى" وزير الحربية ودفاعة الشرس عن حق الضباط وصف الضباط من المصريين، وقد استشعر ذلك الإنجليز مبكرا فأوعزوا للخديوى بإقالة عثمان رفقى وتعيين "محمود سامى البارودى" بديلا عنه تخفبفا للإحتقان، هذه الخطوة قوبلت من العناصر الوطنية بالإحساس بالنصر والقوة مما حدا بعرابى الى التقدم للخديوى بطلب الحضور الى قصر عابدين فى 9 سبتمبر لعرض مطالب الجيش والشعب ( طبقا لما جاء فى كتاب " الفريد بلنت" المستشرق اللانجليزى وصديق عرابى "التاريخ السرى للإحتلال الإنجليزى لمصر")، وفى تمام الساعة التاسعة حضر عرابى ومعه 2500 من الضباط والعساكر ومعهم 18 مدفعا " بغاية الأدب" بعد أن أرسل عرابى الى قناصل الدول الأجنبية يطمئأهم على رعاياهم، وبعد أن وصل الخديوى الى الساحة وخلفه قناصل الدول والوزيرين الأجنبيين (كولفن وكوكسن) طلب من عرابى التقدم فتحرك عرابى على حصانه ومعه حوالى 30 من عساكره ولما إقترب أمره الخديوى بالترجل فانطاع للأمر وسأله الخديوى عن سبب حضوره فأجابه :جئت يا مولاى لعرض مطالب الجيش والأمة وكلها مطالب عادلة وبعد الحوار المذكور إنسحب الخديوى لداخل القصر وإستمر الوزيرين الاجانب لمفاوضة عرابى عن طريق مترجم وكان أحدهما يدخل الى القصر ويعود لنقل المطالب للباشا وفى النهاية أعلن كوكسن موافقة الخديوى على جميع المطالب واصداره فرمانا بتعيين "شريف باشا" رئيسا للنظار وبعدها أصدر قرارا بدعوة الناخبين لتشكيل مجلس للنواب يضع الدستور، ولكن كانت المؤامرة تحاك من الدوائر الاستعمارية على الشاطئ الآخر من المتوسط.
أمام إحساس شريف باشا بالخطر مع تشدد العرابيين قدم استقالته ليخلفه محمود سامى البارودى لرئاسة الحكومة التى عيّن عرابى فيها وزيرا للحربية، وسرعان ما بدأت الخلافات تتصاعد بين الخديوى والعرابيين بداية من القرار الذى أتخذ بالقبض على "عثمان ياشا رفقى" و40 من الضباط الشركس بسبب اتهامهم يتدبير مؤامرة لإغتيال عرابى وقرار الحكومة بتجريدهم من مناصبهم ونفيهم خارج البلاد وعدّل الخديوى القرار الى النفى المخفف مع إحتفاظهم برتبهم وونياشينهم وهو ما رفضته حكومة البارودى واحتدم الخلاف وبدأت الأزمة تتصاعد وسارع الانجليز بتحريك الأسطول الى الشواطئ المصرية مع انذار للحكومة بالإستقالة وابعاد عرابى خارج البلاد وخيمت على البلاد نذر الحرب، فتسلح الأوربيين بالاسكندرية واستقدم الخديوى كثير من البدو المسلحين لمواجهة الجماهير الغاضبة وسرعان ما تم الإنفجار بعد المعركة التى حدثت بين مكارى واجنبى على أجرة حمار وقتل عدد من الأجانب والكثير من الوطنيين "قدرت الوثائق البريطانية ان عدد الاوربيين الذين قتلوا فى هذا اليوم يبلغ 300 فردا" وبعدها تم اتخاذ قرار الحرب الذى تم تبريره بحجج واهية منها أن البحرية المصرية تجدد الطوابى والإستحكامات العسكرية، وبدأت البحرية الانجليزية فى قصف الأسكندرية بقيادة الادميرال "سيمور" وتمت مجزرة رهيبة للسكان وتدمير هائل لأحياء الاسكندرية وخاصة المنشية وشارع السبع بنات والرمل واضطر "طلبة باشا عصمت" قائد المدينة لتسليمها، وبعد عدة معارك فى كفر الدوار والتل الكبير أنجزت بريطانيا مهمتها ووضعت يدها على مصر.
أثناء الحرب أعلن الخديوى عزل عرابى وفى نفس الوقت كان عرابى يستصدر فتوى من علماء الأزهر بمروق الخديوى وخروجه من الملة وأسرعت والدول الاستعمارية لإستصدار فرمان من الباب العالى (السلطان عبد الحميد الثانى) بخيانة وعصيان عرابى وتأييد الباب العالى للخديوى توفيق، كما رفض عرابى إغلاق قناة السويس إعتمادا على وعد من "دليسبس" بعدم سماحه للإنجليز باستخدامها للهجوم على مصر "وهذا مالم يحدث" وخدع دليسبس عرابى ودخل جيش الإحتلال الى القصاصين والتل الكبير عن طريق القناة، وبوصول الجيش الانجليزى الى القاهرة فى 14 سبتمبر 1882واستسلام قائد حامية القلعة "خنفس باشا" اعترف عرابى بالهزيمةو توجه بصحبة طلبه عصمت الى ثكنات العباسية لإنهاء إجراءات الإستسلام الذى تم بلا قيد أو شرط الاّ طلب واحد لعرابى بأن يكون فى عهدة الحكومة البريطانية وليست المصرية وعقدت محكمة عسكرية اصدرت الحكم على قادة الحركة العرابية بالنفى الى جزيرة سيلان فى 3 ديسمبر 82 وبهذا أسدل الستار على الثورة واستمر الاحتلال الانجليزىلمدة 74 عاما، وأعقب الاحتلال هدوء تام فى أنحاء البلاد وصاحب ذلك حملة شعواء ضد عرابى والعرابيين من جميع الأطراف السياسية والشعبية مع تحميله مسئولية إحتلال مصر واستمرت تلك الحملة عليه حتى من رفاقه فى الثورة ومن قادة ثوريين ظهروا فيما بعد مثل "مصطفى كامل" وحزبه الوطنى الثانى، وحتى البارودى فقد هجا عرابى بشعر مقذع "فى قصيدة من 500 بيت" لا مجال لذكره تعففا، وكذلك الشيخ محمد عبده رفيقه فى الثورة فقد قلل من شأن عرابى فى شعره " ما كان أحسنه شيخ بزاوية..يعشى النساء بوعظ كان يمليه" وحين سمح لعرابى بالعودة الى الوطن فى 1901 بمرسوم من الخديوى "عباس حلمى الثانى" لقى معاملة مهينة من بنى وطنه هؤلاء الذين رفعوه يوما على الأعناق وقال فيه شوقى شعرا مخزيا وزاد عرابى الطين بله بأن أشاد بالاحتلال الانجليزى لمصر واعتذرعن حماقته وحربه لهم فى لقاء مع جريدة المقطم وكان الاطفال يبصقون عليه وهو شيخ أعمى وظل يعيش فى بيته وحيدا حتى لقى ربه فى سبتمبر 1911 لتطوى الصفحة الأخيرة فى الحركة العرابية.
ظلت كتب التاريخ فى مصر تقدح فى ثورة عرابى وتصفها بأبخس الأوصاف لعقود طويلة حتى قيام ثورة يوليو التى أنصفتها وتم نشر مذكرات عرابى بمقدمة لمحمد نجيب تحدث فيها عن عظمة تلك الثورة، قبلها صدر كناب "أحمد عرابى الزعيم المفترى عليه" للمفكر الماركسى "الدكتور محمود الخفيف" فى 1947 الذى أنصف فيه عرابى ورفعه الى مصاف الزعماء الأفذاذ عسكريا وسياسيا، ونحن لا نستطيع التشكيك فى الدور الوطنى لأحمد عرابى وأن الوقفة الشهيرة فى ميدان عابدين فى 9 سبتمبر 1981 لم تكن وليدة اللحظة ولكنها إمتداد لنضالات متصلة منذ عهد الخديوى اسماعيل ضد العديد من المظالم التى تعرض لها المصريين من حكامهم المنحدرين من سلالة محمد على ومن كبار الملاك الزراعيين ومن السخرة والجلد والضرائب وغياب الحريات وتدخل الدول الإستعمارية، ورغم الحماس المؤقت من المصريين لعرابى والقادة العرابيين الاّ أن ذلك سرعان ما خبا وإنقلب الى عداء صريح لهم وشماتة فيهم شملت الجميع حتى أن الشعب أطلق على ما حدث "هوجة عرابى" سخرية منها وتنصل الجميع من المشاركة فيها بما فى ذلك الكثير من قياداتها، وارتبطت تلك الثورة بعدد لا حصر له من الخيانات من كل الجهات، فمن خيانة الخديوى توفيق الى خيانة السلطان عبد الحميد مرورا بخيانة البدو فالقادة العسكريين وكبار ملاك الأراضى وقطاعات أخرى لا يستهان بها، ولست هنا بصدد محاكمة الحركة العرابية استنادا الى نتائجها وإلاّ لأعتبرت كارثة بكل المقاييس ولكن من خلال تحليل معطياتها يمكن القول بدون تزيّد أنها فعل ثورى لكنها لا ترقى إلى ثورة بل يمكن إعتبارها هبّة أو حركة وخصوصا أن عمرها القصير واعتمادها بالأساس على العسكر لم يتح لها الفرصة لإحداث تغيير إجتماعى حقيقى بل كان الإنقسام حولها واضحا وقد ماتت بالسكتة الدماغية بمجرد دخول الانجليز.
وفى النهاية لا يبقى الاّ حقيقتين مؤكدتين أولهما أن أحمد عرابى شخصية وطنية شديدة الولاء للوطن والثانية أنه من أدخل زراعة المانجو الى مصر بعد إحضاره بذورها من سيلان.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزيديون فى العراق ومعضلة الحفاظ على الهوية
- مصر بين ثورتين
- داعش.. ما بعد القاعدة
- البغاء فى مصر ..نظرة تاريخية
- حماس ..الخلط بين مفهومى الجهاد والمقاومة
- طبيعة السلطة بعد ثورة يناير والصراع الطبقى (2)
- طبيعة السلطة بعد ثورة 25 يناير والصراع الطبقى (1)
- اليسار وثورة يناير
- اليسار الجديد وإشكالية الثورة
- أمريكا والإسلام السياسى
- الأقباط وثورة 30 يونيو
- الأقباط وثورة 25 يناير
- الأقباط والثورة (1)
- الكبت الجنسى كمدخل طبيعى للتحرش
- داعش .. ومحاولة الإستيلاء على العراق
- دون مكابرة .. مصر بلد فقير الموارد
- المشير عبد الفتاح السيسى .. وصناعة الزعيم
- ملاحظات سريعة حول الانتخابات الرئاسية
- الإخوان المسلمون والصعود الى الهاوية
- الإسلاميون ونهاية التاريخ


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - قراءة جديدة للثورة العرابية