أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - طاعون داعش قابل للانتشار















المزيد.....

طاعون داعش قابل للانتشار


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 4548 - 2014 / 8 / 19 - 23:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في فيلم أمريكي كانت المدينة على موعد مع فيروس غريب ليس كالفيروسات، فالمعهود عن طبيعة الفيروسات المرضية أنها تؤذي صاحبها أو تنتقل عن طريق العدوى، وفي كل الأحوال فهي لا تؤذي إلا المريض، لكن لم نسمع عن فيروس مثلا يجعل الإنسان يشتم أو يقتل ويذبح، لكن مع هذا الفيلم كان الفيروس من تلك النوعية، إذا أصاب صاحبه يجعله يَعضّ الآخر من رقبته ويسيل دمه، ثم ينتقل الفيروس بسرعة وبثوانٍ معدودة إلى الضحية ليمارس هو الآخر عدوانيته ويعض كل من يقابله فتتحول المدينة بكاملها إلى مدينة أشباح ووحوش قاتلة.

قد يثير انتباه البعض شخصاً هادئاً ونزيهاً أو فتاة جميلة رقيقة لا تعرف للعنف سبيلا، ولكن إذا تعرضت لهذه العضّة الفيروسية القاتلة تتحول إلى وحش كاسر يأكل لحوم البشر بشراهة.

عندما أرى جماعة داعش وهي تتوسع بسرعة ويزيد نفوذها حتى تحتل شمالي العراق وسوريا وتشكل حلقات متصلة، ومع هذا النفوذ لا تتوقف مشاهد القتل والذبح وحز الرؤوس ونشر هذه المقاطع...مع كل هذا أتذكر هذا الفيلم مباشرةً، وبعفوية أربط بين هذا الفيروس المُعدي في المدينة وبين فيروس داعش القاتل الذي وإن أصاب طبيباً عاقلاً أو فنانا مرهف المشاعر إلا ويتحول إلى وحش كاسر لا عقل له ولا قلب..

في حلقاتٍ ماضية متصلة ربطنا بين جرائم داعش وبين تراث المسلمين السنة، وقلنا أن هذا التراث لا يصنع إلا هذه النوعية من المخلوقات، وأن كافة محاولات تطويعه وتأويله أو توجيهه للمعاصرة هي محاولات بلا جدوى، بل هي تصب في خانة إهدار الجهد والمال، لأن النتيجة الحتمية لهذا التراث سواء اليوم أو غداً هي صناعة إنسان جاهل أو مجرم، وفي كِلتا الحالتين يتحمل مسئوليته من رفع لواء التكفير في وجه كل من يطالب بتجديده وتنقيحه ليس لنا على الأقل..ولكن لنحمي الأجيال القادمة من الهلاك المحتم.

البداية كانت منذ إحياء ذلك التراث على أيدي جماعة الإخوان المسلمين، فنشروه بصبغة سياسية، وغلفوا دعواهم بشعاراً وأملاً خادعا تحت عنوان.."الصحوة الإسلامية"..وتكلموا عن نظام الحكم في الإسلام، ووجوب عودة الخلافة بعد هدمها في تركيا، وتصدوا لكل دعاة التنوير في في عهدهم كأحمد لطفي السيد وعباس العقاد وطه حسين وغيرهم الذين كانوا يعلمون مآلات تلك الدعاوى الهدامة، ونشر الحمقى منهم دعوات التكفير في حقهم، لأن التراث أفهمهم أن طريق الله المعصوم بين يديهم، وأن أي نهاية لهذا الطريق ستكون خيراً لهم سواء تمكنوا من الحكم أم لا..

قاموا بإحياء صورة الصحابة التراثية التي يملأها الخيال والطوباوية المفرطة، فاعتقد العوام أن ما يتحدثون عنهم ليسوا بشراً ولا يجوز في حقهم الخطأ، فسادت وانتشرت دعاوى الطائفية بعد انقراضها على عهد المعتزلة وإحياءها في عصر ابن تيمية ثم الإحياءة قبل الأخيرة للطائفية على يد الشيخ ابن عبدالوهاب، والآن جددها الإخوان المسلمون بإحياءة أخيرة حصدت أرواح ملايين المسلمين في سوريا ولبنان والعراق وإيران، كأكبر عدد لضحايا العنف الطائفي في تاريخ المسلمين.

يعتمد الداعشيون في دعوتهم على ذلك التراث السني الطائفي ويُفضلون عادةً أن يكونوا ديماغوجيين يكسبون عواطف الناس ، هي الصورة اللامرئية للشخص التراثي، حيث وباعتقاده الحق المطلق -ووجوب استنفاره سياسياً -يتصدي لهم أصحاب المصالح، فيعتقد أن تصديهم هو حرب مع الله..تلك الصورة التي ورثوها عن الخلافة والشريعة البائدة في القرون الوسطى، لم يجرِ تجديدها حديثاً إلا بجهود فردية غير مؤثرة تُحسب لأصحابها، ولكن يظل الخط العام للخطاب الديني يعتمد على هذه المفاهيم التراثية لصنُع ما يعتقدونه بحالة إيمانية تسمح لهم بالتمدد والتوسع تحت ستار.."نشر الإسلام".

هي حالة فريدة تصلح لأن تكون فيروساً يسري مسرى الدم في العروق، وهل بيننا من يشعر بدمه يجري؟..هؤلاء كذلك لا يشعرون بهذا الفيروس الذي لم يكتفِ بالسيطرة على الدم، بل هو مخصص للسيطرة على الدماغ والوجدان ككل.

قديماً لجأ أحد أكبر أساطين التنوير وهو الدكتور طه حسين إلى المواجهة المباشرة، وتصدى لهؤلاء التراثيين وطعنهم في عقر دارهم، بعد أن علم منبت الداء وجذور الصرع الطائفي لديهم، حيث علم أن دعواهم تعتمد ليس فقط على التأويلات والنزعات والمصالح بل أيضاً على الأكاذيب، فنفى قصة ابن سبأ مع الإمام علي بن أبي طالب، وأعلن أن ابن سبأ شخصية أسطورية لا وجود لها، وأن قصصه وحواديته من اختراع ذلك العهد المأفون الذي كان يضج بالتعصب والعنف الطائفي ومشاهد الدماء مُضرجة في الشوارع، وليس مجرد تدوين تلك القصص علامة على صحتها، بل التاريخ يُثبت أنها لم تظهر إلا في كتب المتأخرين كالطبري وبن قتيبة، ثم أخذ عنهم الشهرستاني في الملل والنحل وابن حزم في الفصل والاسفراييني في التبصير.

كانت محاولات فردية لإحداث نوع من التغيير ولكنها باءت جميعاً بالفشل، والسبب أنه ما من انتصارٍ يحدث إلا عن تيار وحركات جماعية، ومهما فعل طه حسين أو غيره فجهودهم لا تذكر مقابل دعوات وإمكانيات التراثيين، الذين يعتمدون بشكل أساسي على جهل الشارع، وعلى إمكانياتهم المالية والنفطية بل والسياسية.

إن مجتمعات المسلمين الآن هي بيئة خصبة لتمدد داعش، وكأن داعش هي العقاب الإلهي للمسلمين الذين تكاسلوا وتجابنوا عن مواجهتهم في المهد، قال لي صديق أن المصريين لن يفيقوا إلا بعد اكتوائهم بنار داعش، قلت وهل الليبيون والسوريون أفاقوا أم لا؟..ما زالت المناطق المحررة من داعش يرون ما يراه ابن عثيمين وابن باز ومحمد حسان والحويني ، بل يرون في ابن تيمية شيخاً للإسلام، والسبب أن بعض الشيوخ قالوا ان داعش لا تمثل الإسلام هكذا دون تفصيل وبيان، فاعتقد العوام أن داعش ليست هي الإسلام، ولكن لم يتسلحوا بالإسلام الصحيح.

وهذا يعني أن الداعشيين يمكنهم العودة تحت إسم وشكل جديد، ولكن المضمون واحد، فبقاء هذا التراث هو لعنة أصابت الأجيال المتتالية منذ عهد المتوكل العباسي إلى عهد أبو بكر الداعشي ، انتصار متكرر للحنابلة وصراع دائم مع الآخر وتخلف وانحطاط بشري لم نراه في قبائل الزومبا وآكلي لحوم البشر، أمس أعلنت أحد القنوات زيادة مقاتلي داعش في سوريا 6000 في أسبوع، وهذا يعني تمدد مخيف وتهديد علني لمجتمعات العرب وغير العرب .

إن ما يحدث للمسلمين يستحق أن يكون حالة فريدة يجوز وصفها .."بالوباء "..قديماً كان التطرف حالة فردية سهلة الرصد والتتبع، أما الآن فيكفي أن تردد فتوى واحدة لشيوخ داعش كي تكون عضواً عاملاً في دولتهم لا فرق بينك وبينهم سوى أنهم سبقوك بحمل السلاح والعدوان، أما أنت فقاعد ، فهل يستوي الداعشيون مع القاعدون؟

ما يفعله البغدادي وكافة مرضى الوباء هو أنهم يُحاكمون المسلمين لتراثهم، هذا هو ما أنزل الله وسنّه رسوله، عليكم باتباعنا ، الدين ليس فيه عقل بل اتباع، ولو كان بالعقل لكان مسح أسفل الخف أولى من ظاهره ، تلك الحجة السخيفة التي يرددها البلهاء ، رغم أن هذه الكلمة بشرية منسوبة للإمام عليّ ، ولكن جعلوها قاعدة لفهم الدين وتقليد بعضهم كالنعاج في الزرائب، وكأن الله لم يُحاكم البشر لعقولهم ويأمرهم بالتفكر في الحرث والزرع والماء، ولما لا وهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، فهم من اعتادوا الكذب على الله وعلى رسوله، وهم من آذوا الأنبياء قديماً ويُؤذون المصلحين حديثاً.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قتل العلمانيين عند الأزهر
- تشريع الحدود بين الأمة والسلطة
- إنك لا تهدي من أحببت ياأزهر
- أكذوبة حديث يوشك أن تداعى عليكم الأمم
- المسيحيون واليزيديون في الموصل
- خدعة الصوم لأجل الفقير
- لا كفّارة على جماع الرجل لزوجته في نهار رمضان
- مسخ اليهود فئراناً وتراجع النبي..
- رخصة الفدية في أحكام الصيام
- الوصايا العشر لتحريف أي دين
- من هم العلماء في الدين ؟
- داعش وحديث الفرقة الناجية
- معبد الجهني المعارض الحُر
- الأمويون وتخلف الأمة
- ابن شهاب الزهري في الميزان (4)
- ابن شهاب الزهري في الميزان (3)
- ابن شهاب الزهري في الميزان (2)
- ابن شهاب الزهري في الميزان
- خرافة هزة العرش لسعد بن معاذ
- الوصاية الدينية في فقه ابن حجر العسقلاني (3)


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - طاعون داعش قابل للانتشار