أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - وجود في زمن ضائع/ روايتان ومدينة/ الروائي عبد الكريم العبيدي في(ضياع في حفر الباطن) و(الذباب والزمرد)















المزيد.....

وجود في زمن ضائع/ روايتان ومدينة/ الروائي عبد الكريم العبيدي في(ضياع في حفر الباطن) و(الذباب والزمرد)


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 4543 - 2014 / 8 / 14 - 10:54
المحور: الادب والفن
    



وجود في زمن ضائع
روايتان ومدينة / عبد الكريم العبيدي
في...(ضياع في حفرالباطن) و(الذباب والزمرد)
مقداد مسعود
(1)
أقرأُ لأفعّل إنتاجا ..لأحقق الوجود الفعلي لما هو مكتوب ،ومن خلال فاعليتي فيه
ينتقل المكتوب من سكونيته الى حركية المقروء، ينفذ من العينين الى الذاكرة
لاليستقر،بل ليتماوج للمساءلة والاستعادة وبتكرار فعل التحقيق يتم التمثيل الغذائي
وينتقل القارىء من عين إبرة لحظته الى سعة الآفاق،عبر عروج شخصي
في مركبة التلقي ،وعلى نول هذه الافعال تنسج اتصالية : النص/ الفضاء ومنها
يتمأسس الفضاء النصي، رغم أعتراض (بولزانو) على كلامنا وصراخه في وحهنا..(لاالفضاء ولا الوقت هما حقيقيان /137)..(3)

(2)
أثناء فعل القراءة يكون القارىء بين هناكين فهو هنا في قعر حاضره ويمسك بين يديه دفتي هناك المجسد بفعل القراءة وحتى لو تطابق الهناكين فالتطابق نسبي فأنا كقارىء بصري حين اتجول في البصرة عبر أزقة الروايتين فأن تجوالي سيكون ضمن زمن الرواية وليس زمن قراءتي للروايتين وبين الزمنين فاصلة مدببة من التشوهات العمرانية، لكن فعل القراءة سيعيد للأمكنة بهاءها ويجعلني اتشبث ببصريتي مثل والد السارد في(الذباب والزمرد)



(3)
من فعل كتابة الرواية، تتشيد اتصالية : الأشياء/ الكلمات ،بين البعد الطوبوغرافي وماهو لغوي وهكذا صار للأمكنة وظيفتها الاسطورية في الروايتين وشعت البصرة
كشخصية عراقية كاريزيما ،فالبصرة في الروايتين ليست خلفية الصورة بل هي
الصورة المتسيدة في الفضاء النصي، ويتجسد ذلك أكثر في (الذباب والزمرد)
فثمة ارتباط متجذر بالمكان ،وحرص شديد على عذرية البصرة بالنسبة للسارد الضمني ولوالده المفتون ببصريته
(4)
يتماهى السييري بالموضوعي،بنكهة لذيذة كما هو الحال في روايات هنري ميلر.
مؤلف الروايتين مشارك ومكابد في كل ماجرى في سنوات الحروب والحصار،وهي مشاركة مثقف عراقي رافض ومتمرد ، ومن رفضه وتمرده ينسج حلمه وحين يحلم بالعالم فإن هذا العالم هو موجود كما يحلم به – حسب غاستون باشالار – وهكذا كان يحصل البطل في كلتا الروايتين على تعزيز للتأهب الذاتي، ومن خلال الوعي كفعل وليس الوعي كتأمل كان البطل يكتشف ليؤسس لوجودنا في الموجود.. والروايتان تقتسمان الفضاء الروائي ذاته، لكن لكل رواية منظورها الخاص
(5)
تتمتع هاتان الروايتان بقرائتين،قراءة عامة لكافة القراء،وسيعين المؤلف هؤلاء القراء، بهوامش مثبته بحروف أصغرفي أسفل الصفحات.وقراءة بصرية تخص القارىء البصري المفتون ببصريته حد التماهي،الصابر على شرجيها وأجاج مياهها ،وسينشد الى علاقة مرآوية يمكن اعتبارها اتصالية : الشخص / النص ..وسيمشيان السارد والقارىء في الامكنة ذاتها يتجولان في ساحة أم البروم، ومنها الى الخضارة والسماكة ويتدربان في معسكر الدريهمية،قبل ذهبهما الى حفر الباطن وسيدخلنا (الى سوق المغايز ولم يصدمنا الاحساس بدخولنا الى مقبرة لاتختلف عن مقبرة اليهود- 19- الذباب والزمرد) وكلاهما المؤلف والقارىء الذي يجايله،سيطلبان من(أوسم) أغنية(هذا مو إنصاف منك -23- ..الزمرد) ثم سيشاركان الآخرين في غناء مقاطع من أغنيات بصرية لمغنيين بصريين ،أمثال الأخوين بتور: ربيّع وحسين، و(أبو عتيكة،أبو العوف) وذياب خليل وحسين البصري وغيرهم..وسأشعر كقارىء بأهمية تلك الواسطة الوحيدة بين الصحراء والمدن،وسأكون من الذين (يتحسسون أهميته،وينظرون..إليها باعتبارها واقعا مفروضا.ويتحايلون في تعاملهم معه بين تأمين بعض حاجاتهم وبين التودد إليه لأدخاره للهزيمة المرتقبة وكان السائق بدوره يعي ذلك تماما فيتعامل معهم وفقا لذلك / 44- حفر الباطن)
(6)
واشكالية البطل في تنويعاتها تتمركز في البحث عن البصرة في البصرة..(أين البصرة الآن؟من منا تصدى لأختفائها؟/61) ربما سبب الاختفاء المديني، هو تغييب المكين عن المكان..(لم يكن غريباً ان تنشأ علاقة سريعة كهذه في تلك العقود الماضية74)..والسارد هنا يشخص قوة البطش التي محقت تلك السمة الكوزومبولوتية لمدينة البصرة،مدينة التعايش السلمي بين مسلمين ومندائين مجبولين من موازين ذهبهم ومسيحين نشاركهم اعياد رأس السنة في الكنائس والنوادي ومسيحيات يقصدن العتبات المقدسة مع اخواتنا وأمهاتنا،ومسلمات ريفيات ومدنيات يقصدن كنيسة (مارافرام )في منطقة الكزارة، أو كاتدرائية(المحبول بها بلادنس) في الخضارة ليسلمن الارشمنديت أوالقس مافي ذمتهن من شموع للسيدة العذراء عليها السلام ،ومازلت أزور دير(بنات مريم الكلدانيات) لأبوس رأس الأم المبجلة الماسيرة كاترين أو أتحمد السلامة للماسيرة سوزان، فتترك مطالعتها في كتاب فرنسي وتحتضن تلاميذها أولادي..وفي مدرسة الجمهورية النموذجية، كان يقتسم الرحلة معنا تلاميذ يهود منهم ابن اليهودي(البير كارح) الذي تعود له ملكية مبنى اتحاد ادباء في الكزارة..في تلك السنوات التي غدت الآن يوتوبيا ،كانت الاولوية للبصرة كهوية وليس للطائفة أو الدين أو القومية.. بسبب النظام الشمولي، أنطمست معالم البصرة الحقيقية، وقرفصت في الذاكرة،وهنا يخاطب السارد والده..(لكن عشيقتك هذه يا أبي ليست بصرتنا التي ترعرعنا في بؤسها وحروبهاوحصارها،هذه بصرتك أنت،عشيقتك لوحدك،بصرة ذاكرتك العتيقة التي سبقت بصرة بشير التمار بعقود،...وهجرة غالبية جيرانك وأحبابك من اليهود فعليك ان تصغي لضياعنا وخرابنا وماحل بنا من دمار وحروب وقحط،عسى أن تصدّق لمرة واحدة أن بصرتك ضاعت وهجّرت ..وأنك أيها المغفل هو آخر من ظل شاهدا على موتها80)..لايقف الامر عند هذا الحدث من الشعور الذاتي، فهذا الشعور ينبض بما يجري ميدانيا من شراسة شمولية تقوم بها أجهزة النظام التعسفي..(التغير الذي طرأ في الخارج بدأ يقاطعه تغير أخلاقي في أدراكي.هناك وجوه غزتها التجاعيد وأجساد بدأت تذوي وحوارات في الشارع والمقهى والسيارة تدور في دوامة الجوع والأمراض والحصة التموينية،وثمة من يتحدث عن ضربات صاروخية جوية جديدة،وحملات قص آذان الهاربين وهناك من ينشغل بتأمين قوت يومه ولاينتظر من ينقذه/ 90-91/ الزمرد)
(7)
حين نطلق على السارد الضمني مفهوم البطل،على القارىء ألا يستفزه الامر، أعني القارىء الذي يقرن البطولة بالعضلات والمغامرات، فمفهومنا للبطل نلتقطه من مواقف مواجهة الحياة والتفاعل معها والتأثر والتأثير في أنظمة السلوك الجمعي فتعني البطولة: الانساني والبسيط والواعي بضرورة كسر النسق الاجتماعي والبطل في الروايتين يشعر بأن العالم الذي هو فيه ليس العالم الذي يود ان يكون فيه فهو يمتلك العالم بالمعرفة،وهي معرفة لاتتحقق على المستوى الميداني ،بسسب قسوة الاستبداد..(نحن نعوم..في منهول مستهلك ،نعيش على تلك المساحة المغبرة الضيقة من الزجاج،تلك التي لايطالها ماسحات زجاج السيارات في تأرجحها المكوكي يميناً وشمالا،وبينما تتوالى الاهتزازات التاريخية من حولنا،نمضي نحن بخفة نحو ظلمات العصور الوسطى/ الزمرد- 10)..والبطل لايعيش حياته، إلاّ عبر ميتات مصنّعة عسكرتاريا: حرب آيران..غزو الكويت..حصار اقتصادي..أعدامات بالجملة والمفرد..كل هذه الميتات تجعلني، أسمع البطل يصرخ صرخة الشاعر الروسي (مندلستام)..(أراهن أنني مازلت ُ حيا)..إذن هو بطل ايجابي في شحنة سالبة أسمها جمهورية الرعب.. وماسوف تسرده متساءلة(غرف التعذيب في دائرة المخابرات وجدرانها الملطخة بآلاف البقع الدموية، منذ عقود تنتظر،والليل البارد طويل،طويل جدا لجلاد ثمل محمّر العينين وُعد بوجبة عشاء دسمة،وهاهي المائدة متراصّة أمامه بالغزلان المشوية/ 114-..الزمرد)..ولايقف الامر عند سلطة الجلاد، فهناك من لايخلو من سلوكيات هذا الجلاد في الأسر..(أحتل المعتقلون الشقاوات عددا كبيرا من الخيم،وقاسمهم في الاحتلال عدد من الجماعات المتحزبة،وجماعات المحافظات والأقضية والأرياف والعشائر والبغادة،بينما ظل عدد كبير من الأسرى في العراء بأنتظار ايجاد مأوى لهم أما نحن الضائعون فقد كنا أسرى من الدرجة الثالثة،وكلما ذهبنا الى خيمة استقبلنا أهلها بجفاء وطردونا الى خيمة أخرى/ 136-137- حفر الباطن) والبطل في كلتا الروايتين مثقف مأزوم بالقوة (أنني أكثر ضياعا وان ما أفتقده يبقى دائما بعيد المنال/ 19- ضياع) وحسب قوله في الزمرد(إنني أعتدتُ على التسكع والعبث،وباتت رائحة الافلاس عطري المفضل / 8)وهولايجد مايسد الرمق،رغم كل محاولاته المستميتة (ظللت ُأحشر نفسي يوميا منذ ساعات الصباح الاولى بطوابير العمال ،الكجول، دون ان أفلح بفرصة عمل واحدة /ص27- الزمرد) حتى في الأسر، يحاول صيانة تفرده الجميل..من ضجيج الكثرة ..(أنا لاأشعر الآن أنني فقدت حريتي لأنني ببساطة لم أكن حرا.ولكنني فقدت ما هو أجمل من ذلك،فقدت عزلتي/ 143- حفر الباطن)..وحين نتأمل مابين القوسين بين حركة الشخص والكل ف(المتصف بالشخصية يدافع عن فسحة وجوده ويوسعها على نحو غريزي أو متعمد/ 150- فرانسوا بيرو)(4)
(8)
(أنتهت الحرب) بهذه البشارة تبدأ الوحدة السردية الاولى في رواية(ضياع في حفر الباطن)..لكن البشارة تخفي في طيتها ،الوجع العراقي كله..(عزاءات ليلية،حصلت هناك في بيوت الارامل والامهات اللواتي فقد أولادهن /7)
في (الذباب والزمرد)..بقصدية مدروسة نكون أمام لعبة شعبية يلعبها الصبيان في المدينة،حيث ينقسمون الى شرطة وحرامية،لكن الانقسام مشروط بالتشبير
وبمثل هذه اللعبة ينقسم المجتمع،قسمة ضيزى، ولامن طرف ثالث في مجتمع المطاردة هذه ؟! (في نهاية آخر عملية قياس قام بها طفل حليق الرأس أمام أعين
الصبية وصل عدد اللصوص الصغار الى أحد عشر لصا مقابل شرطيين أحدهما
كان صبيا بدينا حافي القدمين، بينما كان الآخر أعور!/7)
(8)
بطل مثقف،أشكاليته هي كيفية الموازنة بين المواطن والمثقف في شخصية بطل الروايتين، فالشرط الاجتماعي يفتت الاثنين في الواحد، يستعمل المواطن لأغراض سلطة السلطة ويستلب من المثقف مشروعه الثقافي،(أظل أنشد لوسادتي الرطبة جملة شعرية تتنزل من الغيب عسى أن تكون ترنيمتي بعد ان أكون قد فقدت أي أمل في ان تصبح مأوى) فيضطر الى بيع وسائل انتاجه الابداعي على الارصفة : (فصرت في نهاية المطاف بائعا متنقلا بائسا يعرض أفخر المجلدات الثمينة على متعهدي الصحف وباعة سوق الجمعة الجشعين ويساومهم على ربع أثمانها/ 26-27)..
(9)
لاتخلو رواية (حفرالباطن ) مع استعمال السييري في الروائي، بشكل متمكن،فالمرأة المهداة الرواية إليها، يرد اسمها في المتن الروائي، كخطيبة البطل ص26وكذلك أسم والدها14.. ورواية (حفر الباطن) تشتغل على موضوعة في غاية الاهمية، هي حرب الخليج رقم 2، التي اضرمها النظام العراقي ضد الكويت، وزج جيشا انهكته سنوات حرب الخليج الاولى..وماتبقى يقادون ثانية وهم بكل هذا البؤس في كراج الزبير..(قطيع ماعز أجبره البرد على الانظمام.كليتات وكوفيات ودشاديش وقماصل عسكرية،مخلفات حروب عديدة تمضي الى المحرقة حاملة صكوك هلاكها وسط نظرات المارة التي هالها ذلك القطيع فأنهالت عليه بالحسرات وعبارات الاشفاق – 21- حفر الباطن )




(10)
تشتغل العنونة في(الذباب والزمرد)على (تركيب الشفرة/ 21- محمود عبد الوهاب)(5) في غلاف الكتا ب، ثم تفكيك الشفرة في بنية السواد،حيث فاعلية تبئير الرؤية (لايرونا إلا من خلال الزمرد/ 53) إذن هي ليست بالرؤية المباشرة، بل عبر رابط اتصالي، ومَن يمتلك الزمرد هو من يمتلك سلطة السلطة بكل بطشها،وهكذا نكون أمام رؤية متعالية تسعى لسقاية شهوتها الدمائية بهذه الطريقة،وهي على مستو آخر لها جذورها التاريخية(هواية ملوكية أبتدعها ..نيرون الذي كان يعشق مشاهدة مصارعة عبيده من خلال بلورة الزمرد،كان يضعها قبالة عينيه ليشاهد أجسادا تتلوى وهي تمسك بعضها ببعض في حركات وأوضاع عنيفة وصاخبة/ 53)..أما الذباب وبحسب السارد الضمني(نحن معشر الذباب) ان هذه الاتصالية في ثريا الرواية كسرت النسق المتعارف علي أعني أقتران الذباب بالحلوى،وهنا ستنعدم المسافة فالذباب سيحط على الحلوى ،أما العلاقة بين الذباب والزمرد فثمة برزخ بين
الزمرد--------- الذباب
أعني ان الزمرد سيكون عاليا ،علو المكان الذي يجلس فيه نيرون أو النسخ الآتية
من بعده الى مابعد الآن، أما المصارعون فسيكون في قعر حلبة المصارعة أو في مكان أدنى من مجلس نيرون..ضمن فضاء النص سيحدث ذلك الانزياج الجمالي الرباعي :
*(لتصنع مشاهد عنيفة وصاخبة، تشبه رقصة أوسم المجنونة في حفل زواج كميلة)
*(أو أهتزاز حياوي المكبل بالدرباشات والخناجر والأسياخ داخل التكية)
*(وقد لاتختلف عن تشردنا المذل في يباب الحصار)
*(أو حتى عن حزن أبي على ذكرياته التي هجّرت قسرا من الصندقجة العثمانية العائدة الى جده)..كقارىء أرى التبئير يواصل اعماله،ونيرون يواصل تحولاته البشرية، والجموع تتوارث الجلجلة ذاتها، فالسرد يفكك الشفرة من داخل السرد
أعني شفرة الزمرد، نسقيا..وعلى مستوى آخر يشير الى تاريخية القسوة ،والتاريخية بدورها تحتوي في طيتها لما يجري في الحاضر العراقي في سنوات الحكم الشمولي..(نحن ذباب لايستحق الهش/61) ثم ينقلنا السرد الى نيرون بطبعته العراقية..(أنظروا الى صورته ..التفتوا وأمعنوا النظر الى صورة سيدكم يامعشر عبيد نيرون،إنه يبتسم،أتدرون لماذا؟ لأنه يراكم ذبابا،ولأنه يثق بما تعكسه بلورة الزمرد)..وسيواصل النص الروائي تفكيك شفرة العنونة وتفعيلها، ضمن تساؤل يوجهه السارد الى مقولة وجودية تعود للفيلسوف سارتر..(لكنني أتساءل : هل حقا أن الإنسان عاطفة لافائدة منها؟/ 101)ثم يجيب بالنفي (لا،أنه أوطأ من ذلك ،إنه ذبابة. نحن وعبيد نيرون من شجرة واحدة.ذباب ذليل يصنع نشوة الملوك التي لايصطادها إلا زمردهم) ثم ينتقل من التنظير الى العياني الذاتي(كنت أحقر من ذبابة بنظر أبي)..
(11)
العنونة الثانية ايضا اشتقاقية (ضياع في حفر الباطن)..شخصيا أكتفي ب(حفر الباطن) فأسم المكان يفي بالغرض،لأنه (العنصر البؤري /58)(6) حسب محمود عبد الوهاب ..وهكذا فعل نجيب محفوظ في عنواناته..(زقاق المدق)(القاهرة الجديدة)(خان الخليلي)(بين القصرين)(قصر الشوق)(السكرية)
(12)
ماكان حاضرا في زمن الرواية، صار تاريخا، مع الشروع في كتابته سردا فهل يمكن اعتبار الروايتين من الروايات التاريخية؟ أقترض من سعد الله ونوس وأجيب (يستدرك الأديب تقصير المؤرخين)،يمسك الروائي الثور من قرنيه ،يرى في السلطة العراقية الشمولية طيلة ثلث قرن، المأساة الضروية فهي تعزف لحن الامان بحبل تتدلى منه اعناق العراقيات والعراقيين، ويرى فيها الكوميديا اللازمة، إذ ستتدلى السلطة نفسها من ذات الحبل بعد هزيمتها العسكرية، التاريخ هنا جرعات مفلترة روائيا، جرعات مسلطة على سلطة رعوية قاتمة، جعلت من لهجتها اللغة الرسمية، وتاجرت حتى بعيون المعدومين !!(قلع عيون المحكومين بالإعدام حال تنفيذ العقوبة بهم ونقلها في صندوق معدني مليء بمادة الفورمالين الى بنك العيون في مستشفى ابن الهيثم/ 125)..ستعرج عيون آلاف المعدومين والمعدومات في سماء دامية، ثم تخترقها وتخترق سمواتنا..لتنبض نجوما وكل منا حين ينظر
الى النجوم سيرى أخوته ورفقته واصدقاءه وكلما تبادل النظر مع النجوم ستتشكل
الوجوه التي أرتفعت أعلى من حبال المشانق ..وهذا الرؤية لايحسنها المؤرخ بل
هي مهنة الروائي وهو يشعرن سردايته ،فكيف اذا كان الروائي متهما بتهمتيّ
السرد والشعر كما هو الحال مع الروائي عبد الكريم العبيدي؟!
*المقالة منشورة على حلقتين في صحيفة طريق الشعب – 10-11- آب - 2014
*عبد الكريم العبيدي في روايتيه:
(1)ضياع في حفر الباطن- مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والاعلامية / ط1/ 2008
(2)الذباب والزمرد/ دار ميزوبوتاميا- ط1- 2011
(3)جيل غاستون غرانجي/ فكر الفضاء / ترجمة د.علي دعيبس/ المنظمة العربية للترجمة/ ط1/ 2009
(4)فرانسوا بيرو/ الجمهور والطبقة/ ترجمة د. ناجي الدراوشة/ دار التكوين/ دمشق/ ط1/ 2012
(5) محمود عبد الوهاب / العنوان : ثريا النص /الموسوعة الصغيرة/ ع396/ دار الشؤون الثقافية/ بغداد/ 1995
(6)المصدر السابق



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقبرة براغ
- ترجيل الأنثى تسمويا....حزامة حبايب في رواية (قبل ان تنام الم ...
- درجة الأتقاد
- الشعلة وكتلة الشعلة في قصائد انسي الحاج
- أيدلوجية القص
- قراءة في (يدي تنسى كثيرا) للشاعر والناقد مقداد مسعود
- نجمة قشة مبللة بالنواح الزراعي/ حسب الشيخ جعفر..من خلال قصيد ...
- فضة شعرك : أغلى من الذهب في رثاء الرفيق(أبو ليث) غالب الخطاط
- مهدي عامل / 28
- الشاعرة إلهام ناصر الزبيدي
- الشاعرة البلغارية كابكا كاسابوفا
- الشاعرة رؤى زهير شكر
- الشاعرة جومان هه ردي/ قصيدة (مطبخ أمي)
- الشاعرة سمر قند الجابري في قصيدة (الجثة)
- الشاعرة مريم العطار
- قراءة منتخبة من قصائد نينيتي/ المهرجان الثالث للأدب العالمي/ ...
- دفتر(أبو) ثلاثين ورقة
- ملتقى جيكور الثقافي،يقيم جلسة تأبين للشاعر والقاص عبد الستار ...
- سيرورة وعي الذات شعريا ..لدى الشاعر هاشم شفيق
- بيوت مفاتيحها على جدران الهجرة / الروائية إنعام كججي في (طشا ...


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - وجود في زمن ضائع/ روايتان ومدينة/ الروائي عبد الكريم العبيدي في(ضياع في حفر الباطن) و(الذباب والزمرد)