وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4544 - 2014 / 8 / 15 - 13:13
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
تؤكدالباحثة المغربية فاطمة المرنيسي في مقال لها بعنوان:
(في مواجهة عاملات سنغافورة ) من كتابها (شهرزاد ليست مغربية ) – ط3-2010-المركز الثقافي العربي – بيروت- لبنان – المترجمة ماري طوق
ان العالم الصناعي المتطوريشهد موت البروليتاريا غير المتخصصة باستبدال الصناعات التي تتطلب يدا عاملة كثيفة باعمال تستلزم من البداية الى النهاية مستوى عاليا من المعارف.
النظام التربوي القائم على الرياضيات والالكترونيات لن يعود حكرا على النخبة بل اصبح عنصرا اساسيا .
ان احدى منجزات الشعب الياباني واحد اسرار نجاحه هو تخصص اليابانيين , كما يلاحظ ذلك الخبراء الامريكيون والاوربيون الذي بات اليابانيون يشكلون عقدة لهم في السنوات الاخيرة . هناك قناتان تلفزيونيتان ثابتتان للدولة اليابانية , تبثان البرامج التربوية باستمرار .وقد وصف الصحفي الفرنسي (فيليب لوفورينيه ) مارآه في اليابان ضمن مقال رمزي بعنوان (انياب التنين ):
( الاختراعات تتم في اليابان).
لقد كان اليابانيون يشعرون منذ عدة عقود , كما يشعر العرب اليوم ,انهم مسحوقون تحت وطاة القوى الغربية وتحديدا الولايات المتحدة الامريكية التي هزمتهم خلال الحرب العالمية الثانية .
لدى عودة فاطمة المرنيسي من جولة قامت بها الى اليابان عام 1988كانت مندهشة جدا بالطريقة التي يتحدث بها اليابانيون عن انفسهم ومجتمعهم .هناك دائما فكرة ماقبل الحرب العالمية الثانية ومابعدها . حيث كان اليابانيون بعد الحرب مجتمعا مهزوما ومحتلا , ومدنا مهدمة واقتصادا مشلولا .
طرح اليابانيون على انفسهم السؤال التالي : (كيف نرفع التحدي في وجه الغرب ؟) . يقول الرئيس السابق لشركة ميتسوبيشي السيد اوشوكي هو احد اهم ارباب العمل في اليابان :( اليابان بلد جزيري لايملك موارد طبيعية بل يبتاع من الخارج كل المواد الاولية غانما المال من خلال التجارة ..لم تستيقظ بلادنا على العالم الحديث الا منذ مائة سنة تقريبا فيما بدات الثورة الصناعية في اوربا قبل ذلك بقرن .
لقد انطلقنا بفضل ارادتنا واوجدنا الوسائل للحاق بالبلدان الغربية ).كل اليابانيين الذين تحدثت معهم فاطمة المرنيسي يرددون الشيء نفسه .لقد استخلصوا العبرة اللازمة وهي الانفتاح على العالم الحديث .
السيد نوثاهارا , استاذ في القسم العربي في جامعة الدراسات الاجنبية في طوكيو ومفكر ياباني مطلع على العالم العربي وهو يترجم الى اللغة اليابانية قال للباحثة المرنيسي :
( اقمت في القاهرة لمدة سنتين .اشعر ان العرب لايستخلصون العبر من تاريخهم الحديث ولا يستخلصون العبر من هزائمهم . لقد جعلت منا اميركا بلد متسولين عام 1942 . لكننا اتخذنا القرار بان نفهم لنبني ,نفهم ماذا يجري في العالم لنتمكن من بناء مجتمع ياباني لايمكن الهيمنة عليه ).
لذا تقول الباحثة فاطمة المرنيسي ,علينا اليوم تعلم الكثيرمن اليابانيين وتجربتهم .
الاستنتاجات
من دراسة تجربة اليابان نصل , اي كاتب المقال ,الى النتائج التالية :
1 – المجتمعات المتطورة يصنعها الانسان المتطور بعقله وبفكره وبعلمه ولا تصنعها الايديولوجيا العقائدية الدينية او القومية او الماركسية او غيرهامن العقائد الشمولية .
2 – مراجعة تجربة الماضي ومراجعة الذات مهمة جدا للكشف عن النواقص والاخطاء .
3- التواضع سمة مهمة جدا في الانسان الياباني بعكس المواطن العربي الذي يتسم بالنرجسية العالية والانانية وتضخم الانا .
4- (العرب ظاهرة صوتية ) ,لذا نراهم يكررون اخطائهم الفادحة باخطاء اكثر فداحة . ويقومون بتبرير الهزائم ولايملكون عقلا نقديا , بل عقلا غيبيا اسطوريا .
5- ان العيش في الحاضر وليس في الماضي هو مايصنع الانسان .
6 – الانظمة العربية تقتل روح البحث العلمي وتنمي الخرافات والاساطير .
7 – ليس لدى العرب اهمية للفردانية ولقيم الفرد الليبرالية, بل يتاسس العقل والوعي الجمعي العربي على مفهوم ( الامة ) و ( الاسرة) وليس على مفهوم ( الفرد ) .
8- تبين تجربة اليابان ان بعض الكتاب وفقهاءوكهنة الماركسية في عالمنا العربي لازالوا يعيشون في عصر الديناصورات المنقرض, ويحاولون تبرير فشل التجربة السوفييتية بالفصل بين النظرية والتطبيق وبين تجربة ستالين وتجربة من جاء بعده متناسين ان ستالين هو وليد الفكر الشمولي اللينيني .
ان محاولة تبرير الفشل في التجربة والنظرية والعيش في اوهام النظرية (العلمية )والعيش في الماضي يبين فشل الاحزاب والمفكرين والكتاب الماركسيين والشيوعيين التقليديين الذين لايريدون ان يشهدوا في الانسان الياباني معجزة العصر الحديث ,بل مجرد ديون متراكمة. وهل الولايات المتحدة الامريكية ليس لديها ديون متراكمة هائلة ؟ام ان شعب كوبا الاشراكية وكوريا الشمالية يعيشان في بحبوحة من العيش ووفرة من الديمقراطية ؟!.
ان القوالب الذهنية الجدامدة والنصوص الماركسية التي تم تقديسهاورفعها الى مصاف الرسالات السماوية قد منعت هؤلاء الكتاب من التعامل مع الوقائع التاريخية باحتراف وجعلتهم يسيرون في دوامة الوهم وخديعة المصطلحات مثل (النحبة )و (الطليعة ).انهم يعيشون الافكار المهدوية حول نهاية التاريخ باقامة المجتمع الشيوعي الخالي من الطبقات والحروب ويتناسون ان القتل والعنف والحروب والحركات الجهادية التكفيرية تزداد وحشية وشراسة في مجتمعاتنا وتعمل على التدمير وفق سياسة الارض المحروقة والابادة الجماعية ,وان العالم العربي يزداد تخلفا وفقرا وتراجعا فكريا , واحد اسباب ذلك هؤلاء الكتاب والمثقفين والمفكرين المؤدلجين بسبب قوالبهم الفكرية الجامدة.
يقول المفكر علي حرب في كتابه (اسئلة الحقيقة ورهانات الفكر : مقاربات نقدية وسجالية ):
( فالقراءة المثمرة والفعالة ليست مجرد التحقق من الوقائع ,بقدر ماهي وقائع جديدة خارقة . بهذا المعنى , فالحقيقة هي مانعرفه ومانخلقه في آن . والقاريء الفعال هو خالق اكثر مما هومحقق).
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟