أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - نيسيان اليد..يترك مساحة للتأويل














المزيد.....

نيسيان اليد..يترك مساحة للتأويل


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 4546 - 2014 / 8 / 17 - 11:30
المحور: الادب والفن
    


نسيان (اليد).. يترك مساحة للتأويل
قراءة في ديوان (يدي تنسى كثيرًا) للشاعر والناقد (مقداد مسعود)
محمد عبد حسن


القصيدة:
(*)
زقاق بنصف إغماضة
لظهيرته
صمت منتصف الليل
هنا يمكن لعاشقين
أن يتهامسا
15 دقيقة..
دون عاذل أو طفيلي
يكون الهمس برعاية
نافذة عالية
تقف خلفها واحدة من
الفتيات الثلاث..
القراءة:
(يد).. كلمة مؤنثة تتكون من حرفين، وتجمع على (الأيادي) في حال التفضل والعطاء.. وعلى (الأيدي) إذا أريد بها الجارحة. وتطلق على الجزء الممتد من المنكب إلى أطراف الأصابع، في حين يقصرها البعض على الكف.
وتخرج كلمة (يد) من معناها اللغوي أو المعجمي إلى العديد من المعاني والدلالات المصاحبة، فحين نقول (يد الفأس) نعني مقبضها، وَ(أطلق يده).. جعله يتصرف بحرية، وعندما نقول (في يدي).. نعني في ملكي وفي حوزتي، (وضع يده على شيء).. سيطر عليه، وتشير أيضًا، فيما تشير إليه، إلى القوة والوحدة، (فهم يد واحدة على عدوهم). وحملها القرآن الكريم معنى آخر بقوله: ) حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (29).. التوبة.. أي عن ذلّ واستسلام. وبشكل عام تتأرجح دلالات كلمة (يد) بين مجالي القوة والعطاء.
فحين (يدّعي) الشاعر مقداد مسعود أن يده (تنسى كثيرًا)(*) فإنه بذلك ينسب لليد فعلًا غير مألوف.. لي أنا على الأقل. فما نعرفه عن (اليد)، إضافة إلى كونها الأداة الأساس لحاسة اللمس، أنها عضو تابع يأتمر بأوامر الدماغ، وأن نسبة (النسيان) إليها يعطيها ذاكرة هشة لا تحتفظ بالكثير.
ما أفهمه من هذه الذاكرة (المفترضة) – ونحن هنا نحاول قراءة قصيدة- هو عجز اليد عن ملاحقة التدفق الشعري لحظة الإبداع، وبذلك تكون قد نسيت الكثير مما أراد لها الشاعر أن تتذكره، فيما بعد، لتدوينه، ومن جملة ما (نسته) أنها تركت قصائد الديوان، جميعها، من غير عناوين أو ثريّات (على رأي الأستاذ الراحل محمود عبد الوهاب) يهتدي بها القارئ لتنير له، ولو خطواته الأولى، وهو يدخل إلى النص.. تاركة له مساحة واسعة للتأويل بدءًا من وضع عنوان مفترض يحاول صنعه القارئ تحت تأثير سلطة النص بعد قراءته.
تجدر الإشارة هنا إلى أن القرآن الكريم أعطى (لليد) صفة الشاهد، والشاهد، كما هو معلوم، اسم فاعل قام بفعل المشاهدة واحتفظ بما شاهده في ذاكرته لحين استدعائه للشهادة، (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (24).. النور. وهذا الأمر ليس بعيدًا عن التكوين المعرفي للشاعر المجاهر بيساريته على الدوام، فهو يشغل حيزًا كبيرًا من الموروث الذي تطفح به بيئته.
في ص58 من (يدي تنسى كثيرًا)(*) ينقلنا الشاعر، وربما يده.. بما تبّقى لها من ذاكرة، إلى:
( زقاق بنصف إغماضة
لظهيرته
صمت منتصف الليل )
وهذا مشهد سبعيني، أجزم بذلك كي لا أتجاوز موضوع (شهادتي)، وإن كان في الحقب السابقة مثل ذلك.. فلأترك لمن هم أكبر منّي سنًّا تأكيده. ما نسيت (اليد) قوله هنا هو: أن الوقت صيفًا، ففيه، فقط، يكون لأزقتنا (صمت منتصف الليل):
( هنا يمكن لعاشقين
أن يتهامسا
15 دقيقة ) ص58
للنهار عيون.. كما يقول أهلنا، واختياره وقتًا للقاء يؤكد نبل العشق خصوصًا وأن مكان اللقاء هنا.. مكان مفتوح، بعيدًا عن الأبواب المغلقة وتحت سلطة عيون تنظر، ولو عن بعد، كما سيأتي. وَ (15 دقيقة) هو أقصى ما تستطيع فتاة أن تغيبه عن البيت وإن كان الغياب هنا ليس غيابا كليا، فهناك من يراقب:
( يكون الهمس برعاية
نافذة عالية ) ص58 .
و(للرعاية) هنا عينان، عين على الخارج.. وأخرى على الداخل، وهي جاهزة لإطلاق صفّارة إنذار إن تطلّبً الأمر. مشهد كهذا لم نعد نراه، فقد أزاحته ثورة الاتصالات بعيدا حتى أننا لم نعد نتذكره. وحسنًا فعلت (يد الشاعر) أن احتفظت بما تيسّر منه.
ما يريد النص، أيضًا، قوله هو أن (الفتيات) أكثر حذرا من (الرجال) في موضوع كهذا، ولذلك ما يبرره في مجتمع شرقي. ففي حين تحدّث النص عن رجل واحد لم يذكره منفردًا وإنما جاء كأحد (عاشقين).. رسم لنا صورة (فتاتين) من الـ(الفتيات الثلاث).. ناسيًا (الثالثة)، وقد اعتذر الشاعر، مبكرًا جدًا، عن هذا النسيان على غلاف ديوانه محمّلًا (يده) مسؤولية ذلك.. ولكني أراها هناك على طرف الزقاق البعيد ملتفّة بعباءتها ومراقبة فضاءً لا تغطيه (النافذة العالية) متمنية أن تنقضي هذه الـ(15 دقيقة) دون (عاذل أو طفيلي) حتى تتخلص هي من الحميم الذي تصبه الشمس فوق رأسها لتعود إلى برودة الظلّ.. وإلى دفء الهمس الذي تنقله الفتاة وهي تحدثهما بما جرى.

محمد عبد حسن
قاص وروائي من البصرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): مقداد مسعود / يدي تنسى كثيرا / دار ضفاف / بغداد – الشارقة / 2014



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجود في زمن ضائع/ روايتان ومدينة/ الروائي عبد الكريم العبيدي ...
- مقبرة براغ
- ترجيل الأنثى تسمويا....حزامة حبايب في رواية (قبل ان تنام الم ...
- درجة الأتقاد
- الشعلة وكتلة الشعلة في قصائد انسي الحاج
- أيدلوجية القص
- قراءة في (يدي تنسى كثيرا) للشاعر والناقد مقداد مسعود
- نجمة قشة مبللة بالنواح الزراعي/ حسب الشيخ جعفر..من خلال قصيد ...
- فضة شعرك : أغلى من الذهب في رثاء الرفيق(أبو ليث) غالب الخطاط
- مهدي عامل / 28
- الشاعرة إلهام ناصر الزبيدي
- الشاعرة البلغارية كابكا كاسابوفا
- الشاعرة رؤى زهير شكر
- الشاعرة جومان هه ردي/ قصيدة (مطبخ أمي)
- الشاعرة سمر قند الجابري في قصيدة (الجثة)
- الشاعرة مريم العطار
- قراءة منتخبة من قصائد نينيتي/ المهرجان الثالث للأدب العالمي/ ...
- دفتر(أبو) ثلاثين ورقة
- ملتقى جيكور الثقافي،يقيم جلسة تأبين للشاعر والقاص عبد الستار ...
- سيرورة وعي الذات شعريا ..لدى الشاعر هاشم شفيق


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - نيسيان اليد..يترك مساحة للتأويل