عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4547 - 2014 / 8 / 18 - 21:46
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
من المصطلحات السياسية التي ترسخت في عقول الناس واعتبرت كأنها واحدة من المقدمات الأساسية لمعرفة العلاقة بين المواطن والحكومة هو مفهوم سلطة الحكم , أو ما يسمى بالحكومة والشيء المثير أن كثيرا من السياسيين وحتى الدارسين والمفكرين ورجال القانون لا يفرقون بين مصطلح الحكومة وبين الإدارة الحكومية , من حيث البنيان المعنوي هناك فرق عميق جدا وفي الفلسفة وفي طبيعة الفهم القانوني والدستوري بين المفهومين ..
الحكومة اختصارا أو سلطة الحكم التي تعني قوة المؤسسة السياسية المتسلطة بقوة القانون أو العقد الأجتماعي على التصرف في تسيير العلاقات القانونية الضرورية بين الأفراد كأفراد منفصلين وبين الأفراد كمجموعة وبين المجتمع ككتلة والمحيط الخارجي وفق فلسفة سياسية متبعة تعكس رؤية مسبقة وتتحكم إلى قانون يبيح لها هذا التسلط بل ويعتبره ضروريا جدا لديمومة واستمرار وبقاء المجتمع .
هذه الفلسفة التي تنظر إلى العلاقة البينية بين الأفراد كمكونات لشعب ومجتمع قائم على عنصري الإخضاع من قبل الحكومة والاستجابة من قبل المجتمع وهناك تنازل حقيقي لحرية الأفراد والمجتمع لصالح سلطة الحكم بالحد الذي يؤمن أستمرارية المجتمع منضبطا لا يخرج عن القواعد التي ترسمها السلطة له , فالسلطة الحاكمة أو سلطة الحكم تمارس وظيفتها خارج الإرادة الإنسانية لأفراد المجتمع لأنها سبق وأن تمتعت بهذا التفويض من سكوت وإقرار سلبي به تتابع عليه المجتمع وأصبح جزء من مسلمات الواقع الأجتماعي .
وبالرغم من نجاح سلطة الحكم أو الحكومة في أحيان كثيرة في إدارة الملفات الأجتماعية والأقتصادية والقانونية في المجتمع لكنها تبقى دوما معرضة للانتقاد لأفتقاد أساسها للمبدأ الأخلاقي الإنساني , هذا المبدأ الذي يجب على المجتمع المتطور والحديث ومع تطور فكرة المجتمع عن نفسه إلى أحترام إرادات حرة تعيش وفق نظام إيجابي يسعى للتوفيق وليس إلى فرض شروط تعسفية على مواطنيه .
المجتمع الذي يضع حقه في الحرية فوق حق السلطة في التصرف بها هو أهم أسباب نضج ونجاح فلسفة التوافق بين الضرورات الأجتماعية وتنظيمها وبين الحد من طغيان السلطة في حقها الممنوح لها أجتماعيا في التعدي على هذه الحرية والمساس بها بدعوى ضرورات السلطة , ومن هنا مثلا الشعب الأمريكي لا يرتضي للحكومة أن تمارس سلطة الحكم بمواجهة الشعب الأمريكي بل يصر المجتمع الأمريكي على ترسيخ وإثبات فكرة الإدارة الاتحادية التي تمارس دورها التوفيقي بين مختلف المتعارضات بأقل ما يمكن من الحد من الحرية الشخصية للفرد والمجتمع وقد نجحت إلى حد بعيد في هذا المسعى وما زالت تطور فكرة الإدارة لتصل إلى حقيقة أن الإدارة ليست إلا وظيفة جزئية من ضمن منهج من الوظائف المتعددة تمارس بروح التكليف ومقابل تخويل محدد.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟