أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - قبل الثورة 1962 (برناردو برتولوتشي):شخصيات مفعمة بالهم الوجودي















المزيد.....

قبل الثورة 1962 (برناردو برتولوتشي):شخصيات مفعمة بالهم الوجودي


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4546 - 2014 / 8 / 17 - 01:43
المحور: الادب والفن
    


قبل الثورة 1962 (برناردو برتولوتشي):شخصيات مفعمة بالهم الوجودي
قبل الثورة يبدو كأنه فيلم مغلق على حوار بين اثنين فقط،وغالبا ما يكون احد هؤلاء الاثنين هو فابريز بطل الفيلم،وان قلنا عن وجود شخصيات اخرى إلا ان الفيلم في اقوى لحظاته يبدو منغلقا على فابريزو وجينا،وهذا الحوار المقتضب يذكر قطعيا بالموجة الجديدة،وان كان برتولوتشي سيعمل لاحقا على تكثيف هذا الاسلوب وجعله وكأنه شيئا خاصا به وهو شيء سيحدث في التانغو الأخير في باريس...
لم يلتفت برتولتشي في حياته الى شيء اسمه الواقعية،بل كانت موضوعاته تنحصر بين التاريخ والفردية وهو ان كان يعبر في بعض الأحيان وفي هذا الفيلم تحديدا عن نزعات فكرية وسياسية وايديولوجية إلا ان الخيط الشخصي للبطل يبدو اقوى كثيرا من تعبيراته العامة، وان كانت موضوعاته تقترب من انتونيوني إلا انها ذات نوع خاص جدا،على ان العلاقة المغلقة بين الاثنين هي التي سيطورها لاحثا برتولوتشي الى شيء اسمه التانغو الأخير في باريس،وقبل الثورة في هذا العنوان المخادع الذي يجعل من المرء يعتقد بانه فيلم عن السياسية أو شيء من هذا القبيل،يبدو احيانا وكأنه جزء أول من التانغو الاخير في باريس مع اقل انفعالية وتكثيفا للموضوع المغلق....هناك اشياء تحدث خارج الشقة في فيلم قبل الثورة ولا احد يطلب منا ان نرفض او حتى ان نتغاضى عن ذلك...
يفتتح الفيلم على عبارة مقتبسة من السياسي الفرنسي (tally Tand):
هؤلاء الذين عاشوا قبل الثورة لا يمكنهم ابدا أن يدركو بهجة الحياة
هذه العبارة السابقة اذا اردنا ترجمتها حرفيا فهي تعني(الثورة الفرنسية)،ولكنها في الفيلم تبدو غامضة غير واضحة مترنحة بين معنى ومعنا آخر،بين وجهة نظر وفهم شخصي لها،بل ان البعض تركها مفتوحة حتى لايقع في وجهات نظر بينما الذي عمل على ترجمتها حرفيا يبدو بانه لم يشاهد الفيلم من اساسه...
فابريزو شاب في اوائل العشرينات مشبع بافكار عن الطبقة البرجوازية ويعيش في احلام مثالية،مع مونولوج داخلي عن ما يراود البطل-تفاعلات الموجة الجديدة- وهو يعلن نفسه من الطبقة البرجوازية.
بحثت في كل الكنائس عن سيسيليا...لقد وجدتها واريد ان الفي عليها نظرة اخيرة
هذه النظرة تحدث ولكن من دون كلام...لازال يعلق من خلال مونولوج داخلي،والفيلم يبدو احيانا وكأنه قطعة من غودار،هناك مذهب جمالي في الفيلم...هناك شاعرية داخلية جوانية وتعبيرات داخلية من قبل الشخصيات نفسها...
أوغسطينو صديق فابريزو في خضم صراع....هذا الصراع صراع افكار داخلي،وهو ليس صراع طبقي بحت بل هو صراع على المثاليات،وعلى ضرورة تطبيق الافكار،على ضرورة تطبيق ما يجب ان يكون وليس ما هو كائن
يسأل صديقه:ماذا تفعل...يقول الثورة
هنا يبرز معنى الثورة كمعنى للحنين...لشيء يرغب به الأبطال ولايقدرون على فعله
سرعان ما سيحدث صراع تقني بين أوغسطينو والدراجة...صراع ابراز الذات والمواهب،وبالتالي ليس هناك شيء مجاني في الفيلم...هي لقطات اهم ما نقول عنها بانها مقتبسة من الموجة الجديدة
الصمت للتعبير...اشياء واضحة...أشياء لها علاقة بالانسان نفسه
إذا الموضوع الأول للفيلم هو عن حالة شخصية...عن حالة لا بد لأي مثقف ان يمر بها
عن التعلق بالآمال والافكار المثالية وفرض ما يجب ان يكون والخوض في قصة رومانسية قد تكون حمقاء وقد لا تكون كذلك ولكن يجب ان تنتهي كل تلك الاشياء عندما تنكشف الحياة على حقيقتها ...بل عن قبول الحياة على حقيقتها
هذه الفكرة عامة...غاية في الوضوح،ولكن تعبيرات برتولتشي ستتحول الى حالة فردية خاصة بل خاصة جدا...
سرعان ما تزوره خالته(جيليانا) التي تقول عن نفسها:
أنا آخذ ثلاث حمامات في اليوم...أنا دائمة البكاء...دائمة الضحك..زهي شخصية مريضة بالعصاب
أوغسطينو الذي سينتحر لاحقا تعبيرا عن عدم قبوله الفردي للفكر والواقع الاجتماعي...يغير جامعة في كل عام واحيانا مرتان الأمر الذي جعل منه ان يطرد
سيزار معلم فابريزو وقائده في الافكار اليسارية يجنح هو الآخر نحو اقتباسات فردية على شاكلة الفراغ...
برتولوتشي يقود شخصيات مفعمة بالهم الوجودي والانطولوجي كابسط تعبير وادقه في نفس الوقت،هو يقود شخصيات ليست مألوفة مصابة بحمى ما من المجتمع،وهي احيانا تعيش في ذلك العالم الثاني الذي تحدثنا عنه كثيرا،وبرتولوتشي نفسه مسكون في هذه الحمى التي اول موضوعاتها هي حس الموجة الجديدة،وطبعا ضمن هذه الشخصيات يجب ان يكون الموت حاضرا...
تقول جينا:المرة الأخيرة التي رأيتك فيها كان هناك جنازة ايضا،نحن لم نتحدث...وحتى لم اقل لك وداعا...
يتبين لدينا ان قبل الثورة هو عمل موسوعي بكل ما تعنيه الكلمة،فبالاضافة الى هذه العلاقة الوضحة بالادب،نلاحظ فيها سمات ملحوظة من مبدعين كبار،فالشكل يعتمد اعتمادا كبيرا على الموجة الجديدة،من خلال الحوار المقتضب بين الشخصيات ولعبة الدراجة الهوائية التي تحدثنا عنها سابقا،وايضا لعبة تبديل الشخصيات التي قامت بها جيليانا من خلال لعبة النظارات،وهناك الهاجس او الحس الاكتئابي غير المفهوم أو المعروف مصدره عن الشخصيات تجعلنا نرى فيها قربا من شخصيات انتونيوني وان كان هذا الاخير يعالج موضوعا واحدا على ان النهايات لن تكون ابدا مثل نهايات انتونيوني...
تقول جيليانا:أنا أحلم دائما بتلك الجنازة،وفي تلك الجنازة أموت انا ايضا...الحياة التي نعيشها مقتربة جدا من الموت،ولاحقا سوف تبكي على بكاء طفلة...انسحاب تدريجي من الحياة الى شيء يدعى بالماضي
هناك شفاء وحيد لآلامي...الآخرين...أنت...الناس
هذه العلاقة تقود الى علاقة حب...أي الى سفاح قربى،ولكن هل هذه الشخصيات أو طبيعتها مقيدة بمثل هذا النوع من المحرمات...؟
برتولوتشي هو مخرج محرمات آخر بعيد في الشبه عن ألمودفار أو اوشيما،فهو يعمد الى التكثيف من دون الاعتماد على نظريات علمية أو قيد اجتماعي،وعلى الغالب الفعل يكون فعل فني خالص...
تطلب منه أن لا يسأل أي اسئلة....هذه كانت العلة في التانغو الأخير في باريس
هو ذلك العالم الفارغ سوى من شخصيات محددة ميقنة بحضورها الوجودي وهو الذي رأيناه في التانغو الأخير في باريس..
اذا الفكرة الانسانية هي اقوى وذات حضور افضل وان كان برتولتشي يلفت النظر الى الواقع السياسي،فهو يعمد الى ذلك من خلال واقع انساني فردي بحت .
قد تكون الثورة هي الثورة الداخلية ولكن الأقوى، ان نقول بانها ثورة لازالت مطلوبة ولكنها في علم الغيب،ويعلن البطل فابريزو حنينه الى الحاضر وشغفه بالمستقبل وبالتالي يقول البطل:انا لازلت اعيش قبل الثورة
والنهاية تؤكد ذلك....علينا ان نساير الواقع والقبول به...بدافع من انانية أو حتى بدافع من شيء آخر،مهما كان هذا الدافع أو المحرك للقبول....علينا الانتظار حتى يحين موعد تلك الثورة...
بلال سمير الصدّر 15/4/2014



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البريء1976(لوكينو فيسكونتي): ليس هناك محكمة على وجه الأرض قا ...
- قائمة شندلر1993(ستيفن سبيلبرج):تتويج المذبحة
- عنف وعاطفة 1974(قطعة محادثة)لوكينو فيسكونتي:اقتحام
- موت في البندقية1973(لوكينو فيسكونتي):عن الانسان في اقسى لحظا ...
- الملعونون 1969 (لوكينو فيسكونتي):تشكيل انتقادي حاد لمجتمع نا ...
- الغريب 1968 لوكينو فيسكونتي: اليوم بالنسبة لي هو شيء للمرور ...
- فيلم الموت1962(برناردو برتولوتشي):بين برناردو برتولوتشي وبيي ...
- Sandra1965(لوكينو فيسكونتي):عقدة اوديب الأنثوية
- الفهد 1963(لوكينو فيسكونتي
- روكو واخوته 1960 (لوكينو فيسكونتي):-عن الواقع الاجتماعي الذي ...
- الليالي البيضاء 1957(لوكينو فيسكونتي):شخصيات تقبع في مناطق ذ ...
- نحن النساء 1953 لوكينو فيسكونتي:عن الحب والحياة
- قصة جندي1958(للمخرج الروسي Grigori Chakhraj):مقدمة نقدية لأي ...
- الأجمل 1951(لوكينو فيسكونتي):عندما يحقق فيسكونتي فيلما وعظيا
- الأرض تهتز 1948(لوكينو فيسكونتي):الوثائقية كافضل حل لتصوير ا ...
- عن لوكينو فيسكونتي وفيلم استحواذ والواقعية الجديدة مرة اخرى
- المرأة خلف الباب 1981(فرانسوا تروفو): السينما هي اسلوب سمي ب ...
- المترو الاخير 1980(فرانسوا تروفو):فيلم عن كل شيء
- الحب الهارب1979(فرانسوا تروفو):عن فيلم بطله الاسترجاع
- الغرفة الخضراء 1978 فرانسوا تروفو:تروفو والقدرات الأخرى


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - قبل الثورة 1962 (برناردو برتولوتشي):شخصيات مفعمة بالهم الوجودي