أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ابداح - الدم والهدم !















المزيد.....

الدم والهدم !


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4545 - 2014 / 8 / 16 - 18:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدم والهدم !

بدأ تاريخ التطرف المعاصر في الشرق الاوسط ، والذي يتخذ من الإسلام قناعاً ، عام 1745م، في منطقة نجد وسط السعودية عندما أعلن محمد بن عبد الوهاب عن ( الوهابية) كعقيدة جديدة مستمدة من مبادىء الإسلام، وقد شكّلت هذه الدعوة تحالف بين محمد عبد الوهاب مع آل سعود، وكان أهم بند بهذا التحالف هو مبدا (الدم والهدم)، منح فيه بن عبد الوهاب لأبن سعود نظرية تشريع الأستحلال ( وهو ما يفعله مقاتلو داعش الآن في العراق وسوريا)،على أن يتم تكفير جميع المنافسين، وجعل ذلك التكفير مبرراً دينياً لغزو هم ونهب أموالهم وسبي نساءهم وأطفالهم ، هكذا قامت الدولة السعودية الأولى وبدأت عمليات الغزو والسلب والنهب وسفك الدماء، فى الجزيرة العربية وحول الخليج وفى العراق و بلاد الشام، إلى أن اضطرت الدولة العثمانية للاستعانة بواليها على مصر (محمد على باشا)، فدمر عاصمتها (الدرعية) سنة 1818م.
لكن الذي لم ينتبه له مستشاري محمد علي باشا ، هو أن القضاء على الدولة الوهابية كان يجب أن يتشمل على معالجة فكرية جذرية، تعمل على استئصال الأفكار التي قامت عليها الوهابية، فقد ترتب على ذلك الخطأ القاتل، عودة العقيدة الوهابية للإنتشار، وقد تمكن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود من إقامة الدولة السعودية الوهابية من جديد عام 1902، وهي لا تزال قائمة حتى اليوم، ومنذ ذلك الحين قدم الوهابيون لأعداء الأمة الإسلامية، خدمات تفوق تلك التي يقدمها اللوبي الصهويني لإسرائيل، فنشروا خلالها الكراهية والتطرف والإرهاب والفكر الدامي، فى كل أنحاء العالم العربي والإسلامي، فابتداءاً من تأسيس وتمويل جماعة الإخوان بمصر، ومروراً بإنشاء تنظيم القاعدة، والذي كان مصيبة على الإسلام عالمياً، فقد توّجت جهوده الجهادية الغير المباركة، بالإحتلال الأمريكي للعراق وافغانستان، وإنشاء القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج العربي، وانتهى الأمر بتدمير وتفتيت كافة الدول العربية التي استقبلت تنظيم القاعدة على أراضيها ، كالسودان واليمن وليبيا وغيرها، وانتهاءا بولادة المسخ المشوه والذي يدعى (تنظيم داعش) والذي نتج من السفاح الجماعي الشاذ لكافة التنظيمات السابقة وغيرها.
إن نجد و كما هو معروف ، منطقة وسط السعودية سكنها النجديون وهم من الأعراب الذين قال الله عنهم في كتابه الكريم: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) وقال تعالى فيهم ايضاً (إنما الأعراب أشد كفراً ونفاقاً)، ودليل نفاقهم هو أنهم دخلوا الإسلام نكاية بقريش في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ارتدوا عن الإسلام بعد دخول قريش إلى الإسلام، ثم عادوا إلى الإسلام بعد أن هزمتهم قريش، وأصبحوا فاتحين في عهد أبو بكر وعمر، ثم ثاروا على عثمان بن عفان وحاصروه وقتلوه، وخرجوا ضد علي ابن أبي طالب واتهموه بالكفر ثم قتلوه وأصبح أسمهم منذ ذلك الحين خوارج.
كل ذلك التقلب حدث فقط خلال ثلاثة عقود من الزمن ، ما بين وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتاريخ (11هـ، عام 632 ميلادي) إلى مقتل علي ابن أبي طالب رضي الله عنه بتاريخ (40هـ ، عام 661 ميلادي)، ونحن لانكفّر أي إنسان لأننا لانملك الحق في ذلك، وبالتالي نحن لانكفّر سكان نجد الحاليين، وليس لنا علاقة بدينهم، بل لسنا نعلم إن كان لهم دين أصلاً، فهم يرتعون فسقاً وفجوراً بلياليهم الحمراء بقصورهم الباريسية واللندنية وغيرها، ولا يمكن الهم انكار تلك الحقائق، بعد أن كشفتهم كافة وسائل الإعلام، بل هم أنفسهم من فضحوا بعضهم البعض في الكثير من الحالات لأسباب وخلافات شخصية، وبالمقابل فهُم يستلون سيوفهم ويطبقون الحد على شعوبهم من الفقراء باسم الدين.
لقد كان التصوف هو الدين السائد في مصر في بداية القرن العشرين تحت شعار السنة بشكل عام، مع وجود قلة قليلة من أنصار الوهابية، وفي عام 1905م، برز الإمام محمد عبده الذي انتقد الصوفية في تخلفهم عن الحضارة الإنسانية، كما انتقد الوهابية في تزمتهم وتشددهم، ووضع أصولاً للإسلام تخالف الآيدولوجية الوهابية، كقيام الإيمان على العقل وتقديم العقل على ظاهر الشرع عند التعارض بينها، عدم التكفير، الإستدلال العلمي، حماية الدعوة لمنع الفتنة، فالقتال في الإسلام وجد فقط لرد الإعتداء وليس للإكراه في الدين، مودة المخالفين في العقيدة(1)، والجمع بين مصالح الدنيا والآخرة، حيث أن النبي لم يقل بع ما تملك واتبعني، بل نهى عن الغلو في الدين، وأباح الزينة والطيبات، ولكن رغم علو مكانة الإمام محمد عبده الدينية والسياسية ووجوده في مصر الأكثر انفتاحاً في العالم العربي آنذاك، إلا أن المناخ العام السائد أجهض دعوته.
ومن الناحية السياسية تمتع المصريون بنوع من الليبرالية السياسية بدأت مع عصر الخديوي اسماعيل وتطورت بعد دستور 1923 فى قيام حركة حزبية نشطة وبرلمان نشط وانتخابات وحرية صحافة لم يعرفها العالم العربى وقتها، إلا أن هذه الليبرالية المصرية حصرت العمل السياسى في الطبقة العليا من المجتمع ومعها بعض الشرائح العليا من الطبقة الوسطى، وجاء الجيل الجديد المتعلم من أبناء الطبقة الوسطى فلم يجد له متسعا في التوظيف أو العمل السياسى، وبجانب هذا القصور عن استيعاب الأجيال الطموحة كانت هناك ظاهرة أخطر هي انعدام العدل الاجتماعى ووجود فجوة هائلة بين الأغنياء والفقراء ، حيث كان يملك الثروة فى مصر نصف من واحد من مئة من عدد السكان، وهو نفس الحال اليوم، هذا الظلم الإجتماعى أدى إلى ظهور جيل جديد ساخط ومتمرد، مضافاً إليه الضعف الثقافي، مما خلق مناخاً ملائماً لنجاح الوهابية في غزو مصر فكرياً، وكانت تلك البيئة المريضة مناسبة لنمو حركة الإخوان المسلمين وتطورها وتوسعها مستغلة اليبرالية السياسية التي كانت سائدة آنذاك. ومنذ سنة 1926 بدأت عملية تحويل التدين المصري الصوفي إلى تدين وهابي، ليكون العمق المصري الشعبي والحضاري امتداداً للدعوة النجدية الوهابية والدولة السعودية، وعليه فقد تمكن الفكر الوهابي في زمن قياسي، من إنشاء أرضية خصبة له في مصر، وجعل لنفسه فيها أدوات فاعلة ، سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية وعسكرية ايضا، كالجمعية الشرعية، والتي أسسها الشيخ محمود خطاب السبكي سنة 1913 على أساس الولاء المطلق للتصوف، ولكن في 1926 اتخذت مؤلفاته طابعاً جديداً تحت شعار الدفاع عن السنة، وبالطريقة الوهابية أخذ يهاجم التصوف تحت هذا الشعار، وفي هذا الإتجاه الجديد كتب 26 كتاباً إلى أن مات سنة 1931 وعلى طريقه سار أبنه أمين السبكي وكتب في الدعوة الوهابية تسعة من الكتب وتوفي سنة 1968.
ومن خلال الدعم السعودي انتشرت مساجد الجمعية الشرعية، وهي الآن أضخم جمعية في مصر، تسيطر على أكثر من ألفي مسجد وألوف الأئمة والوعاظ وملايين الأتباع وكانت ولا تزال الأحتياط الإستراتيجي للإخوان المسلمين، وهكذا فإن الجمعية الشرعية والإخوان المسلمون هم مادة الفكر الوهابي وحركته في المجتمع المصري، كذلك جمعية أنصار السنة، والتي أقامها في العام 1926 الشيخ حامد الفقي أحد الأزهريين، وقد أنشأ له عبد العزيز آل سعود منزلاً في حي عابدين كان مقراً للدعوة الوهابية، وتخصصت هذه الجمعية في نشر الفكر الوهابي ومؤلفات ابن تيمية وابن القيم، كما أنشأ مجلة الهدي النبوي سنة 1936 ولا تزال تصدر، وكذلك جمعية الشبان المسلمين، أنشأت عام 1927 وتولى رئاستها د.عبد الحميد سعيد. يغلب على هذه الجمعية الإتجاه الحركي وقد انتشرت وسط الشباب، وكان حسن البنا هو أهم الشباب فيها.
غير أن أهم أدوات الوهابية في مصر بحق ، كان إنشاء جماعة الإخوان المسلمين، والتي تأسست عام 1928 وهي الإتجاه الحركي السياسي المسلح للحركة الوهابية في مصر، أنشأها حسن البنا بتوجيه من أعيان السعودية وأعمدة الدعوة الوهابية ومنهم حافظ وهبة مستشار الملك عبد العزيز، ومحمد نصيف أشهر أعيان جدة وأبنه عبد الله نصيف الذي يتزعم رابطة العالم الاسلامي، والتي يتغلغل من خلالها النفوذ السعودي الوهابي الى العالم الاسلامي حتى اليوم، وهي التي لعبت دورا في تجنيد الشبان للذهاب إلى أفغانستان وتدريبهم هناك، وقد اعترف حسن البنا في مذكراته (الدعوة والداعية) بصلته بالشيخ حافظ وهبة والدوائر السعودية(2)، كما اعترف جمال البنا شقيق حسن البنا بالصلة بين شقيقه الاكبر ووالده والسلطات السعودية ، وبالدعم الهائل الذي كانت تتلقاه جماعة الإخوان المسلمين من السعودية!، ( والتي تبرأت منها السعودية حديثاً وانقلبت عليها واعتبرتها جماعة إرهابية تحت ضغود أمريكية ودولية)، وقد كان البنا يمسك بيد من حديد بميزانية الجماعة، ولذا فإن معظم الإنشقاقات التي تمت بين الإخوان ارتبطت باتهام الشيخ حسن البنا بالتلاعب المالي بين كبار الأعضاء في مجلس الإرشاد(3)، ومن خلال هذا الدعم المالي السعودي استطاع البنا، وهو المدرّس البسيط، أن ينشئ خمسين ألف شعبة للإخوان المسلمين فى مصر من الإسكندرية إلى أسوان!!، ومن مصر أمتدت هذه الحركة الإرهابية لتعم أغلب البلاد العربية بتسميات مختلفة بقي أبرزها على الدوام أسم الإخوان المسلمين، وأخيراً وليس آخراً يجب على المواطن العربي البسيط أن يدرك تلك الحقائق، فهي واحدة من أعظم مصائب الأزمة الفكرية والسياسية التي ابتلي بها العرب على مر التاريخ.

المحامي محمد ابداح
الهوامش :
1- الامام محمد عبده ،الاسلام بين العلم والمدنية، ص124، سلسلة التنوير، مصر، الهيئة العامة للكتاب، 1993م.
2- جمال البنا،خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه، تحقيق الدكتور محمد أبو الأسعاد ص 63، دار الفكر الإسلامى، القاهرة، 1982م.
3- جذور الإرهاب في العقيدة الوهابية والإخوان المسلمين للدكتور أحمد صبحي منصور،ط1، ص216 دار الكتب العلمية، بيروت، 2008م.



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ينقصُ الرطبُ إذا يبسْ !
- أزمة الخطاب السياسي العربي
- حظائر داعش
- قصيدة أتعبني الوقت
- الملابس الْمُستعارة لا تُدْفئ
- أعلم ولا أدري !
- العقل العربي
- الخلافة الراشدة
- فقه النزاعات الطائفية العربية
- الحدود العربية جغرافية أم فكرية !
- أنتِ فايروس !
- أخبروني حين أحببتكِ
- أرجوحة القمر
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الرابع
- فك النحس وعدم التوفيق
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الثالث
- دعيني
- قرية بيت دجن الفلسطينية
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الأول
- قرية لفتا الفلسطينية


المزيد.....




- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان
- الشريعة والحياة في رمضان- مفهوم الأمة.. عناصر القوة وأدوات ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ابداح - الدم والهدم !