أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود جرادات - الحضارة الإسلامية : الميت لا يعود إلى الحياة














المزيد.....

الحضارة الإسلامية : الميت لا يعود إلى الحياة


محمود جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 01:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يذكر ابن خلدون في مقدمته المشهورة أن أية حضارة تمر بخمس مراحل : النشوء ، الإنتشار و التمدد، الذروة ، الانحدار، التلاشي . هذه القاعدة يمكن ملاحظتها بسهولة عند تتبعنا لتاريخ أي حضارة مرت في العالم و انتهى دورها ، أما الحضارات القائمة اليوم (بمعناها المجازي/ الأيدولوجي) فهي تعيش الآن داخل مرحلة من إحدى هذه المراحل الخمسة . و لا يبتعد هذا الكلام عما جاءت به النظريات الديالكتيكية (الجدلية) من تطور الأمم و نمط الحياة القائم من خلال صراعات متكررة بين الأضداد.
لا شك أن إحدى الحضارات الهامة و الكبيرة التي مرت في العالم حتى وقت قريب جداً ، هي الحضارة الإسلامية ، و التي قام بها أتباع الديانة الإسلامية من توسع جغرافي نتيجة استعمار المناطق التابعة لحضارات أخرى غالباً . و من ثم فرض نمط حياة جديد و رسم جديد للطبوغرافية السكانية القائمة . و حسب المراحل الحضارية التي تكلمنا عنها في البداية ، كانت بداية الحضارة الإسلامية هي الدعوة المحمدية ، و مرحلة الانتشار و التوسع كانت ع آخر سنوات محمد ثم عهد الخلفاء الراشدين و الأمويين من بعدهم ثم العصر العباسي الأول ، حيث بلغت الدولة الإسلامية ذروتها .
و لأن هذه الدولة كانت تتبع نظام المركزية المسى نظام الخلافة ، و نظراً أيضاً للمنطقة الجغرافية الهائلة الواقعة تحت سيطرتها ، و تعدد كبير للأعراق و الأجناس ، بدأت الحركات الإنفصالية لدول الأطراف بالتشكل ، معلنةً انقساماً (لا بد منه) في بنية الدولة ، و رغم أن الإنفصالات بدأت في الأقاليم البعيدة إلا أنها اقتربت شيئاً فشيئاً من مركز الدولة في ذلك الوقت، فطالت حتى تلك الأقاليم القريبة من بغداد مثل ايران و الشام و مصر و حتى داخل العراق نفسه ، فيما يمكن اعتباره بداية انحدار للحضارة الإسلامية بشكلها الكلاسيكي المتمثل في دولة مركزية موحدة ، و لا يعني ذلك انحدار الدول الجديدة المنبثقة عن الدولة الأصلية ، بل انحدار تأصيلي للمعنى الحرفي لمفهوم الحضارة الكاملة .
مرت هذه الحضارة لاحقاً بعمليات صعود و هبوط ، من غزوات صليبية إلى مغولية و انتهاء الخلافة العباسية، ثم صعود المماليك ثم العثمانيين و صراعاتهم مع اوروبا و انتهاءاً بالقضاء على مفهوم الخلافة بشكله الديني المعروف عام 1923 م ، و في المقابل كانت الدولة الإسلامية في الأندلس قد اندثرت قبل ذلك التاريخ بزمن طويل . و يمكن بصورة عامة اعتبار كل المراحل اللاحقة للعصر العباسي الثاني على أنها انحدار و إن اختلفت درجته من زمن لآخر باختلاف الظروف و المعطيات .
و مع تقسيم ما تبقى من إرث عثماني إلى دول ذات حدود معروفة بالمسمى الحديث ،و ما رافقه من وصول العسكر و الليبراليين و اليساريين إلى السلطة في تلك الدول ، أصبحت الخلافة الإسلامية في طي النسيان ، بل و اصبح الإسلام كله عبارة عن علاقة روحانية لا سلطة حقيقية لها على أرض الواقع إلا في بعض المعاملات المدنية و التي يمكن اعتبارها ثانوية مقارنة بشؤون الدولة الرئيسية . و إن كان يستخدم بين فترة و أخرى ، بمثابة بروباجاندا سياسية أو عصا للتلويح فيها وقت اللزوم .
إذا اندثرت حضارة ما ، أصبح من العبث و الهذيان محاولة إعادتها إلى الحياة ، فإن طالب أحدهم بعودة الحضارة الفرعونية أو الرومانية سيتم بالتأكيد ، اعتبار ذلك ضرب من الدعابة أو من الجنون المستلزم للعلاج ، فالميت حسب قوانين الطبيعة العلمية حتى الآن ، لا يمكن إعادته إلى الحياة . إن الأسس التي قامت عليها حضارة ما ، قد تبقى موجودة بشكلها الرمزي غير العلمي ، في تعاملات خاصة و محدودة ، خاصة إذا كانت تتمتع بهالة قدسية كما هو الحال مع الحضارات المبينة على الأديان ، فيظل لها وقعها و تأثيرها غير الرسمي ، خصوصاً في صفوف العوام من الناس ، عن قصد لغاية تخديرهم في ظل بؤس الحياة و مصاعبها، أو بصورة عفوية تترافق بشكل طردي مع زيادة الجهل و انخفاض الوعي ، و بالتأكيد، مع وجود الفقر .
و لأن الزمن يتقدم ، و مع تقدمه لا بد من تقدم المجتمعات في كافة المجالات ، و لا بد من تطوير القوانين و نمط الحياة بالتالي، فإن استحضار عالم قديم و محاولة قولبته في عالم حديث، سينتج شكلاً مشوهاً من أشكال الحضارة ، حضارة غريبة متخلفة لا تصلح للإستمرار و لا للعب دور في التقدم البشري، و إنما ستلعب على تراجعه ، على الأقل في المنطقة الجغرافية التي ستنشأ أو ستعيد النشوء فيها . و ليس هذا فحسب ، بل ستؤثر بشكل سلبي على الأسس الرئيسية التي قامت عليها . بوضوح أكثر، إن محاولة خلق الحضارة الإسلامية من جديد، قد ينجح (إن لم يكن قد نجح فعلاً) لكنها ستكون حضارة متخلفة مشوهة ، عدمية و كوميدية في آن واحد، ستكون نتيجتها صدمة ثقافية تمس المعتقدات الأساسية في الدين، و التي كانت تمثل في وقت ما، ضرباً من الأحلام الوردية و قصص الجنيات التي تروى للأطفال، و المليئة بالخير و المحبة . سيعاد على إثر ذلك، فتح ملفات جديدة كانت قد نسيت، ستعيد فتح ملف السيرة المحمدية، و سيرة من بعده، ستعيد فتح ملف القرآن و السنة و العقيدة ، في محاولة لتفسير هذا التشوه ، أو تبريره ، و الذي هو في الحقيقة ليس تشوهاً، بقدر ما هو حقيقة متأصلة جاءت في زمن لا تليق فيه ، و لا يمكن قولبتها بأية حال .
إن كل مرحلة من مراحل التطور البشرية (حسب مفهوم إنجلز) ، كانت في وقتها مرحلة تقدمية في الوقت الذي ظهرت فيه، لكن سيأتي اليوم الذي ستصبح فيه مرحلة رجعية ثم تضمحل و تترك زمام المبادرة لمرحلة أخرى حان دورها . الإسلام ربما كان مرحاة تقدمية في الزمن الذي ظهر فيه ، أما الآن، فحسبه كما أسلفنا، بعض التعاملات الخاصة و الثانوية، إضافة إلى دوره الروحاني المقتصر على البيوت و أماكن العبادة في أفضل الأحوال . أما الإسلام بشكله الحالي فهو عالة على البشرية ، أشبه ما يكون بـ(مسخ) يثير القرف تارة و الضحك تارة أخرى .



#محمود_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحرش الجماعي بين الكبت الجنسي و علم النفس
- الكبت الجنسي في خدمة العنف الديني
- خروجاً من الدفاع السلبي
- المتمرد : قراءة في متاهة كامو الخالدة
- الإسلام و العلمانية : خرافة التوافق


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود جرادات - الحضارة الإسلامية : الميت لا يعود إلى الحياة