أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء اللامي - ج1/ قراءة في السياق :فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 1 من 2















المزيد.....

ج1/ قراءة في السياق :فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 1 من 2


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 11:54
المحور: الادب والفن
    


علاء اللامي*
أثار فوز رواية "فرانكشتاين في بغداد"، للكاتب العراقي الشاب أحمد سعداوي، بالنسخة العربية من جائزة بوكر البريطانية، ردود أفعال عديدة و متناقضة، منها ما تعلق بالجائزة نفسها وهويتها ولجنة تحكيمها والجهة الممولة لها، ومنها ما تعلق بالرواية الفائزة ذاتها وكاتبها وتوقيت فوزها.
لن نطيل الوقوف عند المحور الأول لأنه خارج الاهتمامات الرئيسة لهذه الدراسة، ونكتفي بملاحظة أن هذه الجائزة البريطانية المنشأ تأسست سنة 1968 وهي تُمنح في العادة لأفضل رواية كتبها "مواطن" من المملكة المتحدة أو من دول الكومنولث أو من جمهورية أيرلندا، كما يقول تعريفها الرسمي. وكلمة "مواطن" هنا قد لا تكون خالية من المعنى، و قد تعني إنها ليست خاصة بالأدباء والكتاب المحترفين بل بالمواطنين العاديين الذين يجربون حظهم التأليفي ضمن ما بات يعرف في الغرب بـ "الرواية بروفايل" أو الرواية اليتيمة. سنة 2007، أُطلقت نسخة عربية " إماراتية" من هذه الجائزة بتمويل سخي من إمارة أبو ظبي، و أنيطت إدارتها وتمويلها بدائرة حكومية هي "هيئة أبو ظبي للثقافة والسياحة"!
يعتقد كثيرون أنَّ أسباب هذه المبادرة الإماراتية لاستيراد الجائزة، و هذا التمويل السخي لها لا تنتمي للثقافة والأدب بشكل صميم، بل ربما تتعلق بجهود بعض الدول الخليجية لتأثيث سمعة دولية "براقة" من خلال القيام ببعض الأنشطة الرياضية والثقافية والعلمية. وهناك الكثير من الأدلة على صحة هذا التفسير فقد بلغ هذا النشاط "التأثيثي" مستويات لا سابق لها تمثل بشراء أو استئجار الرياضيين الأجانب وتجنيسهم بجنسياتها، وإطلاق مهرجانات سينمائية ومسرحية في بلدان لا تنتج أي أفلام سينمائية أو مسرحيات، بل ولا يسمح بعضها بوجود دور عرض سينمائية أو قاعات مسرحية أساسا، وقد يعتبرها بعض مسؤولي هذه الدول رجسا من عمل الشيطان!

وقد اعترف رئيس لجنة تحكيم الجائزة الحالي، د.سعد البازعي، بأن وجود واستمرار هذه النسخة العربية من الجائزة رهنٌ باستمرار ( دعم هيئة أبو ظبي للثقافة والسياحة لها، وبدون هذا الدعم سيفتقر العالم العربي إلى مثل هذه الجوائز، ولكنني أتمنى أن تعتمد الجائزة على مصادر تمويل داخلية تضمن لها الاستمرار. عكاظ عدد 4635 في 24 شباط 2014 )، أي أن د. البازعي يقترح تغيير تمويل الجائزة من كونه هبة أو مكرمة من الإمارة أو الأمير وتحويل الجائزة إلى مؤسسة تقوم على الملكية الخاصة الربحية والممولة ذاتيا كما هي الحال مع مؤسسة بوكر الأصلية "البريطانية" والتي تحولت إلى مؤسسة ربحية لا تحتاج إلى ممولين خاصين ومتبرعين بل إلى مالكي أسهم وتجار! وهنا نضع اليد على أوضح صورة لـ"تسليع" الأدب والثقافة و رسملته لضمان القيام بأنشطة مريبة فكريا وحضاريا وحتى سياسيا.

هذا كل ما يمكن أن نقوله في هذه العجالة، تاركين التعليق على الاتهامات والنقود الكثيرة التي وجهتها جهات وأدباء ونقاد عرب لهذه الجائزة إلى مناسبة أخرى لأنها متشعبة وتقتضي وقفة مستقلة، وتتراوح بين الترحيب المتحفظ بها كما نجده لدى الناقد فيصل درّاج الذي أسند لها( دوراً متميزاً في التحريض على الكتابة الروائية والتنافس في حقلها)، و النقد الحاد والاتهام بالعداء للكتابة ومحاولة اغتيال الرواية العربية مثلما كتب الروائي المصري يوسف القعيد، ونبلغ المدى الأقصى مع التشكيك بالولاء و بتمويل وهوية الجائزة الأصل، وكونها صهيونية يمولها الصهيوني المعروف "ونفيلد" كما يرى الأستاذ الجامعي والكاتب د.خالد الغيث.
الرواية الفائزة، كما قلنا، أثارت ردود أفعال عديدة ومتناقضة، فقد هجاها البعض هجاء مُرّا إلى درجة إخراجها من جنس الرواية واتهموا لجنة التحكيم باتهامات متشنجة وحادة واعتبروا أنّ منح الجائزة لهذه الرواية مجرد محاولة للتغطية على عملية إهمال وإقصاء السردية العراقية وإنجازاتها واعتراف متأخر وسيء بهذه السردية عبر منحها لنص ركيك وضعيف ومليء بالأخطاء اللغوية الفادحة، فيما اعتبر آخرون هذه الرواية إنجازا كبيرا لا سابق له عراقيا وعربيا وانه يستحق الاحتفال والإشادة وهاجموا بشدة من تحفظ عليها أو انتقدها حتى بلغ بعض هؤلاء المحتفلين على طريقة مشجعي كرة القدم درجة التصنيف الفئوي بين أدباء داخل وخارج العراق، وتصنيفات أخرى أكثر خفة وسطحية!
الرواية الفائزة هي واحدة من 156 رواية تنافست على هذه الجائزة المجزية والبالغة 50 ألف جنيه إسترليني، إضافة إلى حصول المرشحين الستة النهائيين على عشرة آلاف دولار لكل منهما ما يجعها أقرب إلى جائزة يانصيب بشروط تسهيلية! هذا ما قاربه الباحث والأستاذ الجامعي الجزائري د.اليامين بن تومي الذي كتب (لقد حصل تعارض عندي بين جائزة بوكر للرواية ولعبة القمار "بوكر" أي ما مفاده أن الرواية العربية في عموم تجربتها تعيش ضربة حظ عنيفة في الأشكال و الأمزجة والتجارب). أما الروائي الجزائري الحبيب السائح فقد رفض الترشح إلى الجائزة لسبب طريف وعميق المغزى حين قال ( الجوائز، التي يتم الترشح لها بطلب وبملء استمارة، لم تعنني يوما، ولن تعنيني أبدا).
من هذا العدد الكبير من نصوص الروايات المقدمة للمسابقة، يسجل رئيس لجنة التحكيم د. البازعي، أن لجنته استبعدت أكثر من مائة نص "روائي" لأنها لا تستحق النشر أصلا، أو أنها نصوص تافهة كما وصفها، وبعضها يعج بالأخطاء اللغوية والإملائية الفادحة، وأخرى لم تطبع أو تستنسخ بشكل صحيح. ويبدو أن هذه المآخذ على نصوص البوكر الضبيانية ليس جديدا فرئيس لجنة التحكيم السابق جلال أمين سبق أن قال ( إن نصف كتاب روايات البوكر لا يتمتعون بأي موهبة)، و كل هذه الملاحظات والتقويمات السلبية تعطينا انطباعا قويا بأن هذه المنافسه سببها الحقيقي لم يكن أدبيا البتة بل هو الجشع والجري وراء آلاف الجنيهات الإسترلينية التي تمنحها إمارة أبو ظبي للفائز! وقد يسأل سائل : وما علاقة الكاتب العراقي الشاب بكل هذا؟ والجواب هو أن لا علاقة له البتة بذلك، والكلام هنا عن الجائزة وسياقاتها وليس عمن فائز بها، ثم إن من حق سعداوي أن يفرح ويفخر بفوزه بجائزة فاز بها كتاب عرب معروفون كالروائيين المصريين بهاء طاهر ويوسف زيدان، و المغربي محمد الأشعري، واللبناني ربيع جابر، أما عالميا فقد فاز بها الروائية الهندية الشابة أرونداتي روي، والروائيان الإنكليزيان أيان ماك إيوان وجراهام سويفت، والأسباني يان مارتل، والياباني وكازوو إيشيغورو، ما يوحي ضمنا أن هذه الجائزة خرجت من الإطار والتعريف التأسيسيين لها بوصفها جائزة تمنح لمواطنين كتاب لتمسي جائزة تمنح لكتاب من أوطان مختلفة.

إنّ قراءة متمعنة في نص الرواية الفائزة بالجائزة، وهذا ما حاولنا القيام به، بعيدا عن منطق تسقط عثرات المبدعين للشطب على منجزهم، بل عبر رصد تلك العثرات والهفوات والأخطاء ضمن رؤية نقدية متماسكة تضع كل تلك التفاصيل السلبية في سياقها السردي التعليلي الحقيقي، إنّ قراءة كهذه لا تسمح لنا بتأييد وجهة نظر من شطبوا عليها تماما وأخرجوها من جنس الرواية الأدبية وحملوها أكثر من طاقتها وأكثر مما ورد فيها من نقاط ضعف وأخطاء، ولا مع الذين احتفلوا بها واعتبروها إنجازا أدبيا مهما و بالغوا في نقاط قوتها أو اختلقوا لها بعضاً من تلك النقاط. يمكن أن نختصر وجهة النظر النقدية التي ندافع عنها بالقول أن النص المعنون "فرانكشتاين في بغداد" هو رواية تتمتع بكافة مقومات الرواية كجنس أدبي معروف، ولهذا النص نقاط قوة بارزة لا بد من الإشادة بها والتوقف عندها تحليليا، مثلما أنّ له وفيه نقاط ضعف مؤسفة لا تليق بالسردية العراقية ككل، ولا بهذا النص المتفرد من حيث موضوعه لهذا الكاتب الشاب والواعد ينبغي إظهارها والتوقف عندها تحليليا أيضا.
لن نستعرض الرواية مطولا، فقد فعل زملاء آخرون ذلك، بل يمكن أن نوجز فنقول إنّ " الحكاية الروائية" تدور حول شخص هامشي، وأغلب شخصيات الرواية هامشية بمعنى ما، و لهذا الأمر دلالاته الاجتماعية العميقة، والتي قد تفسر لنا هامشية ما تبقى من حطام الطبقة الوسطى في المجتمع العراق وهشاشتها بل وتحولها إلى حاضن للرثاثة في مختلف صورها، يقوم هذا الشخص الهامشي والذي يمتهن بيع وشراء الأغراض العتيقة والمستعملة، بجمع أجزاء من جثث ضحايا التفجيرات الإجرامية التي ترتكبها العصابات التكفيرية في العراق، ثم تحل في الجثة المجمعة روح حارس فندق يقتل في تفجير آخر، ويبدأ هذا المركب من أجزاء الجثث وروح الحارس القتيل وقد اتخذ شكل عملاق بشع الهيئة والمحُيّى وسريع الحركة رشيقها بالانتقام من أشخاص لهم صلة بمعاناة العراقيين قبل وبعد الاحتلال الأميركي، ومن بينهم مقاتلون أجانب في منظمات المرتزقة، ولكن اللافت أن فرانكشتاين بغداد لم يستهدف عسكريا أميركيا واحدا! غير أن الأحداث تضطرب وتزداد غموضا، ونجد هذا العملاق المعاقِب للأشرار يتحول إلى قاتل عادي لا ينجو من قبضته حتى الشحاذين الأبرياء أو السابلة الفقراء، ويتابع الراوي هذا العملاق مثلما يتابعه جهاز أمني كاريكاتوري مؤلف من منجمين وقارئي الطالع وتنتهي الأحداث بتفجير انتحاري في الحي الذي أقام فيه العملاق المسخ وتم تخليقه فيدمر أغلب المنازل ويقتل ويصب الكثيرين ولكن "الشسمه" ينجو من الموت، وهو في الواقع مصمم روائيا بحيث لا يؤثر به الرصاص و شظايا الانفجارات، ونراه يودعنا في الصفحة الأخيرة وهو يداعب قط السيدة إيليشوا.
يتبع قريبا



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تغيير الخيول خلال المعركة!
- ج3/ الغربيون والجذور التاريخية لوصم العربي بعار العنف /3من9
- العنف الفردي و الجماعي في سرديات علم النفس الكلاسيكي / 2من9
- عودة الى باقر ياسين وكتابه: العنف لغةً واصطلاحاً وسياقاً / 1 ...
- بشرى سارة: أطماع تركيا في الرافدين أصبحت عدوانا بموجب القانو ...
- ج2/ الحرب الإعلامية والحلول المطروحة
- ج1/ شروط كيري وأحلام المالكي
- خلط فكري وانتهازية سياسية في بيان حازم صاغية
- هل يجرؤ المالكي؟ نصف الانتصار على داعش في طرد الخبراء الأمير ...
- الافتراءات الطائفية المتبادلة و صمت العرب السنة على ضم كركوك
- هدوء عسكري يسبق عاصفة تقسيم العراق
- بين المطلك و اليعقوبي والوقف السني
- كيف نفذ انقلاب الموصل وما مضاعفاته؟
- حين شكلوا مجلس بريمر للحكم سقطت الموصل والعراق
- أخطر جرس إنذار دولي قبل زوال الرافدين
- أردوغان يتركب أخطر جريمة ويقطع مياه الفرات
- نتائج متوقعة للانتخابات التشريعية العراقية
- لذكرى العالم العراقي راحل مهدي حنتوش!
- ج2/قراءة في رواية (غرفة البرتقال) لعارف علوان: البنية الزمني ...
- ج1/ قراءة في رواية (غرفة البرتقال) لعارف علوان: تقنيات السرد ...


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء اللامي - ج1/ قراءة في السياق :فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 1 من 2